الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(25) باب النهي عن ضرب الوجه وفي وعيد الذين يعذبون الناس
[2520]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُم أَخَاهُ فَلَا يَلطِمَنَّ الوَجهَ.
وفي رواية: إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُم أَخَاهُ فَليَجتَنِب الوَجهَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
رواه أحمد (2/ 244)، والبخاريُّ (2559)، ومسلم (2612)(114 و 115).
ــ
ذات جوف، وقع له أنها مفتقرة إلى ما يسد جوفها، وأنها لا تتمالك عن تحصيل ما تحتاج إليه من أغراضها وشهواتها، فكان الأمر على ما وقع.
(25)
ومن باب: إذا قاتل أحدكم
أخاه فلا يلطم الوجه
(قوله: إذا قاتل أحدكم أخاه، فلا يلطمن الوجه. وفي الأخرى: فليجتنب الوجه، فإنَّ الله تعالى خلق آدم على صورته) معنى قاتل: ضرب، وقد جاء كذلك في بعض رواياته، وقد قلنا: إن أصل المقاتلة المدافعة، ويعني بالأخوة هنا - والله أعلم - أخوة الآدمية؛ فإنَّ الناس كلهم بنو آدم، ودل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: فإنَّ الله خلق آدم على صورته أي: على صورة وجه المضروب، فكأن اللاطم في وجه أحد ولد آدم لطم وجه أبيه آدم (1). وعلى هذا فيحرم لطم الوجه من المسلم والكافر، ولو أراد الأخوة الدينية لما كان للتعليل بخلق آدم على صورته معنى. لا يقال: فكافر مأمور بقتله وضربه في أي عضو كان، إذ المقصود إتلافه، والمبالغة
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
[2521]
وعَن هِشَامٍ بنُ حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ: مَرَّ عَلَى أُنَاسٍ مِن الأَنبَاطِ بِالشَّامِ قَد أُقِيمُوا فِي الشَّمسِ.
وفي رواية: وَصُبَّ عَلَى رُؤوسِهِم الزَّيتُ. فَقَالَ: مَا شأنهم؟ قالَ:
ــ
في الانتقام منه، ولا شك في أن ضرب الوجه أبلغ في الانتقام والعقوبة، فلا يمنع. وإنما مقصود الحديث: إكرام وجه المؤمن لحرمته، لأنَّا نقول: مسلم أنا مأمورون بقتل الكافر، والمبالغة في الانتقام منه، لكن إذا تمكنا من اجتناب وجهه اجتنبناه لشرفية هذا العضو، ولأن الشرع قد نزل هذا الوجه منزلة وجه أبينا، وتقبيح لطم الرجل وجها يشبه وجه أبي اللاطم، وليس كذلك سائر الأعضاء، لأنَّها كلها تابعة للوجه، وهذا الذي ذكرناه هو ظاهر الحديث، ولا يكون في الحديث إشكال يوهم في حق الله تعالى تشبيها، وإنَّما أشكل ذلك على من أعاد الضمير في (صورته) على الله تعالى، وذلك ينبغي ألا يصار إليه شرعا ولا عقلا، أما العقل فيحيل الصورة الجسمية على الله تعالى، وأما الشرع فلم ينص على ذلك نصا قاطعا، ومحال أن يكون ذلك، فإنَّ النص القاطع صادق، والصادق لا يقول المحال، فيتعين عود الضمير على المضروب، لأنَّه هو الذي سبق الكلام لبيان حكمه. وقد أعادت المشبهة هذا الضمير على الله تعالى، فالتزموا القول بالتجسيم، وذلك نتيجة العقل السقيم، والجهل الصميم، وقد بينا جهلهم، وحققنا كفرهم فيما تقدم، ولو سلمنا أن الضمير عائد على الله تعالى، فللتأويل فيه وجه صحيح، وهو أن الصورة قد تطلق بمعنى الصفة، كما يقال: صورة هذه المسألة كذا، أي: صفتها، وصور لي فلان كذا فتصورته، أي: وصفه لي ففهمته، وضبطت وصفه في نفسي، وعلى هذا فيكون معنى قوله: إن الله خلق آدم على صورته أي: خلقه موصوفا بالعلم الذي فصل به بينه وبين جميع أصناف الحيوانات، وخصه منه بما لم يخص به أحدا من ملائكة الأرضين والسماوات، وقد قلنا فيما تقدَّم: إن التسليم في المتشابهات أسلم، والله ورسوله أعلم.
والأنباط: جمع نبط، وهم قوم ينزلون
يحُبِسُون فِي الجِزيَةِ. قَالَ هِشَامٌ: أَشهَدُ لَسَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنيَا.
وفي رواية: وَأَمِيرُهُم يَومَئِذٍ عُمَيرُ بنُ سَعدٍ عَلَى فِلَسطِينَ، فَدَخَلَ عَلَيهِ، فَحَدَّثَهُ، فَأَمَرَ بِهِم فَخُلُّوا.
رواه أحمد (3/ 403)، ومسلم (2613)(117 و 118 و 119)، وأبو داود (3045).
ــ
بالبطائح بين العراقين، سُموا بذلك لأنهم ينبطون الماء، أي: يحفرون عليه حتى يخرج على وجه الأرض. يقال: نبط الماء ينبط وينبط: إذا نبع، وأنبط الحفار الماء إذا بلغ إليه، والاستنباط: استخراج العلوم، ويقال على النبط: نبيط أيضًا، وكانوا إذ ذاك أهل ذمة، ولذلك عُذبوا بالشمس، وصُب الزيت على رؤوسهم لأجل الجزية، وكأنهم امتنعوا من الجزية مع التمكن، فعوقبوا لذلك، فأمَّا مع تبين عجزهم فلا تحل عقوبتهم بذلك ولا بغيره، لأنَّ من عجز عن الجزية سقطت عنه.
و(قوله: إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا) يعني: إذا عذبوهم ظالمين، إما في أصل التعذيب، فيعذبونهم في موضع لا يجوز فيه التعذيب، أو بزيادة على المشروع في التعذيب: إما في المقدار، وإما في الصفة، كما بيناه في الحدود.
و(قوله: وأميرهم يومئذ عمير بن سعد) كذا صحت الرواية عند أكثر الشيوخ، وفي أكثر النسخ، وهو الصواب، لأنَّه عمير بن سعد بن عمر القارئ الأنصاري، من بني عمرو بن عوف، يكنى أبوه أبا زيد، وهو أحد من جمع القرآن، الذي تقدَّم ذكره في حديث أنس، الذي قال فيه أنس: أبو زيد أحد عمومتي، واختلف في اسم أبي زيد هذا، فقيل: سعد - كما تقدم - وهو الأعرف، وقيل: سعيد، وكان عمر رضي الله عنه ولى عميرا حمص، وكان يقال له: نسيج