الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى أَتَى المَسجِدَ فَنَادَى بِأَعلَى صَوتِهِ: أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ! وَثَارَ القَومُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضجَعُوهُ، فَأَتَى العَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيهِ فَقَالَ: وَيلَكُم! أَلَستُم تَعلَمُونَ أَنَّهُ مِن غِفَارٍ، وَأَنَّ طَرِيقَ تُجَّارِكُم إِلَى الشَّامِ عَلَيهِم! فَأَنقَذَهُ مِنهُم، ثُمَّ عَادَ مِن الغَدِ بِمِثلِهَا وَثَارُوا إِلَيهِ فَضَرَبُوهُ، فَأَكَبَّ عَلَيهِ العَبَّاسُ فَأَنقَذَهُ.
رواه أحمد (4/ 114)، والبخاريُّ (3861)، ومسلم (2474).
* * *
(59) باب فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه
[2384]
عن جرير قال: مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنذُ أَسلَمتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ.
ــ
المتنين الواقع، ويحتمل أن يقال إن أبا ذر لما لقي النبي صلى الله عليه وسلم حول الكعبة وأسلم لم يعلم به إذ ذاك علي إذ لم يكن معهم، ثم إن أبا ذر بقي مستقرًا بحاله إلى أن استتبعه علي ثم أدخله على النبي صلى الله عليه وسلم فجدَّد إسلامه، فظن الراوي أن ذلك أول إسلامه، وفي هذا الاحتمال بُد، والله أعلم بحقيقة ذلك.
ولم أر من الشارحين لهذا الحديث من ينبَّه لهذا التعارض ولا لهذا التأويل.
(59)
ومن باب فضائل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه
وبجيلة من ولد أنمار بن نزار بن معد بن عدنان، واختلف في بجيلة هل هو أب أو أُمٌّ نسبت القبيلة إليها؟ وجرير هذا هو سيد بجيلة، ويُكنى أبا عمرو، وقال له عمر رضي الله عنه: ما زلت سيدًا في الجاهلية والإسلام، وقال فيه
وفي رواية: إلا تبسم في وجهي، وَلَقَد شَكَوتُ إِلَيهِ أَنِّي لَا أَثبُتُ عَلَى الخَيلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدرِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتهُ، وَاجعَلهُ هَادِيًا مَهدِيًّا.
رواه البخاري (4356)، ومسلم (2475)(134 و 135).
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل وافدًا: يطلع عليكم خير ذي يمن، كأن على وجهه مسحة مَلك، فطلع جرير (1). وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول فيه: جرير بن عبد الله يوسف هذه الأمة، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (2).
أسلم قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يومًا، نزل جرير الكوفة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم واتخذ بها دارًا، ثم تحوَّل إلى قرقيسيا ومات بها سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل: مات بالسَّراة في ولاية الضحَّاك بن قيس على الكوفة لمعاوية. روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث، أخرج له في الصحيحين خمسة عشر حديثًا.
و(قوله: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت) يعني أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يحتجب منه، بل بنفس ما يعلم النبيُّ صلى الله عليه وسلم باستئذانه ترك كل ما يكون فيه وأذن له (3) مبادرًا لذلك مبالغة في إكرامه، ولا يفهم من هذا أن جريرًا كان يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم بيته من غير إذن، فإنَّ ذلك لا يصحُّ لحرمة بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولما يُفضي ذلك إليه من الاطلاع على ما لا يجوز من عورات البيوت.
و(قوله: ولا رآني إلا ضحك في وجهي)، هذا منه صلى الله عليه وسلم فرح به وبشاشة للقائه وإعجابٌ برؤيته، فإنَّه كان من كملة الرجال خَلقًا وخُلُقًا.
و(قوله: وكنت لا أثبت على الخيل) يعني أنه كان يسقط أو يخاف
(1) رواه أحمد (4/ 360 - 364)، والحميدي في مسنده (800).
(2)
رواه الحاكم (4/ 291 - 292).
(3)
أي: بمجرد ما يعلم صلى الله عليه وسلم استئذان جرير، يترك كلَّ شيء، ويأذن له فورًا، ويستقبله.
[2385]
وعنه قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا جَرِيرُ، أَلَا تُرِيحُنِي مِن ذِي الخَلَصَةِ؟ - بَيتٍ لِخَثعَمَ كَانَ يُدعَى كَعبَةَ اليَمَانِيَةِ، وفي رواية: الكعبة الشامية. قَالَ: فَنَفَرتُ فِي خَمسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ، وَكُنتُ لَا أَثبُتُ عَلَى الخَيلِ، فَذَكَرتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ يَدَهُ فِي صَدرِي فَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتهُ، وَاجعَلهُ هَادِيًا مَهدِيًّا. قَالَ: فَانطَلَقَ فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يُبَشِّرُهُ يُكنَى أَبَا أَرطَاةَ - مِنَّا - فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: مَا جِئتُكَ حَتَّى تَرَكنَاهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجرَبُ! فَبَرَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَيلِ أَحمَسَ وَرِجَالِهَا خَمسَ مَرَّاتٍ.
وفي أخرى: قال: فدعا لنا ولأحمس.
رواه مسلم (2476)(137).
* * *
ــ
السُّقوط من على ظهورها حالة إجرائها، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر مما طلب؛ بالثبوت مطلقًا وبأن يجعله هاديًا لغيره ومهديًّا في نفسه. فكان كل ذلك، وظهر عليه جميع ما دعا له به، وأول ذلك أنه نفر في خمسين ومائة فارس لذي الخلصة فحرقها وعمل فيها عملًا لا يعمله خمسة آلاف، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم لذي الكلاع وذي رُعَين، وله المقامات المشهورة.
وذو الخلصة بفتح اللام: بيت بَنَتهُ خثعم تعظمه وتطوف به وتنحر عنده، تشبهه ببيت مكة، وتسمِّيه العرب (1) الكعبة اليمانية والشامية (2)، وقد كانت العرب فعلت مثل هذا بيوتًا كثيرة قد تقدَّم
(1) ساقطة من (ز).
(2)
جاء في اللسان أن ذا الخَلَصة كان يسمى بالكعبة اليمانية التي كانت باليمن. وقال النووي في شرح صحيح مسلم: في الكلام إيهام، والمراد أنَّ ذا الخَلَصة كانوا يسمُّونها الكعبة اليمانية، وكانت الكعبة الكريمة التي بمكة تُسمَّى الكعبة الشامية، ففرَّقوا بينهما للتمييز.