المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(40) باب من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٦

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(32) كتاب الرؤيا

- ‌(1) باب الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان وما يفعل عند رؤية ما يكره

- ‌(2) باب أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا

- ‌(3) باب الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

- ‌(4) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب لا يخبر بتلعب الشيطان به

- ‌(6) باب استدعاء العابر ما يعبر، وتعبير من لم يسأل

- ‌(7) باب فيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

- ‌(33) كتاب النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(1) باب كونه مختارا من خيار الناس في الدنيا وسيدهم يوم القيامة

- ‌(2) باب من شواهد نبوته صلى الله عليه وسلم وبركته

- ‌(3) باب في عصمة الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ممن أراد قتله

- ‌(4) باب ذكر بعض كرامات رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال هجرته وفي غيرها

- ‌(5) باب مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم

- ‌(6) باب مثل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأنبياء

- ‌(7) باب إذا رحم الله أمة قبض نبيها قبلها

- ‌(8) باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الحوض المورود ومن أنه أعطي مفاتيح خزائن الأرض

- ‌(9) باب في عظم حوض النبي صلى الله عليه وسلم ومقداره وكبره وآنيته

- ‌(10) باب شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإمداده بالملائكة

- ‌(11) باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأحسن الناس خلقا

- ‌(12) باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا وقال: لا. وفي كثرة عطائه

- ‌(13) باب في رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال والرقيق

- ‌(14) باب في شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية ضحكه

- ‌(15) باب بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الإثم، وقيامه لمحارم الله عز وجل، وصيانته عما كانت عليه الجاهلية من صغره

- ‌(16) باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم وعرقه ولين مسه

- ‌(17) باب في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفيته

- ‌(18) باب في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخضابه

- ‌(19) باب في حسن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(20) باب في خاتم النبوة

- ‌(21) باب كم كان سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض؟وكم أقام بمكة

- ‌(22) باب عدد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله وأشدهم له خشية

- ‌(24) باب وجوب الإذعان لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه

- ‌(25) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرا له واحتراما

- ‌(26) باب عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخطأ فيما يبلغه عن الله تعالى

- ‌(27) باب كيف كان يأتيه الوحي

- ‌(28) باب في ذكر عيسى ابن مريم عليهما السلام

- ‌(29) باب في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌(30) باب

- ‌(31) باب قصة موسى مع الخضر عليه السلام

- ‌(32) باب في وفاة موسى عليه السلام

- ‌(33) باب في ذكر يونس ويوسف وزكريا عليهم السلام

- ‌(34) باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء

- ‌(35) باب فضائل أبي بكر الصديق واستخلافه رضي الله عنه

- ‌(36) باب فضائل عمر بن الخطاب

- ‌(37) باب فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌(38) باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌(39) باب فضائل سعد بن أبي وقاص

- ‌(40) باب فضائل طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم

- ‌(41) باب فضائل الحسن والحسين

- ‌(42) باب فضائل أهل البيت رضي الله عنهم

- ‌(43) باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد

- ‌(44) باب فضائل عبد الله بن جعفر

- ‌(45) باب فضائل خديجة بنت خويلد

- ‌(46) باب فضائل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون

- ‌(47) باب ذكر حديث أم زرع

- ‌(48) باب فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(49) باب فضائل أم سلمة وزينب زوجي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(50) باب فضائل أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم، أم أنس بن مالك

- ‌(51) باب فضائل أبي طلحة الأنصار

- ‌(52) باب فضائل بلال بن رباح

- ‌(53) باب فضائل عبد الله بن مسعود

- ‌(54) باب فضائل أبي بن كعب

- ‌(55) باب فضائل سعد بن معاذ

- ‌(56) باب فضائل أبي دجانة سماك بن خرشة، وعبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌(57) باب فضائل جليبيب

- ‌(58) باب فضائل أبي ذر الغفاري

- ‌(59) باب فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(60) باب فضائل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر

- ‌(61) باب فضائل أنس بن مالك

- ‌(62) باب فضائل عبد الله بن سلام

- ‌(63) باب فضائل حسان بن ثابت

- ‌(64) باب فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(65) باب قصة حاطب بن أبي بلتعة وفضل أهل بدر وأصحاب الشجرة

- ‌(66) باب في فضائل أبي موسى الأشعري والأشعريين

- ‌(67) باب فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌(68) باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب السفينة

- ‌(69) باب فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما

- ‌(70) باب فضائل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(71) باب خير دور الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(72) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم

- ‌(73) باب فضل مزينة وجهينة وأشجع وبني عبد الله

- ‌(74) باب ما ذكر في طيئ ودوس

- ‌(75) باب ما ذكر في بني تميم

- ‌(76) باب خيار الناس

- ‌(77) باب ما ورد في نساء قريش

- ‌(78) باب في المؤاخاة التي كانت بين المهاجرين والأنصار

- ‌(79) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أمنة لأصحابي وأصحابي أمنة لأمتي

- ‌(80) باب خير القرون قرن الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم

- ‌(81) باب وجوب احترام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن سبهم

- ‌(82) باب ما ذكر في فضل أويس القرني رضي الله عنه

- ‌(83) باب ما ذكر في مصر وأهلها وفي عمان

- ‌(84) باب في ثقيف كذاب ومبير

- ‌(85) باب ما ذكر في فارس

- ‌(86) باب

- ‌(34) كتاب البر والصلة

- ‌(1) باب في بر الوالدين وما للأم من البر

- ‌(2) باب ما يتقى من دعاء الأم

- ‌(3) باب المبالغة في بر الوالدين عند الكبر وبر أهل ودهما

- ‌(4) باب في البر والإثم

- ‌(5) باب في وجوب صلة الرحم وثوابها

- ‌(6) باب النهي عن التحاسد والتدابر والتباغض وإلى كم تجوز الهجرة

- ‌(7) باب النهي عن التجسس والتنافس والظن السيئ وما يحرم على المسلم من المسلم

- ‌(8) باب لا يغفر للمتشاحنين حتى يصطلحا

- ‌(9) باب التحاب والتزاور في الله عز وجل

- ‌(10) باب في ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا

- ‌(11) باب الترغيب في عيادة المرضى وفعل الخير

- ‌(12) باب تحريم الظلم والتحذير منه وأخذ الظالم

- ‌(13) باب الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

- ‌(14) باب من استطال حقوق الناس اقتص من حسناته يوم القيامة

- ‌(15) باب النهي عن دعوى الجاهلية

- ‌(16) باب مثل المؤمنين

- ‌(17) باب تحريم السباب والغيبة ومن تجوز غيبته

- ‌(18) باب الترغيب في العفو والستر على المسلم

- ‌(19) باب الحث على الرفق ومن حرمه حرم الخير

- ‌(20) باب لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا والتغليظ على من لعن بهيمة

- ‌(21) باب لم يبعث النبي صلى الله عليه وسلم لعانا وإنما بعث رحمة، وما جاء من أن دعاءه على المسلم أو سبه له طهور وزكاة ورحمة

- ‌(22) باب ما ذكر في ذي الوجهين وفي النميمة

- ‌(23) باب الأمر بالصدق والتحذير عن الكذب وما يباح منه

- ‌(24) باب ما يقال عند الغضب ومدح من يملك نفسه عنده

- ‌(25) باب النهي عن ضرب الوجه وفي وعيد الذين يعذبون الناس

- ‌(26) باب النهي أن يشير الرجل بالسلاح على أخيه والأمر بإمساك السلاح بنصولها

- ‌(27) باب ثواب من نحى الأذى عن طريق المسلمين

- ‌(28) باب عذبت امرأة في هرة

- ‌(29) باب في عذاب المتكبر والمتألي على الله، وإثم من قال: هلك الناس، ومدح المتواضع الخامل

- ‌(30) باب الوصية بالجار وتعاهده بالإحسان

- ‌(31) بَابُ فضل السعي على الأَرمَلَةِ وكفالة اليَتِيمِ

- ‌(32) باب التحذير من الرياء والسمعة ومن كثرة الكلام ومن الإجهار

- ‌(33) بَابُ تغليظ عُقُوبَةِ مَن أمر بِمَعرُوف وَلم يَأته وَنهَى عَن المُنكَرِ وأتاه

- ‌(34) بَابُ في تَشمِيتِ العَاطِسِ إذا حمد الله تعالى

- ‌(35) باب في التثاؤب وكظمه

- ‌(36) باب كراهية المدح وفي حثو التراب في وجوه المداحين

- ‌(37) باب ما جاء أن أمر المسلم كله له خير ولا يلدغ من جحر مرتين

- ‌(38) باب اشفعوا تؤجروا ومثل الجليس الصالح والسيئ

- ‌(39) باب ثواب من ابتلي بشيء من البنات وأحسن إليهن

- ‌(40) باب من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم

- ‌(41) باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده والأرواح أجناد

- ‌(42) باب المرء مع من أحب وفي الثناء على الرجل الصالح

- ‌(35) كتاب القدر

- ‌(1) باب في كيفية خلق ابن آدم

- ‌(2) باب السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه

- ‌(3) باب كل ميسر لما خلق له

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا}

- ‌(5) باب الأعمال بالخواتيم

- ‌(6) باب محاجة آدم موسى عليهما السلام

- ‌(7) باب كتب الله المقادير قبل الخلق وكل شيء بقدر

- ‌(8) باب تصريف الله تعالى القلوب وكتب على ابن آدم حظه من الزنا

- ‌(9) باب كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم، وفي الغلام الذي قتله الخضر

- ‌(10) باب الآجال محدودة والأرزاق مقسومة

- ‌(11) باب الأمر بالتقوى والحرص على ما ينفع وترك التفاخر

- ‌(36) كتاب العلم

- ‌(1) باب فضل من تعلم وتفقه في القرآن

- ‌(2) باب كراهة الخصومة في الدين والغلو في التأويل والتحذير من اتباع الأهواء

- ‌(3) باب كيفية التفقه في كتاب الله والتحذير من اتباع ما تشابه منه وعن المماراة فيه

- ‌(4) باب إثم من طلب العلم لغير الله

- ‌(5) باب طرح العالم المسألة على أصحابه ليختبرهم والتخول بالموعظة والعلم خوف الملل

- ‌(6) باب النهي عن أن يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء غير القرآن ونسخ ذلك

- ‌(7) باب في رفع العلم وظهور الجهل

- ‌(8) باب في كيفية رفع العلم

- ‌(9) باب ثواب من دعا إلى الهدى أو سن سنة حسنة

- ‌(10) باب تقليل الحديث حال الرواية وتبيانه

- ‌(11) باب تعليم الجاهل

الفصل: ‌(40) باب من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم

وفي رواية: وَقَالَ اللَّهُ: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِم قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُم قَالُوا الحَقَّ}

رواه مسلم (2229)(124).

* * *

ــ

ورواه يونس يُرَقَّون بضم الياء وفتح الراء وتشديد القاف، وفي بعض النسخ يَرقُون بفتح الياء وتسكين الراء وتخفيف القاف؛ أي يتقوَّلون، يقال: رقي فلان على الباطل؛ أي: تقوَّله - بكسر القاف، وهو من الرقي وهو الصعود؛ أي: إنهم يقولون فوق ما سمعوا - قاله القاضي عياض.

وقوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِم قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُم قَالُوا الحَقَّ} ، قرأه ابن عامر ويعقوب فَزَّعَ عَن قُلُوبِهِم مبنيًا للفاعل، ويكون فيه ضمير يعود على الله تعالى؛ أي: أزال عن قلوبهم الفزع، وهذا على نحو قولهم: مرَّضتُ المريض - إذا عالجته فأزلتُ مرضه. وقرأه الجماعة فُزِّعَ بضم الفاء مبنيًا للمفعول الذي لم يسم فاعله؛ أي: أزيل عن قلوبهم الفزع، وهو الذعر على كلتا القراءتين.

قال كعب (1): إذا تكلَّم الله بلا كيف ضربت الملائكة بأجنحتها وخرَّت فزعًا، ثم قالوا فيما بينهم:{مَاذَا قَالَ رَبُّكُم} ؟

وقوله: {قَالُوا الحَقَّ} بالنصب على أنه نعت لمصدر محذوف؛ أي: قال القول الحق، وهو مفعول مطلق لا مفعول به؛ لأنَّ القول لا يتعدَّى إلا إلى الجمل في أكثر قول النحويين.

وقوله: {وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} ؛ أي: العلي شأنه، الكبير سلطانه.

قلت: وهذا التفسير هو الموافق لهذا الحديث، فتعيَّن أن يكون هو المراد من الآية، وللمفسرين أقوال أخر بعيدة عن معنى الحديث أضربت عنها لذلك، فمن أرادها وجدها في كتبهم.

* * *

(1) في النسخ: (ثعلب) والمثبت من (ج 2).

ص: 639

(40) باب من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم

[2560]

عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِن المُسلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِن الوَلَدِ، فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ.

ــ

(40)

ومن باب: من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم (1)

(قوله: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار. . .) الولد: يقال على الذكر والأنثى بخلاف الابن، فإنَّه يقال على الذكر: ابن، وعلى الأنثى: ابنة، وقد تقيد مطلق هذه الرواية، بقوله في الرواية الأخرى: لم يبلغوا الحنث كما تقيد مطلق حديث أبي هريرة بحديث أبي النضر السلمي؛ فإنَّه قال فيه: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم. فقوله: لم يبلغوا الحنث أي: التكليف. والحنث: الإثم. وإنما خصه بهذا الحد، لأنَّ الصغير حبه أشد، والشفقة عليه أعظم، وقيده بالاحتساب لما قررناه غير مرة: أن الأجور على المصائب لا تحصل إلا بالصبر والاحتساب، وإنما خص الولد بثلاثة، لأنَّ الثلاثة أول مراتب الكثرة، فتعظم المصائب، فتكثر الأجور؛ فأمَّا إذا زاد على الثلاثة فقد يخف أمر المصيبة الزائدة لأنها كأنها صارت عادة وديدنا، كما قال المتنبي:

أنكرت طارقة الحوادث مرة

ثمَّ اعترفت بها فصارت ديدنا

وقال آخر:

روعت بالبين حتى ما أراع له

وبالمصائب في أهلي وجيراني

ويحتمل أن يقال: إنما لم يذكر ما بعد الثلاثة، لأنَّه من باب الأحرى والأولى؛ إذ من المعلوم أن من كثرت مصائبه كثر ثوابه، فاكتفي بذلك عن ذكره،

(1) هذا العنوان ليس في نسخ المفهم، واستدركناه من التلخيص.

ص: 638

وفي رواية: لم يبلغوا الحنث إلا تحلة القسم.

رواه أحمد (2/ 239)، والبخاري (1251)، ومسلم (2632)(150) و (2634)، والترمذيّ (1060)، والنسائي (4/ 25)، وابن ماجه (1603).

ــ

والله تعالى أعلم.

وقد استشكل بعض الناس قوله صلى الله عليه وسلم: لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار. ثم لما سئل عن اثنين، قال: واثنين. ووجهه: أنه إذا كان حكم الاثنين حكم الثلاثة، فلا فائدة لذكر الثلاثة أولا، وهذا إنما يصدر عمن يعتقد أن دلالة المفهوم نص كدلالة المنطوق (*)، وليس الأمر كذلك، بل هي عند القائلين بها من أضعف جهات دلالات الألفاظ، وسائر وجوه الدلالات مرجحة عليها، كما بيناه في الأصول، هذا إن قلنا: إن أسماء الأعداد لها مفهوم؛ فإنَّه قد اختلف في ذلك القائلون بالمفهوم، وألحقوا هذا النوع باللقب الذي لا مفهوم له باتفاق المحققين، ثم إن الرافع لهذا الإشكال أن يقال: إن الثواب على الأعمال إنما يُعلم بالوحي، فيكون الله تعالى قد أوحى إلى نبيه بذلك في الثلاثة، ثم إنه لما سئل عن الاثنين أوحى الله إليه في الاثنين بمثل ما أوحى إليه بالثلاثة، ولو سئل عن الواحد لأجاب بمثل ذلك كما قد دلت عليه الأحاديث المذكورة في ذلك، ويحتمل أن يقال: إن ذلك بحسب شدة وجد الوالدة، وقوة صبرها، فقد لا يبعد أن تكون من فقدت واحدا أو اثنين أشد ممن فقدت ثلاثة أو مساوية لها، فتلحق بها في درجتها، والله تعالى أعلم.

و(قوله: إلا تحلة القسم) أي: ما يحلل به القسم، وهو اليمين. وقد اختلف في هذا القسم، هل هو قسم معين، أم لا؟ فالجمهور على أنه قسم بعينه، فمنهم من قال: هو قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحشُرَنَّهُم وَالشَّيَاطِينَ} وقيل: هو قوله: {وَإِن مِنكُم إِلا وَارِدُهَا} وقيل: هو قوله: {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتمًا مَقضِيًّا} ، أي: قسما واجبا؛ كذلك فسره ابن مسعود

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في النسخة المصورة [المنظوم]، وصححت بخط اليد فوقها إلى [المنطوق]

ص: 639

[2562]

وعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ قَالَ: جَاءَت امرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجعَل لَنَا مِن نَفسِكَ يَومًا نَأتِيكَ فِيهِ، تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. قَالَ: اجتَمِعنَ يَومَ كَذَا وَكَذَا، فَاجتَمَعنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنكُنَّ مِن امرَأَةٍ تُقَدِّمُ بَينَ يَدَيهَا مِن وَلَدِهَا ثَلَاثَةً إِلَّا كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِن النَّارِ. فَقَالَت امرَأَةٌ منهن: وَاثنَينِ، وَاثنَينِ، وَاثنَينِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَاثنَينِ، وَاثنَينِ، وَاثنَينِ.

رواه أحمد (3/ 34)، والبخاريُّ (101)، ومسلم (2633).

[2563]

وعَن أَبِي حَسَّانَ قَالَ: قُلتُ لِأَبِي هُرَيرَةَ: قَد مَاتَ لِيَ ابنَانِ، فَمَا أَنتَ مُحَدِّثِي عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ تُطَيِّبُ أَنفُسَنَا عَن مَوتَانَا؟

ــ

والحسن. وأما من قال: لم يعين به قسم بعينه، فهو ابن قتيبة. قال: معناه: التقليل لأمر ورودها. وتحلة القسم: تستعمل في هذا في كلام العرب، وقيل: معناه: لا تمسه النار قليلا، ولا تحلة القسم، كما قيل في قوله:

وكل أخ مفارقه أخوه

لعمر أبيك إلا الفرقدان

أي: والفرقدان، على أحد الأقوال فيه.

قلت: والأشبه: قول أبي عبيد، ولبيان وجه ذلك موضع آخر.

و(قوله صلى الله عليه وسلم للنساء: اجتمعن في يوم كذا) يدلّ على أن الإمام ينبغي له أن يعلم النساء ما يحتجن إليه من أمر أديانهن، وأن يخصهن بيوم مخصوص لذلك، لكن في المسجد أو فيما كان في معناه، حتى تؤمن الخلوة بهن، فإن تمكن الإمام من ذلك بنفسه فعل، وإلا استنهض الإمام شيخا يوثق بعلمه ودينه لذلك، حتى يقوم بهذه الوظيفة، وفي هذا الحديث ما يدل على فضل نساء ذلك الوقت، وما كانوا

ص: 640

قَالَ: نَعَم، صِغَارُهُم دَعَامِيصُ الجَنَّةِ، فيَلَقَّى أَحَدُهُم أَبَاهُ، أَو قَالَ: أَبَوَيهِ، فَيَأخُذُ بِثَوبِهِ. أَو قَالَ: بِيَدِهِ، كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنِفَةِ ثَوبِكَ هَذَا،

ــ

عليه من الحرص على العلم والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما قالت عائشة رضي الله عنها: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين (1).

و(قوله: صغارهم دعاميص الجنة) هي جمع دعموص، وهو دويبة تغوص في الماء، والجمع دعاميص، ودعامص. قال الأعشى:

فما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمكم

وبحرك ساج لا يواري الدعامصا

ودعيميص الرمل: اسم رجل كان داهيا، يضرب به المثل؛ يقال: هو دعيميص هذا الأمر؛ أي: عالم به.

قلت: هذا الذي وجدته في كتب اللغة، وأصحاب الغريب: أن الدعموص دويبة تغوص في الماء، ولا يليق هذا المعنى بالدعاميص المذكورين في هذا الحديث؛ إلا على معنى تشبيه صغار الجنة بتلك الدويبة في صغرها، أو في غوصهم في نعيم الجنة، وكل ذلك فيه بُعد. وقد سمعت من بعض من لقيته: أن الدعموص يراد به الآذن على الملك، المتصرف بين يديه. وأنشد لأمية بن أبي الصلت:

دعموص أبواب الملو

ك وجائب للخرق فاتح

قلت: وهذا يناسب ما ذكره في هذا الحديث.

و(قوله: كما آخذ أنا بصنفة ثوبك) هو بكسر النون. قال الجوهري: صنفة الإزار - بكسر النون -: طرته، وهو جانبه الذي لا هدب له، ويقال: هي حاشية

(1) رواه مسلم (332)(61).

ص: 641

فَلَا يَتَنَاهَى، أَو قَالَ: فَلَا يَنتَهِي، حَتَّى يُدخِلَهُ اللَّهُ وَأَبَويه الجَنَّةَ.

رواه مسلم (2635).

[2564]

وعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: أَتَت امرَأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِصَبِيٍّ لَهَا فَقَالَت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادعُ اللَّهَ لَهُ، فَلَقَد دَفَنتُ ثَلَاثَةً! قَالَ: دَفَنتِ ثَلَاثَةً؟ ! قَالَت: نَعَم. قَالَ: لَقَد احتَظَرتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِن النَّارِ.

رواه مسلم (2636)(155).

* * *

ــ

الثوب أي جانب كان، وقال غيره: صنفة الثوب وصنيفته: طرفه.

و(قوله: فلا يتناهى، أو قال: ينتهي حتى يدخله الله وأبويه الجنة) أي: ما يترك ذلك. يقال: انتهى وتناهى وأنهى، بمعنى ترك، وهكذا الرواية المشهورة: أبويه بالتثنية. وعند ابن ماهان: أباه بالباء بواحدة. وعند عبد الغافر: وإياه بالياء من تحتها، وكل له وجه واضح.

وفي هذا الحديث ما يدلّ على أن صغار أولاد المؤمنين في الجنة، وهو قول أكثر أهل العلم، وهو الذي تدل عليه أخبار صحيحة كثيرة، وظاهر قوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلحَقنَا بِهِم ذُرِّيَّتَهُم} وقد أنكر بعض العلماء الخلاف فيهم، وهذا فيما عدا أولاد الأنبياء، فإنَّه قد تقرر الإجماع على أنهم في الجنة، حكاه أبو عبد الله المازري، وإنما الخلاف في أولاد المشركين على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

و(قوله: لقد احتظرت بحظار شديد من النار) أي: امتنعت، وأصل الحظر: المنع. والحظار: ما يدار بالبستان من عيدان وقصب، سُمي بذلك لأنه يمنع من يريد الدخول. والحظيرة والمحظور منه، والحظار هنا: هو الحجاب المذكور في الحديث الآخر.

ص: 642