المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(9) باب كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم، وفي الغلام الذي قتله الخضر - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٦

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(32) كتاب الرؤيا

- ‌(1) باب الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان وما يفعل عند رؤية ما يكره

- ‌(2) باب أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا

- ‌(3) باب الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

- ‌(4) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب لا يخبر بتلعب الشيطان به

- ‌(6) باب استدعاء العابر ما يعبر، وتعبير من لم يسأل

- ‌(7) باب فيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

- ‌(33) كتاب النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(1) باب كونه مختارا من خيار الناس في الدنيا وسيدهم يوم القيامة

- ‌(2) باب من شواهد نبوته صلى الله عليه وسلم وبركته

- ‌(3) باب في عصمة الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ممن أراد قتله

- ‌(4) باب ذكر بعض كرامات رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال هجرته وفي غيرها

- ‌(5) باب مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم

- ‌(6) باب مثل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأنبياء

- ‌(7) باب إذا رحم الله أمة قبض نبيها قبلها

- ‌(8) باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الحوض المورود ومن أنه أعطي مفاتيح خزائن الأرض

- ‌(9) باب في عظم حوض النبي صلى الله عليه وسلم ومقداره وكبره وآنيته

- ‌(10) باب شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإمداده بالملائكة

- ‌(11) باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأحسن الناس خلقا

- ‌(12) باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا وقال: لا. وفي كثرة عطائه

- ‌(13) باب في رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال والرقيق

- ‌(14) باب في شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية ضحكه

- ‌(15) باب بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الإثم، وقيامه لمحارم الله عز وجل، وصيانته عما كانت عليه الجاهلية من صغره

- ‌(16) باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم وعرقه ولين مسه

- ‌(17) باب في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفيته

- ‌(18) باب في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخضابه

- ‌(19) باب في حسن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(20) باب في خاتم النبوة

- ‌(21) باب كم كان سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض؟وكم أقام بمكة

- ‌(22) باب عدد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله وأشدهم له خشية

- ‌(24) باب وجوب الإذعان لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه

- ‌(25) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرا له واحتراما

- ‌(26) باب عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخطأ فيما يبلغه عن الله تعالى

- ‌(27) باب كيف كان يأتيه الوحي

- ‌(28) باب في ذكر عيسى ابن مريم عليهما السلام

- ‌(29) باب في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌(30) باب

- ‌(31) باب قصة موسى مع الخضر عليه السلام

- ‌(32) باب في وفاة موسى عليه السلام

- ‌(33) باب في ذكر يونس ويوسف وزكريا عليهم السلام

- ‌(34) باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء

- ‌(35) باب فضائل أبي بكر الصديق واستخلافه رضي الله عنه

- ‌(36) باب فضائل عمر بن الخطاب

- ‌(37) باب فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌(38) باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌(39) باب فضائل سعد بن أبي وقاص

- ‌(40) باب فضائل طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم

- ‌(41) باب فضائل الحسن والحسين

- ‌(42) باب فضائل أهل البيت رضي الله عنهم

- ‌(43) باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد

- ‌(44) باب فضائل عبد الله بن جعفر

- ‌(45) باب فضائل خديجة بنت خويلد

- ‌(46) باب فضائل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون

- ‌(47) باب ذكر حديث أم زرع

- ‌(48) باب فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(49) باب فضائل أم سلمة وزينب زوجي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(50) باب فضائل أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم، أم أنس بن مالك

- ‌(51) باب فضائل أبي طلحة الأنصار

- ‌(52) باب فضائل بلال بن رباح

- ‌(53) باب فضائل عبد الله بن مسعود

- ‌(54) باب فضائل أبي بن كعب

- ‌(55) باب فضائل سعد بن معاذ

- ‌(56) باب فضائل أبي دجانة سماك بن خرشة، وعبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌(57) باب فضائل جليبيب

- ‌(58) باب فضائل أبي ذر الغفاري

- ‌(59) باب فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(60) باب فضائل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر

- ‌(61) باب فضائل أنس بن مالك

- ‌(62) باب فضائل عبد الله بن سلام

- ‌(63) باب فضائل حسان بن ثابت

- ‌(64) باب فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(65) باب قصة حاطب بن أبي بلتعة وفضل أهل بدر وأصحاب الشجرة

- ‌(66) باب في فضائل أبي موسى الأشعري والأشعريين

- ‌(67) باب فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌(68) باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب السفينة

- ‌(69) باب فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما

- ‌(70) باب فضائل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(71) باب خير دور الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(72) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم

- ‌(73) باب فضل مزينة وجهينة وأشجع وبني عبد الله

- ‌(74) باب ما ذكر في طيئ ودوس

- ‌(75) باب ما ذكر في بني تميم

- ‌(76) باب خيار الناس

- ‌(77) باب ما ورد في نساء قريش

- ‌(78) باب في المؤاخاة التي كانت بين المهاجرين والأنصار

- ‌(79) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أمنة لأصحابي وأصحابي أمنة لأمتي

- ‌(80) باب خير القرون قرن الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم

- ‌(81) باب وجوب احترام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن سبهم

- ‌(82) باب ما ذكر في فضل أويس القرني رضي الله عنه

- ‌(83) باب ما ذكر في مصر وأهلها وفي عمان

- ‌(84) باب في ثقيف كذاب ومبير

- ‌(85) باب ما ذكر في فارس

- ‌(86) باب

- ‌(34) كتاب البر والصلة

- ‌(1) باب في بر الوالدين وما للأم من البر

- ‌(2) باب ما يتقى من دعاء الأم

- ‌(3) باب المبالغة في بر الوالدين عند الكبر وبر أهل ودهما

- ‌(4) باب في البر والإثم

- ‌(5) باب في وجوب صلة الرحم وثوابها

- ‌(6) باب النهي عن التحاسد والتدابر والتباغض وإلى كم تجوز الهجرة

- ‌(7) باب النهي عن التجسس والتنافس والظن السيئ وما يحرم على المسلم من المسلم

- ‌(8) باب لا يغفر للمتشاحنين حتى يصطلحا

- ‌(9) باب التحاب والتزاور في الله عز وجل

- ‌(10) باب في ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا

- ‌(11) باب الترغيب في عيادة المرضى وفعل الخير

- ‌(12) باب تحريم الظلم والتحذير منه وأخذ الظالم

- ‌(13) باب الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

- ‌(14) باب من استطال حقوق الناس اقتص من حسناته يوم القيامة

- ‌(15) باب النهي عن دعوى الجاهلية

- ‌(16) باب مثل المؤمنين

- ‌(17) باب تحريم السباب والغيبة ومن تجوز غيبته

- ‌(18) باب الترغيب في العفو والستر على المسلم

- ‌(19) باب الحث على الرفق ومن حرمه حرم الخير

- ‌(20) باب لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا والتغليظ على من لعن بهيمة

- ‌(21) باب لم يبعث النبي صلى الله عليه وسلم لعانا وإنما بعث رحمة، وما جاء من أن دعاءه على المسلم أو سبه له طهور وزكاة ورحمة

- ‌(22) باب ما ذكر في ذي الوجهين وفي النميمة

- ‌(23) باب الأمر بالصدق والتحذير عن الكذب وما يباح منه

- ‌(24) باب ما يقال عند الغضب ومدح من يملك نفسه عنده

- ‌(25) باب النهي عن ضرب الوجه وفي وعيد الذين يعذبون الناس

- ‌(26) باب النهي أن يشير الرجل بالسلاح على أخيه والأمر بإمساك السلاح بنصولها

- ‌(27) باب ثواب من نحى الأذى عن طريق المسلمين

- ‌(28) باب عذبت امرأة في هرة

- ‌(29) باب في عذاب المتكبر والمتألي على الله، وإثم من قال: هلك الناس، ومدح المتواضع الخامل

- ‌(30) باب الوصية بالجار وتعاهده بالإحسان

- ‌(31) بَابُ فضل السعي على الأَرمَلَةِ وكفالة اليَتِيمِ

- ‌(32) باب التحذير من الرياء والسمعة ومن كثرة الكلام ومن الإجهار

- ‌(33) بَابُ تغليظ عُقُوبَةِ مَن أمر بِمَعرُوف وَلم يَأته وَنهَى عَن المُنكَرِ وأتاه

- ‌(34) بَابُ في تَشمِيتِ العَاطِسِ إذا حمد الله تعالى

- ‌(35) باب في التثاؤب وكظمه

- ‌(36) باب كراهية المدح وفي حثو التراب في وجوه المداحين

- ‌(37) باب ما جاء أن أمر المسلم كله له خير ولا يلدغ من جحر مرتين

- ‌(38) باب اشفعوا تؤجروا ومثل الجليس الصالح والسيئ

- ‌(39) باب ثواب من ابتلي بشيء من البنات وأحسن إليهن

- ‌(40) باب من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم

- ‌(41) باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده والأرواح أجناد

- ‌(42) باب المرء مع من أحب وفي الثناء على الرجل الصالح

- ‌(35) كتاب القدر

- ‌(1) باب في كيفية خلق ابن آدم

- ‌(2) باب السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه

- ‌(3) باب كل ميسر لما خلق له

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا}

- ‌(5) باب الأعمال بالخواتيم

- ‌(6) باب محاجة آدم موسى عليهما السلام

- ‌(7) باب كتب الله المقادير قبل الخلق وكل شيء بقدر

- ‌(8) باب تصريف الله تعالى القلوب وكتب على ابن آدم حظه من الزنا

- ‌(9) باب كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم، وفي الغلام الذي قتله الخضر

- ‌(10) باب الآجال محدودة والأرزاق مقسومة

- ‌(11) باب الأمر بالتقوى والحرص على ما ينفع وترك التفاخر

- ‌(36) كتاب العلم

- ‌(1) باب فضل من تعلم وتفقه في القرآن

- ‌(2) باب كراهة الخصومة في الدين والغلو في التأويل والتحذير من اتباع الأهواء

- ‌(3) باب كيفية التفقه في كتاب الله والتحذير من اتباع ما تشابه منه وعن المماراة فيه

- ‌(4) باب إثم من طلب العلم لغير الله

- ‌(5) باب طرح العالم المسألة على أصحابه ليختبرهم والتخول بالموعظة والعلم خوف الملل

- ‌(6) باب النهي عن أن يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء غير القرآن ونسخ ذلك

- ‌(7) باب في رفع العلم وظهور الجهل

- ‌(8) باب في كيفية رفع العلم

- ‌(9) باب ثواب من دعا إلى الهدى أو سن سنة حسنة

- ‌(10) باب تقليل الحديث حال الرواية وتبيانه

- ‌(11) باب تعليم الجاهل

الفصل: ‌(9) باب كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم، وفي الغلام الذي قتله الخضر

(9) باب كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم، وفي الغلام الذي قتله الخضر

[2586]

عَن أَبِي هُرَيرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِن مَولُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطرَةِ - وفي رواية: على هذه الملة - أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمعَاءَ هَل تُحِسُّونَ فِيهَا مِن جَدعَاءَ؛ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ: وَاقرَؤُوا إِن شِئتُم: {فِطرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللَّهِ}

ــ

زنا تلك الأعضاء، وثبت إثمه، وإن لم يحصل ذلك واجتنب كفر زنا تلك الأعضاء، كما قال تعالى:{إِن تَجتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنهَونَ عَنهُ نُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم}

(9)

ومن باب: كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم وفي الغلام الذي قتله الخضر (1)

(قوله: كل مولود يولد على الفطرة) قد تقدَّم: أن أصل الفطرة: الخلقة المبتدأة، وقد اختلف الناس في الفطرة المذكورة في هذا الحديث وفي الآية، فقيل: هي سابقة السعادة والشقاوة، وهذا إنما يليق بالفطرة المذكورة في القرآن، لأنَّ الله تعالى قال:{لا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللَّهِ} وأما في الحديث فلا، لأنَّه

(1) هذا العنوان لم يردْ في نسخ المفهم، واستدركناه من التلخيص.

ص: 675

وفي رواية: حَتَّى تَكُونُوا أَنتُم تَجدَعُونَهَا. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ

ــ

قد أخبر في بقية الحديث: بأنها تبدل وتغير، وقيل: هي ما أُخذ عليهم من الميثاق وهم في أصلاب آبائهم. وهذا إنما يليق بالرواية التي جاء فيها: كل مولود يولد على الفطرة ويبعد في رواية من رواه: على هذه الملة وهي إشارة إلى ملة الإسلام.

وقال بظاهر هذه الآية طائفة من المتأولين، وهذا القول أحسن ما قيل في ذلك - إن شاء الله تعالى - لصحَّة هذه الرواية، ولأنها مبينة لرواية من قال: على الفطرة. ومعنى الحديث: إن الله تعالى خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق، كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات، فما دامت باقية على ذلك القبول، وعلى تلك الأهلية أدركت الحق. ودين الإسلام هو الدين الحق، وقد جاء ذلك صريحا في الصحيح: جبل الله الخلق على معرفته، فاجتالتهم الشياطين (1) وقد تقدَّم هذا المعنى، وقد دل على صحة هذا المعنى بقية الخبر، حيث قال: كما تُنتَج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء يعني: أن البهيمة تلد ولدها كامل الخلق، سليما من الآفات، فلو نزل على أصل تلك الخلقة لبقي كاملا بريئا من العيوب، لكن يُتصرف فيه، فتجدع أذنه، ويوسم وجهه، فتطرأ عليه الآفات والنقائص، فيخرج عن الأصل، وكذلك الإنسان، وهو تشبيه واقع، ووجهه واضح. والرواية تُنتج بضم التاء الأولى، وفتح الثانية، مبنيا لما لم يُسمَّ فاعله. يقال ذلك إذا ولدت، ومصدرها نتاجا، وقد نتجها أهلها نَتجا، بفتح النون والتاء، مبنيا للفاعل. وهم ناتجوها: إذا ولدت عندهم وتولوا نتاجها. وحكى الأخفش فيه أنه يقال: أنتجت الناقة، رباعيا. ويقال: أنتجت الفرس والناقة: حان نتاجهما. وقال يعقوب: إذا استبان حملها، فهي نتوج، ولا يقال: منتج (2)، وأتت

(1) رواه مسلم (2865) بنحوه.

(2)

في (ز). نتيج. والمثبت من (ع) و (ز) والصحاح مادة (نتج).

ص: 676

أَفَرَأَيتَ مَن يَمُوتُ صَغِيرًا؛ قَالَ: اللَّهُ أَعلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ.

وفي أخرى: لَيسَ مِن مَولُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى هَذِهِ الفِطرَةِ حَتَّى يُعَبِّرَ عَنهُ لِسَانُهُ.

وفي أخرى: كُلُّ إِنسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ يَلكُزُ الشَّيطَانُ فِي حِضنَيهِ، إِلَّا مَريَمَ وَابنَهَا.

رواه أحمد (2/ 346)، والبخاريُّ (4775)، ومسلم (2658)(22 - 23، 25)، وأبو داود (4714)، والترمذي (2139).

ــ

الناقة على منتجها - بكسر الجيم - أي: الوقت الذي تنتج فيه. ونصب (جمعاء) على الحال، وبهيمة: منصوبة على التوطئة لتلك الحال. والجذع: القطع. وتحسون: تدركون بحسكم وحواسكم.

و(قوله: ما من مولود إلا يولد) كذا لكلهم غير السمرقندي، فعنده (تلد) بتاء باثنتين من فوقها مضمومة، وبكسر اللام على وزن: ولد، وضرب، وتخرج على ما ذكر الهجري في نوادره. قال: يقال وُلد وتلد بمعنى، ويكون على إبدال الواو تاء لانضمامهما.

و(قوله: كل ابن آدم يلكز الشيطان في حضنيه) كذا لجميعهم. والحضن: الجنب. وقيل: الخاصرة، غير أن ابن ماهان رواه: خصييه، تثنية خصية، وهو وهم وتصحيف، بدليل قوله: إلا مريم وابنها.

و(قوله: أرأيت من يموت صغيرا) هذا السؤال إنما كان عن أولاد المشركين، كما جاء مفسرا من حديث ابن عباس: فأمَّا أولاد المؤمنين فقد تقدم الاستدلال على أنهم في الجنة، وأما أطفال المشركين فاختُلف فيهم على ثلاثة أقوال: فقيل: في النار مع آبائهم، وقيل: في الجنة، وقيل: تؤجج لهم نار

ص: 677

[2587]

وعَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن أَطفَالِ المُشرِكِينَ فقَالَ: اللَّهُ أَعلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ إِذ خَلَقَهُم.

ــ

ويؤمرون بدخولها، فمن أطاع منهم دخل الجنة، ومن عصى منهم دخل النار. وذهب قوم - وأحسبهم من غير أهل السنة - فقالوا: يكونون في برزخ. وسبب اختلاف الثلاثة الأقوال: اختلاف الآثار في ذلك، ومخالفة بعضها لظاهر قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبعَثَ رَسُولا} والصبي والمجنون لا يفهمون ولا يخاطبون، فهم كالبهائم، فلم يبعث إليهم رسول، فلا يعذبون. والحاصل من مجموع ذلك - وهو القول الحق الجاري على أصول أهل الحق - أن العذاب المترتب على التكليف لا يعذبه من لم يكلف. ثم لله تعالى أن يعذب من شاء ابتداء من غير تكليف من صبي أو مجنون، أو غير ذلك بحكم المالكية، وأنه لا حجر عليه، ولا حكم، فلا يكون ظالما بشيء من ذلك إن فعله، كما قررناه في الباب قبل هذا. وعلى هذا يدلّ قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: إن الله خلق للجنة أهلا، وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلا، وهم في أصلاب آبائهم. قد قدمنا: أن الأعمال معرفات لا موجبات.

و(قوله: الله أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم) معناه: الله أعلم بما جبلهم عليه، وطبعهم عليه، فمن خلقه الله تعالى على جبلة المطيعين كان من أهل الجنة، ومن خلقه الله على جبلة الكفار من القسوة والمخالفة، كان من أهل النار. وهذا كما قال في غلام الخضر: طُبع يوم طبع كافرا. وهذا الثواب والعقاب ليس مرتبا على تكليف ولا مرتبطا به، وإنما هو بحكم علمه ومشيئته. وأما من قال: إنهم في النار مع آبائهم، فمعتمده قوله صلى الله عليه وسلم: هم من آبائهم (1). ولا حجَّة فيه لوجهين:

(1) رواه أحمد (4/ 38 و 71)، ومسلم (1745)(28)، وأبو داود (4712)، والترمذي (1570).

ص: 678

رواه البخاريُّ (1383)، ومسلم (2660)، وأبو داود (4711)، والنسائي (4/ 59).

[2588]

وعنه؛ عَن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الخَضِرُ طُبِعَ يوم طبع كَافِرًا، وَلَو عَاشَ لَأَرهَقَ أَبَوَيهِ طُغيَانًا وَكُفرًا.

رواه أحمد (5/ 121)، ومسلم (2661)، وأبو داود (4705 و 4706)، والترمذيُّ (3150).

[2589]

وعَن عَائِشَةَ قَالَت: دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى جَنَازَةِ صَبِيٍّ مِن الأَنصَارِ فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِهَذَا عُصفُورٌ مِن عَصَافِيرِ الجَنَّةِ لَم يَعمَل السُّوءَ، وَلَم يُدرِكهُ قَالَ: أَوَ غَيرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلجَنَّةِ

ــ

أحدهما: أن المسألة علمية، وهذا خبر واحد، وليس نصا في الفرض.

وثانيهما: سلمناه، لكنا نقول ذلك في أحكام الدنيا، وعنها سئل، وعليها خرج الحديث، وذلك أنهم قالوا: يا رسول الله إنا نُبيّت أهل الدار من المشركين، وفيهم الذراري. فقال: هم من آبائهم، يعني في جواز القتل في حال التبييت، وفي غير ذلك من أحكام آبائهم الدنيوية، والله تعالى أعلم.

و(قول عائشة رضي الله عنها في الصبي الأنصاري المتوفى: عصفور من عصافير الجنة) إنما قالت هذا عائشة، لأنَّها بنت على أن كل مولود يولد على فطرة الإسلام، وأن الله تعالى لا يعذب حتى يبعث رسولا، فحكمت بذلك، فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكر.

ص: 679