المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(60) باب فضائل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٦

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(32) كتاب الرؤيا

- ‌(1) باب الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان وما يفعل عند رؤية ما يكره

- ‌(2) باب أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا

- ‌(3) باب الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

- ‌(4) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب لا يخبر بتلعب الشيطان به

- ‌(6) باب استدعاء العابر ما يعبر، وتعبير من لم يسأل

- ‌(7) باب فيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

- ‌(33) كتاب النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(1) باب كونه مختارا من خيار الناس في الدنيا وسيدهم يوم القيامة

- ‌(2) باب من شواهد نبوته صلى الله عليه وسلم وبركته

- ‌(3) باب في عصمة الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ممن أراد قتله

- ‌(4) باب ذكر بعض كرامات رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال هجرته وفي غيرها

- ‌(5) باب مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم

- ‌(6) باب مثل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأنبياء

- ‌(7) باب إذا رحم الله أمة قبض نبيها قبلها

- ‌(8) باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الحوض المورود ومن أنه أعطي مفاتيح خزائن الأرض

- ‌(9) باب في عظم حوض النبي صلى الله عليه وسلم ومقداره وكبره وآنيته

- ‌(10) باب شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإمداده بالملائكة

- ‌(11) باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأحسن الناس خلقا

- ‌(12) باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا وقال: لا. وفي كثرة عطائه

- ‌(13) باب في رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال والرقيق

- ‌(14) باب في شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية ضحكه

- ‌(15) باب بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الإثم، وقيامه لمحارم الله عز وجل، وصيانته عما كانت عليه الجاهلية من صغره

- ‌(16) باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم وعرقه ولين مسه

- ‌(17) باب في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفيته

- ‌(18) باب في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخضابه

- ‌(19) باب في حسن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(20) باب في خاتم النبوة

- ‌(21) باب كم كان سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض؟وكم أقام بمكة

- ‌(22) باب عدد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله وأشدهم له خشية

- ‌(24) باب وجوب الإذعان لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه

- ‌(25) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرا له واحتراما

- ‌(26) باب عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخطأ فيما يبلغه عن الله تعالى

- ‌(27) باب كيف كان يأتيه الوحي

- ‌(28) باب في ذكر عيسى ابن مريم عليهما السلام

- ‌(29) باب في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌(30) باب

- ‌(31) باب قصة موسى مع الخضر عليه السلام

- ‌(32) باب في وفاة موسى عليه السلام

- ‌(33) باب في ذكر يونس ويوسف وزكريا عليهم السلام

- ‌(34) باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء

- ‌(35) باب فضائل أبي بكر الصديق واستخلافه رضي الله عنه

- ‌(36) باب فضائل عمر بن الخطاب

- ‌(37) باب فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌(38) باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌(39) باب فضائل سعد بن أبي وقاص

- ‌(40) باب فضائل طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم

- ‌(41) باب فضائل الحسن والحسين

- ‌(42) باب فضائل أهل البيت رضي الله عنهم

- ‌(43) باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد

- ‌(44) باب فضائل عبد الله بن جعفر

- ‌(45) باب فضائل خديجة بنت خويلد

- ‌(46) باب فضائل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون

- ‌(47) باب ذكر حديث أم زرع

- ‌(48) باب فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(49) باب فضائل أم سلمة وزينب زوجي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(50) باب فضائل أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم، أم أنس بن مالك

- ‌(51) باب فضائل أبي طلحة الأنصار

- ‌(52) باب فضائل بلال بن رباح

- ‌(53) باب فضائل عبد الله بن مسعود

- ‌(54) باب فضائل أبي بن كعب

- ‌(55) باب فضائل سعد بن معاذ

- ‌(56) باب فضائل أبي دجانة سماك بن خرشة، وعبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌(57) باب فضائل جليبيب

- ‌(58) باب فضائل أبي ذر الغفاري

- ‌(59) باب فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(60) باب فضائل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر

- ‌(61) باب فضائل أنس بن مالك

- ‌(62) باب فضائل عبد الله بن سلام

- ‌(63) باب فضائل حسان بن ثابت

- ‌(64) باب فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(65) باب قصة حاطب بن أبي بلتعة وفضل أهل بدر وأصحاب الشجرة

- ‌(66) باب في فضائل أبي موسى الأشعري والأشعريين

- ‌(67) باب فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌(68) باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب السفينة

- ‌(69) باب فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما

- ‌(70) باب فضائل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(71) باب خير دور الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(72) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم

- ‌(73) باب فضل مزينة وجهينة وأشجع وبني عبد الله

- ‌(74) باب ما ذكر في طيئ ودوس

- ‌(75) باب ما ذكر في بني تميم

- ‌(76) باب خيار الناس

- ‌(77) باب ما ورد في نساء قريش

- ‌(78) باب في المؤاخاة التي كانت بين المهاجرين والأنصار

- ‌(79) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أمنة لأصحابي وأصحابي أمنة لأمتي

- ‌(80) باب خير القرون قرن الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم

- ‌(81) باب وجوب احترام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن سبهم

- ‌(82) باب ما ذكر في فضل أويس القرني رضي الله عنه

- ‌(83) باب ما ذكر في مصر وأهلها وفي عمان

- ‌(84) باب في ثقيف كذاب ومبير

- ‌(85) باب ما ذكر في فارس

- ‌(86) باب

- ‌(34) كتاب البر والصلة

- ‌(1) باب في بر الوالدين وما للأم من البر

- ‌(2) باب ما يتقى من دعاء الأم

- ‌(3) باب المبالغة في بر الوالدين عند الكبر وبر أهل ودهما

- ‌(4) باب في البر والإثم

- ‌(5) باب في وجوب صلة الرحم وثوابها

- ‌(6) باب النهي عن التحاسد والتدابر والتباغض وإلى كم تجوز الهجرة

- ‌(7) باب النهي عن التجسس والتنافس والظن السيئ وما يحرم على المسلم من المسلم

- ‌(8) باب لا يغفر للمتشاحنين حتى يصطلحا

- ‌(9) باب التحاب والتزاور في الله عز وجل

- ‌(10) باب في ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا

- ‌(11) باب الترغيب في عيادة المرضى وفعل الخير

- ‌(12) باب تحريم الظلم والتحذير منه وأخذ الظالم

- ‌(13) باب الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

- ‌(14) باب من استطال حقوق الناس اقتص من حسناته يوم القيامة

- ‌(15) باب النهي عن دعوى الجاهلية

- ‌(16) باب مثل المؤمنين

- ‌(17) باب تحريم السباب والغيبة ومن تجوز غيبته

- ‌(18) باب الترغيب في العفو والستر على المسلم

- ‌(19) باب الحث على الرفق ومن حرمه حرم الخير

- ‌(20) باب لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا والتغليظ على من لعن بهيمة

- ‌(21) باب لم يبعث النبي صلى الله عليه وسلم لعانا وإنما بعث رحمة، وما جاء من أن دعاءه على المسلم أو سبه له طهور وزكاة ورحمة

- ‌(22) باب ما ذكر في ذي الوجهين وفي النميمة

- ‌(23) باب الأمر بالصدق والتحذير عن الكذب وما يباح منه

- ‌(24) باب ما يقال عند الغضب ومدح من يملك نفسه عنده

- ‌(25) باب النهي عن ضرب الوجه وفي وعيد الذين يعذبون الناس

- ‌(26) باب النهي أن يشير الرجل بالسلاح على أخيه والأمر بإمساك السلاح بنصولها

- ‌(27) باب ثواب من نحى الأذى عن طريق المسلمين

- ‌(28) باب عذبت امرأة في هرة

- ‌(29) باب في عذاب المتكبر والمتألي على الله، وإثم من قال: هلك الناس، ومدح المتواضع الخامل

- ‌(30) باب الوصية بالجار وتعاهده بالإحسان

- ‌(31) بَابُ فضل السعي على الأَرمَلَةِ وكفالة اليَتِيمِ

- ‌(32) باب التحذير من الرياء والسمعة ومن كثرة الكلام ومن الإجهار

- ‌(33) بَابُ تغليظ عُقُوبَةِ مَن أمر بِمَعرُوف وَلم يَأته وَنهَى عَن المُنكَرِ وأتاه

- ‌(34) بَابُ في تَشمِيتِ العَاطِسِ إذا حمد الله تعالى

- ‌(35) باب في التثاؤب وكظمه

- ‌(36) باب كراهية المدح وفي حثو التراب في وجوه المداحين

- ‌(37) باب ما جاء أن أمر المسلم كله له خير ولا يلدغ من جحر مرتين

- ‌(38) باب اشفعوا تؤجروا ومثل الجليس الصالح والسيئ

- ‌(39) باب ثواب من ابتلي بشيء من البنات وأحسن إليهن

- ‌(40) باب من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم

- ‌(41) باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده والأرواح أجناد

- ‌(42) باب المرء مع من أحب وفي الثناء على الرجل الصالح

- ‌(35) كتاب القدر

- ‌(1) باب في كيفية خلق ابن آدم

- ‌(2) باب السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه

- ‌(3) باب كل ميسر لما خلق له

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا}

- ‌(5) باب الأعمال بالخواتيم

- ‌(6) باب محاجة آدم موسى عليهما السلام

- ‌(7) باب كتب الله المقادير قبل الخلق وكل شيء بقدر

- ‌(8) باب تصريف الله تعالى القلوب وكتب على ابن آدم حظه من الزنا

- ‌(9) باب كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم، وفي الغلام الذي قتله الخضر

- ‌(10) باب الآجال محدودة والأرزاق مقسومة

- ‌(11) باب الأمر بالتقوى والحرص على ما ينفع وترك التفاخر

- ‌(36) كتاب العلم

- ‌(1) باب فضل من تعلم وتفقه في القرآن

- ‌(2) باب كراهة الخصومة في الدين والغلو في التأويل والتحذير من اتباع الأهواء

- ‌(3) باب كيفية التفقه في كتاب الله والتحذير من اتباع ما تشابه منه وعن المماراة فيه

- ‌(4) باب إثم من طلب العلم لغير الله

- ‌(5) باب طرح العالم المسألة على أصحابه ليختبرهم والتخول بالموعظة والعلم خوف الملل

- ‌(6) باب النهي عن أن يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء غير القرآن ونسخ ذلك

- ‌(7) باب في رفع العلم وظهور الجهل

- ‌(8) باب في كيفية رفع العلم

- ‌(9) باب ثواب من دعا إلى الهدى أو سن سنة حسنة

- ‌(10) باب تقليل الحديث حال الرواية وتبيانه

- ‌(11) باب تعليم الجاهل

الفصل: ‌(60) باب فضائل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر

(60) باب فضائل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر

[2386]

عَن ابنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى الخَلَاءَ، فَوَضَعتُ لَهُ

ــ

ذكرها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدمها كلها وتحريقها فكان ذلك، ومحا الله الباطل، وأحق الحق بكلماته.

(60)

ومن باب: فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

ابن عبد المطلب بن هاشم، يُكنى أبا العباس، ولد بالشعب وبنو هاشم محصورون فيه قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين. واختلف في سِنِّه يوم (1) موت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقيل: عشر سنين، وقيل: خمس عشرة - رواه سعيد بن جبير عنه، وقيل: كان ابن ثلاث عشرة سنة، وقال ابن عباس: إنه كان في حجَّة الوداع قد ناهز الاحتلام، ومات عبد الله بالطائف سنة ثمان وستين في أيام ابن الزبير لأنَّه أخرجه من مكة، وتوفي ابن عباس وهو ابن سبعين سنة، وقيل: ابن إحدى وسبعين، وقيل: ابن أربع وسبعين - وصلى عليه محمد ابن الحنفية، وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة! وضرب على قبره فسطاطا، ويروى عن مجاهد عنه أنه قال: رأيت جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين. وقال ابن مسعود رضي الله عنه فيه: نعم ترجمان القرآن ابن عباس! وكان عمر رضي الله عنه يقول: فتى الكهول، لسان سؤول، وقلب عقول. وقال مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس! وإذا تكلَّم قلت: أفصح الناس! وإذا تحدَّث قلت: أعلم الناس! وكان يُسمى البحر لغزارة علمه، والحبر لاتساع حفظه ونفوذ فهمه، وكان عمر رضي الله عنه يقربه ويدنيه لجودة فهمه

(1) في (ز): وقت، وفي (م 4): قبل.

ص: 405

وَضُوءًا، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: مَن وَضَعَ هَذَا؟ قالوا: ابن عباس. قال: اللهم فقهه.

رواه أحمد (1/ 327)، والبخاري (143)، ومسلم (2477).

ــ

وحسن تأتِّيه، وجملة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف حديث وستمائة وستين، أخرج له في الصحيحين مائتا حديث وأربعة وثلاثون حديثًا.

و(قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم فقهه)، هنا انتهى حديث مسلم، وقال البخاري: اللهم فقهه في الدين، وفي رواية قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم علمه الكتاب (1)، قال أبو عمر: وفي بعض الروايات اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل (2). قال: وفي حديث آخر اللهم بارك فيه وانشر منه، واجعله من عبادك الصالحين (3)، وفي حديث آخر: اللهم زده علمًا وفقهًا (4). قال: وكلها حديث صحيح.

قلت: وقد ظهرت عليه بركات هذه الدَّعوات فاشتهرت علومه وفضائله، وعمَّت خيراته وفواضله، فارتحل طلاب العلم إليه، وازدحموا عليه، ورجعوا عند اختلافهم لقوله، وعوَّلوا على نظره ورأيه. قال يزيد بن الأصم: خرج معاوية حاجًّا معه ابن عباس، فكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسًا أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس؛ الحلال، والحرام، والعربية، والأنساب، والشعر. وقال عبيد الله بن عبد الله: ما رأيت أحدًا كان أعلم بالسنة ولا أجل رأيًا ولا أثقب نظرًا من ابن عباس

(1) رواه البخاري (75).

(2)

رواه أحمد (1/ 328 و 335).

(3)

رواه الحاكم (1/ 400)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 315).

(4)

انظر: سير أعلام النبلاء (3/ 338)، والحلية (1/ 314 و 315).

ص: 406

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رضي الله عنه.

ولقد كان عمر رضي الله عنه يعده للمعضلات مع اجتهاد عمر ونظره للمسلمين، وكان قد عمي في آخر عمره، فأنشد في ذلك:

إن يأخذ الله من عينيَّ نُورَهما

ففي لساني وقلبي منهما نورُ

قَلبي ذَكِيٌّ وعقلي غير ذي دَخَلٍ

وفي فمي صارمٌ كالسَّيفِ مأثُورُ

وروي أن طائرًا (1) أبيض خرج من قبره، فتأوَّلوه علمه خرج إلى الناس، ويقال: بل دخل قبره طائرٌ أبيض، فقيل: إنه بصره في التأويل. وقال أبو الزبير: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائرٌ أبيض فدخل في نعشه حين حمل، فما رؤي خارجًا منه!

وفضائله أكثر من أن تحصى.

وأما عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ويُكنى أبا عبد الرحمن - فإنَّه أسلم صغيرًا لم يبلغ الحلم مع أبيه، وهاجر إلى المدينة قبل أبيه، وأول مشاهده الخندق، لم يشهد بدرًا ولا أحدًا لصغره؛ فإنَّه عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه، وأجازه يوم الخندق، وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى. وشهد الحديبية، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه أول من بايع، وكان من أهل العلم والورع، وكان كثير الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتواه، وكان لا يتخلَّف عن السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان بعد موته صلى الله عليه وسلم مُولِعًا بالحج، وكان من أعلم الناس بمناسكه، وكان قد أشكلت عليه حروب عليٍّ لورعه فقعد عنه، وندم على ذلك حين حضرته الوفاة، روي عنه من أوجه أنه قال: ما آسى (2) على شيء فاتني إلا تركي لقتال الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: ما منا أحدٌ إلا مالت له الدنيا ومال إليها ما خلا عمر.

(1) ليست في (ز).

(2)

في (ز): أسفي.

ص: 407

[2387]

وعَن ابنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي قِطعَةَ إِستَبرَقٍ، وَلَيسَ مَكَانٌ أُرِيدُ مِن الجَنَّةِ إِلَّا طَارَت إِلَيهِ. قَالَ: فَقَصَصتُهُ عَلَى حَفصَةَ، فَقَصَّتهُ حَفصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَرَى عَبدَ اللَّهِ رَجُلًا صَالِحًا.

رواه مسلم (2478).

ــ

وابنه عبد الله.

وقال ميمون بن مهران: ما رأينا أورع من ابن عمر، ولا أعلم من ابن عباس. وروى ابن وهب عن مالك قال: بلغ عبد الله بن عمر ستًّا وثمانين سنة، وأفتى في الإسلام ستين سنة، ونشر نافع عنه علمًا جمًّا. وروى ابن الماجشون أن مروان بن الحكم دخل في نفر على عبد الله بن عمر بعدما قتل عثمان رضي الله عنه فعزموا عليه أن يبايعوه. قال: كيف لي بالناس؟ قال: تقاتلهم! فقال: والله لو اجتمع عليَّ أهل الأرض إلا أهل فدك ما قاتلتهم! قال: فخرجوا من عنده ومروان يقول:

إني أرى فِتنَةً تَغلي مَرَاجِلُها

والمُلكُ بَعدَ أَبي لَيلَى (1) لِمَن غَلَبا

مات ابن عمر بمكة سنة ثلاث وسبعين، وذلك بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر أو نحوها، وقيل: ستة أشهر - ودفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين، وكان سبب موته أن الحجاج أمر رجلًا فسمَّ زُجَّ رُمحِهِ فزحمه، فوضع الزجَّ في ظهر قدمه فمرض منها فمات رحمه الله حكاه أبو عمر.

وجملة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفا حديث وستمائة وثلاثون حديثًا، أخرج له منها في الصحيحين مائة حديث وثمانون.

و(قوله: رأيت في المنام كأن في يدي قطعة إستبرق)، قد تقدَّم الكلام أن الإستبرق ما غلظ من الدِّيباج، وكأن هذه القطعة مثال لعمل صالح يعمله يتقرَّب

(1)"أبو ليلى": هو معاوية بن يزيد بن معاوية. تاريخ الطبري (5/ 500).

ص: 408

[2388]

وعنه قال: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى رُؤيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَمَنَّيتُ أَن أَرَى رُؤيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَكُنتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا، وَكُنتُ أَنَامُ فِي المَسجِدِ عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيتُ فِي النَّومِ كَأَنَّ مَلَكَينِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطوِيَّةٌ كَطَيِّ البِئرِ، وَإِذَا لَهَا قَرنَانِ كَقَرنَي البِئرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَد عَرَفتُهُم، فَجَعَلتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِن النَّارِ! أَعُوذُ بِاللَّهِ مِن النَّارِ! أَعُوذُ بِاللَّهِ مِن النَّارِ! قَالَ: فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لِي: لَم تُرَع! فَقَصَصتُهَا عَلَى حَفصَةَ، فَقَصَّتهَا حَفصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: نِعمَ الرَّجُلُ عَبدُ اللَّهِ لَو كَانَ يقوم مِن اللَّيلِ! فَكَانَ عَبدُ اللَّهِ بَعدَ ذَلِكَ لَا يَنَامُ مِن اللَّيلِ إِلَّا قَلِيلًا.

رواه أحمد (2/ 146)، والبخاريُّ (1121)، ومسلم (2479)، وابن ماجه (3919).

* * *

ــ

به إلى الله تعالى، ويقدِّمه بين يديه: يرشده ثوابه إلى أي موضع شاء من الجنة، ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أرى عبد الله رجلًا صالحًا، وهذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بالصَّلاح. ووجدت بخط شيخنا أبي الصبر أيوب مقيدًا أرى بفتح الراء والهمزة، فيكون مبنيًا للفاعل، ويكون من رؤية القلب فيكون علمًا، ويجوز أن يكون همزته مضمومة فتكون ظنًّا صادقًا؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم معصوم في ظنه كما هو في علمه.

و(قوله: وكنت شابًا عزبًا أنام في المسجد) دليل على جواز في المسجد لمن احتاج إلى ذلك، والقرنان: منارتان تبنيان على جانبي البئر يجعل عليها الخشبة التي تعلق عليها البكرة. والبئر: المطوية بالحجارة، وهي الرس أيضًا، فإنَّ لم تُطو فهي القليب والركي. ولم ترع: أي لم تفزع، والروع: الفزع، وإنَّما

ص: 409