المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(69) باب فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٦

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(32) كتاب الرؤيا

- ‌(1) باب الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان وما يفعل عند رؤية ما يكره

- ‌(2) باب أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا

- ‌(3) باب الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

- ‌(4) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب لا يخبر بتلعب الشيطان به

- ‌(6) باب استدعاء العابر ما يعبر، وتعبير من لم يسأل

- ‌(7) باب فيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

- ‌(33) كتاب النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(1) باب كونه مختارا من خيار الناس في الدنيا وسيدهم يوم القيامة

- ‌(2) باب من شواهد نبوته صلى الله عليه وسلم وبركته

- ‌(3) باب في عصمة الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ممن أراد قتله

- ‌(4) باب ذكر بعض كرامات رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال هجرته وفي غيرها

- ‌(5) باب مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم

- ‌(6) باب مثل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأنبياء

- ‌(7) باب إذا رحم الله أمة قبض نبيها قبلها

- ‌(8) باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الحوض المورود ومن أنه أعطي مفاتيح خزائن الأرض

- ‌(9) باب في عظم حوض النبي صلى الله عليه وسلم ومقداره وكبره وآنيته

- ‌(10) باب شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإمداده بالملائكة

- ‌(11) باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأحسن الناس خلقا

- ‌(12) باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا وقال: لا. وفي كثرة عطائه

- ‌(13) باب في رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال والرقيق

- ‌(14) باب في شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية ضحكه

- ‌(15) باب بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الإثم، وقيامه لمحارم الله عز وجل، وصيانته عما كانت عليه الجاهلية من صغره

- ‌(16) باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم وعرقه ولين مسه

- ‌(17) باب في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفيته

- ‌(18) باب في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخضابه

- ‌(19) باب في حسن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(20) باب في خاتم النبوة

- ‌(21) باب كم كان سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض؟وكم أقام بمكة

- ‌(22) باب عدد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله وأشدهم له خشية

- ‌(24) باب وجوب الإذعان لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه

- ‌(25) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرا له واحتراما

- ‌(26) باب عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخطأ فيما يبلغه عن الله تعالى

- ‌(27) باب كيف كان يأتيه الوحي

- ‌(28) باب في ذكر عيسى ابن مريم عليهما السلام

- ‌(29) باب في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌(30) باب

- ‌(31) باب قصة موسى مع الخضر عليه السلام

- ‌(32) باب في وفاة موسى عليه السلام

- ‌(33) باب في ذكر يونس ويوسف وزكريا عليهم السلام

- ‌(34) باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء

- ‌(35) باب فضائل أبي بكر الصديق واستخلافه رضي الله عنه

- ‌(36) باب فضائل عمر بن الخطاب

- ‌(37) باب فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌(38) باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌(39) باب فضائل سعد بن أبي وقاص

- ‌(40) باب فضائل طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم

- ‌(41) باب فضائل الحسن والحسين

- ‌(42) باب فضائل أهل البيت رضي الله عنهم

- ‌(43) باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد

- ‌(44) باب فضائل عبد الله بن جعفر

- ‌(45) باب فضائل خديجة بنت خويلد

- ‌(46) باب فضائل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون

- ‌(47) باب ذكر حديث أم زرع

- ‌(48) باب فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(49) باب فضائل أم سلمة وزينب زوجي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(50) باب فضائل أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم، أم أنس بن مالك

- ‌(51) باب فضائل أبي طلحة الأنصار

- ‌(52) باب فضائل بلال بن رباح

- ‌(53) باب فضائل عبد الله بن مسعود

- ‌(54) باب فضائل أبي بن كعب

- ‌(55) باب فضائل سعد بن معاذ

- ‌(56) باب فضائل أبي دجانة سماك بن خرشة، وعبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌(57) باب فضائل جليبيب

- ‌(58) باب فضائل أبي ذر الغفاري

- ‌(59) باب فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(60) باب فضائل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر

- ‌(61) باب فضائل أنس بن مالك

- ‌(62) باب فضائل عبد الله بن سلام

- ‌(63) باب فضائل حسان بن ثابت

- ‌(64) باب فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(65) باب قصة حاطب بن أبي بلتعة وفضل أهل بدر وأصحاب الشجرة

- ‌(66) باب في فضائل أبي موسى الأشعري والأشعريين

- ‌(67) باب فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌(68) باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب السفينة

- ‌(69) باب فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما

- ‌(70) باب فضائل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(71) باب خير دور الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(72) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم

- ‌(73) باب فضل مزينة وجهينة وأشجع وبني عبد الله

- ‌(74) باب ما ذكر في طيئ ودوس

- ‌(75) باب ما ذكر في بني تميم

- ‌(76) باب خيار الناس

- ‌(77) باب ما ورد في نساء قريش

- ‌(78) باب في المؤاخاة التي كانت بين المهاجرين والأنصار

- ‌(79) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أمنة لأصحابي وأصحابي أمنة لأمتي

- ‌(80) باب خير القرون قرن الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم

- ‌(81) باب وجوب احترام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن سبهم

- ‌(82) باب ما ذكر في فضل أويس القرني رضي الله عنه

- ‌(83) باب ما ذكر في مصر وأهلها وفي عمان

- ‌(84) باب في ثقيف كذاب ومبير

- ‌(85) باب ما ذكر في فارس

- ‌(86) باب

- ‌(34) كتاب البر والصلة

- ‌(1) باب في بر الوالدين وما للأم من البر

- ‌(2) باب ما يتقى من دعاء الأم

- ‌(3) باب المبالغة في بر الوالدين عند الكبر وبر أهل ودهما

- ‌(4) باب في البر والإثم

- ‌(5) باب في وجوب صلة الرحم وثوابها

- ‌(6) باب النهي عن التحاسد والتدابر والتباغض وإلى كم تجوز الهجرة

- ‌(7) باب النهي عن التجسس والتنافس والظن السيئ وما يحرم على المسلم من المسلم

- ‌(8) باب لا يغفر للمتشاحنين حتى يصطلحا

- ‌(9) باب التحاب والتزاور في الله عز وجل

- ‌(10) باب في ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا

- ‌(11) باب الترغيب في عيادة المرضى وفعل الخير

- ‌(12) باب تحريم الظلم والتحذير منه وأخذ الظالم

- ‌(13) باب الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

- ‌(14) باب من استطال حقوق الناس اقتص من حسناته يوم القيامة

- ‌(15) باب النهي عن دعوى الجاهلية

- ‌(16) باب مثل المؤمنين

- ‌(17) باب تحريم السباب والغيبة ومن تجوز غيبته

- ‌(18) باب الترغيب في العفو والستر على المسلم

- ‌(19) باب الحث على الرفق ومن حرمه حرم الخير

- ‌(20) باب لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا والتغليظ على من لعن بهيمة

- ‌(21) باب لم يبعث النبي صلى الله عليه وسلم لعانا وإنما بعث رحمة، وما جاء من أن دعاءه على المسلم أو سبه له طهور وزكاة ورحمة

- ‌(22) باب ما ذكر في ذي الوجهين وفي النميمة

- ‌(23) باب الأمر بالصدق والتحذير عن الكذب وما يباح منه

- ‌(24) باب ما يقال عند الغضب ومدح من يملك نفسه عنده

- ‌(25) باب النهي عن ضرب الوجه وفي وعيد الذين يعذبون الناس

- ‌(26) باب النهي أن يشير الرجل بالسلاح على أخيه والأمر بإمساك السلاح بنصولها

- ‌(27) باب ثواب من نحى الأذى عن طريق المسلمين

- ‌(28) باب عذبت امرأة في هرة

- ‌(29) باب في عذاب المتكبر والمتألي على الله، وإثم من قال: هلك الناس، ومدح المتواضع الخامل

- ‌(30) باب الوصية بالجار وتعاهده بالإحسان

- ‌(31) بَابُ فضل السعي على الأَرمَلَةِ وكفالة اليَتِيمِ

- ‌(32) باب التحذير من الرياء والسمعة ومن كثرة الكلام ومن الإجهار

- ‌(33) بَابُ تغليظ عُقُوبَةِ مَن أمر بِمَعرُوف وَلم يَأته وَنهَى عَن المُنكَرِ وأتاه

- ‌(34) بَابُ في تَشمِيتِ العَاطِسِ إذا حمد الله تعالى

- ‌(35) باب في التثاؤب وكظمه

- ‌(36) باب كراهية المدح وفي حثو التراب في وجوه المداحين

- ‌(37) باب ما جاء أن أمر المسلم كله له خير ولا يلدغ من جحر مرتين

- ‌(38) باب اشفعوا تؤجروا ومثل الجليس الصالح والسيئ

- ‌(39) باب ثواب من ابتلي بشيء من البنات وأحسن إليهن

- ‌(40) باب من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم

- ‌(41) باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده والأرواح أجناد

- ‌(42) باب المرء مع من أحب وفي الثناء على الرجل الصالح

- ‌(35) كتاب القدر

- ‌(1) باب في كيفية خلق ابن آدم

- ‌(2) باب السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه

- ‌(3) باب كل ميسر لما خلق له

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا}

- ‌(5) باب الأعمال بالخواتيم

- ‌(6) باب محاجة آدم موسى عليهما السلام

- ‌(7) باب كتب الله المقادير قبل الخلق وكل شيء بقدر

- ‌(8) باب تصريف الله تعالى القلوب وكتب على ابن آدم حظه من الزنا

- ‌(9) باب كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم، وفي الغلام الذي قتله الخضر

- ‌(10) باب الآجال محدودة والأرزاق مقسومة

- ‌(11) باب الأمر بالتقوى والحرص على ما ينفع وترك التفاخر

- ‌(36) كتاب العلم

- ‌(1) باب فضل من تعلم وتفقه في القرآن

- ‌(2) باب كراهة الخصومة في الدين والغلو في التأويل والتحذير من اتباع الأهواء

- ‌(3) باب كيفية التفقه في كتاب الله والتحذير من اتباع ما تشابه منه وعن المماراة فيه

- ‌(4) باب إثم من طلب العلم لغير الله

- ‌(5) باب طرح العالم المسألة على أصحابه ليختبرهم والتخول بالموعظة والعلم خوف الملل

- ‌(6) باب النهي عن أن يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء غير القرآن ونسخ ذلك

- ‌(7) باب في رفع العلم وظهور الجهل

- ‌(8) باب في كيفية رفع العلم

- ‌(9) باب ثواب من دعا إلى الهدى أو سن سنة حسنة

- ‌(10) باب تقليل الحديث حال الرواية وتبيانه

- ‌(11) باب تعليم الجاهل

الفصل: ‌(69) باب فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما

(69) باب فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما

-

[2411]

عَن عَائِذِ بنِ عَمرٍو أَنَّ أَبَا سُفيَانَ أَتَى عَلَى سَلمَانَ،

ــ

نفوسهم أعظم قدرًا، ولا أكثر أجرًا، مما تضمنَّه هذا القول، لأنَّ أصل أفعل أن تضاف إلى جنسها، وأعراض الدنيا ليست من جنس ثواب الآخرة، فتعين ذلك التأويل، والله تعالى أعلم.

(69)

ومن باب: فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما

أما سلمان، فيكنى: أبا عبد الله، وكان ينتسب إلى الإسلام، فيقول: أنا سلمان ابن الإسلام، ويُعَدُّ من موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنَّه أعانه بما كوتب عليه، فكان سبب عتقه، وكان يُعرف بسلمان الخير، وقد نسبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل بيته، فقال: سلمان منا أهل البيت (1). وأصله فارسي من رام هرمز، من قرية يقال لها: جَي (2). ويقال: بل من أصبهان، وكان أبوه مجوسيًّا من قوم مجوس، فنبهه الله لقبح ما كان عليه أبوه وقومه، وجعل في قلبه التشوُّف إلى طلب الحق، فهرب بنفسه، وفرَّ من أرضه إلى أن وصل إلى الشام، فلم يزل يجول في البلدان، ويختبر الأديان، ويستكشف الأحبار والرُّهبان، إلى أن دُلَّ على راهب الوجود، فوصل إلى المقصود، وذلك بعد مكابدة عظيم المشقات، والصبر على مكاره الحالات، من: الرق، والإذلال، والأسر، والأغلال، كما هو منقول في إسلامه في كتب السِّير وغيرها.

(1) رواه الحاكم (3/ 598)، والطبراني في الكبير (6/ 261). وانظر: مجمع الزوائد (6/ 130).

(2)

جاء في حاشية أسد الغابة (2/ 417): جَيّ: اسم مدينة أصبهان القديم.

ص: 462

وَصُهَيبٍ وَبِلَالٍ فِي نَفَرٍ، فَقَالُوا: مَا أَخَذَت سُيُوفُ اللَّهِ مِن عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ

ــ

وروى أبو عثمان النَّهدي عن سلمان أنه قال: تداوله في ذلك بضة عشر ربًّا، من ربٍّ إلى ربٍّ حتى أفضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قال غيره: فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم للعتق من قوم من اليهود بكذا وكذا درهمًا، وعلى أن يغرس لهم كذا وكذا من النخل، يعمل فيها سلمان حتى تدرك، فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل كلها بيده، فأطعمت النخل من عامها.

وأوَّل مشاهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ولم يَفُته بعد ذلك مشهد معه. وقد قيل: إنه شهد بدرًا وأحدًا، والأوَّل أعرف. وكان خيِّرًا فاضلًا حَبرًا عالِمًا زاهدًا متقشفًا. روي عن الحسن أنه قال: كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به، ويأكل من عمل يده، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها.

وذكر ابن وهب، وابن نافع عن مالك قال: كان سلمان يعمل الخوص بيده فيعيش منه، ولا يقبل من أحد شيئًا، قال: ولم يكن له بيت، إنما كان يستظل بالجدر والشجر، وإن رجلًا قال له: ألا أبني لك بيتًا تسكن فيه؟ فقال: ما لي به حاجة، فما زال به الرجل حتى قال له: إني أعرف البيت الذي يوافقك، قال: فصفه لي. فقال: أبني لك بيتًا إذا أنت قمت فيه أصاب رأسك سقفه، وإذا أنت مددت رجليك أصابك الجدار. قال: نعم، فبني له.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو كان الدين في الثريا لناله سلمان (1). وفي رواية: رجال من الفرس (2). وقالت عائشة رضي الله عنها: كان لسلمان

(1) رواه أحمد (2/ 417)، والبخاري (4898)، ومسلم (2546)(231)، والترمذي (3310).

(2)

رواه أحمد (2/ 296 - 297).

ص: 463

مَأخَذَهَا. قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكرٍ: تَقُولُونَ هَذَا لِشَيخِ قُرَيشٍ وَسَيِّدِهِم؟ فَأَتَى

ــ

مجلسٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفردُ به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله أمرني أن أحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم: علي، وأبو ذر، والمقداد، وسلمان (1). وقال أبو هريرة: سلمانُ صاحب الكتابين، وقال عليٌّ: سلمان عَلِمَ العلمَ الأول والآخر، بحر لا ينزف، هو منَّا أهل البيت. وقال عليٌّ رضي الله عنه أيضًا: سلمان الفارسي مثل لقمان الحكيم. وله أخبار حِسان، وفضائلُ جَمَّة. توفي سلمان رضي الله عنه في آخر خلافة عثمان رضي الله عنه سنة خمس وثلاثين، وقيل: مات بل سَنةَ ستٍّ في أولها، وقد قيل: توفي في خلافة عمر، والأوَّلُ أكثر. قال الشعبيُّ: توفي بالمدائن، وكان من المعمرين، أدرك وصيَّ (2) عيسى ابن مريم، وعاش مائتين وخمسين سنة، وقيل: ثلاثمائة وخمسين سنة. قال أبو الفرج: والأول أصح، وجملةُ ما حُفِظ له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستون حديثًا، أخرج له منها في الصحيحين سبعة.

وأما صُهيب، فهو ابنُ سنان بن خالد بن ع د عمرو - من العرب - بن النمر بن ساقط، كان أبوه عاملًا لكسرى على الأُبُلَّة، وكانت منازلُهم بأرض الموصل في قرية على شطِّ الفرات، مما يلي الجزيرة والموصل، فأغارت الروم على تلك الناحية فسبت صُهيبًا، وهو غلام صغير، فنشأ صهيب بالروم، فصار ألكن، فابتاعته منه كلب، ثم قدمت به مكة، فاشتراه عبد الله بن جُدعان، فأعتقه، فأقام بمكة حتى هلك ابن جُدعان، وبُعِث النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم هو وعمار بن ياسر في يوم واحدٍ بعد بضعة وثلاثين رجلًا، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لحقه صُهيب، فقالت له قريش حين خرج يريدُ الهجرة: أتفجعنا بنفسك ومالك؟ فدلَّهم على ماله، فتركوه، فلما رآه النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال له: ربح البيعُ أبا يحيى. فأنزل الله عز وجل في أمره:

(1) رواه الترمذي (3718)، وابن ماجه (149).

(2)

انظر: قصة إسلام سلمان في أسد الغابة لابن الأثير (2/ 417).

ص: 464

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشرِي نَفسَهُ ابتِغَاءَ مَرضَاتِ اللَّهِ} الآية (1).

وروي عنه أنه قال: صحبتُ النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يُوحى إليه.

ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآَخر فليحبَّ صهيبًا حُبَّ الوالدة ولدَها (2).

وقال صلى الله عليه وسلم: صهيب سابقُ الروم، وسلمان سابقُ فارس، وبلال سابقُ الحبشة (3). وإنما نسبه النبيُّ صلى الله عليه وسلم للروم لما ذكر أنه نشأ فيهم صغيرًا، وتلقَّف لسانهم.

وقد تقدَّم ذِكرُ نسبه.

وقال له عمر: ما لك يا صهيب تُكنى أبا يحيى، وليس لك ولد، وتزعم أنك من العرب، وتطعم الطعام الكثير، وذلك سرف؟ فقال: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كنَّاني بأبي يحيى، وإني من النمر بن قاسط من أنفسهم، ولكني سُبيت صغيرًا أعقل أهلي وقومي، ولو انفلقت عني روثة لانتميتُ إليها، وأما إطعام الطعام؟ فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: خيارُكم مَن أطعم الطعام، وردَّ (4) السلام (5).

توفي صهيب بالمدينة سنة ثمانٍ وثلاثين في شوّالها، وقيل: سنة تسع، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، ودُفِن بالبقيع.

(1) رواه الحاكم (3/ 398)، وابن حبان (7082). وانظر: جامع الأصول (2/ 37).

(2)

رواه ابن عدي في (الكامل في الضعفاء 7/ 2626).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (12/ 148 و 152)، وعبد الرزاق في مصنفه (11/ 242). وانظر: مجمع الزوائد (9/ 305).

(4)

في (ز): أفشى.

(5)

رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 153)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (392)، وأبو الشيخ كما في الترغيب والترهيب للمنذري (1381).

ص: 465