المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(68) باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب السفينة - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٦

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(32) كتاب الرؤيا

- ‌(1) باب الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان وما يفعل عند رؤية ما يكره

- ‌(2) باب أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا

- ‌(3) باب الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

- ‌(4) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب لا يخبر بتلعب الشيطان به

- ‌(6) باب استدعاء العابر ما يعبر، وتعبير من لم يسأل

- ‌(7) باب فيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

- ‌(33) كتاب النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(1) باب كونه مختارا من خيار الناس في الدنيا وسيدهم يوم القيامة

- ‌(2) باب من شواهد نبوته صلى الله عليه وسلم وبركته

- ‌(3) باب في عصمة الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ممن أراد قتله

- ‌(4) باب ذكر بعض كرامات رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال هجرته وفي غيرها

- ‌(5) باب مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم

- ‌(6) باب مثل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأنبياء

- ‌(7) باب إذا رحم الله أمة قبض نبيها قبلها

- ‌(8) باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الحوض المورود ومن أنه أعطي مفاتيح خزائن الأرض

- ‌(9) باب في عظم حوض النبي صلى الله عليه وسلم ومقداره وكبره وآنيته

- ‌(10) باب شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإمداده بالملائكة

- ‌(11) باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأحسن الناس خلقا

- ‌(12) باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا وقال: لا. وفي كثرة عطائه

- ‌(13) باب في رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال والرقيق

- ‌(14) باب في شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية ضحكه

- ‌(15) باب بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الإثم، وقيامه لمحارم الله عز وجل، وصيانته عما كانت عليه الجاهلية من صغره

- ‌(16) باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم وعرقه ولين مسه

- ‌(17) باب في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفيته

- ‌(18) باب في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخضابه

- ‌(19) باب في حسن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(20) باب في خاتم النبوة

- ‌(21) باب كم كان سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض؟وكم أقام بمكة

- ‌(22) باب عدد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله وأشدهم له خشية

- ‌(24) باب وجوب الإذعان لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه

- ‌(25) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرا له واحتراما

- ‌(26) باب عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخطأ فيما يبلغه عن الله تعالى

- ‌(27) باب كيف كان يأتيه الوحي

- ‌(28) باب في ذكر عيسى ابن مريم عليهما السلام

- ‌(29) باب في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌(30) باب

- ‌(31) باب قصة موسى مع الخضر عليه السلام

- ‌(32) باب في وفاة موسى عليه السلام

- ‌(33) باب في ذكر يونس ويوسف وزكريا عليهم السلام

- ‌(34) باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء

- ‌(35) باب فضائل أبي بكر الصديق واستخلافه رضي الله عنه

- ‌(36) باب فضائل عمر بن الخطاب

- ‌(37) باب فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌(38) باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌(39) باب فضائل سعد بن أبي وقاص

- ‌(40) باب فضائل طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم

- ‌(41) باب فضائل الحسن والحسين

- ‌(42) باب فضائل أهل البيت رضي الله عنهم

- ‌(43) باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد

- ‌(44) باب فضائل عبد الله بن جعفر

- ‌(45) باب فضائل خديجة بنت خويلد

- ‌(46) باب فضائل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون

- ‌(47) باب ذكر حديث أم زرع

- ‌(48) باب فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(49) باب فضائل أم سلمة وزينب زوجي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(50) باب فضائل أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم، أم أنس بن مالك

- ‌(51) باب فضائل أبي طلحة الأنصار

- ‌(52) باب فضائل بلال بن رباح

- ‌(53) باب فضائل عبد الله بن مسعود

- ‌(54) باب فضائل أبي بن كعب

- ‌(55) باب فضائل سعد بن معاذ

- ‌(56) باب فضائل أبي دجانة سماك بن خرشة، وعبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌(57) باب فضائل جليبيب

- ‌(58) باب فضائل أبي ذر الغفاري

- ‌(59) باب فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(60) باب فضائل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر

- ‌(61) باب فضائل أنس بن مالك

- ‌(62) باب فضائل عبد الله بن سلام

- ‌(63) باب فضائل حسان بن ثابت

- ‌(64) باب فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(65) باب قصة حاطب بن أبي بلتعة وفضل أهل بدر وأصحاب الشجرة

- ‌(66) باب في فضائل أبي موسى الأشعري والأشعريين

- ‌(67) باب فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌(68) باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب السفينة

- ‌(69) باب فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما

- ‌(70) باب فضائل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(71) باب خير دور الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(72) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم

- ‌(73) باب فضل مزينة وجهينة وأشجع وبني عبد الله

- ‌(74) باب ما ذكر في طيئ ودوس

- ‌(75) باب ما ذكر في بني تميم

- ‌(76) باب خيار الناس

- ‌(77) باب ما ورد في نساء قريش

- ‌(78) باب في المؤاخاة التي كانت بين المهاجرين والأنصار

- ‌(79) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أمنة لأصحابي وأصحابي أمنة لأمتي

- ‌(80) باب خير القرون قرن الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم

- ‌(81) باب وجوب احترام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن سبهم

- ‌(82) باب ما ذكر في فضل أويس القرني رضي الله عنه

- ‌(83) باب ما ذكر في مصر وأهلها وفي عمان

- ‌(84) باب في ثقيف كذاب ومبير

- ‌(85) باب ما ذكر في فارس

- ‌(86) باب

- ‌(34) كتاب البر والصلة

- ‌(1) باب في بر الوالدين وما للأم من البر

- ‌(2) باب ما يتقى من دعاء الأم

- ‌(3) باب المبالغة في بر الوالدين عند الكبر وبر أهل ودهما

- ‌(4) باب في البر والإثم

- ‌(5) باب في وجوب صلة الرحم وثوابها

- ‌(6) باب النهي عن التحاسد والتدابر والتباغض وإلى كم تجوز الهجرة

- ‌(7) باب النهي عن التجسس والتنافس والظن السيئ وما يحرم على المسلم من المسلم

- ‌(8) باب لا يغفر للمتشاحنين حتى يصطلحا

- ‌(9) باب التحاب والتزاور في الله عز وجل

- ‌(10) باب في ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا

- ‌(11) باب الترغيب في عيادة المرضى وفعل الخير

- ‌(12) باب تحريم الظلم والتحذير منه وأخذ الظالم

- ‌(13) باب الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

- ‌(14) باب من استطال حقوق الناس اقتص من حسناته يوم القيامة

- ‌(15) باب النهي عن دعوى الجاهلية

- ‌(16) باب مثل المؤمنين

- ‌(17) باب تحريم السباب والغيبة ومن تجوز غيبته

- ‌(18) باب الترغيب في العفو والستر على المسلم

- ‌(19) باب الحث على الرفق ومن حرمه حرم الخير

- ‌(20) باب لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا والتغليظ على من لعن بهيمة

- ‌(21) باب لم يبعث النبي صلى الله عليه وسلم لعانا وإنما بعث رحمة، وما جاء من أن دعاءه على المسلم أو سبه له طهور وزكاة ورحمة

- ‌(22) باب ما ذكر في ذي الوجهين وفي النميمة

- ‌(23) باب الأمر بالصدق والتحذير عن الكذب وما يباح منه

- ‌(24) باب ما يقال عند الغضب ومدح من يملك نفسه عنده

- ‌(25) باب النهي عن ضرب الوجه وفي وعيد الذين يعذبون الناس

- ‌(26) باب النهي أن يشير الرجل بالسلاح على أخيه والأمر بإمساك السلاح بنصولها

- ‌(27) باب ثواب من نحى الأذى عن طريق المسلمين

- ‌(28) باب عذبت امرأة في هرة

- ‌(29) باب في عذاب المتكبر والمتألي على الله، وإثم من قال: هلك الناس، ومدح المتواضع الخامل

- ‌(30) باب الوصية بالجار وتعاهده بالإحسان

- ‌(31) بَابُ فضل السعي على الأَرمَلَةِ وكفالة اليَتِيمِ

- ‌(32) باب التحذير من الرياء والسمعة ومن كثرة الكلام ومن الإجهار

- ‌(33) بَابُ تغليظ عُقُوبَةِ مَن أمر بِمَعرُوف وَلم يَأته وَنهَى عَن المُنكَرِ وأتاه

- ‌(34) بَابُ في تَشمِيتِ العَاطِسِ إذا حمد الله تعالى

- ‌(35) باب في التثاؤب وكظمه

- ‌(36) باب كراهية المدح وفي حثو التراب في وجوه المداحين

- ‌(37) باب ما جاء أن أمر المسلم كله له خير ولا يلدغ من جحر مرتين

- ‌(38) باب اشفعوا تؤجروا ومثل الجليس الصالح والسيئ

- ‌(39) باب ثواب من ابتلي بشيء من البنات وأحسن إليهن

- ‌(40) باب من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم

- ‌(41) باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده والأرواح أجناد

- ‌(42) باب المرء مع من أحب وفي الثناء على الرجل الصالح

- ‌(35) كتاب القدر

- ‌(1) باب في كيفية خلق ابن آدم

- ‌(2) باب السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه

- ‌(3) باب كل ميسر لما خلق له

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا}

- ‌(5) باب الأعمال بالخواتيم

- ‌(6) باب محاجة آدم موسى عليهما السلام

- ‌(7) باب كتب الله المقادير قبل الخلق وكل شيء بقدر

- ‌(8) باب تصريف الله تعالى القلوب وكتب على ابن آدم حظه من الزنا

- ‌(9) باب كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم، وفي الغلام الذي قتله الخضر

- ‌(10) باب الآجال محدودة والأرزاق مقسومة

- ‌(11) باب الأمر بالتقوى والحرص على ما ينفع وترك التفاخر

- ‌(36) كتاب العلم

- ‌(1) باب فضل من تعلم وتفقه في القرآن

- ‌(2) باب كراهة الخصومة في الدين والغلو في التأويل والتحذير من اتباع الأهواء

- ‌(3) باب كيفية التفقه في كتاب الله والتحذير من اتباع ما تشابه منه وعن المماراة فيه

- ‌(4) باب إثم من طلب العلم لغير الله

- ‌(5) باب طرح العالم المسألة على أصحابه ليختبرهم والتخول بالموعظة والعلم خوف الملل

- ‌(6) باب النهي عن أن يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء غير القرآن ونسخ ذلك

- ‌(7) باب في رفع العلم وظهور الجهل

- ‌(8) باب في كيفية رفع العلم

- ‌(9) باب ثواب من دعا إلى الهدى أو سن سنة حسنة

- ‌(10) باب تقليل الحديث حال الرواية وتبيانه

- ‌(11) باب تعليم الجاهل

الفصل: ‌(68) باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب السفينة

(68) باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب السفينة

[2410]

عَن أَبِي مُوسَى قَالَ: بَلَغَنَا مَخرَجُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحنُ

ــ

ولذلك لم يُخرَّج عنه البخاريُّ، وإنَّما أخرج عنه مسلم، لأنَّه قد قال فيه يحيى بن معين: هو ثقة. وقال أبو محمد علي بن أحمد الحافظ: هذا حديث موضوع، لا شك في وضعه، والآفة فيه من عكرمة بن عمار، قال بعضهم: ومما يحقق الوهم في هذا الحديث قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: أريد أن تؤمرني. فقال له: نعم. ولم يسمع قط أن النبي صلى الله عليه وسلم أمَّر أبا سفيان على أحد إلى أن توفي، فكيف يخلف النبي صلى الله عليه وسلم الوعد؟ هذا ما لا يجوز عليه.

قلت: قد تأوَّل بعض من صحَّ عنده ذلك الحديث، بأن قال: إن أبا سفيان إنما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجدد معه عقدًا على ابنته المذكورة ظنًّا منه أن ذلك يصح، لعدم معرفته بالأحكام الشرعية، لحداثة عهده بالإسلام، واعتذر عن عدم تأميره مع وعده له بذلك، لأنَّ الوعد لم يكن مؤقتًا، وكان يرتقب إمكان ذلك فلم يتيسر له ذلك إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لعلَّه ظهر له مانع شرعي منعه من توليته الشرعية، وإنَّما وعده بإمارة شرعية فتخلَّف لتخلُّف شرطها، والله تعالى أعلم.

(68)

ومن باب: فضائل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه

يكنى: أبا عبد الله، كان أكبر من عليٍّ أخيه رضي الله عنهما بعشر سنين، وكان من المهاجرين الأوَّلين، هاجر إلى أرض الحبشة، وقدم منها على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر، فتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم وعانقه، وقال: ما أدري بأيُّهما

ص: 457

بِاليَمَنِ، فَخَرَجنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيهِ، أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصغَرُهُمَا، أَحَدُهُمَا

ــ

أنا أشد فرحًا، بقدوم جعفر، أم بفتح خيبر؟ (1). وكان قدومه من الحبشة في السنة السَّابعة من الهجرة، واختطَّ له النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنب المسجد، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أشبهت خَلقِي وخُلُقي (2). ثم غزا غزوة مؤتة، وذلك في سنة ثمان من الهجرة، فقتل فيها بعد أن قاتل فيها حتى قطعت يداه جميعًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء (3). فمن هنالك قيل له: ذو الجناحين. ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم نعي جعفر أتى امرأته أسماء بنت عميس، فعزَّاها في زوجها، فدخلت فاطمة تبكي وهي تقول: واعماه! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: على مثل جعفر فلتبك البواكي (4).

وأما أسماء فهي: ابنة عميس بن معدِّ بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك الخثعمية، من خثعم أنمار، وهي أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت لبابة - أم الفضل - زوجة العباس، وأخت أخواتها، وهن: تسع، وقيل: عشر. هاجرت أسماء مع زوجها جعفر إلى أرض الحبشة، فولدت له هنالك محمدًا، وعبد الله، وعوفًا، ثم هاجرت إلى المدينة. فلما قتل جعفر، تزوجها أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما، وولدت له محمد بن أبي بكر، ثم مات عنها فتزوجها علي بن أبي طالب، فولدت يحيى بن عليٍّ، لا خلاف في ذلك، وقيل: كانت أسماء بنت عميس تحت حمزة بن عبد المطلب، فولدت له ابنة

(1) رواه الحاكم (2/ 624 و 3/ 208)، وابن أبي ثيبة (12/ 106 و 14/ 349).

(2)

رواه أحمد (1/ 98 - 99)، والحاكم (3/ 120) من حديث علي. ورواه البخاري (2699)، والترمذي (3765) من حديث البراء.

(3)

خرَّجه البغوي في معجمه، وأبو عمر في الاستيعاب (1/ 210)، وابن الأثير في أسد الغابة (1/ 343). وانظر: ذخائر العقبي ص (217).

(4)

ذكره ابن الأثير في أسد الغابة (1/ 343)، وأبو عمر في الاستيعاب (على هامش الإصابة)(1/ 211).

ص: 458

أَبُو بُردَةَ وَالآخَرُ أَبُو رُهمٍ - إِمَّا قَالَ: بِضعًا، وَإِمَّا قَالَ: ثَلَاثَةً وَخَمسِينَ أَو اثنَينِ وَخَمسِينَ رَجُلًا مِن قَومِي - قَالَ: فَرَكِبنَا سَفِينَةً، فَأَلقَتنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالحَبَشَةِ، فَوَافَقنَا جَعفَرَ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصحَابَهُ عِندَهُ. فَقَالَ جَعفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنَا هَاهُنَا وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ، فَأَقِيمُوا مَعَنَا، قال: فَأَقَمنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمنَا جَمِيعًا، قَالَ: فَوَافَقنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ افتَتَحَ خَيبَرَ، فَأَسهَمَ لَنَا - أَو قَالَ أَعطَانَا مِنهَا - وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَن فَتحِ خَيبَرَ مِنهَا شَيئًا إِلَّا لِمَن شَهِدَ مَعَهُ، إِلَّا لِأَصحَابِ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعفَرٍ وَأَصحَابِهِ، قَسَمَ لَهُم مَعَهُم. قَال: فَكَانَ نَاسٌ مِن النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا - يَعنِي لِأَهلِ السَّفِينَةِ -: سَبَقنَاكُم بِالهِجرَةِ! قَالَ: فَدَخَلَت أَسمَاءُ بِنتُ عُمَيسٍ - وَهِيَ مِمَّن قَدِمَ مَعَنَا - عَلَى حَفصَةَ زَوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَائِرَةً - وَقَد كَانَت هَاجَرَت إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَن هَاجَرَ إِلَيهِ - فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفصَةَ وَأَسمَاءُ عِندَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسمَاءَ: مَن هَذِهِ؟ قَالَت أَسمَاءُ بِنتُ عُمَيسٍ: قَالَ عُمَرُ:

ــ

تسمى: أمة الله. وقيل: أمامة، ثم خلف عليها بعده شداد بن الهادي الليثي، فولدت له: عبد الله وعبد الرحمن، ثم خلف عليها بعده جعفر، ثم كان الأمر كما ذكر.

و(قول أبي موسى: إما قال: بضعة، وإما قال: ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلًا؟ ) كذا صواب الرواية فيه بإثبات هاء التأنيث في بضعة، لأنَّه عدد مذكر، وبالنصب على الحال من: خرجنا المذكور، وإما: موطئة للشك، وما بعدها معطوف عليها مشكوك فيه، وقد وقع في بعض النسخ، إما قال: بضع - بإسقاط الهاء - وبالرفع مع نصب: وخمسين، وذلك لحن واضح، والأول الصواب.

ص: 459

الحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ البَحرِيَّةُ هَذِهِ؟ فَقَالَت أَسمَاءُ: نَعَم، فَقَالَ عُمَرُ: سَبَقنَاكُم بِالهِجرَةِ فَنَحنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنكُم فَغَضِبَت، وَقَالَت: كَلِمَةً كَذَبتَ يَا عُمَرُ! كَلَّا وَاللَّهِ كُنتُم مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطعِمُ جَائِعَكُم، وَيَعِظُ جَاهِلَكُم، وَكُنَّا فِي دَارِ - أَو فِي أَرضِ - البُعَدَاءِ البُغَضَاءِ فِي الحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ، وَايمُ اللَّهِ لَا أَطعَمُ طَعَامًا، وَلَا أَشرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذكُرَ مَا قُلتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحنُ كُنَّا نُؤذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذكُرُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَسأَلُهُ، وَوَاللَّهِ! لَا أَكذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ.

ــ

و(قول عمر: الحبشية هذه؟ البحرية هذه؟ ) نسبها إلى الحبشة لمقامها فيهم، وللبحر لمجيئها فيه، وهو استفهامٌ قصد به المطايبة والمباسطة، فإنه كان قد علم من هي حين رآها.

و(قول عمر: سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم)، صدر هذا القول من عمر رضي الله عنه على جهة الفرح بنعمة الله، والتحدُّث بها، لما علم من عظيم أجر السَّابق للهجرة. ورفعه درجته على اللاحق، لا على جهة الفخر والترفع، فإنَّ عمر رضي الله عنه منزه عن ذلك، ولما سمعت أسماء ذلك، غضبت غضب منافسة في الأجر وغيره على جهة السَّبق، فقالت: كذبت يا عمر! أي: أخطأت في ظنك، لا أنها نسبته إلى الكذب الذي يأثم قائله، وكثيرًا ما يطلق الكذب بمعنى الخطأ، كما قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: كذب أبو محمد (1)، لما زعم أن الوتر واجب.

و(قولها: كلا والله) أي: لا يكون ذلك، فهي نفيٌ لما قال، وزجر عنه، وهذا أصل كلا، وقد تأتي للاستفتاح بمعنى ألا. والبُعداء: جمع بعيد. والبغضاء: جمع بغيض، كظريف وظرفاء، وشريف وشرفاء.

(1) هو مسعود بن زيد، واسمه: أبو محمد الأنصاري. انظر: أسد الغابة (5/ 161).

ص: 460

قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيسَ بِأَحَقَّ بِي مِنكُم، لَهُ وَلِأَصحَابِهِ هِجرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُم أَنتُم أَهلَ السَّفِينَةِ هِجرَتَانِ، قَالَت: فَلَقَد رَأَيتُ أَبَا مُوسَى وَأَصحَابَ السَّفِينَةِ يَأتُونِي أَرسَالًا، يَسأَلُونِي عَن هَذَا الحَدِيثِ، مَا مِن الدُّنيَا شَيءٌ هُم بِهِ أَفرَحُ وَلَا أَعظَمُ فِي أَنفُسِهِم مِمَّا قَالَ لَهُم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رواه البخاريُّ (4230)، ومسلم (2502).

* * *

ــ

و(قوله صلى الله عليه وسلم: ليس أحق بي منكم) يعني في الهجرة لا مطلقًا. وإلا فمرتبة عمر رضي الله عنه وخصوصية صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم معروفة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: له ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أهل السفينة هجرتان. وسبب ذلك أن عمر وأصحابه هاجروا من مكة إلى المدينة هجرة واحدة في طريق واحد، وهاجر جعفر وأصحابه إلى أرض الحبشة، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، ثم إنهم لما سمعوا بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ابتدؤوا هجرة أخرى إليه، فتكرر الأجر بحسب تكرار العمل والمشقة في ذلك.

و(قولها: يأتوني أرسالًا)، أي: متتابعين جماعة بعد جماعة، وواحد الأرسال: رسل، كأحمال جمع حمل. يقال: جاءت الخيل أرسالًا، أي: قطعة قطعة، ففيه قبول أخبار الآحاد، وإن كان خبر امرأة، وفيما ليس طريقا للعمل، والاكتفاء بخبر الواحد المفيد لغلبة الظن مع التمكن من الوصول إلى اليقين، فإنَّ الصحابة رضي الله عنهم اكتفوا بخبرها، ولم يراجعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء من ذلك، وخبرها يفيد ظن صدقها، لا العلم بصدقها، فافهم هذا.

و(قولها: ما من الدنيا شيءٌ هُم أفرح به، ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم) تعني: ما من الدنيا شيء يحصل به ثواب عند الله تعالى هو في

ص: 461