الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جِئتُ قَالَت: مَا حَبَسَكَ؟ قُلتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَةٍ! قَالَت: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلتُ: إِنَّهَا سِرٌّ! قَالَت: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدًا! قَالَ أَنَسٌ: وَاللَّهِ لَو حَدَّثتُ بِهِ أَحَدًا لَحَدَّثتُكَ به يَا ثَابِتُ.
رواه أحمد (3/ 109)، ومسلم (2482)(145).
* * *
(62) باب فضائل عبد الله بن سلام
[2392]
عن سَعدٍ بن أبي وقاص قَالَ: مَا سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِحَيٍّ يَمشِي إِنَّهُ فِي الجَنَّةِ إِلَّا لِعَبدِ اللَّهِ بنِ سَلَامٍ.
رواه أحمد (1/ 169)، والبخاريّ (3812)، ومسلم (2483)(147).
ــ
وفائدته تعليمهم السلام وتمرينهم على فعله وإفشاؤه في الصغار كما يفشى في الكبار.
وكتمان أنس سرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمه دليل على كمال عقله وفضله وعلمه مع صغر سنه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
(62)
ومن باب: فضائل عبد الله بن سلام
ابن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري، وهو من ولد يوسف بن يعقوب، وكان اسمه في الجاهلية الحصين فسمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وتوفي في خلافة معاوية سنة ثلاث وأربعين، أسلم إذ قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة.
وجملة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرون حديثًا، أخرج له في الصحيحين حديثان، وقد تقدم اختلاف اللغويين في حَلَقة هل يقال بسكون اللام أو بفتحها؟
[2393]
عَن خَرَشَةَ بنِ الحُرِّة قَالَ: كُنتُ جَالِسًا فِي حَلَقَةٍ فِي مَسجِدِ المَدِينَةِ. قَالَ: وَفِيهَا شَيخٌ حَسَنُ الهَيئَةِ، وَهُوَ عَبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ. قَالَ: فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُم حَدِيثًا حَسَنًا. قَالَ: فَلَمَّا قَامَ قَالَ القَومُ: مَن سَرَّهُ أَن يَنظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِن أَهلِ الجَنَّةِ فَليَنظُر إِلَى هَذَا! قَالَ: فَقُلتُ: وَاللَّهِ لَأَتبَعَنَّهُ فَلَأَعلَمَنَّ مَكَانَ بَيتِهِ! قَالَ: فَتَبِعتُهُ، فَانطَلَقَ حَتَّى كَادَ أَن يَخرُجَ مِن المَدِينَةِ، ثُمَّ دَخَلَ مَنزِلَهُ. قَالَ: فَاستَأذَنتُ عَلَيهِ فَأَذِنَ لِي، فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ يَا ابنَ أَخِي؟ قَالَ: فَقُلتُ لَهُ: سَمِعتُ القَومَ يَقُولُونَ لَكَ لَمَّا قُمتَ: مَن سَرَّهُ أَن يَنظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِن أَهلِ الجَنَّةِ فَليَنظُر إِلَى هَذَا - فَأَعجَبَنِي أَن أَكُونَ مَعَكَ! قَالَ: اللَّهُ أَعلَمُ بِأَهلِ الجَنَّةِ، وَسَأُحَدِّثُكَ مِمَّ قَالُوا ذَلكَ: إِنِّي بَينَمَا أَنَا نَائِمٌ إِذ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي: قُم! فَأَخَذَ بِيَدِي، فَانطَلَقتُ مَعَهُ. قَالَ: فَإِذَا أَنَا بِجَوَادَّ عَن شِمَالِي. قَالَ: فَأَخَذتُ لِآخُذَ فِيهَا، فَقَالَ لِي: لَا تَأخُذ فِيهَا فَإِنَّهَا طُرُقُ أَصحَابِ الشِّمَالِ. قَالَ: فَإِذَا جَوَادُّ مَنهَجٌ عَن يَمِينِي، فَقَالَ لِي: خُذ هَا هُنَا! قال: فَأَتَى جَبَلًا فَقَالَ لِيَ: اصعَد. قَالَ: فَجَعَلتُ إِذَا أَرَدتُ أَن أَصعَدَ خَرَرتُ عَلَى استِي! قَالَ: حَتَّى فَعَلتُ ذَلِكَ مِرَارًا. قَالَ: ثُمَّ انطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَى بِي عَمُودًا رَأسُهُ فِي السَّمَاءِ وَأَسفَلُهُ فِي الأَرضِ، فِي أَعلَاهُ حَلقَةٌ، فَقَالَ لِيَ: اصعَد فَوقَ هَذَا. قَالَ: قُلتُ: كَيفَ أَصعَدُ هَذَا وَرَأسُهُ فِي السَّمَاءِ؟ قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَلَ بِي. قَالَ: فَإِذَا أَنَا مُتَعَلِّقٌ بِالحَلقَةِ، فضَرَبَ العَمُودَ
ــ
و(قوله: فإذا جواد منهج)، الجواد: جمع جادة مشدد الدال، وهي الطريق، ومنهج مرفوع على الصفة، أي: جوادُّ ذوات منهج، أي استقامة ووضوح، والمنهج: الطريق الواضح، وكذلك المنهاج والنهج، وأنهج الطريق أي استبان ووضح، ونهجته أنا أوضحته، ويقال أيضًا: نهجت الطريق - إذا سلكته.
و(قوله: فزجل بي) تُروى بالجيم وبالحاء المهملة؛ فبالجيم معناه
فَخَرَّ. قَالَ: وَبَقِيتُ مُتَعَلِّقًا بِالحَلقَةِ، حَتَّى أَصبَحتُ فَأَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَصَصتُهَا عَلَيهِ، فَقَالَ: أَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيتَ عَن يَسَارِكَ فَهِيَ طُرُقُ أَصحَابِ الشِّمَالِ. قَالَ: وَأَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيتَ عَن يَمِينِكَ فَهِيَ طُرُقُ أَصحَابِ اليَمِينِ، وَأَمَّا الجَبَلُ فَهُوَ مَنزِلُ الشُّهَدَاءِ وَلَن تَنَالَهُ، وَأَمَّا العَمُودُ فَهُوَ عَمُودُ الإِسلَامِ، وَأَمَّا العُروَةُ فَهِيَ عُروَةُ الإِسلَامِ، وَلَن تَزَالَ مُتَمَسِّكًا بِهَا حَتَّى تَمُوتَ.
ــ
رمى، يقال: لعن الله أما زَجَلت به، والزَّجلُ: إرسال الحمام، والمِزجَل: المزراق (1) - لأنَّه يُرمى به، فأمَّا زحل فمعناه تنحَّى وتباعد. يقال: زحل عن مكانه حولًا، وتزحَّل: تنحَّى وتباعد، فهو زحل وزحيل. ورواية الجيم أولى وأوضح. والعروة: الشيء المتعلق به حبلًا كان أو غيره. ومنه عروة القميص والدلو، وقال بعضهم: أصله من عروته إذا ألممت به متعلقًا، واعتراه الهمُّ: تعلق به، وقيل: من العروة وهي شجرة تبقى على الجدب، سُميت بذلك لأنَّ الإبل تتعلق بها إلى زمان الخصب، وتجمع العروة: عُرَى. والوثقى: الوثيقة، أي: القوية التي لا انقطاع فيها ولا ضعف، وقد أضاف العروة هنا إلى صفتها فقال: عروة الوثقى، كما قالوا: مسجدُ الجامع، وصلاةُ الأولى.
وإخباره صلى الله عليه وسلم عن عبد الله أنه لا ينال الشهادة وأنه لا يزال على الإسلام حتى يموت خبران عن غيب وقعا على نحو ما أخبر، فإنَّ عبد الله مات بالمدينة ملازمًا للأحوال المستقيمة، فكان ذلك من دلائل صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والنضرة (2) - بالضاد
(1)"المزراق": الرمح القصير.
(2)
لم يرد في التلخيص، ولا في الأم كلمة (النضرة) المشروحة هنا، وإنما وردت في الحديث كلمة (خضرتها). ولعلَّ كلمة الخضرة: هي المقصودة هنا؛ لأن من معانيها: النعمة، ولعلَّ ما ورد في المفهم تصحيف.
وذكر أيضا من حديث قيس بن عبادة نحوه، وهذا أتم إلا أن في حديث قيس قال: رَأَيتُنِي فِي رَوضَةٍ - وذَكَرَ سَعَتَهَا وَعُشبَهَا وَخُضرَتَهَا، وَوَسطَ الرَّوضَةِ عَمُودٌ مِن حَدِيدٍ أَسفَلُهُ فِي الأَرضِ وَأَعلَاهُ فِي السَّمَاءِ، وفِي أَعلَاهُ عُروَةٌ، فَقِيلَ لِي: ارقَه! فَقُلتُ: لَا أَستَطِيعُ! فَجَاءَنِي مِنصَفٌ - قَالَ ابنُ عَونٍ: وَالمِنصَفُ الخَادِمُ - فَقَالَ بِثِيَابِي مِن خَلفِي - وَصَفَ أَنَّهُ رَفَعَهُ مِن خَلفِهِ بِيَدِهِ - فَرَقِيتُ حَتَّى كُنتُ فِي أَعلَى العَمُودِ، فَأَخَذتُ بِالعُروَةِ فَقِيلَ لِيَ: استَمسِك. فَقَد استَيقَظتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي، فَقَصَصتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: تِلكَ الرَّوضَةُ الإِسلَامُ، وَذَلِكَ العَمُودُ عَمُودُ الإِسلَامِ، وَتِلكَ العُروَةُ عُروَةُ الوُثقَى، فَأَنتَ عَلَى الإِسلَامِ حَتَّى تَمُوتَ.
رواه أحمد (5/ 452)، والبخاري (3813)، ومسلم (2484)(148 و 150)، وابن ماجه (3920).
* * *
ــ
المعجمة - النعمة، وقد تقدم، ووسط: رويناه بفتح السين وسكونها، وقد تقدم أن الفتح للاسم والسكون للظرف، وكل موضع صلح فيه بين فهو وسط بالسكون، وإن لم يصلح فيه فهو بالتحريك. قال الجوهري: وربما سكن - وليس بالوجه.
ورقيت بكسر القاف في الماضي وفتحها في المضارع بمعنى صعدت وارتفعت، فأمَّا رقيت - بفتح القاف - فهو من الرُّقية.
والمنصف - بكسر الميم -: الخادم، قاله ابن عون، وقال الأصمعي: والجمع مناصف.
* * *