الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(44) باب فضائل عبد الله بن جعفر
[2338]
عَن مُوَرِّقٍ العِجلِيِّ، عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ جَعفَرٍ قَالَ: كَانَ
ــ
عنه ـ أحب إليه من حيث إنه كان له من أهلية النيابة عنه، والخلافة في أمته ما لم يكن لغيره.
وكانت عائشة رضي الله عنها أحب النساء إليه من حيث إن لها من العلم والفضيلة ما استحقت به أن تفضل على سائر النساء، كما فضل الثريد على سائر الطعام.
وكان أسامة رضي الله عنه أيضًا أحب إليه من حيث إنه كان قد خص بفضائل ومناقب استحق بها أن يكون أحب الموالي إليه، فإنَّه أفضلهم وأجلهم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: أوصيكم به خيرًا، فإنَّه من صالحيكم فأكد الوصية به، ونبَّه على الموجب لذلك، وهو ما يعلمه من صلاحه وفضله، وقد ظهر ذلك عليه، فإنَّه لم يدخل في شيء من الفتن فسلَّمه الله تعالى من تلك المحن، إلى أن توفي في خلافة معاوية سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين رضي الله عنه.
(44)
ومن باب: فضائل عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما
يكنى: أبا جعفر، وأمه: أسماء بنت عميس، ولدته بأرض الحبشة، وهو أول مولود من المسلمين وُلد بها، وتوفي بالمدينة سنة ثمانين، وهو ابن تسعين سنة، وكان عبد الله كريمًا جوادًا، طريفًا، حليمًا، عفيفًا، سخيًّا، يُسمَّى: بحر الجود. يقال: إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه، وعوتب في ذلك فقال: إن الله عوَّدني عادة، وعوَّدت الناسَ عادة، وأنا أخاف إن قطعتها قُطِعَت عني. وأخباره في الجود شهيرة، وفضائله كثيرة، وجملة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرون حديثًا. أخرج له منها في الصحيحين حديثان.
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِصِبيَانِ أَهلِ بَيتِهِ قَالَ: وَإِنَّهُ قَدِمَ مِن سَفَرٍ فَسُبِقَ بِي إِلَيهِ، فَحَمَلَنِي بَينَ يَدَيهِ، ثُمَّ جِيءَ بِأَحَدِ ابنَي فَاطِمَةَ، فَأَردَفَهُ خَلفَهُ، قَالَ: فَأُدخِلنَا المَدِينَةَ ثَلَاثَةً عَلَى دَابَّةٍ.
رواه أحمد (4/ 5)، ومسلم (2428)(66 و 67)، وأبو داود (2566)، وابن ماجه (3773).
[2339]
وعنه قال: أَردَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَومٍ خَلفَهُ فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِن النَّاسِ.
رواه مسلم (2429)(68)، وأبو داود (2529).
* * *
ــ
و(قوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلُقِّيَ بصبيان أهل بيته) إنما كانوا يتلقونه بصبيان بيته لما يعلمونه من محبته لهم، ومن تعلق قلبه بهم، ولفرط فرح الصغار برؤيته، ولتنالهم بوادر بركته.
و(قوله: فَسُبِق بي إليه، فحملني بين يديه) يدل على: أن عبد الله بن جعفر من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرًا، ويدل على محبة النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن جعفر وعلى شدة تهممه به، وإكرامه له، وكان صلى الله عليه وسلم يخصُّ ولد جعفر بزيادة احترام وإكرام جَبرًا لهم، وشفقة عليهم، إذ كان أبوهم جعفر قتل بمؤتة شهيدًا رضي الله عنه، وقد تقدَّم القول على ركوب ثلاثة على دابة.
و(قوله: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم فأسرَّ إلي حديثًا لا أحدث به أحدًا) دليل على علو مكانته عند النبي صلى الله عليه وسلم وكمال فضله، وأهليته لأن يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم موضع سرِّه، وهذه أهلية شريفة، وفضيلة منيفة.