الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(37) باب ما جاء أن أمر المسلم كله له خير ولا يلدغ من جحر مرتين
[2555]
عَن صُهَيبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَجَبًا لِأَمرِ المُؤمِنِ، إِنَّ أَمرَهُ كُلَّهُ له خَيرٌ، وَلَيسَ ذَلكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلمُؤمِنِ، إِن أَصَابَتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ، وَإِن أَصَابَتهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ وكَانَ خَيرًا لَهُ.
رواه أحمد (4/ 332)، ومسلم (2999).
ــ
(37)
ومن باب ما جاء أن أمر المؤمن كله له خير، ولا يلدغ من جحر مرتين (1)
(قوله: عجبا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله له خير) المؤمن هنا هو العالم بالله، الراضي بأحكامه، العامل على تصديق موعوده، وذلك أن المؤمن المذكور إما أن يبتلى بما يضره، أو بما يسره، فإن كان الأول صبر واحتسب ورضي، فحصل على خير الدنيا والآخرة وراحتهما، وإن كان الثاني، عرف نعمة الله عليه ومنته فيها، فشكرها وعمل بها، فحصل على نعيم الدنيا ونعيم الآخرة.
و(قوله: وليس ذلك إلا للمؤمن) أي المؤمن الموصوف بما ذكرته؛ لأنه إن لم يكن كذلك لم يصبر على المصيبة ولم يحتسبها، بل يتضجر ويتسخط، فينضاف إلى مصيبته الدنيوية مصيبته في دينه، وكذلك لا يعرف النعمة ولا يقوم بحقها ولا يشكرها، فتنقلب النعمة نقمة والحسنة سيئة - نعوذ بالله من ذلك -.
(1) هذا العنوان لم يرد في نسخ المفهم جميعها، واستدركناه من التلخيص.
[2556]
وعَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يُلدَغُ المُؤمِنُ مِن جُحرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَينِ.
رواه أحمد (2/ 379)، والبخاري (6133)، ومسلم (2998)، وأبو داود (4862)، وابن ماجه (3982).
* * *
ــ
و(قوله صلى الله عليه وسلم: لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) هذا مثل صحيح، وقول بليغ ابتكره النبي صلى الله عليه وسلم من فوره، ولم يُسمع من غيره، وذلك أن السبب الذي أصدره عنه هو: أن أبا عزيز بن عمير، الشاعر، أخا مصعب بن عمير، كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويؤذيه، ويؤذي المسلمين. فأمكن الله تعالى منه يوم بدر. فأُخذ أسيرا، وجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يمن عليه، ولا يعود لشيء مما كان يفعله، فمنّ النبي صلى الله عليه وسلم عليه فأطلقه، فرجع إلى مكة، وعاد إلى أشد مما كان عليه، فلما كان يوم أحد، أمكن الله منه، فأسر، فأُحضر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يمُن عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين، والله لا تمسح عارضيك بمكة أبدا. فأمر بقتله.
وأصل هذا المثل أن الذي يُلدغ من جحر لا يعيد يده إليه أبدا، إذا كان فطنا حذرا، بل ولا لما يشبهه، فكذلك المؤمن لكياسته، وفطانته وحذره، إذا وقع في شيء مما يضره في دينه أو دنياه، لا يعود إليه. والرواية المعروفة: لا يلدغ بضم الغين، وكذلك قرأته على الخبر، وهو الذي يشهد له سبب الخبر ومساقه، وقد قيده بعضهم بسكون الغين على النهي، وفيه بُعد.
* * *