الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(34) كتاب البر والصلة
(1) باب في بر الوالدين وما للأم من البر
[2454]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَن؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَن؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَن؟ قَالَ: أَبُوكَ.
ــ
(34)
كتاب البر والصلة
(1)
ومن باب: بر الوالدين
(قوله: من أحق الناس بحسن صحابتي) أحق: أولى وأوكد، والصحابة: الصحبة، يقال: صحبه يصحبه صحبة وصحابة.
و(قوله: أمك ثلاث مرات، وفي الرابعة: أبوك) يدلّ على صحَّة قول من قال: إن للأم ثلاثة أرباع البر، وللأب ربعه، ومعنى ذلك: أن حقهما - وإن كان واجبا - فالأم تستحق الحظ الأوفر من ذلك، وفائدة ذلك المبالغة في القيام بحق الأم، وأن حقها مقدم عند تزاحم حقها وحقه.
وفي رواية: ثم أدناك أدناك
رواه أحمد (2/ 327)، والبخاريُّ (5971)، ومسلم (2548)(1 و 2)، وابن ماجه (2706).
[2455]
وعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمر قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَستَأذِنُهُ فِي الجِهَادِ، فَقَالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قَالَ: نَعَم. قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِد.
ــ
و(قوله: ثم أدناك أدناك) يعني: أنك إذا قمت ببر الأبوين تعين عليك القيام بصلة رحمك، وتبدأ منهم بالأقرب إليك نسبا فالأقرب، وهذا كله عند تزاحم الحقوق، وأما عند التمكن من القيام بحقوق الجميع، فيتعين القيام بجميع ذلك.
و(قوله: أما وأبيك لتنبأنه (1)) قد تقدم الكلام في الأيمان على بالأب عند قوله: أفلح وأبيه إن صدق (2). ولتنبأن: لتخبرن بذلك، والهاء للسكت، ويحتمل: أن تكون ضمير المصدر الذي دل عليه لتنبأن.
و(قوله: جاء رجل يستأذنه في الجهاد. فقال: ألك أبوان؟ قال: نعم) فيه ما يدلّ على أن المفتي إذا خاف على السائل الغلط، أو عدم الفهم تعين عليه الاستفصال، وعلى أن الفروض والمندوبات مهما اجتمعت قدم الأهم منها، وأن القائم على الأبوين يكون له أجر مجاهد وزيادة.
و(قوله: ففيهما فجاهد) أي: جاهد نفسك في برهما وطاعتهما، فهو الأولى بك، لأنَّ الجهاد فرض كفاية، وبر الوالدين فرض عين، فلو تعين الجهاد
(1) لم تَردْ هذه العبارة في التلخيص، وانما وردتْ في الأم برقم (2548)(3).
(2)
رواه أحمد (1/ 162)، والبخاري (46)، ومسلم (11).
رواه أحمد (2/ 188)، والبخاريُّ (3004)، ومسلم (2549)(5)، والترمذيُّ (1671)، والنسائي (6/ 10).
[2456]
وعنه قال: أَقبَلَ رَجُلٌ إِلَى النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الهِجرَةِ وَالجِهَادِ، أَبتَغِي الأَجرَ مِن اللَّهِ. قَالَ: فَهَل مِن وَالِدَيكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قَالَ: نَعَم كِلَاهُمَا. قَالَ: فَتَبتَغِي الأَجرَ مِن اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَم. قَالَ: فَارجِع إِلَى وَالِدَيكَ فَأَحسِن صُحبَتَهُمَا.
رواه أحمد (5/ 368)، ومسلم (2549)(6).
* * *
ــ
وكان والداه في كفاية، ولم يمنعاه، أو أحدهما من ذلك، بدأ بالجهاد. فلو لم يكونا في كفاية تعين عليه القيام بهما، فبدأ به، فلو كانا في كفاية ومنعاه لم يلتفت إلى منعهما، لأنَّهما عاصيان بذلك المنع، وإنما الطاعة في المعروف، كما لو منعاه من صلاة الفرض. فأمَّا الحج فله أن يؤخره السنة والسنتين ابتغاء رضاهما، قاله مالك. هذا وإن قلنا: إنه واجب على الفور مراعاة لقول من يقول: إنه على التراخي. وقد تقدَّم القول على ذلك في الحج.
و(قول الأعرابي: أبايعك على الهجرة) أي: على أن أهجر دار قومي، وأهاجر إليك، فأقيم معك في المدينة، وهذا كان في زمن وجوب الهجرة.
و(قوله: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما) قد قدمنا ذكر الخلاف في وجوب الهجرة، هل كان على أهل مكة خاصة، أو كان على كل من أسلم؟ وعلى القولين فقد أسقط عنه الهجرة، لأن حق الوالدين أولى، لأنَّه إن كانت الهجرة عليه واجبة، فقد عارضها ما هو أوجب منها، وهو حق الوالدين، فقدم، وإن لم تكن واجبة عليه، فالواجب أولى على كل حال، لكنه إنما يصح هذا ممن يسلم له في موضعه دينه، فأمَّا لو خاف الفتنة على دينه لوجب عليه الفرار بدينه، وترك آبائه