الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي رواية: إنكم تقولون إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه أحمد (6/ 138)، والبخاريُّ (3568)، ومسلم (2492)، وأبو داود (4839)، والترمذي (3639).
* * *
(65) باب قصة حاطب بن أبي بلتعة وفضل أهل بدر وأصحاب الشجرة
[2402]
عن علي رضي الله عنه قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَالزُّبَيرَ وَالمِقدَادَ فَقَالَ: ائتُوا رَوضَةَ خَاخٍ؛ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ،
ــ
الفوت، ومعاجلة القواطع أو الموت، ثم إنه لما آلمه الإنكار همَّ بترك ذلك والفرار، لكنه خاف من عقوبة الكتمان المنبَّه عليها في القرآن، ولذلك قال لولا آيتان في كتاب الله ما حدَّثت حديثًا، ثم تلا قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَكتُمُونَ مَا أَنزَلنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ} الآيتين، وفيهما بحثٌ وتفصيل يحتاج إلى نظر طويل يذكر في تفسير القرآن وأحكامه.
(65)
ومن باب: فضائل أهل بدر والحديبية
وحاطب بن أبي بلتعة
واسمه عمرو بن راشد، من ولد لخم بن عدي، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا محمد، وهو حليف للزبير بن العوَّام، وقيل: لبني أسد، وقيل: كان عبدًا
فَخُذُوهُ مِنهَا. فَانطَلَقنَا تَعَادَى بِنَا خَيلُنَا فَإِذَا نَحنُ بِالمَرأَةِ، فَقُلنَا: أَخرِجِي الكِتَابَ! فَقَالَت: مَا مَعِي كِتَابٌ! فَقُلنَا: لَتُخرِجِنَّ الكِتَابَ أَو لَتُلقِيَنَّ الثِّيَابَ! فَأَخرَجَتهُ مِن عِقَاصِهَا، فَأَتَينَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا فِيهِ مِن حَاطِبِ بنِ أَبِي بَلتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِن المُشرِكِينَ مِن أَهلِ مَكَّةَ، يُخبِرُهُم بِبَعضِ أَمرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟ قَالَ: لَا تَعجَل عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي كُنتُ امرَأً مُلصَقًا فِي قُرَيشٍ - قَالَ سُفيَانُ: كَانَ حَلِيفًا لَهُم، وَلَم يَكُن مِن أَنفُسِهَا - وَكَانَ مِمَّن مَعَكَ مِن المُهَاجِرِينَ لَهُم قَرَابَاتٌ يَحمُونَ بِهَا أَهلِيهِم، فَأَحبَبتُ إِذ فَاتَنِي ذَلِكَ مِن النَّسَبِ فِيهِم أَن أَتَّخِذَ فِيهِم يَدًا يَحمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَلَم أَفعَلهُ كُفرًا وَلَا ارتِدَادًا عَن دِينِي، وَلَا رِضًا بِالكُفرِ بَعدَ الإِسلَامِ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ! فَقَالَ عُمَرُ: دَعنِي
ــ
لعبيد الله بن حميد، كاتبه فأدى كتابته يوم الفتح، شهد بدرًا والحديبية، مات سنة ثلاثين بالمدينة وهو ابن خمس وستين سنة، وصلَّى عليه عثمان، وقد شهد له بالإيمان في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُم أَولِيَاءَ} وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيمان والصدق وبأنه لا يدخل النار على ما تضمَّنه الحديثان المذكوران في الأم.
وروضة خاخ: موضع معروف قريب من المدينة. والظعينة: الهودج كان فيه امرأة أو لم يكن، وتسمَّى المرأة ظعينة إذا كانت في الهودج، وتجمع الظعينة: ظُعنٌ وظُعُنٌ وظعائن وأظعان. والعِقَاص: الشعر المعقوص، أي المضفور. والملصق في القوم: هو الذي لا نسب له فيهم، وهو الحليف والنزيل والدَّخيل.
و(قوله وكان ممن معك)، كذا وقع هذا اللفظ ممن بزيادة من، وفي بعض النسخ من معك بإسقاط من وهو الصواب؛ لأنَّ من لا تزاد في الواجب عند البصريين وأكثر أهل اللسان، وقد أجاز ذلك بعض الكوفيين.
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضرِب عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ! فَقَالَ: إِنَّهُ قَد شَهِدَ بَدرًا، وَمَا يُدرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قد اطَّلَعَ عَلَى أَهلِ بَدرٍ فَقَالَ اعمَلُوا مَا شِئتُم فَقَد غَفَرتُ لَكُم! فَأَنزَلَ اللَّهُ عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُم أَولِيَاءَ}
ــ
و(قول عمر رضي الله عنه دعني أضرب عنق هذا المنافق)، إنما أطلق عليه اسم النفاق لأنَّ ما صدر منه يشبه فعل المنافقين، لأنَّه والى كفار قريش وباطنهم وهمَّ بأن يطلعهم على ما عزم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوهم، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان دعا فقال: اللهم أخف أخبارنا عن قريش (1)، لكن حاطبًا لم ينافق في قلبه ولا ارتد عن دينه، وإنما تأوَّل فيما فعل من ذلك أن إطلاع قريش على بعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخوِّف قريشًا. ويُحكى أنه كان في الكتاب تفخيم أمر جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم لا طاقة لهم به، يخوِّفهم بذلك ليخرجوا عن مكة ويفرُّوا منها، وحسَّن له هذا التأويل تعلق خاطره بأهله وولده، إذ هم قطعة من كبده، ولقد أبلغ من قال: قلَّما يفلح من كان له عيال. لكن لطف الله به ونجَّاه لما علم من صحَّة إيمانه وصدقه، وغفر له بسابقة بدر وسَبقه.
و(قوله صلى الله عليه وسلم وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، معنى يدريك: يعلمك، ولعل: للترجي، لكن هذا الرجاء محقق للنبي صلى الله عليه وسلم بدليل ما ذكر الله تعالى في قصة أهل بدر في آل عمران والأنفال من ثنائه عليهم وعفوه عنهم، وبدليل قوله صلى الله عليه وسلم للذي قال في حاطب إنه يدخل النار وأقسم عليه: كذبت، لا يدخلها؛ فإنَّه شهد بدرًا! (2)، فهذا إخبار
(1) لم نجده بهذا اللفظ، وفي السيرة النبوية، لابن هشام (2/ 397):"اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش".
(2)
هو الحديث رقم (2509) ولم يرد في أصول التلخيص، وأثبتناه من صحيح مسلم.
وفي رواية: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا مَرثَدٍ الغَنَوِيَّ وَالزُّبَيرَ بنَ العَوَّامِ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ.
رواه أحمد (1/ 79)، والبخاري (3007)، ومسلم (2494)، وأبو داود (2650)، والترمذيُّ (3305).
ــ
محقق لا احتمال فيه ولا تجوُّز، وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم اعملوا ما شئتم إباحة كل الأعمال والتخيير فيما شاؤوا من الأفعال، وذلك في الشريعة محال؛ إذ المعلوم من قواعدها أن التكليف بالأوامر والنواهي متوجهة على كل من كان موصوفًا بشرطها إلى موته، ولما لم يصح ذلك الظاهر اضطر إلى تأويله فقال أبو الفرج الجوزي: ليس قوله اعملوا ما شئتم للاستقبال، وإنَّما هي للماضي، وتقديره: أيُّ عمل كان لكم فقد غفرته. قال: ويدلّ على ذلك شيئان؛
أحدهما: أنه لو كان للمستقبل كان جوابه فسأغفر (1).
والثاني: أنه كان يكون إطلاقًا في الذنوب - ولا وجه لذلك، ويوضح هذا أن القوم خافوا من العقوبة فيما بعد، فقال عمر: يا حذيفة (2)، هل أنا منهم؟
قلت: وهذا التأويل وإن كان حسنًا غير أن فيه بُعدا، تبيينه أنَّ اعملوا صيغته صيغة الأمر، وهي موضوعة للاستقبال، ولم تضع العرب قط صيغة الأمر موضع الماضي لا بقرينة ولا بغير قرينة، هكذا نص عليه النحويون، وصيغة الأمر إذا وردت بمعنى الإباحة إنما هي بمعنى الإنشاء والابتداء لا بمعنى الماضي، فتدبَّر هذا فإنه حسن، وقد بينته في الأصول بأشبع من هذا، واستدلاله على ذلك بقوله فقد غفرت لكم ليس بصحيح؛ لأنَّ اعملوا ما شئتم يستحيل أن يحمل على طلب الفعل، ولا يصح أن يكون بمعنى الماضي لما ذكرناه، فتعيَّن
(1) في (م 4): سأغفر.
(2)
حذيفة بن اليمان هذا هو صاحب سِرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسماء المنافقين.
[2403]
وعَن جَابِرٍ أَنَّ عَبدًا لِحَاطِبٍ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيَدخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَذَبتَ، لَا يَدخُلُهَا؛ فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدرًا وَالحُدَيبِيَةَ!
رواه أحمد (3/ 325)، ومسلم (2495)، والترمذيُّ (3864)، والنسائي في الكبرى (8296).
ــ
حمله على الإباحة والإطلاق، وحينئذ يكون خطاب إنشاء، فيكون كقول القائل: أنت وكيلي، وقد جعلت لك التصرف كيف شئت - فإنَّ ذلك إنما يقتضي إطلاق التصرف في وقت التوكيل لا قبل ذلك، وقد ظهر لي وجه آخر وأنا أستخير الله فيه وهو: أن الخطاب خطاب إكرام وتشريف تضمَّن أن هؤلاء القوم حصلت لهم حالة غفرت لهم بها ذنوبهم السالفة وتأهلوا بها لأن يغفر لهم ذنوب مستأنفة إن وقعت منهم، لا أنهم نُجِّزت لهم في ذلك الوقت مغفرة الذنوب اللاحقة، بل لهم صلاحية أن يغفر لهم ما عساه أن يقع، ولا يلزم من وجود الصلاحية لشيء ما وجود ذلك الشيء، إذ لا يلزم من وجود أهلية الخلافة وجودها لكل من وجدت له أهليتها، وكذلك القضاء وغيره، وعلى هذا فلا يأمن من حصلت له أهلية المغفرة من المؤاخذة على ما عساه أن يقع منه من الذنوب، وعلى هذا يخرج حال كل من بشَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه مغفورٌ له وأنه من أهل الجنة، فيتضمَّن ذلك مغفرة ما مضى وثبوت الصلاحية للمغفرة والجنة بالنسبة لما يستقبل. ولذلك لم يزل عن أحد ممن بُشِّر بالمغفرة أو بالجنة خوف التبديل والتغيير من المؤاخذة على الذنوب ولا ملازمة التوبة منها والاستغفار دائمًا، ثم إن الله تعالى أظهر صدق رسوله صلى الله عليه وسلم للعيان في كل من أخبر عنه بشيء من ذلك، فإنَّهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة من أمور الدين ومراعاة أحواله والتمسك بأعمال البر والخير إلى أن توفوا على ذلك، ومن وقع منهم في معصية أو مخالفة لجأ إلى التوبة ولازمها حتى لقي الله تعالى عليها، يعلم ذلك قطعًا من أحواله من طالع سيرهم وأخبارهم.
[2404]
وعن أُمُّ مُبَشِّرٍ قالت: سَمِعَت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عِندَ حَفصَةَ: لَا يَدخُلُ النَّارَ - إِن شَاءَ اللَّهُ - مِن أَصحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ - الَّذِينَ بَايَعُوا تَحتَهَا،
ــ
وفي حديث حاطب هذا أبواب من الفقه وأدلَّة على صحة نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى فضائل أهل بدر وحاطب بن أبي بلتعة، فمن جملة ما فيه من الفقه: أن ارتكاب الكبيرة لا يكون كفرًا، وأن المتأوِّل أعذر من العامد، وقبول عذر الصادق، وجواز الاطلاع من عورة المرأة على ما تدعو إليه الضرورة - ففي بعض رواياته أنهم فتشوا من المرأة كل شيء حتى قبلها.
ومنه ما يدلُّ على أن الجاسوس حكمه بحسب ما يجتهد فيه الإمام على ما يقوله مالك، وقال الأوزاعي: يعاقب، وينفى إلى غير أرضه. وقال أصحاب الرأي: يعاقب ويسجن. وقال الشافعي: إن كان من ذوي الهيئات كحاطب عفي عنه، وإلا عُزِّر. وجميع أهل بدر ثلاثمائة وسبعة عشر رجلًا باتفاق أئمة السير والتواريخ، واختلف في طائفة نحو الخمسة هل شهدوها أم لا؟ وتفصيل ذلك في كتب السِّير.
و(قوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار - إن شاء الله - من أصحاب الشجرة أحد (1) - الذين بايعوا تحتها)، هذه الشجرة هي شجرة بيعة الرضوان التي قال الله تعالى فيها:{لَقَد رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبَايِعُونَكَ تَحتَ الشَّجَرَةِ} وكانت بالحديبية التي تقدم ذكرها. والمبايعون تحتها كانوا ألفًا وأربعمائة، وقيل: وخمسمائة - كانوا بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت أو على ألا يفرُّوا، على خلاف بين الرواة. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل مكة، وكفى الله المؤمنين القتال وأحرز لهم الثواب، وأثابهم فتحًا قريبًا ورضوانًا عظيمًا. واستثناؤه صلى الله عليه وسلم هنا بقوله إن شاء الله استثناء في واجب قد أعلمه الله تعالى بحصوله بقوله
(1) ما بين حاصرتين ورد في (ز): أحد من أصحاب الشجرة، وما أثبتناه يتفق مع ما ورد في صحيح مسلم والتلخيص.
قَالَت: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَانتَهَرَهَا، فَقَالَت حَفصَةُ: ألم يقل الله {وَإِن مِنكُم إِلا وَارِدُهَا} ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وقَد قَالَ {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}
رواه أحمد (6/ 285)، ومسلم (2496)، وابن ماجه (4281).
* * *
ــ
{لَقَد رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ} وبغير ذلك، وصار هذا الاستثناء كقوله تعالى:{لَتَدخُلُنَّ المَسجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}
و(قول حفصة بلى) قول أخرجه منها الشهامة النفسية والقوة العمرية، فإنَّها كانت بنت أبيها، وهذا من نحو قول عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين: أتصلي عليهم؟ وتمسكها بعموم قوله تعالى: {وَإِن مِنكُم إِلا وَارِدُهَا} دليلٌ على أن منكم للعموم عندهم وأن ذلك معروف من لغتهم، وانتهار النبي صلى الله عليه وسلم لها تأديب لها وزجر عن بادرة المعارضة وترك الحرمة، ولما حصل الإنكار صرحت بالاعتذار فذكرت الآية، وحاصل ما فهمت منها أن الورود فيها بمعنى الدخول وأنها قابلت عموم قوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار أحدٌ ممن بايع تحت الشجرة بعموم قوله تعالى {وَإِن مِنكُم إِلا وَارِدُهَا} وكأنها رجَّحت عموم القرآن فتمسكت به، فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم بأن آخر الآية يبيِّن المقصود، فقرأ قوله تعالى {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} وحاصل الجواب تسليم أن الورود دخول، لكنه دخول عبور، فينجو من اتقى، ويترك فيها من ظلم، وبيان ذلك أن جهنم - أعاذنا الله منها - محيطة بأرض المحشر وحائلة بين الناس وبين الجنة، ولا طريق للجنة إلا الصراط الذي هو جسر ممدود على متن جهنم، فلا بدَّ لكل من ضمَّه المحشر من العبور عليه؛ فناج مُسَلَّم، ومخدوش مرسل، ومكردسٌ في نار جهنم - كما تقدَّم، وهذا قول الحسن وقتادة، وهو الذي تعضده الأخبار الصحيحة والنظر المستقيم.