الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(30) باب الوصية بالجار وتعاهده بالإحسان
[2536]
عن عَائِشَةَ قالت: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا زَالَ جِبرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنتُ أَنَّهُ لَيُوَرِّثهُ.
رواه أحمد (6/ 238)، والبخاريّ (6014)، ومسلم (2624)(140)، وأبو داود (5151)، والترمذيُّ (1942)، وابن ماجه (3673).
ــ
التقى بالكفار فاقتتلوا، فطال القتال، وعظم النزال، فقال البراء: أقسمت عليك يا رب - أو: عزمت عليك - لتمنحنا أكتافهم، ولتلحقني بنبيك، فأبر الله قسمه، فكان كذلك. ولقد أبعد من قال: إن القسم -هنا - هو الدعاء من جهة اللفظ والمعنى.
(30)
ومن باب: الوصية بالجار (1)
(قوله: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه ليورثه) قد تقدَّم أن الجار يقال على المجاور في الدار، وعلى الداخل في الجوار، وكل واحد منهما له حق، ولا بد من الوفاء به، وقد تقدَّم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه (2)، وقوله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره (3). ولما أكد
(1) في نسخ المفهم: ومن باب الوصية بالجار وفضل السعي على الأرملة والمسكين. ولا داعي لجملة العطف لأنَّ المؤلف رحمه الله أفرد موضوعَ الزيادة ببابٍ مستقل يأتي بعد هذا الباب، كما في التلخيص.
(2)
رواه أحمد (2/ 373)، ومسلم (46).
(3)
رواه أحمد (2/ 267)، والبخاري (6475)، ومسلم (47)(74)، وأبو داود (5154)، والترمذي (2500).
[2537]
ونحوه، عن ابنَ عُمَرَ، وقال: حَتَّى ظَنَنتُ أَنَّهُ لَيُوَرِّثنهُ.
رواه البخاريُّ (6015)، ومسلم (2625)(141).
[2538]
وعَن أَبِي ذَرٍّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا ذَرٍّ! إِذَا طَبَختَ مَرَقَةً فَأَكثِر مَاءَهَا، وَتَعَاهَد جِيرَانَكَ.
ــ
جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم حق الجوار، وكثر عليه من ذلك، غلب على ظن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سيحكم بالميراث بين الجارين. وهذا يدلّ على أن هذا الجار هنا هو جار الدار، لأنَّ الجار بالعهد قد كان من أول الإسلام يرث، ثم نسخ ذلك، كما تقدَّم، فإن كان هذا القول صدر من النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، فقد كان التوارث مشروعا، فمشروعيته واقعة محققة غير منتظرة، ولا مظنونة، وإن كان بعد ذلك فرفع ذلك الحكم ونسخه محقق، فكيف تظن مشروعيته؟ ! فتعين أن المراد بالجوار في هذا الحديث هو جوار الدار، والله تعالى أعلم.
و(قوله: إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك) هذا الأمر على جهة الندب، والحض على مكارم الأخلاق، وإرشاد إلى محاسنها، لما يترتب عليه من المحبة، وحسن العشرة والألفة، ولما يحصل به من المنفعة، ودفع الحاجة والمفسدة، فقد يتأذى الجار بقتار (1) قدر جاره، وعياله وصغار ولده، ولا يقدر على التوصل إلى ذلك، فتهيج من ضعفائهم الشهوة، ويعظم على القائم عليهم الألم والكلفة، وربما يكون يتيما، أو أرملة ضعيفة، فتعظم المشقة، ويشتد منهم الألم والحسرة، وكل ذلك يندفع بتشريكهم في شيء من الطبيخ يُدفع إليهم، فلا أقبح من منع هذا النذر اليسير الذي يترتب عليه هذا الضرر الكبير.
و(قوله: فأكثر ماءها) تنبيه لطيف على تيسير الأمر على البخيل؛ إذ الزيادة
(1)"القتار": دخان ذو رائحة خاصّة ينبعث من الشِّواء أو الطبيخ.
وفي أخرى: ثُمَّ انظُر أَهلَ بَيتٍ مِن جِيرَانِكَ، فَأَصِبهُم مِنهَا بِمَعرُوفٍ.
رواه أحمد (5/ 149)، ومسلم (2625)(142 و 143).
[2539]
وعنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تَحقِرَنَّ مِن المَعرُوفِ شَيئًا، وَلَو أَن تَلقَى أَخَاكَ بِوَجهٍ طَلقٍ.
رواه أحمد (5/ 173)، ومسلم (2626)، والترمذيُّ (1833)، وابن ماجه (3362).
* * *
ــ
المأمور بها، إنما هي فيما ليس له ثمن، وهو الماء. ولذلك لم يقل: إذا طبخت مرقة فأكثر لحمها، أو طبيخها؛ إذ لا يسهل ذلك على كل أحد.
و(قوله: فأصبهم منها بمعروف) أي: بشيء يُهدى مثله عرفا، تحرزا من القليل المحتقر، فإنه - وإن كان مما يهدى - فقد لا يقع ذلك الموقع، فلو لم يتيسر إلا القليل المحتقر فليهده ولا يحتقره، كما جاء في الحديث الآخر: لا تحقرن من المعروف شيئا ويكون المُهدى له مأمورا بقبول ذلك المحتقر، والمكافأة عليه، ولو بالشكر، لأنَّه وإن كان قدره محتقرا، دليل على تعلق قلب المهدي بجاره.
و(قوله: ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) يُروى بكسر اللام، وياء بعدها. وطلق الوجه بتسكين اللام بغير ياء، وهما لغتان، يقال: رجل طلق الوجه، وطليق الوجه، وهو المنبسط الوجه السمحه. يقال: طلق وجهه: بضم اللام يطلق طلاقة.
* * *