الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(18) باب الترغيب في العفو والستر على المسلم
[2498]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ، أن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا نَقَصَت صَدَقَةٌ مِن مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبدًا بِعَفوٍ إِلَّا عِزًّا،
ــ
وقد حكي عن بعض السلف أنه قرأ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى بتخفيف الدال، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تكلم بمصدر ذلك المرفوض حيث قال: لينتهين أقوام عن وَدعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم (1)، وهذا كله يرد على من قال من النحويين: إن العرب قد أماتت ماضي هذا الفعل ومصدره، ولا يُتكلم به استغناء عن ذلك بتركه، فإن أراد به هذا القائل أنه لا يوجد في كلامهم، فقد كذبه النقل الصحيح، وإن أراد أن ذلك يقع ولكنه قليل، وشاذ في الاستعمال، فهو الصحيح.
(18 و 19) ومن باب: الترغيب في العفو والستر والرفق (2)
(قوله: ما نقصت صدقة من مال) فيه وجهان:
أحدهما: أنه بقدر ما ينقص منه يزيد الله فيه، وينميه ويكثره.
الثاني: أنه وإن نقص في نفسه ففي الأجر والثواب ما يجبر ذلك النقص بأضعافه.
و(قوله: ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا) فيه أيضًا وجهان:
(1) رواه أحمد (1/ 239)، ومسلم (865)، والنسائي (3/ 88)، وابن حبان (2785) الإحسان.
(2)
شرح المؤلف رحمه الله تحت هذا العنوان ما أشكل في أحاديث باب: الترغيب في العفو والستر، وباب: الحث على الرِّفق.
وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ.
رواه أحمد (2/ 235)، ومسلم (2588)، والترمذيُّ (2029).
[2499]
وعنه عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَستُرُ عَبدٌ عَبدًا فِي الدُّنيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ.
وفي رواية: لَا يَستُرُ اللَّهُ عَلَى عَبدٍ فِي الدُّنيَا إِلَّا سَتَر يَومَ القِيَامَةِ.
رواه مسلم (2590)(71 و 72).
* * *
ــ
أحدهما: ظاهره، فإنَّ من عُرف بالصفح والعفو ساد وعظم في القلوب.
والثاني: أن يكون أجره وثوابه وجاهه وعزه في الآخرة أكثر.
و(قوله: وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) التواضع: الانكسار والتذلل، ونقيضه التكبر والترفع. والتواضع يقتضي متواضعا له، فإن كان المتواضع له هو الله تعالى، أو من أمر الله بالتواضع له كالرسول، والإمام والحاكم، والوالد، والعالم، فهو التواضع الواجب المحمود، الذي يرفع الله تعالى به صاحبه في الدنيا والآخرة، وأما التواضع لسائر الخلق فالأصل فيه أنه محمود، ومندوب إليه، ومرغب فيه، إذا قصد به وجه الله، ومن كان كذلك رفع الله تعالى قدره في القلوب، وطيب ذكره في الأفواه، ورفع درجته في الآخرة.
وأما التواضع لأهل الدنيا، ولأهل الظلم، فذلك هو الذل الذي لا عز معه، والخسة التي لا رفعة معها، بل يترتب عليها ذل الآخرة. وكل صفقة خاسرة - نعوذ بالله من ذلك - وقد تقدم الكلام على العفو والستر.
* * *