الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(42) باب المرء مع من أحب وفي الثناء على الرجل الصالح
[2567]
عن أَنَس بن مَالِكٍ قَالَ: بَينَا أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَارِجَانِ مِن المَسجِدِ، فَلَقِينَا رَجُلًا عِندَ سُدَّةِ المَسجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَعدَدتَ لَهَا؛ قَالَ: وَكَأَنَّ الرَّجُلَ استَكَانَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعدَدتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَا صَدَقَةٍ،
ــ
الفضائل والعلوم، وكذلك القول فيما إذا وجد ميلا لمن فيه شر، أو وصف مذموم. وقد تقدَّم القول على قوله: الناس معادن في كتاب المناقب.
(42)
ومن باب: المرء مع من أحب وفي الثناء على الرجل الصالح (1)
(قوله: فلقينا رجلا عند سدة المسجد) يعني: عند باب المسجد، والسدة تقال على ما يسد به الباب، وعلى المسدود الذي هو الباب.
و(قوله: فكأن الرجل استكان) أي: سكن تذللا.
و(قوله: ما أعددت لها كبير صلاة، ولا صيام، ولا صدقة) يعني بذلك: النوافل من الصلاة والصدقة، والصوم، لأنَّ الفرائض لا بد له ولغيره من فعلها، فيكون معناه: أنه لم يأت منها بالكثير الذي يعتمد عليه، ويرتجى دخول الجنة
(1) هذا العنوان لم يرد في نسخ المفهم، واستدركناه من التلخيص.
وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ: فَأَنتَ مَعَ مَن أَحبَبتَ.
وفي رواية: قَالَ: مَا أَعدَدتَ لِلسَّاعَةِ؟ قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: فَإِنَّكَ مَعَ مَن أَحبَبتَ. قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحنَا بَعدَ الإِسلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِن قَولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَإِنَّكَ مَعَ مَن أَحبَبتَ. قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ، فَأَرجُو أَن أَكُونَ مَعَهُم، وَإِن لَم أَعمَل بِأَعمَالِهِم.
رواه أحمد (3/ 192)، والبخاريُّ (3688)، ومسلم (2639)(163 و 164)، وأبو داود (5127)، والترمذيُّ (2385).
ــ
بسببه، هذا ظاهره، ويحتمل أن يكون أراد أن الذي فعله من تلك الأمور - وإن كان كثيرا- فإنَّه محتقر بالنسبة إلى ما عنده من محبة الله تعالى ورسوله، فكأنه ظهر له أن محبة الله ورسوله أفضل الأعمال وأعظم القرب، فجعلها عمدته، واتخذها عدته، والله تعالى أعلم.
و(قوله: فأنت مع من أحببت) قد تكلمنا عليه في غير موضع.
و(قوله: ما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم هكذا وقع هذا اللفظ في الأصول، وفيه حذف وتوسع، تقديره: فما فرحنا فرحا أشد من فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك القول، وسكت عن ذلك المحذوف للعلم به. وإنَّما كان فرحهم بذلك أشد، لأنَّهم لم يسمعوا أن في أعمال البر ما يحصل به ذلك المعنى من القُرب من النبي صلى الله عليه وسلم، والكون معه؛ إلا حب الله ورسوله، فأعظم بأمر يلحق المقصر بالمشمر، والمتأخر بالمتقدِّم. ولما فهم أنس أن هذا اللفظ محمول على عمومه علق به رجاءه، وحقق فيه ظنه، فقال: أنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم. والوجه الذي تمسك به أنس يشمل من المسلمين المحبين كل ذي نفس، فلذلك تعلقت أطماعنا بذلك؛ وإن كنا مقصرين، ورجونا رحمة الرحمن، وإن كنا غير مستأهلين.
[2568]
وعَن عَبدِ اللَّهِ - هو ابن مسعود - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيفَ تَرَى رَجُلا أَحَبَّ قَومًا وَلَمَّا يَلحَق بِهِم؛ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: المَرءُ مَعَ مَن أَحَبَّ.
رواه أحمد (1/ 392)، والبخاريُّ (6168)، ومسلم (2640).
[2569]
وعَن أَبِي ذَرٍّ، قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيتَ الرَّجُلَ يَعمَلُ العَمَلَ مِن الخَيرِ وَيَحمَدُهُ النَّاسُ عَلَيهِ؟ قَال: تِلكَ عَاجِلُ بُشرَى المُؤمِنِ.
وفي رواية: ويحبه الناس عليه، (بدل): يحمده.
رواه أحمد (5/ 157)، ومسلم (2642)، وابن ماجه (4225).
* * *
ــ
و(قوله: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه) يعني الرجل الذي يعمل العمل الصالح خالصا، ولا يريد إظهاره للناس، لأنَّه لو عمله ليحمده الناس أو يبروه، لكان مرائيا، ويكون ذلك العمل باطلا فاسدا، وإنما الله تعالى بلطفه ورحمته وكرمه، يعامل المخلصين في الأعمال الصادقين في الأقوال والأحوال بأنواع من اللطف، فيقذف في القلوب محبتهم، ويطلق الألسنة بالثناء عليهم، لينوه بذكرهم في الملأ الأعلى؛ ليستغفروا لهم، وينشر طيب ذكرهم في الدنيا ليقتدى بهم، فيعظم أجرهم، وترتفع منازلهم، وليجعل ذلك علامة على استقامة أحوالهم، وبشرى بحسن مآلهم، وكثير ثوابهم، ولذلك قال: تلك عاجل بشرى المؤمن. والله تعالى أعلم.
* * *