الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الاحسان
إِفعال من الحُسْن، وهو كلّ مُبْهج مرغوب فيه، عقلاً، أَو حسّاً، أَو هوىً. وقد حَسُن يحسن ككرم يكرم، وحَسَن يَحْسُن كنصر ينصر، فهو حاسِنٌ وَحَسَنٌ وَحَسِينٌ وحُسَانٌ وحُسَّان. والجمع حِسَان وحُسَّانون، وهى حَسَنةٌ وحَسْناء وحُسَّانة. والجمع حِسان، وحُسّانات. ولا يقال: رجل أَحْسَن وإِنما يقال: هو الأَحسن، على إِرادة التفضيل. الجمع الأَحاسن. وأَحاسن القوم حِسَانهم.
والحَسَنة يعبَّر بها عن كلّ ما يَسُرّ من نِعْمَة تنال الإِنسان فى نفسه وبَدنه وأَحواله. والسّيئّة تضادّها. وهما من الأَلفاظ المشتركة؛ كالحيوان الواقع على أَنواع مختلفة. وقوله تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هاذه مِنْ عِندِ الله} أَى خِصب وسَعَة وظفر {وإِن تصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أَى جَدْب وضيق وخَيْبَة، وقوله تعالى:{مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} أَى من ثواب {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةِ} أَى من عذاب.
والفرق بين الحَسَنة والحَسَن والحُسْنى أَنَّ الحَسَن يقال فى الأَعيان والأَحداث. وكذلك الحَسَنة إِذا كانت وصفاً. فإذا كانت اسما فمتعارف فى الأَحداث؛ (والحُسْنى لا يقال إِلَاّ فى الأَحداث) دون الأَعيان، والحَسَن أَكثر
ما يقال فى تعارُف العامّة فى المستحسن بالبصر. وأَكثر ما جاءَ فى القرآن من الحَسَن فللمستحسن من جهة البصيرة.
وقوله تعالى: {الذين يَسْتَمِعُونَ القول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} أَى الأَبعد عن الشبهة. وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} إِن قيل حكمه حَسَن لمَنْ يوقن ولمن لا يوقن فلِم خُصّ؟ قلنا: القَصد إِلى ظهور حسنه، والاطلاع عليه. وذلك يظهر لمن تزكَّى، واطَّلع على حكمة الله تعالى، دون الجَهلة.
والإِحسان يقال على وجهين. أَحدهما الإِنعام على الغير: أَحسن إِلى فلان. والثانى إِحسان فى فعله وذلك إِذا علم عِلْماً حسناً أَو عمل عملاً حسناً. ومنه قول علىّ - رضى الله عنه -: النَّاس أَبناء ما يحسنون، أَى منسوبون إِلى ما يعلمونه ويعملونه من الأَفعال الحسنة. والإِحسان أَعمّ من الإِنعام.
ورد الإِحسان فى التَّنزيل على ثلاثة عشر وجهاً:
الأَوّل: بمعنى الإِيمان {فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ} إِلى قوله {وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} .
الثانى: بمعنى الصّلاة على النبىّ صلى الله عليه وسلم {مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} .
الثالث: بمعنى قيام اللَّيل للتهجد: {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} .
الرّابع: بمعنى الإِنفاق والتصدق على الفقراء: {وأحسنوا إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين} .
الخامس: بمعنى خِدْمة الوالدين، وبِرّهما {وبالوالدين إِحْسَاناً} .
السّادس: بمعنى العفو عن المجرمين: {والعافين عَنِ الناس والله يُحِبُّ المحسنين} .
السّابع: بمعنى الاجتهاد فى الطاعة: {والذين جَاهَدُواْ فِينَا} إِلى قوله: {لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} .
الثامن: بمعنى أَنواع الطَّاعة: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} .
التاسع: بمعنى الإِخلاص فى الدّين والإِيمان: {إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان} .
العاشر: بمعنى الإِحسان إِلى المستحِقِّين: {وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ} .
الحادى عشر: بمعنى كلمة النَّجاة والفوز من النيران: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ} .
الثانى عشر: بمعنى كلمة الشهادة على اللِّسان مع الإِيقان بالجَنان.
الثالث عشر: بمعنى نعيم الجنان والرضوان: {هَلْ جَزَآءُ الإحسان إِلَاّ الإحسان} .