الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الجنب
وأَصله الجارحة. وجمعه جُنُوب ثمّ يستعار فى النَّاحية الَّتى تليها، كعادتهم فى استعارة سائر الجوارح كذلك؛ نحو اليمين والشَّمال. وقيل: جَنْب الحائط وجانبه. والصّاحب بالجَنْب أَى القريب. وقيل كناية عن المرأَة، وقيل: عن الرّقيق فى السّفر. وقوله {والجار الجنب} أَى القريب وقوله {فِي جَنبِ الله} أَى فى أَمره وحدّه الَّذى حَدّهُ لنا وسار جَنْبيه وجَنَابَيْهِ وجَنَابَتَيْهِ أَى جانبه. وجَنَبْتُهُ: أَصبت جَنْبه نحو كَبَدَته ورأَسته. وجُنِب بمعنى اشتكى جَنْبه نحو كُبِدَ وفُئِدَ.
وبُنى الفعل من الجَنْب على وجهين: أَحدهما الذّهابُ عن ناحيته، والثانى الذّهاب إِليه. فالأَول نحو جَنَبْته واجتنته، قيل: ومنه الجار الجُنُب أَى البعيد قال:
فلا تَحْرِمَنِّى نائلا عن جَنَابة
أَى عن بعد [نسب] . [غربة] وقوله تعالى {واجتنبوا الطاغوت} عبارة عن تركهم إِيَّاها {فاجتنبوه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وذلك أَبلغ من قولك:
اتركوه. وجُنِب بنو فلان كعُنى، إِذا لم يكن فى إِبلهم لَبَن. وجُنب فلان خيراً وجُنِّب شرّاً، وإِذا أُطلق فقِيل: جُنب فلان فمعناه: أُبعد عن الخير وذلك يقال فى الدّعاءِ وفى الخَبَرِ. قال تعالى {واجنبني وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأصنام} من جَنَبته عن كذا أَى أَبعدته. وقيل: هو من جَنَبت الفَرَس: جعلته جَنِيباً، كأَنَّمَا سأَله أَن يقوده عن جانِب الشِّرك بأَلطاف منه وأَسباب خفيّة. والتجنيب: الرَّوْح فى الرّجلين، وذلك إِبعاد إِحدى الرّجلين عن الأُخرى خِلْقة. وقوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً} أَى أَصابتكم الجنابة. وذلك بإِنزال الماءِ أَو بالْتقاءِ الخِتانَيْن. وقد جُنِب كعُنْى وأَجْنب كأَكرم واجتنب وتجنَّب. وسمّيت الجَنَابة بذلك لكونها سبباً لتجنب الصلاة فى حكم الشَّرع. والجَنُوب يصحّ أَن يعتبر فيها معنى المجئ من جَنْب الكعبة، وأَن يعتبر فيها معنى الذِّهاب عنه، لأَنَّ المعنيين فيها موجودان. واشتُقّ من الجَنُوب جَنَبَتِ الرّيحُ: هبّت جَنُوباً. وأَجنبنا: دخلنا فيها. وجُنبنا: أَصابتنا. وسحابة مجنوبة: هبّت عليها الجَنُوبُ.
والجَنْب وما اشتقّ من هذه المادّة ورد فى القرآن على أَنحاءِ:
الأَوّل: الجَنْب بمعنى الأَمر {على مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ الله} أَى فى أَمر الله.
الثانى: جُنُوب المقصّرين فى أَداءِ الزكاة {فتكوى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} .
الثالث: جنب المشتاقين إِلى اللِّقاءِ {تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع} .
الرابع: جَنْب المشتغلين بذكر الحقّ تعالى {يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِهِمْ} .
الخامس: الجَنْب بمعنى العصمة {واجنبني وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأصنام} .
السادس: بمعنى الجنابة {وَلَا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ} وبمعنى الأَجنبىِّ البعيد من النّسبة والقرابة (والجار الجُنُب) .
السابع: التجنب أَى تبعد أَبى جهل عن موعظة القرآن {وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى} .
الثامن: بمعنى صيانة الله تعالى أَبا بكرٍ من العذاب {وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى} .
التاسع: الأَمر بالتباعد عن عبادة الأَوثان {فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان} .
العاشر: الأَمر بالتَّبَاعد عن الزُّور والبهتان {واجْتَنِبُوا قوْلَ الزُّور} .
الحادى عشر: الأَمر بالتَّبَاعد عن شرب الخمر {رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه} .
الثانى عشر: الأَمر بالتَّوقى عن سوءِ الظنّ فى حق المؤمنين {اجتنبوا كَثِيراً مِّنَ الظن} .
الثالث عشر: فى الثناءِ على المتبعِّدين من الكبائر والفواحش {الذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثم والفواحش} {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} .