الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الاستطاعة
قد وردت فى القرآن على ثلاثة أَوجهٍ:
الأَوّل: بمعنى السّعةِ والغِنى بالمال: {لَوِ استطعنا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ} ، {مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً} .
الثانى: بمعنى القوة والطَّاقة: {وَلَن تستطيعوا أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النسآء} .
الثالث: بمعنى القُدْرة والمُكْنة البدنيّة: {وَمَا استطاعوا لَهُ نَقْباً} ، {إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ} .
والاستطاعة استفعالة من الطَّوع. وذلك وجود ما يصير به الفعل (متأتيا. وهو عند المحققين اسم للمعانى [التى] بها يتمكَّن الإِنسان مّما يريده من إِحداث الفعل) . وهى أَربعة أَشياءَ: بِنْية مخصوصة للفاعل، وتصوّر للفعل، ومادّة قابلة لتأْثيره، وآلة إِن كان الفعل آليّاً، كالكتابة؛ فإِن الكاتب محتاج إِلى هذه الأَربعة فى إِيجاده للكتابة. ولذلك يقال: فلان غير مستطيع للكتابة إِذا فَقَد واحداً من هذه الأَربعة، فصاعداً. ويضادّه العَجْز، وهو أَلَاّ يجد أَحد هذه الأَربعة فصاعداً. ومتى وَجَدَ هذه الأَربعة كلَّها فمستطيع
مطلقا، ومتى فقدها فعاجز مطلقا، ومتى وجد بعضها دون بعض فمستطيع من وجهٍ، عاجزٌ من وجهٍ. ولأَن يوصَف بالعجز أَولى.
والاستطاعة أَخصّ من القدرة. وقوله تعالى: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً} فإِنَّه يحتاج إِلى هذه الأَربعة.
وقوله: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السمآء} قيل: قالوا ذلك قبل أَن يَقْوى معرفتُهم بالله. وقيل: إنَّهم لم يقصِدوا قصد القُدْرة، وإِنَّما قصدوا أَنَّه هل يقتضى الحكمةُ أَن يفعل ذلك، وقيل: يَستطيع ويُطيع بِمعنى واحدٍ، ومعناه: هل يجيب؛ كقوله: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} أى يُجاب. وقرئ {هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ} على الخطاب، ونصب (ربّك) أَى سؤال ربّك؛ كقولك: هل تستطيع الأَمير أَن يفعل كذا؟ ويقال فيه استاع واسطاع؛ قال الله تعالى: {فَمَا اسطاعوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا استطاعوا لَهُ نَقْباً} قال:
تكثَّرْ من الإخوان ما اسطعت إنهم
…
عمادٌ إذا استنجدتهم وظهورُ
فما بكثير أَلف خلّ وصاحب
…
وإنَّ عدوّا واحدا لكثير