الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى التسبيح
وهو تنزيه الله تعالى. وأَصله المَرُّ السّريع فى عبادة الله. وجُعِل ذلك فى فعل الخير؛ كما جعل الإِبعاد فى الشرّ، فقيل: أَبعده الله. وجعل التَّسبيح عامّاً فى العبادات، قولاً كان، أَو فعلاً، أَو نِيّة. وقوله - تعالى -:{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين} قيل: من المصلِّين. والأَولى أَن يُحمل على ثلاثها
والتَّسبيح ورد فى القرآن على نحو من ثلاثين وجهاً. ستَّة منها للملائكة، وتسعة لنبينّا محمّد صلى الله عليه وسلم وأَربعة لغيره من الأَنبياء، وثلاثة للحيوانات والجمادات، وثلاثة للمؤمنين خاصّة. وستَّة لجميع الموجودات.
أَما الّتى للملائكة فدعوى جبريلَ فى صفّ العبادة: {وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون} .
الثانى: دعوى الملائكة فى حال الخصومة: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} .
الثالث: تسبيحهم الدّائم من غير سآمة: {يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} .
الرابع: تسبيحهم المعرَّى عن الكسل، والفَتْرة:{يُسَبِّحُونَ الليل والنهار لَا يَفْتُرُونَ} .
الخامس: تسبيحهم المقترن بالسجدة: {وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} .
السادس: تسبيحهم مقترناً بتسبيح الرّعد على سبيل السياسة والهيبة {وَيُسَبِّحُ الرعد بِحَمْدِهِ والملائكة مِنْ خِيفَتِهِ} .
وأَمّا التسعة الَّتى لنبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، فالأَول: تسبيح مقترن بسجدة اليقين، والعبادة:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ الساجدين واعبد رَبَّكَ} .
الثانى: تسبيح فى طرفى النّهار، مقترنٌ بالاستغفار من الزلَّة:{واستغفر لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بالعشي والإبكار} .
الثالث تسبيح فى بطون الدياجر، والخلوة:{وَمِنَ الليل فاسجد لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً} .
الرّابع تسبيح فى الابتداءِ، والانتهاءِ، حال العبادة:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ. وَمِنَ الليل فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النجوم} .
الخامس تسبيح مقترن بالطُّلوع، والغروب لأَجل الشَّهادة {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} {وَمِنَ الليل فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السجود} .
السّادس تسبيح دائم لأَجل الرّضا والكرامة {فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النهار لَعَلَّكَ ترضى} .
السّابع: تسبيح مقترِن بذكر العظمة: {فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم} .
الثَّامن: تسبيح بشكر النعمة: {سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى الذي خَلَقَ فسوى} .
التَّاسع: تسبيح لطلب المغفرة: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واستغفره} قال صلى الله عليه وسلم: "ما أُوحى إِلىَّ أَن اجمعِ المال وكن من التّاجرين، ولكن أُوحى إِلى أَن سبّح بحمد ربّك وكن من السّاجدين، واعبد ربّك حتى يَأْتيك اليقين".
وأَمّا الأَربعة التى للأَنبياءِ فالأَوّل لزكريّا علامةً على ولادة يحيى: {قَالَ رَبِّ اجعل لي آيَةً} إِلى قوله: {وَسَبِّحْ بالعشي والإبكار} .
الثَّانى: فى وصيّته لقومه على محافظة وظيفة التسبيح: {فأوحى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً} .
الثالث: فى موافقة الجبال، والظباءِ، والحيتان، والطيور لداود فى التسبيح:{يُسَبِّحْنَ بالعشي والإشراق} .
الرَّابع: فى نجاة يونس من ظلمات البحر وبطن الحوت ببركة التسبيح {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين} .
وأَمّا الثلاثة التى لخواصّ المؤمنين، فالأَوّل فى أَمر الله تعالى لهم بالجمع بين الذكر والتسبيح دائماً:{اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} .
الثانى: فى ثناءِ الحقّ تعالى على قوم إِذا ذُكر الله عندهم سجدوا له وسبّحوا: {خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} .
الثالث: فى أُناس يختلُون فى المساجد. ويواظبون على التسبيح والذكر، {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمه يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ} .
وأَمّا الثلاثة الَّتى فى الحيوانات، والجمادات، فالأَول: فى أَنَّ كلّ نوع من الموجودات مشتغِل (بنوع من التسبيحات: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولاكن لَاّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} .
الثانى) : فى أَنَّ الطُّيور فى الهواءِ مصطفَّة لأَداءِ وِرْد التسبيح: {والطير صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} .
الثَّالث: أَنّ حَمَلة العرش والكرسىّ فى حال الطواف بالعرش والكرسىّ مستغرقون فى التسبيح والاستغفار: {الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ} ، {وَتَرَى الملائكة حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العرش يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} .
وأَمّا الستَّة الَّتى للعامّة فالأَوّل: على العموم فى تسبيح الحقّ على الإِحياءِ والإِماتة: {سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض} إِلى قوله: {يُحْيى وَيُمِيتُ} .
الثانى: فى أَنَّ كلّ شىءٍ فى تسبيح الحقّ على إِخراج أَهل الكفر، وإِزعاجهم {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} إِلى قوله:{هُوَ الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ} .
الثَّالث: أَنَّ الكلّ فى التسبيح، ومَن خالف قوله فعله مستحِقّ للذمّ والشكاية:{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السماوات} إِلى قوله: {لِمَ تَقُولُونَ مالَا تَفْعَلُونَ} .
الرّابع: فى أَنَّ الكلّ فى التسبيح للقدس والطَّهارة: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} إِلى قوله: {المَلِكِ القُدُّوسِ} .
الخامس: فى أَنَّ الكلّ فى التسبيح على تحسين الخِلْقة والصّورة: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} إِلى قوله: {وصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} .
السادس: فى الملامة والتعيير من أَصحاب ذلك النسيان بعضِهم لبعض من جهة التقصير فى تسبيح الحقّ - تعالى -: {أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} .
الحادى والثلاثون: خاصّ بالنبىّ صلى الله عليه وسلم فى الأَمر بالجمع بين التوكُّل والتسبيح: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الحي الذي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} .