الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الأمسح
المسح: إِمرار اليد على الشئِ، وإِزالة الأَثر عنه. وقد يستعمل فى كلّ واحد منهما، يقال: مسحت يدى بالمنديل. ويقال للدّرهم الأَطلس: مَسِيح، وللمكان الأَملس: أَمسح، وهى مسحاءُ. ومسح الأَرض: ذَرَعها وعُبّر عن السّير بالمَسْح؛ كما عُبّر عنه بالذرع، فقيل: مسح البعيرُ المفازة، وذرعها.
والمَسْح فى تعارف الشرع: إِمرار الماءِ على الأَعضاءِ؛ يقال: مسحْت للصّلاة وتمسّحت. ومنه {وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} ومسحته بالسّيف: كناية عن الضرب؛ كما يقال: مَسِست. ومنه {فَطَفِقَ مَسْحاً بالسوق والأعناق} .
واختلف فى اشتقاق المسيح فى صفة نبىّ الله، وكلمته: عيسى، وفى صفة عدوّ الله الدّجّال - أَخزاه الله - على أَقوال كثيرة تنيف على خمسين.
قال ابن دِحْية فى كتابه: "مَجْمع البحرين فى فوائد المشرقين والمغربين": فيها ثلاثة وعشرِون قولاً. ولم أَرَ مَنْ جمعها قبلى ممّن رَحَل وجال، ولقى الرّجال.
قال مؤلِّف هذا الكتاب محمّد الفيروزابادى - تاب الله عليه - فأَضفت إِلى ما ذكره الحافظ من الوجوه الحسنة، والأَقوال البديعة، فتمّت بها خمسون وجهاً.
وبيانه أَن العلماءَ اختلفوا فى اللفظة هل هى عربيّة أَم لا.
فقال بعضهم: سريانيّة. وأَصلها مشيحا - بالشين المعجمة - فعرّبها العرب. وكذا ينطق بها اليهود. قاله أَبو عُبيد. وهذا القول الأَوّل.
والذين قالوا: إِنها عربية اختلفوا فى مادّتها. فقيل: مِن (س ى ح) وقيل من (م س ح) ثمّ اختلفا، فقال الأَوّلون: مَفْعِل من ساح يسيح؛ لأَنَّه يسيح فى بلدان الدنيا وأَقطار العالم جميعها، أَصلها: مَسْيح، فأَسكنت الياءُ، ونقلت حركتها إِلى السّين؛ لاستثقالهم الكسرة على الياءِ. وهذا القول الثانى.
وقال الآخرون: مسِيح: مشتقّ من مَسَح إِذا سار فى الأَرض وقطعها: فعيل بمعنى فاعل. والفرق بين هذا وما قبله أَنْ هذا يختصّ بقطْع الأَرض، وذلك بقطع جميع البلاد. وهذا الثالث.
والرّابع عن أَبى الحسن القابِسىّ، وقد سأَله أَبو عمرٍو الدانىّ: كيف يقرأ المَسِيح الدّجال؟ قال: بفتح الميم وتخفيف السّين، مثل المسيح ابن مريم، لأَنَّ عيسى عليه السلام مُسِح بالبركة، وهذا مُسِحت عَيْنه. الخامس قال أَبو الحسن: ومن الناس مَن يقرؤه بكسر الميم والسّين مثقِّلاً
كسِكَّيت، فيفرُق بذلك بينهما. وهو وجه. وأَمّا أَنا فما أَقرؤه إِلَاّ كما أَخبرتك.
السّادس عن شيخه ابن بَشْكُوَال: أَنَّه قال: سمعت الحافظ أَبا عُمَر بن عبد البَرّ يقول: ومنهم من قال ذلك بالخاءِ المعجمة. والصّحيح أَنَّه لا فرق بينهما.
السّابع المسيح لغةً: الذى لا عَين له ولا حاجب؛ سمّى الدّجال بذلك؛ لأَنَّه كذلك.
الثامن المسيح: الكذَّاب، وهو أَكذب الخَلْق.
التَّاسع المسيح: المارد الخَبِيث. وهو كذلك.
العاشر قال ابن سِيده: مَسَحت الإِبلُ الأَرض: سارت فيها سيراً شديداً سُمّى به لسرعة سيره.
الحادى عشر: مَسَح فلان عُنق فلان أَى ضرب عُنُقه؛ سُمّى لأَنَّه يضرب أَعناق الذين لا ينقادون له.
الثانى عشر قال الأَزهرى: المسيح بمعنى الماسح، وهو القَتَّال. وهذا قريب من معنى ما قبله.
الثالث عشر المسيح: الدّرهم الأَطلس لا نقش عليه؛ قاله ابن فارس فهو مناسب للأَعور الدّجال إِذْ أَحَدُ شِقّىْ وجهه ممسوح.
الرابع عشر المَسَح: قِصَر ونقص فى ذَنَب العُقَاب؛ كأَنَّه سُمّى به لنقصه، وقِصَر مُدّته.
الخامس عشر مشتقّ من المماسحة، وهو الملاينة فى القلوب، والقلوبُ غير صافية. كذا فى المحكم؛ لأَنَّه يقول خلاف ما يُضْمر.
السّادس عشر المَسِيح: الذوائب الواحدة (مَسيحة) وهى ما نزل من الشَّعَر على الظَّهر؛ كأَنَّه سمّى به؛ لأَنَّه يأْتى فى آخر الزمان.
السّابع عشر المَسْحِ: المَشْط والتزيين. والماسحة: الماشطة؛ كأَنه سمّى به؛ لأَنَّه يزيّن ظاهره، ويموّهه بالأَكاذيب، والزَّخارف.
الثامن عشر المَسِيح الذرَّاع؛ لأَنَّه يذرع الأَرض بسيره فيها.
التَّاسع عشر المَسِيح: الضِّلِّيل. وهو من الأَضداد، ضدّ للصّدِّيق، سمّى به لضلالته. قاله أَبو الهيثم.
العشرون قال المنذرى: المَسْح من الأَضداد: مَسَحه الله أَى خلقه خَلْقاً حسناً مباركاً، ومسحه أَى خلقه خَلْقاً مقبّحاً ملعّناً. فمن الأَوّل يمكن اشتقاق المَسِيح كلمةِ الله، ومن الثانى اشتقاق المسيح عدوّ الله. وهذا الحادى والعشرون.
الثانى والعشرون مَسَح النَّاقة ومَسَّحها إِذا هَزَلها، وأَدبْرها، وأَضعفها؛ كأَنَّه لوحظ فيه أَن منتهى أَمره إِلى الهلاك والدّبَار.
الثالث والعشرون الأَمسح: الذِّئب الأَزلّ المسرع، سمى به تشبيهاً له بالذِّئب؛ لخبثة وسرعة سيره.
الرّابع والعشرون المَسْح: القول الحسن من الرّجل، وهو فى ذلك خادع لك، سمّى به لخداعه ومكره. قاله النَضْر بن شُميل. يقال: مَسَحه بالمعروف إِذا قال له قولاً وليس معه إِعطاءٌ، فإِذا جاءَ إِعطاءٌ ذهب المَسح. وكذلك الدّجّال: يخدع بقوله ولا إِعطاءَ.
الخامس والعشرون المَسِيح: المِنديلُ الأَخشنُ. والمنديلُ ما يمسَك للنَّدْل، وهو الوَسَخ، سمّى به لاتِّساخه بدَرَن الكفر والشرك.
السّادس والعشرون المِسْح: الكساءُ الغليظ من الشعر، يُفرش فى البيت: سمّى به لذِلَّته، وهَوَانه، وابتذالهِ.
السّابع والعشرون المَسْحاءُ: الأَرض الَّتى لا نبات فيها. وقال ابن شُمَيْل: الأَرض الجرداءُ الكثيرة الحَصَى، لا شجر بها، ولا تُنبت، غليظة جدّاً. وكذلك المكَّار الأَمسح، سمّى به لعدم خَيْره وعظم ضيره.
الثامن والعشرون المَسِيح فى اللُّغة: الأَعور.
التَّاسع والعشرون التِمْسح: دابّة بحريّة كثيرة الضَّرر على سائر دوابّ البحر، سمّى به لضرّه وإِيذائه.
الثلاثون مَسَح سيفه إِذا استلَّه من غمده، سمّى به لشهرهِ سيوف البغى والطغيان.
الحادى والثلاثون المَسِيح والأَمسح: من به عيب فى باطن فخذيه، وهو اصطكاك إِحداهما بالأُخرى، سمّى به لأَنَّه مَعْيوب بكلّ عيب قبيح.
الثانى والثلاثون رجل أَمسح وامرأَة مسحاءُ وصبىّ ممسوح إِذا لزِقت أَلْيَتاه بالعَظْم. وهو عيب أَيضاً.
الثالث والثلاثون يمكن أَن يكون المَسِيح الدّجالُ من قولهم: جاءَ فلان يتمسّح أَى لا شئ معه كأَنَّه يمسح ذراعه. وذلك لإِفلاسه من كلّ خير وبركة.
الرّابع والثلاثون يمكن أَن يكون المسيح كلمةُ الله من قولهم: فلان
يُتمسّح به أَى يتبرَّك به؛ لفضله وعبادته؛ كأَنَّه يتقرّب إِلى الله تعالى بالدّنوّ منه. قاله الأَزهرى.
الخامس والثلاثون: لأَنَّه كان لا يَمْسح ذا عاهة إِلَاّ برئَ ولا ميّتاً إِلَاّ أُحْيىَ، فهو بمعنى ماسح.
السّادس والثلاثون قال إِبراهيم النخعِىّ، والأَصمعىّ، وابن الأَعرابىّ: المَسِيح: الصّدِّيق.
السّابع والثلاثون عن ابن عبّاس سمّى مَسيحاً؛ لأَنَّه كان أَمسح الرّجْل، لم يكن لرجله أَخْمَص، والأَخمص: ما لا يمسّ الأَرض من باطن الرّجْل.
الثامن والثلاثون سمّى به، لأَنَّه خرج من بطن أُمّه كأَنَّه ممسوح الرأْس.
التاسع والثلاثون؛ لأَنَّه مُسح عند ولادهِ بالدّهن.
الأَربعون قال الإِمام أَبو اسحاق الحَرْبىّ فى غريبه الكبير: هو اسم خصّه الله تعالى به، أَو لمسْح زكريّا إِيّاه.
الحادى والأَربعون سمّى به لحسن وجهه. والمسيح فى اللغة: الجميل الوجه.
الثانى والأَربعون المَسِيح فى اللغة: عَرَق الخيل وأَنشدوا:
إِذا الجياد فِضْن بالمسيح
الثالث والأَربعون المسيح: السّيف، قاله أَبو عمر المطرّز. ووجه التَّسمية ظاهر.
الرابع والأَربعون المَسِيح المُكارِى.
الخامس والأَربعون المَسْح: الجماع. مَسَح المرأَة: جامعها قاله ابن فارس.
السّادس والأَربعون قال أَبو نُعَيم فى كتابه دلائل النبوّة: سُمّى ابن مريم مَسِيحاً؛ لأَنَّ الله تعالى مَسَح الذنوب عنه.
السّابع والأَربعون قاله أَبو نعيم فى الكتاب المذكور: وقيل سمّى مَسِيحاً لأَنَّ جبريل مسحه بالبركة وهو قوله تعالى {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ} .
الثامن والأَربعون المَسِيح القِسِىّ الواحدة مَسِيحة؛ سمّى به لقوّته، وشدّته، واعتداله، ومَعْدِلته.
التَّاسع والأَربعون يمكن أَن يكون من المِسح بالكسر، وهو الطَّريق المستقيم؛ لأَنَّه سالكها. قال الصّغانى: المُسُوح الطرق الجادّة، الواحدة مِسْح يعنى بالكسر. وقال قطرب: مَسَح الشئَ إِذا قال له: بارك الله عليك. الخمسون قال ابن دريد: هو اسم سمّاه الله به، لا أُحبّ أَن أَتكلَّم فيه.
الحادى والخمسون قال أَبو القاسم الراغب: سُمّى الدّجال مَسِيحاً؛ لأَنَّه قد مُسحت عنه القُوة المحمودة: من العلم، والعقل، والحلم، والأَخلاق الجميلة، وإِنَّ عيسى قد مُسِحت عنه القوة الذميمة: من الجهل والشرَه، والحرص، وسائر الأَخلاق الذميمة.
الثانى والخمسون سمّى به؛ للُبْسة المِسْح أَى البَلاس الأَسود.
الثالث والخمسون المَسِيح: هو الَّذى مُسحت إِحدى عينيه. وقد
روى أَنَّ الدّجال كان ممسوح اليمنى، وأَنَّ عيسى كان ممسوح اليسرى. قاله الرَّاغب. والله أَعلم.
الرابع والخمسون قيل: لأَنَّه كان يمشى على الماءِ؛ كمشيه على الأَرض.
الخامس والخمسون المَسِيح: المَلِك. وهذان القولان عن المَعِينى فى تفسيره.
السّادس والخمسون سُمِّى به؛ لأَنَّه كان صِدّيقاً. وقيل: لمّا مشى عيسى على الماءِ قال له الحواريّون: بم بلغت ما بلغت؟ قال: تركتُ الدنيا لأَهلها، فاستوى عندى بَرُّ الدّنيا وبحرها:
سِرْ فى بلاد الله سَيّاحاً
…
وكُنْ على نفسك نَوَّاحاً
وامْشِ بنورِ الله فى أَرضهِ
…
كفى بنور الله مصباحاً