الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الحكم والحكمة
الحُكْم لغة: القضاء، والجمع أَحكام. وقد حكم عليه بالأَمر حكماً وحكومة. والحاكم. منفِّذُ الحكم وكذلك الحَكَم والجمع حُكَّام. وحاكمه إِلى الحاكم: دعاه وخاصمه. وحكَّمه فى الأَمر: أَمره أَن يحكم، فاحتكم. وتحكَّم. جاز فيه حكمُه. والاسم الأُحكومة والحكومةُ. و [تحكيم الحُروريّة] قولهم لا حكم إِلَاّ لله. وحكَّام العرب فى الجاهلية أَكثم بن صَيْفِىّ وحاجب ابن زُرارة والأَقرع بن حابس وربيعة بن مُخَاشِنٍ وضَمْرة بن ضَمْرة لتميم، وعامر بن الظرِب وغَيْلان بن سَلَمة لقيس، وعبد المطَّلب (وأَبو طالب) والعاص بنُ وائل والعلاءُ بن حارثة لقريش، وربيعة بن حِذَار لأَسد، ويَعْمَر بن الشُّدّاخ وصفوان بن أُميّة وسَلْمى ابن نوفل لكنانةَ.
والحِكْمَة: العدل والعلم والحِلم والنبوّة والقرآن والإِنجيل وطاعة الله والفقهُ فى الدّين والعملُ به أَو الخشية أَو الفهم أَو الورع أَو العقل أَو الإِصابة فى القول والفعل والتفكر فى أَمر الله واتِّباعه. وهو حكيم أَى عَدْل حليم. وحَكَمه وأَحْكمه: أَتْقته وَمَنَعَه من الفساد. وسُورة محكَمة: غير مسوخةٍ. والآيات المحكَمَات {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}
إِلى آخر السّورة، أَو الَّتى أُحكِمت فلا يَحتاج سامِعُها إِلى تأْويلها لوضوحها كأَقاصيص الأَنبياءِ عليهم السلام. والمُحَكِّم - بكسر الكاف -: الشيخ المجرَّب. والحَكَم محرّكة: الرّجل المُسِنّ.
والحكْم وردت فى القرآن على نيّف وعشرين وجهاً:
الأَول: حكم الله تعالى {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين} .
الثانى: حكم نوح فى شفاعة النَّبيّين {وَأَنتَ أَحْكَمُ الحاكمين} حكم لوط عند اشتغاثته من جَوْر المجرمين {وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} وحُكم يوسف الصّدّيق عند الخلْوة بسيّدة الحِسَان {آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} وحكمُه أَيضاً بتعبير الرّؤيا لأَهل الاسجان {إِنِ الحكم إِلَاّ للَّهِ أَمَرَ أَلَاّ تعبدوا إِلَاّ إِيَّاهُ} وحكم إِخْوة يوسف عند توقُّف بعضهم عن الرّواح إِلى كنعان {حتى يَأْذَنَ لي أبي أَوْ يَحْكُمَ الله} وحكم داود لمّا ترافع إِليه الخصمان {فاحكم بَيْنَنَا بالحق} وحكم خلفاءِ الله بين نوع الإِنسان {فاحكم بَيْنَ الناس بالحق} والحكم بين الزَّارع والرَّاعى من داود وسليمان {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الحرث} وحكم اليهود بالتَّوراة وشرائعها {وَعِنْدَهُمُ
التوراة فِيهَا حُكْمُ الله} وحكم النَّصَارى بالإِنجيل وأَحكامها {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَآ أَنزَلَ الله فِيهِ} وحكم سيّد الأَنبياءِ بما تضمّنه القرآن {وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ الله} والحكم الجاهلىّ الَّذى طلبه الجهّال من أَهل الكفر والطُّغيان {أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ} والحكم الحَقّ المنصوص فى القرآن {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْماً} والحكم الجزم البتّ فى شأْن أَهل النفاق والخذلان {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} والحكم المقبول من المؤمنين بواسطة الإِيمان، المقابَلُ بالتَّذلل والتَّواضع والإِذعان {وَإِذَا دعوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} والحكم فى القيامة بين جميع الإِنس والجانّ {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} والحكم بين الرّجال والنِّسوان {فابعثوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ} وحكم بجزاءِ الصّيد على المُحْرِم عند العُدْوان {فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النعم يَحْكُمُ بِهِ} وحكم من الله بالحقّ إِذا اختلف المختلفان {وَمَا اختلفتم فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله} وحكم الكفَّار فى دعوى مساواتِهم مع أَهل الإِيمان {سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ} {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} وحكم بتقديم الأَرواح وتأْخيرها من الرّحمن {والله
يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} وحكم بتخليد الكفَّار فى النِّيران {إِنَّ الله قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العباد} وحكم بتخليد ثواب أَهل الإِيمان فى الجِنَان.
وأَمَّا الحِكمة فمن الله - تَعَالى - معرفة (الأَشياءِ وإِيجادُها) على غاية الإِحكام والإِتقان، ومن الإِنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات.
وقد وردت فى القرآن على ستَّة أَوجهٍ:
الأَوّل: بمعنى النبوّة والرّسالة {وَيُعَلِّمُهُ الكتاب والحكمة} {وَآتَيْنَاهُ الحكمة} {وَآتَاهُ الله الملك والحكمة} أَى النبوّة.
الثانى: بمعنى القرآن والتَّفسير والتأْويل وإِصابة القول فيه {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} .
الثالث: بمعنى فهم الدّقائق والفقه فى الدّين {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً} أَى فهم الأَحكام.
الرّابع: بمعنى الوعظ والتَّذكير {فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الكتاب والحكمة} أَى المواعظ الحسنة {أولائك الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب والحكم والنبوة} .
الخامس: آيات القرآن وأَوامره ونواهيه {ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة} .
السّادس: بمعنى حُجّة العقل على وَفْق أَحكام الشَّريعة {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة} أَى قولاً يوافق العقل والشرع.
وأَصل المادّة موضوع لمنع يُقصد به إِصلاح ومنه سمّى حَكمة الدّابة فقيل: حكمته وحكمت الدّابة منعتها بالحَكَمة، وأَحكمتها: جعلت لها حَكَمةً والحُكْم بالشئ أَن تقضى بأَنه كذا أَو ليس بكذا سواء أَلْزمت ذلك غيرك أَولم تلزمه، قال الشاعر:
واحكم كحكم فتاة الحىّ إِذا نظرت
…
إِلى حمامٍ سِرَاعٍ واردِ الثَّمَد
وإِذا وُصِفَ القرآن بالحِكْمَةِ فلتضمُّنه الحكمة نحو {الر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب الحكيم} وقيل: معنى الحكيم المحكم نحو {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} وكلا المعنيين صحيح. والحكم أَعمّ من الحِكمة فكلّ حِكْمة حُكْم وليس كلّ حكم حِكمةً. وقوله الصّمت حُكْم وقليل فاعله أى حِكْمة
{واذكرن مَا يتلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله والحكمة} قيل: تفسير القرآن. والمحكّمون أَصحاب الأُخدود يروى بفتح الكاف وكسرها، سُمّو الأَنَّهم خُيّروا بين أَن يُقتَلوا مُسلمين وبين أَن يرتدُّوا. ومنه الحديث "إِنَّ الجَنَّةَ للمحكَّمين" وقيل عنى المختصّصين بالحِكمة.
وأَمّا الحكيم فقد ورد فى القرآن على خمسة أَوجه:
الأَوّل: بمعنى الأُمور المقَّضيَّةِ على وجه الحكمة {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} .
الثانى: بمعنى اللَّوح المحفوظ {وَإِنَّهُ في أُمِّ الكتاب لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} .
الثالث: بمعنى الكتاب المشتمل على قبول المصالح {الر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب الحكيم} وقيل فى معناه غير ذلك وقد تقدّم.
الرّابع: بمعنى القرآن العظيم المبيّن لأَحكام الشَّريعة {يس والقُرْآنِ الحَكِيمِ} .
الخامس: المخصوص بصفة الله عز وجل تارة مقروناً بالعلوّ والعظمة {إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} وتارة مقروناً بالعلم والدّراية {إِنَّهُ هُوَ العليم الحكيم} وتارة مقروناً بكمال الخِبْرَة {مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} وتارة مقروناً بكمال العزَّة {وَكَانَ الله عَزِيزاً حَكِيماً} .