الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الحصر
حَصَرَهُ يحصُره حَصْراً: ضيّق عليه. وقوله تعالى {واحصروهم} أَى ضيِّقوا عليهم. وحصرنى الشئ: حبسنى. والحَصِير البارِىُّ. وفى المثل: أَسِيرٌ على حَصِير، قال:
فأَضحى كالأَمير على سرير
…
وأَمسى كالأَسير على حصير
وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً} أَى حابسا. قال فى العباب: الحَصِير السِّجن. ومنه الآية (حَصِيراً) أَى مَحْبِساً. قال الحسن: معناه: مِهاداً، كأَنَّهُ جعله الحصير المَرْمول؛ كقوله {لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ} ففى الأَوّل بمعنى: الحاصر، وفى الثانى بمعنى: المحصور، فإِنَّ الحصير سُمّى بذلك لحِصْر بعض طاقاته على بعض. وقال لَبيد:
وقَمَاقمٍ غُلْب الرّقاب كأَنهم
…
جِنٌّ لدى باب الحصير قيام
دافعت خُطَّتها وكنت ولَّيها
…
إِذ عَىّ قصد جوابها الحكَّام
سُمّى المَلِك حَصِيراً لأَنَّه محجوب، وإِمّا لكونه حاصراً أَى مانعاً لمَن أَراد الوصول إِليه. والحَصِير أَيضاً: البخيل، والرّجل الَّذى لا يشرب الشراب
بخلا. والحَصِير عِرْق يَمتدّ معترضاً على جَنْب الدَّابة إِلى ناحية بطنها. وقول النبىّ صلى الله عليه وسلم "تُعرض الفتنُ على القلوب عَرْض الحصير" فسّره أَهلُ الحديث فقالوا: الحصير كلّ ما نسج من جميع الأَشياءِ لأَنَّ بعضه نسج ببعض، سَدَاه بلُحمته. وقالوا: المراد من هذا أَنَّ الحَصِيرَ ثوب مزخرف مَوْشِىّ حَسَن إِذا نُشر أَخذتِ القلوبَ مآخِذُه لحسن وشْيه وصنعته، وكذلك الفتنة تزيّن للناس وتزخرف، وعاقبة ذلك إِلى غرور. قال:
فليت الدّهر عاد لنا جديداً
…
وعُدْنا مثلنا زمن الحصير
أَى زمنا كان بعضنا يُزخرف القول لبعض فيتوادّ عليه. والحصير: الجنب، والحصيران الجنبان.
وقوله تعالى: {وَسَيِّداً وَحَصُوراً} قيل: الحصور: الَّذى لا يأْتى النِّساءَ، إِمّا من العُنَّةِ، وإِمَّا من العِفَّة والاجتهاد فى إِزالة الشهوة، والثانى أَظهر فى الآية لأَن بذلك يستحق الرّجلُ المحْمِدة. والحَصُور أَيضاً: المجبوب. والحصُور أَيضاً الضَّيّق البخيل كالحَصِر. والحصْر والإِحصار: المنع عن طريق البيت. والإِحصارُ يقال فى المنع الظَّاهر كالعدوّ، والمنعِ الباطن كالمرض، والحصْر لا يقال إِلَاّ فى المنع الباطن. وقوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} محمول على الأَمرين، وكذلك قوله تعالى:{لِلْفُقَرَآءِ الذين أُحصِرُواْ} وقوله: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أَى ضاقت بالبخل والجُبْن، وعبّر عنه بذلك كما عُبّر [عنه] بضيق الصدر، وعن ضدّه بالبرّ والسّعة.