الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الانزال
وهو إِفعال من النُّزول، وهو فى الأَصل انحطاط من عُلُوّ. يقال: نَزَل عن دابّته، ونزل فى مكان كذا: حَطَّ رحلَه فيه. وأَنزل غيره. وأَنزل الله نِعمه على الخَلْق: أَعطاها إِيّاهم. وذلك إِمّا بإِنزال الشئِ نفسه، كإِنزال القرآن، وإِمّا بإِنزال أَسبابه والهداية إِليه، كإِنزال الحديد والّلباس.
والفرْق بين الإِنزال والتَّنزيل فى وصف القرآن والملائكة، أَنَّ التنزيل يختصّ بالموضع الَّذى يشير إِلى إِنزاله متفرّقاً، ومَرّةً بعد أُخرى، والإِنزال عامّ {لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ} فإِنَّما ذكر فى الأَوّل (نزَّل) وفى الثانى (أُنزل) ، تنبيهاً أَنَّ المنافقين يقترحون أَن ينزل شيءٌ فشئٌ من الحَثِّ على القتال؛ ليتولَّوه. وإِذا أُمِروا بذلك دفعة واحدة تحاشَوا عنه، فلم يفعلوه، فهم يقترحون الكثير، ولا يَفُون منه بالقليل. و {إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ} إِنَّما خصّ بلفظ الإِنزال، لأَنَّ القرآن نزل دفعة إِلى السّماءِ الدّنيا، ثمّ نزل نَجْماً نجماً. وقوله:{لَوْ أَنزَلْنَا هاذا القرآن على جَبَلٍ} دون نزَّلنا تنبيهاً أَنَّا لو خوّلناه تارةً واحدة ما (خوّلناكم مراراً) إِذا لرأَيته خاشعاً.
والتنزل النزول، قال:{تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا} .
والإِنزال فى القرآن ورد على خمسة عشر وجها:
الأَوّل: إِنزال المَنّ والسّلْوَى على سبيل الكفاية.
الثانى: إِنزال العذاب والبَلْوَى على سبيل اللَّعنة. {فَأَنزَلْنَا عَلَى الذين ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السمآء} .
الثالث: إِنزال الملائكة المقرّبين فى بدر، للتقوِّى:{أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الملائكة مُنزَلِينَ} .
الرّابع: إِنزال النُّعَاس على أَهل الحَرْب؛ لتأْمين الصّحابة: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ الغم أَمَنَةً نُّعَاساً} .
الخامس: إِنزال اللِّباس من السّماءِ؛ ستراً للعورة: {قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ} .
السّادس: إِنزال السّكينة؛ لتحقيق العَوْن والنُّصْرة: {فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين} .
السّابع: إِنزال الصّاعقة والبَرَد؛ لإِظهار السّياسة والهيْبة: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السمآء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ} .
الثَّامن: إِنزال المطر؛ لكمال النِّعمة والرّحمة: {وَهُوَ الذي يُنَزِّلُ الغيث مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} .
التَّاسع: إِنزال الأَنعامِ؛ لكمال الإِنْعامِ والمنفعة: {وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} .
العاشر: إِنزال الرِّزق على الحيوانات للغِذاءِ والتربية: {وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السمآء رِزْقاً} .
الحَادى عشر: إِنزال الغيث وإِرسال الرّياح للبشارة: {وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرياح} الآية.
الثانى عشر: إِنزال ميزان العدل، لأَجل الإِنصاف والأَمانة:{وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب والميزان} .
الثالث عشر: إِنزال الحديد لتقرير المنافع والمصلحة: {وَأَنزَلْنَا الحديد فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} .
الرّابع عشر: إِنزال المائدة للامتحان والمُعْجِزة: {رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السمآء} .
الخامس عشر: إِنزال الوَحْى والقرآن لإِلزام الحجّة وإِهداءِ هدِيّة الهداية {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فى لَيْلَةِ القَدْرِ} .
ولا يقال فى المفتَرَى والكذب، وما كان من الشياطين إِلَاّ التّنَزُّل قال الله تعالى:{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشياطين} .
والنُزل - بالضمّ وبضمّتين -: ما يُعَدّ للنَّازل من الزاد. وأَنزلت فلاناً: أَضفته. ويعبّر بالنَّازلة عن الشِّدّة، وجمعه نوازل. والنِّزَال فى الحرب: المنازلة.