الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى البصيرة
وهى قوّة القلب المدركة. ويقال لها: بَصَر أَيضاً: قال الله - تعالى -: {مَا زَاغَ البصر وَمَا طغى} وجمع البصر أَبصار، وجمع البصيرة بصائر. ولا يكاد يقال للجارحة الناظرة بصيرة؛ إِنما هى بَصَرٌ؛ نحو {كَلَمْحٍ بالبصر} ويقال للقوّة الَّتى فيها أَيضاً: بَصَر. ويقال منه: أَبصرت، ومن الأَوّل: أَبصرته، وبَصُرت به. وقلَّما يقال فى الحاسّة إِذا لم تضامّه رُؤية القلب: بَصُرت. ومنه {أَدْعُو إلى الله على بَصِيرَةٍ} أَى على معرفة وتحقُّق. وقوله: {بَلِ الإنسان على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} أَى عليه من جوارحه بصيرة، فتبصّره وتشهد عليه يوم القيامة. وقال الأَخفش: جعله فى نفسه بصيرة؛ كما يقال: فلان جُود وكرم. فههنا أَيضا كذلك؛ لأَنَّ الإنسان ببديهة عقله يعلم أَن ما يقرّبه إِلى الله هو السّعادة، وما يبعده عن طاعته الشقاوة.
وتأْنيث البصير لأَنَّ المراد بالإِنسان هنا جوارحه. وقيل: الهاءُ للمبالغة؛ كعلَاّمة، وزاوية. والضَّرير يقال له: البصير، على سبيل العكس. والصّواب أَنه قيل له ذلك لمالَه من قوّة بصيرة القلب.
وقوله: {لَاّ تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار} حمله كثير من المتكلِّمين على الجارحة. وقيل: فى ذلك إِشارة إِلى ذلك، وإِلى الأَذهان، والأَفهام. والباصرة: الجارحة الناظرة.
{وَجَعَلْنَآ آيَةَ النهار مُبْصِرَةً} قيل معناه: صار أَهله بُصَراءَ؛ نحو رجل مُخْبِث، ومُضْعِف أَى أَهله خُبثاءُ وضعفاءُ. {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القرون الأولى بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ} : آية جعلناها عِبرة لهم. وقوله: {وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} أَى انتظر حتى ترى ويرون. وقوله: {وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ} أَى طالبين للبصيرة. ويصحّ (أَن يستعار) الاستبصار للإِبصار؛ نحو استعارة الاستجابة للإِجابة. وقوله: {تَبْصِرَةً وذكرى} أَى تبصيرا وتنبييناً. يقال: بَصّرته تبصيراً، وتَبْصِرة؛ نحو ذكَّرته تذكيراً وتذكرة.
والبصيرة: قطعة من الدّم تلمع، والتُرْس اللامع، وما بين شِقَّتى الثوب، والمزادة، ونحوها الَّتى تبصر منه. والبَصْرة: حجارة رِخوة تلمع كأَنَّها تُبصر.
وورد البصر فى القرآن على وجوه: بصر النظر والحجّة: {فارجع البصر هَلْ ترى مِن فُطُورٍ ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً} ، وبَصَر الأَدب، والحرمة:{مَا زَاغَ البصر وَمَا طغى} ، وبصر للتعجيل والسّرعة:{وَمَآ أَمْرُنَآ إِلَاّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بالبصر} ، وبصر الحيرة والحسرة:{فَإِذَا بَرِقَ البصر} ، وبصر للعمى فى الكافر، والجهالة:{وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً} ، وبصر السّؤال عن المعصية، والطَّاعة:{إِنَّ السمع والبصر والفؤاد} ، وبصر فى عدم الفائدة والمنفعة:{فَمَآ أغنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ} ، وبصر للغىّ والغفلة:{أولائك الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} ، وبصر للغِطاءِ واللعنة:{فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصَارَهُمْ} ، وبصر لإِبعاد المنكرين عن اللِّقاءِ والرّؤية:{لَاّ تُدْرِكُهُ الأبصار} ، وبصر للختم والخسارة:{خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ} وبصر للنَّظر والعِبْرة: {فاعتبروا ياأولي الأبصار} .