الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الحى
وهو ضدّ الميّت. والحِىُّ بالكسر والحيوان - محرّكة - والحياة والحَيَوْة بفتح الياء وسكون الواو: نقيض الموت.
والحياة يستعمل على أَوجه:
الأَوّل: للقوّة النَّامية الموجودة فى النبات والحيوان. ومنه قيل: نبات حَىّ: قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ المآء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} .
الثَّانى: للقوّة الحسّاسة، وبه سمّى الحيوان حيواناً {وَمَا يَسْتَوِي الأحيآء وَلَا الأموات} وقال تعالى {إِنَّ الذي أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الموتى} فقوله {إِنَّ الذي أَحْيَاهَا} إِشارة إِلى القوة النَّامية. وقوله {لَمُحْىِ الموتى} إِشارة إِلى القوّة الحسّاسة.
الثالث: للقوّة العالِمة العاقلة كقوله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} .
قال الشاعر:
لقد أَسمعت لو ناديتَ حيّاً
…
ولكن لا حياة لمن تنادى
الرّابع: عبارة عن ارتفاع الغَمِّ. وبهذا النَّظر قال الشاعر:
ليس من مات فاستراح بمَيْت
…
إِنما المَيْت ميّت الأَحياءِ
وعلى هذا قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الذين قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ} أَى [هم] متلذِّذون، لما روى فى الأَحاديث الصّحيحة من بيان أَرواح الشهداءِ.
الخامس: الحياة الأُخروية الأَبديّة. وذلك يتوصّل إِليه بالحياة الَّتى هى العقل والعلم. وقوله تعالى: {ياليتني قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} يُعْنى به الحياة الأُخرويّة الدّائمة.
السّادس: الحياة الَّتى يوصف بها البارئ تعالى، فإِنَّه إِذا قيل فيه تعالى: هو حىّ فمعناه: لا يصح عليه الموت، وليس ذلك إِلَاّ لله تعالى.
والحياة باعتبار الدّنيا والأُخرى ضربان: الحياة الدّنيا والحياة الآخرة.
قال تعالى: {وَمَا الحياة الدنيا فِي الآخرة إِلَاّ مَتَاعٌ} أَى الأَعراض الدنيوية.
وقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حَيَاةٍ} أَى حياة الدنيا.
وقوله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى} كان يطلب أَن يُريه الحياة الأُخرويّة المعرّاةَ عن شوائب الآفات الدّنيوية.
وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ} أَى يرتدع بالقصاص مَن يريد الإِقدام على القتل، فيكونُ فى ذلك حياة النَّاس. وقوله تعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} أَى من نَجَّاها من الهلاك. وعلى هذا قوله: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} أَى أَعفو فيكون إِحياءً.
والحيوان: مقرّ الحياة. ويقال على ضربين: أَحدهما ماله الحاسّة، والثَّانى ماله البقاءُ الأَبدىّ. وهو المذكور فى قوله تعالى:{وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان} وقد نبّه بقوله (لهى الحيوان) أن الحيوان الحقيقىَّ السّرمدىُّ الَّذى لا يفنى، لا ما يبقى مدّةً ويفنى بعد مدّةٍ. وقال بعض اللغويّين الحيوان والحياة واحدٌ. وقيل: الحيوان ما فيه الحياة والمَوَتان ما ليس فيه الحياة. والحيا: المطر لأَنَّه يحيى به الأَرض بعد موتها. وقوله تعالى: {نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسمه يحيى} فيه تنبيه أَنه سماه بذلك من حيث إِنَّه لم تمته الذُّنوب، كما أَماتت كثيراً من ولد آدم، لا أَنَّه كان يعرف بذلك فقط فإِنَّ هذا قليل الفائدة. قوله تعالى:{يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحي} أَى يخرج النَّبات من الأَرض والإِنسان من النطفة.
وقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ} فالتحيّة أَن يقال: حيّاك الله أَى جَعَل لك حياة. وذلك إِخبار ثمّ يجعل دعاء [ويقال: حيّا فلان فلانا تحيّة إِذا قال له ذلك، وأَصل التحية من الحياة، ثم جعل ذلك دعاء] تحيّة لكوْن جمعيه غير خارج عن حصول الحياة أَو بسبب الحياة إِمّا لِدنيا أَو لآخرة. ومنه التَّحِيَّاتُ لله.