الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الأول والأولى
وقد ورد الأَوّل فى نصّ القرآن على اثنى عشر وجهاً:
الأَوّل: بمعنى بيت الله الحرام: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} .
الثانى: بمعنى الكليم موسى عليه السلام: {تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ المؤمنين} .
الثالث: بمعنى الكفَّار من اليهود: {وَلَا تكونوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} .
الرّابع: بمعنى سيّد المرسلين: {فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} ، {وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المسلمين} .
الخامس: بمعنى سَحَرَة فرعون: {أَن كُنَّآ أَوَّلَ المؤمنين} .
السّادس: بمعنى قوم عيسى وقت نزول المائدة: {تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} .
السّابع: بمعنى أَهل العقوبة فى النَّار: {وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لأُخْرَاهُمْ} .
الثامن: بمعنى المظلومين من بنى إِسرائيل: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا} .
التاسع: فى تشبيه سيّد المرسلين بالأَنبياءِ والرّسل الماضين: {كَمَآ أُرْسِلَ الأولون} .
العاشر: بمعنى مَجْمَع الخلائق فى معسكر المآبر: {قُلْ إِنَّ الأولين والآخرين لَمَجْمُوعُونَ} .
الحادى عشر فى خضوع سيّد المرسلين وخشوعه، وانقياده حال الصّلاة:{وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين} .
الثانى عشر: فى الجمع بين صِفتى الأَوّليّة والآخريّة للحقِّ تعالى: {هُوَ الأول والآخر} .
وأَمّا من طريق المعنى فإِنَّه يأتى على ستَّة أَوجه: إِمّا على سبيل التقريب؛ كالفعل والفاعل. وإِمّا على حكم الترتيب، كالتشبيه والجسميّة. وإِمّا من طريق التركيب؛ كالفرد والبسيط مع المركَّبات. وإِمّا بحسب العقل؛ كالبديهيّات مع الاستدلاليات. وإِمّا بطريق الحِسّ: كالضَّروريّات مع القضايا. وإِمّا على حكم المجاورة؛ كالدنيا مع الآخرة.
وأَصل الأَوّل أَوْأَلُ. وقيل: وَوْأَلُ. والجمع الأَوائل، والأَوالى على القلب، والأَوّلون. وتأنيثه الأُولى، والجمع الأُوَلُ.
وإِذا جعلته صفة منعته من الصّرف، وإِلَاّ فصرفته. تقول: لقيته عاماً أَوّلَ. وعاماً أَوّلا، وعامُ الأَوّلِ مردود أَو قليل. وتقول: ما رأَيته مذ عامٌ أَوّل، ترفعه على الوصف، وتنصبه على الظَّرف. وابدأْ به أَوَّلُ يُضَمّ على الغاية، كفعلته قبلُ، وأَوّلَ كلّ شئ بالنصب. وتقول: ما رأَيته مذ أَوّل مِن أَوّل من أَمس، ولا يجاوَز ذلك.
وقال الخليل: تأسيس الأَوّل من همزة وواو ولام. قال: وقد قيل: من واوين ولام. والأَوّل أَصحّ؛ لقلَّة وجود ما فاؤه وعينه حرف واحد؛ كدَدَن. فعلى الأَوّل يكون من آل يئول. وأَصله آول؛ فأُدغمت المدّة؛ لكثرة الكلمة. وهو فى الأَصل صفة لقولهم فى مؤنّثهِ: أُولى.
قال أَبو القاسم الأَصبهانى: الأَوّل يستعمل على أَوجه:
الأَوّل: المقدّم بالزمان؛ كقولك: عبد الملك أَوّلاً، ثم منصور.
الثَّانى: المتقدّم بالرّياسة فى الشئِ، وكون غيره محتذيا به؛ نحو الأَمير أَوّلاً [ثم] الوزير.
الثالث: المتقدّم بالوضع والنسبة؛ كقولك للخارج من العراق إِلى مكة: القادِسيّة أَوّلاً، ثمّ فَيْد. وتقول للخارج من مكَّة: فَيد أَوّلاً ثمّ القادسيّة.
الرّابع المتقدّم بالنظام الصّناعى؛ نحو أَن يقال: الأَساس أَوّلاً، ثمّ البناء. وإذا قيل فى صفة الله تعالى: هو الأَوّل فمعناه الَّذى لم يسبقه فى الوجود شئ. وإِلى هذا يرجع من قال: هو الَّذى لا يحتاج إِلى غيره، ومن قال: هو المستغنى بنفسه. وقوله: أَنا أَوّل المسلمين وأَنا أَول المؤمنين معناه أَنا المقتدى بى (فى) الإِسلام، والإِيمان. {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِر بِهِ} أَى مّمن يُقتدى بكم فى الكفر والله أَعلم.