الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الأحد
وهى كلمة تستعمل على ضربين. أَحدهما فى النفى فقط؛ والثانى فى الإِثبات. فأَمّا المختصّ بالنْفى فلاستغراق جنس الناطقين. ويتناول القليل، والكثير، على طريق الاجتماع، والافتراق، نحو ما فى الدّار أَحد أَى لا واحدٌ، ولا اثنان فصاعداً، لا مجتمعين ولا مفترقين. ولهذا المعنى لا يصحّ استعماله فى الإِثبات؛ لأَنَّ نفى المتضادّين يصحّ، وإِثباتهما لا يصحّ. فلو قال: فى الدّار أَحد لكان فيه إِثبات واحدٍ منفرد، مع إِثبات ما فوق الواحد مجتَمعين، ومفترقين، وذلك ظاهر الإِحالة. ولِتناول ذلك ما فوق الواحد يصحّ أَن يقال: ما مِن أَحد فاضلين، كقوله:{فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} .
وأَمّا المستعمل فى الإِثبات فعلى ثلاثة أَوجه.
الأَوّل: فى الواحد المضموم إِلى العشرات؛ نحو أَحد عشر، وأَحد وعشرين. والثانى أَن يستعمل مضافاً إِليه، كقوله تعالى:{أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} ، وقولهم: يوم الأَحد أَى يوم الأَوّل، ويوم الاثنين.
الثالث: أَن يستعمل مطلقاً وصفاً، وليس ذلك إِلَاّ فى وصف الله تعالى.
وأَصله وَحَد، أَبدلوا الواو همزة، على عادتهم فى الواوات الواقعة فى أَوائل الكلم؛ كما فى أُجوه ووجوه، وإِشاح ووِشاح، وامرأَة أَناة ووَناة.
وورد فى النصّ على عشرة أَوجه:
الأَوّل: بمعنى سيّد المرسلين صلى الله عليه وسلم: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ على أحَدٍ} {وَلَا نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً} يعنى أَحمد.
الثانى: بمعنى بِلَال بن رَبَاح: {وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى} أَى لبلال.
الثالث: بمعنى يمليخا أَحدِ فِتية الكهف: {فابعثوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ} .
الرّابع: بمعنى زيد بن حارثة مولى النبىّ صلى الله عليه وسلم: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} .
الخامس: بمعنى فَرْد من الخَلْق من أَهل الأَرض، والسّماءِ، من المَلَك، والإِنس والجِنَّ والشيطان {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً} .
السّادس: بمعنى دقيانوس {وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً} .
السّابع: بمعنى إِبليس: {وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً} .
الثامن: بمعنى ساقى مالك بن الرّيّان:
{قَالَ أَحَدُهُمَآ إني أراني أَعْصِرُ خَمْراً} .
التَّاسع: بمعنى الصّنم، والوَثَن:{وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً} ، {قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ الله أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ} .
العاشر: بمعنى الحقّ الواحد، الصّمد تعالى:{أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} .