الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الدون والدين
يقال للقاصر عن الشئ: دُون. وقال بعضهم: هو مقلوب من الدنوّ. والأَدون الدّنئ. وقوله تعالى: {لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ} أَى ممّن لم تبلغ منزلتُه منزلتكم فى الدّيانة، وقيل فى القرابة. وقوله تعالى:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَن يَشَآءُ} أَى ما كان أَقلَّ من ذلك. وقيل: ما سوى ذلك. والمعنيان يتلازمان.
وقوله تعالى: {أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلاهين مِن دُونِ الله} أَى غير الله، وقيل: معناه إِلهين متوسَّلاً بهما إِلى الله. وقوله: {وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ الله مِن وَلِيٍّ} أَى ليس لهم من يُواليهم من دون الله.
وقد يُغْرَى بلفظ دون فيقال: دونك كذا أَى تناوله. وقال بعض أَئمة اللغة: دون نقيض فوق، ويكون ظرفاً، وبمعنى أَمَامَ ووراءَ وفوق، وبمعنى الشريف والخسيس، وبمعنى الأَمر وبمعنى الوعيد. وقال بعضهم: الدُون: الحقير الخسيس، وقد دان وأُدِين.
أَمّا الدِّين فيقال للطَّاعة والجزاء واستعير للشريعة. والدّين كالملة لكنه يقال اعتباراً بالطَّاعة والانقياد للشريعة.
وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً} أَى طاعة وقوله {لَا تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} حَثّ على اتِّباع دين النبىّ صلى الله عليه وسلم الَّذى هو أَوسط الأَديان وخيرها، كما قال:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} . وقوله تعالى {لَا إِكْرَاهَ فِي الدين} قيل يعنى فى الطَّاعة، فإِنَّ ذلك لا يكون فى الحقيقة إِلَاّ بالإِخلاص، والإِخلاصُ لا يتأَتَّى فيه الإِكراه. وقيل إِنَّ ذلك مختصّ بأَهل الكتاب الباذلين للجزية. وقوله تعالى:{أَفَغَيْرَ دِينِ الله يَبْغُونَ} يعنى الإِسلام كقوله {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} . وقوله {فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} أَى غير مَجْزيِين.
وقال بعضهم: الدِّين: الجزاءُ، دِنتُه دَيْناً ودِيناً، والإِسلام [وفد] دِنتُ به، والعادة، قال:
تقول إِذا دَرَأتُ لها وضِينى
…
أَهذا دينُه أَبداً ودينى
والطاعة كالدينة فيهما بالهاءِ، والذّلّ، والداءُ، والحساب، والقهر والغلبة، والسّلطان والحكم، والتَّوحيد، واسم لجميع ما يُتعبّد اللهّ به، والمِلَّة، والوَرَع، والمعصية، والإِكراه، ومن الأَمطار: ما تعاهد موضعاً فصار ذلك له عادة.
وفى الحديث "إن الدّين يسرٌ" وفيه "إِنَّ دين الله الحنيفية السّمحة" وقال "إِنَّ الدّين متين فأَوْغِل فيه برفق" ومن كلام العلماءِ كُلْ من كَدّ يمينيك. ولا تأْكل بدِينك وقال الشاعر:
عجبتُ لمبتاع الضَّلالة بالهدى
…
وللمشترى دنياه بالدّين أَعجب
وأَعجبُ من هذين مَن باع دينه
…
بدنياه سواه فهْو من ذين أَخيب
والدّين ورد فى القرآن بمعنى التَّوحيد والشهادة {إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام} {أَلَا لِلَّهِ الدين الخالص} {أَفَغَيْرَ دِينِ الله يَبْغُونَ} أَى التوحيد وله نظائر، وبمعنى الحساب والمناقشة {مالك يَوْمِ الدين} {الذين يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدين} {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين} أَى الحساب وله نظائر أَيضاً، وبمعنى حكم الشريعة {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله} أَى فى حكمه، وبمعنى الإِيالة والسّياسة {فِي دِينِ الملك} أَى فى سياسته، وبمعنى المِلَّة {وَذَلِكَ دِينُ القيمة} أَى الملَّة المستقيمة، وبمعنى الإِسلام {هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق} .