الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عثمان، مما كان له أسوأ النتائج على وحدة المسلمين وخلافاتهم.
ومن خلال هذا العرض أيضًا يتضح بما لا يدع مجالًا للريب حرص الصحابة رضوان الله عليهم على الإصلاح وجمع الكلمة، وهذا هو الحق الذي تنطق به الروايات والنصوص، وتسير في اتجاهه الفطرة والعقل السليم (1).
معركة صِفِّين (37ه
ـ):
لما انتهت واقعة الجمل أرسل علي رضي الله عنه جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية يدعوه إلى بيعته، فطلب معاوية عمرو بن العاص ورءوس أهل الشام فاستشارهم فأبوا أن يبايعوه حتى يقتل قتلة عثمان أو أن يسلم إليهم قتلة عثمان (2).
وراج عند العوام والجهلة من أهل الشام أن لعلي يدًا في قتل عثمان، وذلك لأربعة أمور:
الأمر الأول: عدم قتله قتلة عثمان.
الأمر الثاني: معركة الجمل.
الأمر الثالث: تركه المدينة وسكنه بالكوفة، والكوفة هي معقل قتلة عثمان.
الأمر الرابع: أن في جيش علي من هو متهم بقتل عثمان (3).
وقد أجاب الإمام ابن أبي العز الحنفي (731 - 792هـ) عن هذه الشبهة بقوله (4): «وكان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان من لم يعرف بعينه، ومن تنتصر له قبيلته، ومن لم تقم عليه حجة بما فعله، ومن في قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله» اهـ.
بل وكيف يكون لعلي رضي الله عنه يد في قتل عثمان وهو القائل: «اللهم إني أبرأ إليك من دم
(1) د. محمد أمحزون: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، ص (447).
(2)
ابن كثير: البداية والنهاية (7/ 254) بتصرف.
(3)
عثمان الخميس: حقبة من التاريخ، ص (121) بتصرف.
(4)
ابن أبي العز الحنفي: شرح العقيدة الطحاوية، ص (510).
عثمان» (1)، وهو القائل أيضًا:«اللهم العن قتلة عثمان» ! (2).
فلما امتنع معاوية رضي الله عنه عن البيعة، استخلف علي رضي الله عنه على الكوفة أبا مسعود عقبة بن عامر البدري الأنصاري، وخرج بجيش قوامه مئة ألف إلى صِفِّين في الشام. وبلغ معاوية أن عليًا تجهز وخرج بنفسه لقتاله فأشار عليه رجاله أن يخرج هو أيضًا بنفسه، فخرج الشاميون نحو صفين، والتقى الجيشان، ونشب القتال.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (3): «وأما قول القائل: إن عليًا بدأهم بالقتال، قيل له: وهم أولًا امتنعوا من طاعته ومبايعته وجعلوه ظالمًا مشاركًا في دم عثمان، وقبلوا عليه شهادة الزور ونسبوه إلى ما هو بريء منه» ، قال ابن العربي (4):«قالوا: لا نبايع من يؤوي القتلة» .
قال ابن حجر العسقلاني (6): «ذهب جمهور أهل السنة إلى تصويب من قاتل مع علي لامتثال قوله تعالى {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} (7) الآية، ففيها الأمر بقتال الفئة الباغية، وقد ثبت أن من قاتل عليًا كانوا بغاة، وهؤلاء مع هذا التصويب متفقون على أنه لا يُذَم واحد من هؤلاء، بل يقولون: اجتهدوا فأخطأوا» ، وقال
(1) تاريخ الطبري (4/ 444).
(2)
ابن كثير: البداية والنهاية (7/ 243).
(3)
ابن تيمية: منهاج السنة (4/ 410).
(4)
ابن العربي: العواصم من القواصم، ص (162).
(5)
السابق، ص (164 - 5) باختصار، وقد تقدم الكلام عن أسباب مقتل عثمان على الرغم من وجود جماعة من كبار الصحابة رضي الله عنهم بالمدينة، راجع كلام الحافظ ابن كثير.
(6)
ابن حجر: فتح الباري (13/ 67).
(7)
الحجرات: 9