الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كارول James Carroll بعنوان (سيف قسطنطين Constantine's Sword) يتهم الكنيسة بمعاداة اليهود ويتهمها كذلك بالعنف التاريخي وشن حروب دموية باسم الصليب (1)؟
- كذلك كيف تمكن الألماني-الروسي الحاقد أليكس فينس Alex Wiens في 1 يوليو 2009م من تسديد 18 طعنة في دقائق معدودة إلى الصيدلانية المسلمة مروة الشربيني رحمها الله تعالى (1977 - 2009م)، في قاعة محكمة دريسدن Dresden بألمانيا على مرأى ومسمع من رجال الشرطة، وذلك بعد ما وصفها بالإرهاب والتطرف بسبب ارتدائها الحجاب؟
- وما الذي دفع دولة سويسرا التي تقر في دستورها مبدأ ضمان الحرية الدينية للجميع، إلى حظر بناء المآذن على أرضها في حين أنها لا تمنع الكنائس من دق أجراسها؟
- وما الذي دفع معدِّي البرنامج الأمريكي الهزلي الشهير ساوث پارك South Park إلى إعداد حلقات يصوَّر فيها شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وبأمي - في زي دُب! (2)، أحجموا عن عرضها عندما جاءهم تهديد بالقتل من مجهول؟
وما ولماذا وكيف
…
؟ تعددت الأسباب والموت واحد!
هل المجتمع الغربي علماني أم مسيحي
؟
كذلك للبعض أن يسأل: كيف يتفق أن نفورًا قديمًا - وكان دينيًا في أساسه وممكنًا في زمانه بسبب السيطرة الروحية للكنيسة - يستمر في زمن ترتفع فيه بشكل واضح معدلات الإلحاد والعَلْمنة في العالم؟؟
(1) جاء ذلك تبعًا لزيارة بنديكت السادس عشر لأمريكا في إپريل 2008م لاعتذاره عن جرائم الشذوذ الجنسي التي ارتكبها الرهبان الكاثوليك في أمريكا.
(2)
وهي الحلقات رقم 200 و201، التي تقرر بثها في 14 و21 إپريل عام 2010م، وقد سبق لهم هذا الفعل الكافر في الحلقة 68 (4 يوليو 2001م)، عندما صوروا شخص النبي محمد وموسى وعيسى عليهم السلام أجمعين بصورة هزلية لا أجد لها وصفًا، قاتلهم الله.
(1) محمد أسد: الإسلام على مفترق الطرق، ص (61).
(2)
يقول الدكتور المسيري رحمه الله في موسوعته الشهيرة - وسيأتي التعريف بهما في الفصل التالي -: «وأثناء كتابة هذه الموسوعة لاحظت تكرار كلمة (مسلم) في مقال عن التدرج الاجتماعي في معسكر أوشفيتس Auschwitz [أحد معتقلات النازي]، وقال مرجع آخر إن الضحايا الذين كانوا يقادون لأفران الغاز كانوا يسمونهم تسمية غريبة. وقد تبين بعد قراءة عدة مراجع وموسوعات إلى أنهم كانوا يسمونهم في واقع الأمر (ميزلمان Muselman) أي (مسلم) بالألمانية. وقد ورد ما يلي في مدخل مستقل في الموسوعة اليهودية Encyclopedia Judaica جزء 12 ص537 - 538 عنوانه (مسلم/ميزلمان):"هي إحدى المفردات الدارجة في معسكرات الاعتقال، والتي كانت تستخدم للإشارة للمساجين الذين كانوا على حافة الموت" .... هذه هي المعلومة، فكأن العقل الغربي حينما كان يدمر ضحاياه كان يرى فيهم الآخر، والآخر منذ حروب الفرنجة هو المسلم. ومن المعروف في تاريخ العصور الوسطى أن العقل الغربي كان يربط بين المسلمين واليهود
…
إن التجربة النازية هي الوريث الحقيقي لهذا الإدراك الغربي، والنازيون هم حملة عبء هذه الرؤية، وهم ممثلو الحضارة الغربية في مجابهتها مع أقرب الحضارات الشرقية، أي الحضارة الإسلامية. وهم لم ينسوا قط هذا العبء حتى وهم يبيدون بعضًا من سكان أوروپا. وهم في هذا لا يختلفون كثيرًا عن الغزاة الإسپان للعالم الجديد الذين كانوا يبيدون سكانه الأصليين وكانوا يسمونهم (الترك) أي المسلمين
…
وقد حاول كاتب مدخل (مسلم) في الموسوعة اليهودية أن يفسر أصل استخدام الكلمة، فهو يدَّعي أن الضحايا سُموا (مسلمين) استنادًا إلى طريقة مشيهم وحركتهم:"إنهم كانوا يجلسون القرفصاء وقد ثُنيت أرجلهم بطريقة (شرقية) ويرتسم على وجوههم جمود يشبه الأقنعة". والكاتب في محاولة تفسيره هذه لم يتخل قط عن عنصريته الغربية أو الصور النمطية الإدراكية، كل ما في الأمر أنه حاول أن يحل كلمة (شرقيين) العامة محل كلمة (مسلمين) المحددة» اهـ[د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (2/ العرب والمسلمون والإبادة النازية ليهود أوروپا) باختصار، وانظر كذلك: The Blackwell Dictionary of Judaica، p(380): Muselman (German: "Muslim")].
وتقول باربرا فيكتور (1): «وحسب عقيدة مسيحية راسخة جدًا في اللاشعور الغربي: الإسلام، ومنذ سقوط بيزنطة وإعادة احتلال إسپانيا، هو الدين الوحيد - من خلال ثقافته وأدبه - الذي هدد باستمرار وجود النصارى» اهـ.
أيضًا، فإن واقعنا المعاصر يشهد بانحسار التيار الإلحادي العَلْماني في العالم بشكل عام، وليس أقوى من الصفعة التي وجهها أعتى ملاحدة العصر سير أنتوني فلو Sir Antony Flew (1923 - 2010 م) إلى زملائه من الملاحدة والمتشككين؛ فبعد أكثر من نصف قرن قضاها في دعوته إلى الإلحاد ألَّف فيها أكثر من ثلاثين كتابًا وبحثًا فلسفيًا تعد بمثابة أصول الفلسفة الإلحادية المعاصرة، وجدول أعمال الفكر الإلحادي طوال النصف الثاني من القرن العشرين، أعلن في مطلع عام 2004م بصراحة نادرة الوجود عن تراجعه عن إلحاده ودخوله في صفوف (النِيتْشَريين) المؤمنين بوجود الله الخالق، وقوفًا على مبدأ (الربوبية Deism)(2) ، وصنف في ذلك كتابه الماتع (هناك إله There's a God)(3) ،
والذي هتك فيه أستار زملائه وعلى رأسهم الأفاك ريتشارد دوكنز Richard Dawkins، والفيزيائي المتشكك ستيفن هوكنج Stephen Hawking (4) .
(1) باربرا فيكتور: الحرب الصليبية الأخيرة، ص (205).
(2)
النِيتْشَريين، كما يطلق عليهم جمال الدين الأفغاني في رسالته (في الرد على الدهريين)، نسبة إلى (نِيتْشَر) أي (الطبيعة Nature): هم أتباع (الديانة الطبيعية) أو (الربوبية)، وهي فلسفة تؤمن بوجود خالق عظيم للكون وبأن هذه الحقيقة يمكن الوصول إليها باستخدام العقل ومراقبة العالم الطبيعي وحده دون الحاجة إلى أي دين، مع رفض فكرة التدخل الإلهي في الشئون الإنسانية بالمعجزات والوحي.
(3)
وقد نقله إلى العربية وعلق عليه الأستاذ الدكتور عمرو شريف رئيس قسم الجراحة بكلية الطب جامعة عين شمس، في كتابه القيم (رحلة عقل) ..
(4)
ولكن أنتوني فلو ظل حتى وفاته منكرًا لوجود حياة أخرى بعد الموت حيث لم يقف على دليل علمي يثبتها، وكان مما قاله في خاتمة كتابه:«إذا كانت رحلة الفلاسفة العقلية ورحلة العلماء البحثية قد توصلت إلى القول بالإله الحكيم القادر، فلا مانع عندي من تقبل فكرة أن يكشف الإله عن نفسه لمخلوقاته من خلال الوحي وإرسال الرسل، إذا وجدت الدليل على ذلك» اهـ[انظر: رحلة عقل، ص (110)].
كذلك فقد أشار إلى ظاهرة عودة الدين اللاهوتي الكاثوليكي الأمريكي چورچ ويجل George Weigel فقال: «إن تطهير العالم من النزعة العَلْمانية الدنيوية هي إحدى الحقائق السائدة في السنوات الأخيرة من القرن العشرين» (1).
ويقول چورچ قُرم (2): «في ستينات القرن المنصرم، كان الاختصاصيون أو الخبراء يتحدثون عن حركة (إثنية/قومية). واليوم، تبدو الهوية الدينية أنها هي التي تريد أن تحتوي كل شيء: الغرب اليهودي-المسيحي، العالم الإسلامي أو العربي الإسلامي، القدس التي صارت عاصمة (أبدية) لدولة إسرائيل، مكة، روما، التي هي، سلمًا أو عنوةً، أماكن تجمُّع كبرى؛ ولكنها تريد أيضًا احتواء موسكو، أثينا أو بلجراد، هذه المراكز الحيوية للكنيسة الأرثوذكسية المتجددة جرّاء سقوط الشيوعية؛ فيما الأصولية الپروتستانتية (3)
أو الإنجيليون الجُدُد والحركات السلفية المسيحية الأخرى Born Again Christians تشارك هي أيضًا، وبجلاء، في ديكورات العالم الجديد».
وتأمل ما صرح به رئيس الحكومة البريطانية السابق توني بلير Tony Blair لجريدة
(1) انظر، صامويل هنتنجتون: صراع الحضارات، ص (127).
(2)
د. چورچ قُرم: المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين، ص (20).
(3)
ظهر لأول مرة مصطلح (الأصولية)، في كتاب (الأصول: دليل إلى الحق The Fundamentals: A Testimony to the Truth) الضخم المكون من 12 جزءًا، والتي تم دمجها في أربعة مجلدات، وقام بتحريره ألفرد ديكسون Alfred C. Dixon (1854 - 1925 م) وروبين توري Reuben A. Torrey (1856 - 1928 م)، وموَّل طباعته ونشره في عام 1909م رجل الأعمال الأمريكي ليمان ستيوارت Lyman Stewart (1840 - 1923 م) وأخيه ميلتون Milton، واللذان عملا على توزيعه بالمجان على المؤسسات التبشيرية ومدارس الأحد والجهات المهتمة بهذا الشأن. ولقد دوَّن فيه الكاتبان ما اعتبراه أصول الديانة النصرانية الحقة، ثم تناقلته الأيدي حتى صار بعد ذلك المرجع الرئيسي الذي قامت عليه الحركة الأصولية الپروتستانتية الحديثة. ومما يذكر أنه حتى عام 1950م لم تكن أدرجت كلمة (أصولية Fundamentalism) في قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية، في حين أن كلمة (أصولي Fundamentalist) قد أضيفت إلى الطبعة الثانية عام 1989م. [انظر، موسوعة ويكيپيديا، مادة: The Fundamentals، ومادة: Fundamentalism، وانظر مقدمة روبين توري لكتاب (الأصول)] ..
(دي تسايت Die Zeit) الألمانية الأسبوعية (1)، حيث قال:«إذا لم تلعب العقيدة الدينية أي دور في القرن الواحد والعشرين، وهو ما لا أستطيع تخيله، فإن شيئًا ما حاسمًا سيكون مفقودًا» .
فضلًا عما كشفت عنه نتيجة الاستطلاع الذي أجراه مركز جالوپ الأمريكي Gallup للإحصاء - والذي أجري طيلة ثلاث سنوات متصلة (2006 - 2008) في 143 دولة - حول أهمية الدين في حياة الشعوب، حيث جاء المتوسط العالمي للاستطلاع 82% ممن أجابوا بنعم (2).
بل ما أظهره الاستطلاع الآخر الذي قام به الباحثان چون إسپوزيتو وداليا مجاهد (3) لصالح مؤسسة جالوپ - والذي يعد الأكبر عالميًا حتى الآن -، من أنه في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تنفصل الكنيسة عن الدولة بحكم القانون، تقول الأغلبية (55%) إنها تفضل أن يكون الإنجيل مصدرًا للتشريع، ويقول 9% من هؤلاء إنه يجب أن يكون المصدر الوحيد (4).
(1) وذلك في عدد 22 ديسمبر 2008م.
(2)
http://www.gallup.com/poll/114211/Alabamians-Iranians-Common.aspx، ولقد احتلت مصر المركز الأول بنسبة 100% أجابوا بنعم، وحصلت أمريكا على متوسط 65%، وإسرائيل على 50%. ولقد علق معهد جالوپ على نتيجة الاستطلاع بالقول بأن «الاعتراف بهذه الحقيقة ينبغي أن يوقف الأمريكيين عن إطلاق الأحكام على الثقافات الأخرى، كالقول مثلًا بأن بعض الشعوب أقل أو أكثر تعصبًا من الأمريكيين. كما ينبغي أن تساعد هذه النتائج من هم خارج الولايات المتحدة على تجنب إطلاق مثل هذه الأحكام السطحية على الأمريكيين» اهـ.
(3)
چون إسپوزيتو: هو أستاذ الديانات والدراسات الإسلامية، والمدير المؤسس لمركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي-المسيحي في جامعة (چورچ تاون Georgetown) في العاصمة واشنطون. وهو كذلك رئيس تحرير عدد من المراجع كموسوعة أكسفورد للعالم الإسلامي المعاصر، وتاريخ أكسفورد للإسلام، وقاموس أكسفورد للإسلام. أما داليا مجاهد: فهي مستشارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لشئون العالم الإسلامي، وهي المديرة التنفيذية لقسم الدراسات الإسلامية في مركز جالوپ، وكبيرة المحللين للبيانات.
(4)
انظر، إسپوزيتو ومجاهد: من يتحدث باسم الإسلام؟ كيف يفكر حقًا مليار مسلم، ص (182). John L. Esposito and Dalia Mogahed: Who Speaks for Islam? What A Billion Muslims Really Think
وهذا ما أكد عليه الدكتور مصطفى حلمي في عرض حديثه عن الصحوة الدينية في الغرب، فقال (2):«وأخذت أستعيد قراءة ما كتبه الدكتور حامد ربيع رحمه الله [1925 - 1989م] (3)، الذي درس تاريخ الكنيسة بعناية، وأثبت أن ما زعمه الغرب من الفصل بين الدين والدولة لم يتحقق إلا في العصور الوسطى، ثم لفترة استثنائية أثناء الثورة الفرنسية» اهـ.
ولهذا، وكما يقول الدكتور عبد العزيز مصطفى كامل (4):«نجزم أن العَلْمانية عند اليهود وعند النصارى ظاهرة طارئة وعارضة، وهي أيضًا في طريقها إلى الاختفاء والأفول .. وعندها سيتجرد الصراع بشكله العقائدي، بين حق واضح يمثله المسلمون، وباطل صراح يمثله اليهود والنصارى. وستكون (أرض إبراهيم) هي ساحة ذلك الصراع في المستقبل، كما هي الآن في الحاضر، وكما كانت في الماضي البعيد» اهـ.
وأذكر أنني حينما سألت الأستاذ فاضل سليمان عن الغرب هل هو عَلْماني أم مسيحي؟ أجابني قائلًا: «الغرب أخذ أسوأ ما في الاثنين: جهل وغباء الملحد مع حقد
(1) انظر حواره مع جريدة (المصري اليوم)، عدد الأحد 13/ 12/2009م، ص (12).
(2)
د. مصطفى حلمي: هكذا علمتني الحياة (1/ 41 - 2).
(3)
هو أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية السابق بجامعة القاهرة.
(4)
د. عبد العزيز مصطفى كامل: حُمَّى سنة 2000، ص (24).