الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وختامًا: فلقد تبين لنا أن هذه الأسطورة حملت بذاتها باطلها، وتبين من عناصر تكوينها فسادها، وكان مجرد عرضها كافيًا في الرد عليها، واعلم «أنه لو رام اليوم أحد أن يزيد في شِعر النابغة أو شعر زهير كلمة أو ينقص أخرى ما قدر لأنه كان يفتضح في الوقت وتخالفه النسخ المثبوتة، فكيف القرآن في المصاحف؟! فظهر حمق الرافضة ومجاهرتها بالكذب. ومما يبين كذب الروافض في ذلك أن علي بن أبي طالب ولي الأمر وملك فبقي خمسة أعوام وتسعة أشهر خليفة مطاعًا ظاهر الأمر، والقرآن يقرأ في المساجد في كل مكان وهو يؤم الناس به، والمصاحف معه وبين يديه، فلو رأى فيه تبديلًا كما تقول الرافضة أكان يقرهم على ذلك؟ ثم أتى ابنه الحسن وهو عندهم كأبيه فجرى على ذلك. فكيف يسوغ لهؤلاء النوكى أن يقولوا أن في المصحف حرفًا زائدًا أو ناقصًا أو مبدلًا مع هذا؟! ولقد كان جهاد من حرَّف القرآن وبدل الإسلام أوكد عليه من قتال أهل الشام الذين إنما خالفوه في رأي يسير رأوه ورأى خلافه فقط، فلاح كذب الرافضة ببرهان لا محيد عنه والحمد لله رب العالمين» (1).
…
عقيدة الطينة:
عقيدة الطينة يبينها شيخهم المجلسي في بحاره المظلمة، فيما يرويه في (باب الطينة والميثاق)، عن أبي عبد الله جعفر الصادق، قال: «كان مما خلق الله عز وجل أرضًا طيبة، ثم فجر منها ماء عذبًا زلالًا، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها، ثم نضب ذلك الماء عنها (2) وأخذ من صفوة ذلك الطين طينًا فجعله طين الأئمة عليهم السلام، ثم أخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا، ولو ترك طينتكم يا إبراهيم على حاله كما ترك طينتنا لكنتم ونحن شيئًا واحدًا. قلت: يابن رسول الله، فما فعل بطينتنا؟ قال: أُخبِرُك يا إبراهيم، خلق الله عز وجل بعد ذلك أرضًا سبخة خبيثة
(1) ابن حزم: الفِصَل (2/ 67) باختصار.
(2)
أي نزح ماؤه ونشف.
منتنة، ثم فجر منها ماء أجاجًا آسنًا مالحًا، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت ولم تقبلها، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها، ثم نضب ذلك الماء عنها، ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأئمتهم، ثم مزجه بثفل طينتكم، ولو ترك طينتهم على حاله ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا أمانة ولا أشبهوكم في الصور، وليس شيء أكبر على المؤمن من أن يرى صورة عدوه مثل صورته. قلت: يابن رسول الله فما صنع بالطينتين؟ قال: مزج بينهما بالماء الأول والماء الثانى، ثم عركها عرك الأديم، ثم أخذ من ذلك قبضة فقال: هذه إلى الجنة ولا أبالي وأخذ قبضة أخرى وقال: هذه إلى النار ولا أبالي، ثم خلط بينهما فوقع من سنخ المؤمن وطينته على سنخ الكافر وطينته، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته، فما رأيته من شيعتنا من زنا، أو لواط، أو ترك صلاة، أو صيام، أو حج، أو جهاد، أو خيانة، أو كبيرة من هذه الكبائر، فهو من طينة الناصب (1)
وعنصره الذي قد مزج فيه، لأن من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر، وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر، فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه، لأن من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم، فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عز وجل قال: أنا عدل لا أجور، ومنصف لا أظلم، وحكم لا أحيف ولا أميل ولا أشطط، ألحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته، ردوها كلها إلى أصلها، فإني أنا الله لا إله إلا أنا، عالم السر وأخفى، وأنا المطلع على قلوب عبادي، لا أحيف ولا أظلم ولا ألزم أحدًا إلا ما عرفته منه قبل أن أخلقه» (2).
يقول الدكتور ناصر القفاري (3): «هذه العقيدة من مقالاتهم السرية، وعقائدهم التي يتواصون بكتمانها حتى من عامتهم، لأنه لو اطلع العامي الشيعي على هذه العقيدة "تعمد
(1) يقصد السنِّي ..
(2)
المجلسي: بحار الأنوار (5/ 230 - 1).
(3)
د. ناصر القفاري: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية (2/ 955).