الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيرة
!!
اشترطت الشيعة الإمامية عدم جواز انتقال الإمامة إلى الأخ أو العم أو ابن العم وهكذا (مع أن هذا حدث مع موسى بن جعفر الكاظم والحسن بن علي العسكري وبرروه بالبداء)، ولما مات الحسن العسكري، ولم يكن له عقب، وقعوا في (حيص بيص!)، وانسدت في وجوههم المخارج، فهم بين ثلاثة أمور: إما أن يتنازلوا عن هذا الشرط، وإما أن يسلِّموا بانقطاع الإمامة بعد الحسن العسكري لانقطاع الولد (1)، وإما أن يخترعوا ولدًا للحسن يقوم مقامه .. فكانت الثالثة (2)!! فادعوا أنه ولد للإمام الحسن العسكري ابنٌ، وهو محمد المهدي، وأنه اختفى في سرداب (سُرَّ من رأى/سامراء) - وهذه يسمونها الغيبة الصغرى -، وإمامته وحكمه مستمران إلى يوم القيامة، وطوال هذه المدة فهو إمام الزمان والحاكم الديني والدنيوي للأمة، وهو معيَّن من قِبَل الله تعالى (3).
ولماذا اختفى
؟
تضاربت أقوال علماء الشيعة لتبرير دعوى اختفاء المهدي وعدم خروجه حتى الآن رغم أنه بلغ من العمر أربعًا وسبعين ومئة وألف (1174) سنة أو ربما أكثر! لأنهم قالوا كما يروى عن أبي محمد: «إنا معاشر الأوصياء ننشؤ في اليوم ما ينشؤ غيرنا في الجمعة، وننشؤ في الجمعة ما ينشؤ غيرنا في السنة» (4):
(1) وهذا معناه - في زعمهم - هلاك الأرض ومن عليها، كما روى الكليني عن أبي حمزة أنه قال لأبي عبد الله:«تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت» ، وروى عن أبي جعفر أنه قال:«لو أن الإمام رفع عن الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله» [الكليني: الأصول من الكافي (1/ 179)]، ويقول المجلسي: «إن العقل يحكم بأن اللطف على الله واجب، وأن وجود الإمام لطف باتفاق جميع العقلاء
…
وأنه لا بد أن يكون معصومًا» [المجلسي: بحار الأنوار (51/ 214 - 5)]، وهذا كذب ومحض افتراء! إذ ربما يلزمك الخصم بما لا يلزم أصلًا، والواقع يشهد ببطلان كلامهم، وقد كانت فترات بين الرسل، ولم تسخ الأرض بأهلها، {فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 64].
(2)
عثمان الخميس: من هو المهدي؟، ص (60).
(3)
محمود العسقلاني: عقائد الشيعة، ص (76).
(4)
المجلسي: بحار الأنوار (51/ 27).
- فقال الطوسي (1): «لا علة تمنع من ظهوره إلا خوفه على نفسه من القتل، لأنه لو كان غير ذلك لما جاز له الاستتار، وكان يتحمل المشاق والأذى» ، ولماذا يخاف وقد جاءت روايات تقول:«إن الأئمة يعلمون متى يموتون، ولا يموتون إلا باختيار منهم» (2)، وقد علم المهدي أنه يعيش إلى أن ينزل عيسى عليه السلام (3). أضف إلى هذا، فإنه قد قامت دول شيعية كثيرة قوية، كالدولة العبيدية والبويهية والقرامطة والخمينية
…
فلماذا لم يخرج في ظل هذه القوة، فيأنسوا بطلعته، ويستفيدوا من علمه، حتى إذا زالت دولتهم أو ضعفت، غاب مرة أخرى؟!
- قالوا: اختفى من أجل التمحيص والامتحان (4)، وهذا أيضًا يناقضه رواية في الكافي تقول:«لو علم الله أنهم يرتابون، ما غيب حجته طرفة عين» (5).
- وقالوا: غائب حتى لا تكون في عنقه بيعة لطاغوت؛ روى المجلسي عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه قال: «ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه، إلا القائم الذي يصلي خلفه روح الله عيسى بن مريم، فإن الله عز وجل يخفي غيبته ويغيب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج» (6)، وهذا كلام لا مفهوم له؛ إذ هل معنى ذلك أنه وقتما يخرج لن يكون هناك طاغوت حاكم يبايعه؟! لا سيما أن الثابت أن عيسى عليه السلام سينزل في زمان المهدي لا قبله، فلو كان الأمر كما يدعون، فلا أظن مهديهم يخرج أبدًا!
- وقال الطوسي (7): «إننا أولًا لا نقطع عن استتاره على جميع أوليائه، بل يجوز أن يظهر لأكثرهم» ، يعني هو موجود يظهر، لكن من لايظهر له لا يُنكِر، فهو ما يظهر لك لأنك ضعيف الإيمان أو أن هناك مزاحمة - أي غيرك يريد رؤيته -، فلذلك لا تنكر، آمن
(1) أبو جعفر الطوسي: الغيبة، ص (329)، فصل ذكر العلة المانعة لصاحب الأمر عليه السلام من الظهور.
(2)
الكليني: الأصول من الكافي (1/ 258).
(3)
المجلسي: بحار الأنوار (52/ 279).
(4)
أبو جعفر الطوسي: الغيبة، ص (335 - 9).
(5)
الكليني: الأصول من الكافي (1/ 333).
(6)
المجلسي: بحار الأنوار (52/ 279).
(7)
أبو جعفر الطوسي: الغيبة، ص (99).