الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أساسهم
…
وقال أصحاب التواريخ إن دعوة الباطنية ظهرت أولًا في زمان المأمون وانتشرت في زمان المعتصم
…
وقالوا إن الذين أسسوا دعوة الباطنية جماعة منهم ميمون بن ديصان المعروف بالقداح، وادعى أنه من نسل عقيل بن أبي طالب تارة، وأنه من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق تارة أخرى. ثم ظهر في دعوته إلى دين الباطنية رجل يقال له حمدان قرمط، وإليه تنسب القرامطة (1) .. ثم لما تمادت الأيام بهم ظهر المعروف منهم بسعيد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون بن ديصان القداح فغير اسم نفسه ونسبه وقال لأتباعه أنا عبيد الله بن الحسن بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، ثم ظهرت فتنته بالمغرب، وأولاده - أي الفاطميون - مستولون على أعمال مصر».
قال عبد القاهر البغدادي (3): «وفضائح الباطنية أكثر من عدد الرمال والقطر» اهـ.
…
مع الاثني عشرية:
بعد أن استعرضنا المراحل المهمة التي مر بها تاريخ التشيع، نتوقف للتعريف بإحدى هذه الفرق الباطنية والتي خرجت من رحم التشيع للحسين بن علي رضي الله عنهما، وهي فرقة الرافضة الاثنا عشرية. وهذا التخصيص واقعي نظرًا لكون هذه الفرقة هي الواجهة البارزة
(1) ومن أبشع جرائم القرامطة ما فعلوه في عام 317هـ عندما وصلوا مكة يوم التروية، فقتلوا الحجاج في المسجد الحرام، واقتلعوا الحجر الأسود الذي بقيَ بحوزتهم حتى عام 335هـ.
(2)
ابن قيم الجوزية: إغاثة اللهفان (2/ 263).
(3)
عبد القاهر البغدادي: الفرق بين الفِرَق، ص (266).
للتشيع في عصرنا الحاضر، فهي المنتشرة في منطقة إيران وما حولها من بلاد الخليج وشرق المملكة العربية السعودية وفي لبنان والعراق
…
كما هو معلوم.
وما عاد خافيًا على أحد تلك المساعي الجادة لنشر المذهب الرافضي والتغلغل داخل كيان المجتمع المصري، وذلك لادعائهم - كما يذكر شيخهم الورداني (1) - أن «التشيع في مصر هو الأصل، والتسنُّن وافد» . وهذه المساعي تؤدى من خلال عدة توجهات منها الترويج لمقولة: «إن مصر سنِّية المذهب وشيعية الهوى» ، بل عن طريق التستر بعباءة التصوف في محاولة لاستبدال الأسود بالأخضر! (2)، إذ لا سبيل لهم في الوقت الراهن إلا ذلك، كما يقول الورداني (3):«إن حركة المد والجذر في العلاقات المصرية الإيرانية تضع الشيعة في مصر أمام خيار واحد وهو الالتزام بالتقية حتى تنفرج الأوضاع» .
ومن معالم هذا التوجه تأسيسهم لـ (لمجلس الأعلى لرعاية آل البيت)، والذي تصدر عنه جريدة اسمها (صوت آل البيت). والمجلس - كما يذكر رئيسه محمد الدريني - (4) «يسعى لتنفيذ عدة مشاريع فكرية وثقافية وإعلامية للرد على الأعمال المطروحة والمدعومة وهابيًا وسعوديًا وباقي القوى المتحالفة والوفية لقتلة آل البيت، كما أن لديه تطلعات وطموحات لأن يقوم بدوره تجاه فقراء السادة الأشراف ونصر الذين حرمت عليهم الصدقات
…
كما أن المجلس معني بمقاضاة الأزهر حتى يعود إلى سيرته الأولى في تقديم الفكر المستنير البعيد عن الغلو والتطرف لا سيما وأن المذهب الجعفري
(1) صالح الورداني: الشيعة في مصر، ص (6).
(2)
وهذا يظهر جليًا في حرصهم الشديد على شد الرحال إلى القبر المزعوم للإمام الحسين رضي الله عنه للاحتفال بذكرى مولده وإحياء ذكرى عاشوراء، فضلًا عن احتفالاتهم الأخرى في مشاهد آل البيت المزعومة، ومشاركتهم - مؤخرًا - للطرق الصوفية في الاحتفال بمولد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل وحرصهم على التميز باللون الأسود كدليل على محبتهم وحزنهم على ما أصاب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفق ما يزعمون. الأمر الذي أثار حفيظة المتصوفة لتمسكهم الشديد باللون الأخضر فجعلهم قالوا قولتهم باللهجة العامية:«الحسين عندنا أخضر مش أسود» ! ونحن من جانبنا لا نقر بالطبع هذا أو ذاك، نسأل الله الهداية لنا وللجميع.
(3)
صالح الورداني: الشيعة في مصر، ص (181).
(4)
نقلًا عن حوار أجراه معه الإعلامي الشيعي حيدر السلامي، وذلك في عام 2007م في أغلب الظن.
المنسوب إلى الإمام جعفر الصادق عليه السلام هو مذهب رئيسي وهو أبو المذاهب ومسموح به بفتوى الأزهر الذي أصبح وهابيًا الآن وأصبحت لمساته تجاه العنف والتطرف واضحة
…
عجبًا يا أخي على الأزهر وأهله، واسمحوا لي أن لا أقول عنه الأزهر، ونحن بصدد رفع قضية عليه فإما أن يعيدوا الأزهر فاطميًا وإما يغيروا اسمه إلى الأزهر الوهابي أو السعودي
…
».
كذلك فمن الأدلة الواضحة على هذا التوجه تلك العلاقة المريبة القائمة بين إيران والطريقة العزمية بصفة خاصة والتواجد المنتظم للقائم بأعمال السفارة الإيرانية في احتفالاتها، فضلًا عن زيارات شيخ الطريقة علاء أبي العزائم المتكررة إلى إيران، وتنظيمه لأول احتفال مصري بمولد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في 25/ 6/2010م، وسط تغطية إعلامية إيرانية واسعة وغياب متعمد لأغلب مشايخ الطرق الصوفية مخافة اتهامهم بالتشيع. ولم يفته - كعادته - الهجوم الحاد على الجماعات السلفية التي كما يدعي «اتخذت من المذهب الوهابي فكرًا لها تخصص في تحقير رموز آل البيت» (1)، ودعا الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية إلى مصادرة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعدم السماح بنشرها. ولم يقف عند هذا الحد، بل في حوار لاحق له صرح أبو العزائم بتكفير بني أمية؛ حيث نقلت عنه جريدة (الدستور) قوله (2): «"أن بني أمية لم يكتفوا بسب الإمام علي والإمام الحسين على المنابر بل إنهم حشدوا الجيوش لقتلهم وهو ما يعتبر كفرًا سافرًا"، وشدد على "أنهم ليسوا مسلمين على الإطلاق وأنهم كانوا طامعين في الحكم والسلطة ولم يكن يهمهم الإسلام وعزته ورفعته".
واختتم أبو العزايم كلامه بالإشارة إلى "أن بني أمية وعلى رأسهم أبو سفيان وابنه معاوية ليسوا من الصحابة ولا يستحقون شرف أن نقول لقب سيدنا قبل النطق
(1) انظر، جريدة (المصري اليوم)، أعداد 26 - 27/ 6/2010م، ص (3). وسوف يأتي في الفصل التالي مبحث في موقف أهل السنة (والوهابية السائرين على دربهم) من آل البيت رضي الله عنهم.
(2)
انظر، جريدة (الدستور)، عدد الاثنين 19/ 7/2010م، ص (1)، وانظر كذلك تقرير بعنوان: هل يهدد أبو العزائم الأمن القومي؟!، كتبه شريف عبد العزيز، ونشره موقع (مفكرة الإسلام)، بتاريخ 30/ 7/2010م.