المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من أقوال علماء أهل السنة في الرافضة: - حصان طروادة الغارة الفكرية على الديار السنية

[عمرو كامل عمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة بقلم الدكتور محمد بن موسى الشريف

- ‌تعقيب

- ‌{مقدمة المؤلف}

- ‌الباب الأول حصان رومي

- ‌الفصل الأول: المسلك المختار لدعوة الحوار

- ‌الاتجاه الأول (وحدة الأديان):

- ‌الاتجاه الثاني (توحيد الأديان):

- ‌الاتجاه الثالث (التقريب بين الأديان):

- ‌الخصائص الفكرية التي يقوم عليها هذا الاتجاه والملاحظ عليها:

- ‌مفهوم التقريب لدى مجلس الكنائس العالمي:

- ‌الدولة الفاطمية الثانية:

- ‌تأييد آية الله التسخيري:

- ‌دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بين الماضي والحاضر:

- ‌تجارب فردية للتقريب حفظها لنا التاريخ:

- ‌1 - مصطفى السباعي:

- ‌2 - محمد رشيد رضا:

- ‌3 - علماء السعودية في عهد الملك فيصل:

- ‌4 - محمد الأمين الشنقيطي:

- ‌5 - يوسف القرضاوي:

- ‌دافعي لبحث مسألة التشيع:

- ‌الفصل الثاني: بين أوربانية الماضي والحاضر

- ‌فتح القسطنطينية وتبعاته:

- ‌اختلال موازين القوى الغربية بين ضفتي الأطلسي:

- ‌الارتباك الفكري يهدد القيادة الأمريكية للنظام العالمي الجديد:

- ‌العالم من الثنائية إلى الأحادية القطبية:

- ‌زوال (الخطر الأحمر) وظهور (الخطر الأخضر):

- ‌صمويل هنتجتون يتقدم:

- ‌نظرة على علاقة المجتمع الغربي المعاصر بالإسلام:

- ‌هل المجتمع الغربي علماني أم مسيحي

- ‌غزوة مانهاتن

- ‌عودة إلى ساحة التنظير السياسي:

- ‌أوربان الأمريكي يعلن حربًا صليبية جديدة:

- ‌حرب العراق:

- ‌فرصة ذهبية:

- ‌بلاكووتر والاتحاد الكاثوليكي الپروتستانتي:

- ‌تعديل في المسار:

- ‌حرب الأفكار: معركة القلوب والعقول:

- ‌شيريل بينارد و (الإسلام المدني الديمقراطي):

- ‌توماس فريدمان و (حرب الأفكار):

- ‌أندرو ترنبُل و (عملية المنافسة):

- ‌أنچل راباسا و (بناء شبكات إسلامية معتدلة):

- ‌الفصل الثالث: الصهيونية، رؤية مغايرة

- ‌{مدخل}

- ‌الاستمرار اليهودي من منظور إسلامي:

- ‌پروتوكولات حكماء صهيون:

- ‌{الصهيونية .. رؤية مغايرة}

- ‌اصطفاء مشروط لبني إسرائيل:

- ‌وعد أولاهما:

- ‌ورسولا إلى بني إسرائيل:

- ‌وعد الآخرة:

- ‌فائدة:

- ‌يهود الدياسپورا:

- ‌نظرة على المجتمعات اليهودية الأوروپية من الداخل:

- ‌العقيدة المشَّيحانية Messianism:

- ‌علاقة اليهود بالأغيار:

- ‌الجيتو اليهودي:

- ‌واقع العلاقة بين اليهود والنصارى في المجتمعات الأوروپية:

- ‌الصَدْع اللوثري:

- ‌ورهبانية ابتدعوها:

- ‌الكنيسة تجني أرباحًا كبيرة:

- ‌صراع الأباطرة والبابوات:

- ‌تسرب مظاهر الضعف والانحراف إلى المراكز الدينية:

- ‌مهزلة صكوك الغفران:

- ‌عصر الإصلاح الكنسي: جيرولامو سافونارولا:

- ‌مارتن لوثر: ترجمة:

- ‌مارتن لوثر واليهود:

- ‌أفكار لوثر أحدثت ثغرًا لا يزال يتسع حتى اليوم:

- ‌المجتمع النصراني الغربي في بداية عصر النهضة: بداية التزوير التاريخي:

- ‌ظهور أول أثر أدبي مطبوع عن التفكر في العصر الألفي السعيد:

- ‌يوحنا وابن عازر كارترايت وإعادة اليهود إلى إنجلترا:

- ‌مناسح بن إسرائيل و (أمل إسرائيل):

- ‌الصهيونية منذ عصر الاستنارة (القرن الثامن عشر) إلى ظهور المسألتين اليهودية والشرقية:

- ‌بوناپارت وتلاقي المسألتين اليهودية والشرقية:

- ‌إنجلترا تتلقف الراية:

- ‌جذور المسألة اليهودية:

- ‌ونعود إلى إنجلترا

- ‌لورد پالمرستون الثالث:

- ‌كانت الأهداف الثلاثة على النحو التالي:

- ‌حلقة الوصل بين الصهيونيتين (اليهودية وغير اليهودية): بنيامين زئيف:

- ‌هرتزل: ترجمة:

- ‌الموقف اليهودي الأرثوذكسي تجاه (البدعة) الصهيونية:

- ‌المرحلة البلفورية:

- ‌الصهيونية والنازية، وفاق أم شقاق

- ‌أمريكا تتلقف الراية:

- ‌الصهيونية في أمريكا: نبذة تاريخية:

- ‌ثلاثة مؤشرات (1948 - 1967

- ‌نظرة إلى داخل المجتمع الإسرائيلي:

- ‌قضية تامارين:

- ‌الموقف حيال يشوع والجيش الإسرائيلي

- ‌الموقف حيال القتل الجماعي

- ‌زواج مصالح…ولكن

- ‌العلاقة (الأمريكية-الإسرائيلية) أشبه بالزواج الكاثوليكي:

- ‌اللوبي الإسرائيلي وتأثيره في قرارات الولايات المتحدة:

- ‌الباب الثاني حصان فارسي

- ‌الفصل الأول: تشيع أم رفض؟ وقفة تاريخية تأصيلية

- ‌أيُكسَر الباب أم يُفتَح

- ‌حقيقة موقف كعب الأحبار من مقتل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه

- ‌جذور البلاء:

- ‌القذيفة الأولى:

- ‌بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌وهذه المسائل الأربعة هي:

- ‌ أولًا: تدوين التاريخ

- ‌ثانيًا: عدالة الصحابة:

- ‌تعريف الصحابي:

- ‌طبقات الصحابة:

- ‌عدالة الصحابة:

- ‌عقيدتنا في الصحابة:

- ‌حكم سب الصحابة:

- ‌ثالثًا: حقيقة الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌وقعة الجمل (36ه

- ‌معركة صِفِّين (37ه

- ‌قضية التحكيم (37 ه

- ‌رابعًا: موقف أهل السنة والجماعة من الفتنة:

- ‌عودة إلى البدء: استمالة السبئية لشيعة علي رضي الله عنه

- ‌ولكن من هم (الشيعة الأولى)

- ‌تبرؤ شيعي:

- ‌عام الجماعة (41ه

- ‌مناقب أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه

- ‌الشيعة بعد عام الجماعة:

- ‌وفاة أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه وخلافة يزيد:

- ‌ولماذا أوصى معاوية رضي الله عنه لابنه يزيد بالخلافة

- ‌موقف أهل السنة من يزيد بن معاوية:

- ‌رأي الإمام ابن تيمية في خروج الحسين رضي الله عنه

- ‌جيش التوابين:

- ‌أسباب فشل حركة التوابين:

- ‌في ثقيف كذاب ومبير:

- ‌انحراف عقدي:

- ‌مع الاثني عشرية:

- ‌وبداية: متى كانت بداية ظهورهم

- ‌الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه

- ‌الأصابع الخفية المؤسسة لعقيدة الشيعة الإمامية:

- ‌الفصل الثاني: عقيدة أهل المذهب الفقهي الخامس

- ‌«والأدلة على بطلان مذهب الرافضة لا تُحصى إلا بالمشقة، ألا فليدخلوا في الإسلام!» [الحذيفي]

- ‌عقيدة الإمامة:

- ‌أصل عقيدة الإمامة:

- ‌ولماذا اثنا عشر إمامًا

- ‌اعتقاد الرافضة في أئمتهم:

- ‌مغالطات واضحة:

- ‌المتتبع لسلسلة الأئمة يلاحظ الآتي:

- ‌حيرة

- ‌ولماذا اختفى

- ‌في السرداب:

- ‌كم مدة غيبته

- ‌وعرفت هذه بالغيبة الكبرى

- ‌الثورة الخمينية وولاية الفقيه:

- ‌أولًا: بيان رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ثانيًا: بيان مفتي جمهورية تونس الحبيب بلخوجة:

- ‌ثالثًا: فتوى علماء المغرب:

- ‌رابعًا: بيان رابطة العلماء في العراق:

- ‌خامسًا: فتوى الشيخ الألباني:

- ‌متى تكون التقية

- ‌التقية عند الرافضة:

- ‌واقرأ معي هذه النصوص:

- ‌عقيدة البداء:

- ‌من أقوال الرافضة في البداء:

- ‌عقيدة الرافضة في القرآن:

- ‌عقيدة الطينة:

- ‌واقرأ معي هذه النصوص:

- ‌عقيدة الرافضة في أهل السنة:

- ‌اعتقاد أهل السنة في آل البيت رضي الله عنهم

- ‌ثناء آل البيت على الصحابة رضي الله عنهم أجمعين:

- ‌وماذا عن باقي الأئمة آل البيت رحمهم الله

- ‌بل أنتم الناصبة

- ‌واقرأ معي هذه النصوص:

- ‌موافقة الرافضة اليهود في استباحة دم المخالف:

- ‌عقيدة الرجعة:

- ‌من الراجعون

- ‌وما مهام المهدي الراجع

- ‌إباحة الرافضة زواج المتعة:

- ‌من أدلة تحريم المتعة:

- ‌نظرية الخُمس:

- ‌الخمس عند الرافضة:

- ‌من أقوال علماء أهل السنَّة في الرافضة:

- ‌الفصل الثالث: شبهات وردودها

- ‌الشبهة الأولى: حديث الغدير:

- ‌الشبهة الثانية: حادثة فَدَك والإرث:

- ‌الشبهة الثالثة: آية المودة:

- ‌الشبهة الرابعة: آية التطهير:

- ‌الشبهة الخامسة: آية الولاية:

- ‌الشبهة السادسة: حديث المنزلة:

- ‌الشبهة السابعة: «علي مني وأنا من علي»:

- ‌الشبهة الثامنة: «يا رب أصحابي

- ‌الشبهة التاسعة: آية الفتح:

- ‌الشبهة العاشرة: في صلح الحديبية:

- ‌الشبهة الحادية عشرة: «إنكن صواحب يوسف»:

- ‌الشبهة الثانية عشرة: «هلم أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده»:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌من أقوال علماء أهل السنة في الرافضة:

لئن كان تحصيل العلوم مُسَوِّغًا

لذاك فإن الجهل خير من العلم!!

وهل كان في عهد النبي عصابة

يعيشون من مال الأنام بذا الاسمِ؟!

لئن أوجب الله الزكاة فلم تكن

لتعطى بذل بل لتؤخذ بالرغم

أتانا بها أبناء ساسان حرفة

ولم تكُ في أبناء يَعرُبَ مِن قِدَم

‌من أقوال علماء أهل السنَّة في الرافضة:

- سُئِلَ الإمام مالك عن الرافضة فقال: «لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون» (1).

- وقال في قول الله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (2): «من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أصابته هذه الآية» (3).

- قال ابن كثير: «ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمه الله في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة، قال: "لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية"، ووافقه طائفة من العلماء على ذلك» (4).

- وقال القرطبي (5): «لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين» .

- وقال شريك بن عبد الله القاضي - والذي كان يقول بلسانه "أنا من الشيعة" -:

(1) ابن تيمية: منهاج السنة (1/ 60).

(2)

الفتح: 29

(3)

القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (19/ 347).

(4)

ابن كثير: تفسير القرآن العظيم (7/ 362).

(5)

القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (19/ 347).

ص: 635

«أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه دينًا» (1).

- وقال أحمد بن يونس (132 - 227هـ): «لو أن يهوديًا ذبح شاة وذبح رافضي، لأكلت ذبيحة اليهودي ولم آكل ذبيحة الرافضي لأنه مرتد عن الإسلام» (2).

- وقال الشافعي (150 - 204هـ): «ما رأيت في أهل الأهواء قومًا أشد بالزور من الرافضة» (3).

- وسُئِلَ الإمام أحمد عمن شتم رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«ما أراه على الإسلام» (4).

- وقال الإمام أبو زرعة الرازي: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهم يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة» (5).

- وقال الإمام ابن حزم ردًا على النصارى المحتجين بقول الشيعة بتحريف القرآن: «إن الروافض ليسوا من المسلمين، وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر» (6).

- وقال الإمام النووي (7): «إن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع» . والذي يُفهم من كلام الإمام رحمه الله تعالى ورضي عنه أنه لا يرى تكفير الإمامية لدخولهم في عموم (أهل البدع)، وأنه يُفَرِّق بين غلاة الرافضة وبين الإمامية؛ فيذكر رحمه الله أن غلاة الرافضة هم الذين يكفرون

(1) ابن تيمية: منهاج السنة (1/ 60).

(2)

ابن تيمية: الصارم المسلول، ص (446).

(3)

ابن تيمية: منهاج السنة (1/ 61 - 2).

(4)

ابن تيمية: الصارم المسلول، ص (444) باختصار.

(5)

ابن حجر: الإصابة (1/ 22).

(6)

ابن حزم: الفِصَل (2/ 65).

(7)

شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 50).

ص: 636

الصحابة رضي الله عنهم، ويعقب بالقول (1):«ولا شك في كفر من قال هذا لأن من كفَّر الأمة كلها والصدر الأول فقد أبطل نقل الشريعة وهدم الإسلام» . وهذا في حين أنه يرى أن الإمامية لا يقولون بهذا، فتجده يقول (2): «

وأما من عدا هؤلاء الغلاة فإنهم لا يسلكون هذا المسلك، فأما الإمامية وبعض المعتزلة فيقولون هم مخطئون في تقديم غيره [أي غير علي] لا كفار». ولكن الظن بالإمام النووي رحمه الله إما أنه قد خفيت عليه الروايات القائلة بتكفير الصحابة رضي الله عنهم الواردة في كتب الرافضة الإمامية الموضوعة قَبْل النووي، وإما أن تطور مذهب الإمامية وازدهاره عبر الزمان جعل هذا التفريق في زماننا غير قائم، وأنه لا مشاحة في الاصطلاح، والله تعالى أعلم.

- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (3): «أما من اقترن بسبه أن عليًا إله، أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبرئيل في الرسالة، فهذا لا شك في كفره، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره. وكذلك من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أنه له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة ونحو ذلك، فلا خلاف في كفرهم» . وقال أيضًا رحمه الله: «ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرًا قليلًا لا يبلغون بضعة عشرة نفسًا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضًا في كفره لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضا عنهم والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإنه كافر متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (4) وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارًا أو فساقًا، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام» .

- وقال شاه عبد العزيز الدهلوي (5): «ومن استكشف عقائدهم الخبيثة، وما انطووا عليه، علم أن ليس لهم في الإسلام نصيب، وتحقق كفرهم لديه» .

(1) السابق (15/ 174).

(2)

نفسه.

(3)

ابن تيمية: الصارم المسلول، ص (460).

(4)

آل عمران: 110

(5)

محمود شكري الألوسي: مختصر التحفة الاثني عشرية، ص (330).

ص: 637

- ويقول الدكتور ناصر القفاري (1): «إن الرافضة المتأخرين والمعاصرين جمعوا أخس المذاهب وأخطرها .. جمعوا مقالة القدرية في نفي القدر، والجهمية في نفي الصفات، وقولهم إن القرآن مخلوق، والصوفية - عند جملة من رؤساء مذهبهم - في ضلالة الوحدة والاتحاد، والسبئية في تأليه علي، والخوارج والوعيدية في تكفير المسلمين، والمرجئة في قولهم إن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة .. بل ساروا في سبيل أهل الشرك في تعظيم القبور، والطواف حولها، بل ويصلون إليها مستدبرين القبلة، إلى غير ذلك مما هو عين مذهب المشركين .. فهل يبقى بعد ذلك شك في أن هذه الطائفة ارتضت لنفسها مذهبًا غير مذهب المسلمين .. فهم وإن شهدوا الشهادتين إلا أنهم نقضوها بنواقض كثيرة كما ترى» اهـ.

ولكن انتبه!

فإن «إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيَّن، وإن تكفير المُطلَق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وُجِدَت الشروط وانتفت الموانع» ، وعلى هذا فإنه لا يجوز تكفير المعين ولا تبديعه إلا بعد تحقق الشروط وانتفاء الموانع وقيام الحجة وإزالة الشبهة، وهذا باتفاق أهل السنة والجماعة، ولا يقوم به إلا أهل العلم الثقات، وذلك لأن بعض الناس قد يعذر بالجهل، وضابط العذر بالجهل هو:(إحكام الجهل)، وذلك على الصحيح من قولي العلماء» (2).

ولعل من أشهر الأدلة وأوضحها في هذا الباب ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر عليَّ ربي ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا، فلما مات فعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيتك، فغفر له» (3).

(1) د. ناصر القفاري: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية (3/ 1273).

(2)

ابن تيمية: مجموع الفتاوى (12/ 487 - 8).

(3)

البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء: 3481

ص: 638

يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعليقًا على الحديث (1): «فهذا الرجل ظن أن الله لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرُّق، وظن أنه لا يعيده إذا صار كذلك، وكل واحد من إنكار قدرة الله تعالى، وإنكار معاد الأبدان وإن تفرقت كفر، لكنه كان مع إيمانه بالله، وإيمانه بأمره، وخشيته منه، جاهلًا بذلك، ضالًا في هذا الظن مخطئًا، فغفر الله له ذلك، والحديث صريح في أن الرجل طمع ألا يعيده إذا فعل ذلك، وأدنى هذا يكون شاكًا في الميعاد، وذلك كفر، إذا قامت حجة النبوة على منكره حكم بكفره» اهـ.

واعلم - علمني الله وإياك - أن «كل من كان مؤمنًا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو خير من كل من كفر به وإن كان في المؤمن بذلك نوع من البدعة سواء كانت بدعة الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية أو غيرهم، فإن اليهود والنصارى كفار كفرًا معلومًا بالاضطرار من دين الإسلام، والمبتدع إذا كان يحسب أنه موافق للرسول صلى الله عليه وسلم لا مخالف له لم يكن كافرًا به، ولو قدر أنه يكفر فليس كفره مثل كفر من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم» اهـ (2).

(1) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (11/ 409). وراجع في ذلك رسالة: الإحكام في قواعد الحكم على الأنام، للدكتور محمد يسري إبراهيم، فهي مميزة في هذا الباب.

(2)

ابن تيمية: مجموع الفتاوى (35/ 201). تنبيه: القاعدة المعروفة «من لم يُكَفِّر الكافر فهو كافر» ، فهي قاعدة صحيحة ولكنها تُطبَّق على من أنكر كفر المُعيَّن المقطوع بكفره، كمن أنكر كفر أبي جهل وفرعون، أو من أنكر كفر اليهودي والنصراني، أما فيمن هو موقفه محل اجتهاد وخلاف بين علماء المسلمين، فلا تطبق هذه القاعدة في هذه الحالة على المخالف في الحكم على المعين بالكفر.

ص: 639