المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صراع الأباطرة والبابوات: - حصان طروادة الغارة الفكرية على الديار السنية

[عمرو كامل عمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة بقلم الدكتور محمد بن موسى الشريف

- ‌تعقيب

- ‌{مقدمة المؤلف}

- ‌الباب الأول حصان رومي

- ‌الفصل الأول: المسلك المختار لدعوة الحوار

- ‌الاتجاه الأول (وحدة الأديان):

- ‌الاتجاه الثاني (توحيد الأديان):

- ‌الاتجاه الثالث (التقريب بين الأديان):

- ‌الخصائص الفكرية التي يقوم عليها هذا الاتجاه والملاحظ عليها:

- ‌مفهوم التقريب لدى مجلس الكنائس العالمي:

- ‌الدولة الفاطمية الثانية:

- ‌تأييد آية الله التسخيري:

- ‌دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بين الماضي والحاضر:

- ‌تجارب فردية للتقريب حفظها لنا التاريخ:

- ‌1 - مصطفى السباعي:

- ‌2 - محمد رشيد رضا:

- ‌3 - علماء السعودية في عهد الملك فيصل:

- ‌4 - محمد الأمين الشنقيطي:

- ‌5 - يوسف القرضاوي:

- ‌دافعي لبحث مسألة التشيع:

- ‌الفصل الثاني: بين أوربانية الماضي والحاضر

- ‌فتح القسطنطينية وتبعاته:

- ‌اختلال موازين القوى الغربية بين ضفتي الأطلسي:

- ‌الارتباك الفكري يهدد القيادة الأمريكية للنظام العالمي الجديد:

- ‌العالم من الثنائية إلى الأحادية القطبية:

- ‌زوال (الخطر الأحمر) وظهور (الخطر الأخضر):

- ‌صمويل هنتجتون يتقدم:

- ‌نظرة على علاقة المجتمع الغربي المعاصر بالإسلام:

- ‌هل المجتمع الغربي علماني أم مسيحي

- ‌غزوة مانهاتن

- ‌عودة إلى ساحة التنظير السياسي:

- ‌أوربان الأمريكي يعلن حربًا صليبية جديدة:

- ‌حرب العراق:

- ‌فرصة ذهبية:

- ‌بلاكووتر والاتحاد الكاثوليكي الپروتستانتي:

- ‌تعديل في المسار:

- ‌حرب الأفكار: معركة القلوب والعقول:

- ‌شيريل بينارد و (الإسلام المدني الديمقراطي):

- ‌توماس فريدمان و (حرب الأفكار):

- ‌أندرو ترنبُل و (عملية المنافسة):

- ‌أنچل راباسا و (بناء شبكات إسلامية معتدلة):

- ‌الفصل الثالث: الصهيونية، رؤية مغايرة

- ‌{مدخل}

- ‌الاستمرار اليهودي من منظور إسلامي:

- ‌پروتوكولات حكماء صهيون:

- ‌{الصهيونية .. رؤية مغايرة}

- ‌اصطفاء مشروط لبني إسرائيل:

- ‌وعد أولاهما:

- ‌ورسولا إلى بني إسرائيل:

- ‌وعد الآخرة:

- ‌فائدة:

- ‌يهود الدياسپورا:

- ‌نظرة على المجتمعات اليهودية الأوروپية من الداخل:

- ‌العقيدة المشَّيحانية Messianism:

- ‌علاقة اليهود بالأغيار:

- ‌الجيتو اليهودي:

- ‌واقع العلاقة بين اليهود والنصارى في المجتمعات الأوروپية:

- ‌الصَدْع اللوثري:

- ‌ورهبانية ابتدعوها:

- ‌الكنيسة تجني أرباحًا كبيرة:

- ‌صراع الأباطرة والبابوات:

- ‌تسرب مظاهر الضعف والانحراف إلى المراكز الدينية:

- ‌مهزلة صكوك الغفران:

- ‌عصر الإصلاح الكنسي: جيرولامو سافونارولا:

- ‌مارتن لوثر: ترجمة:

- ‌مارتن لوثر واليهود:

- ‌أفكار لوثر أحدثت ثغرًا لا يزال يتسع حتى اليوم:

- ‌المجتمع النصراني الغربي في بداية عصر النهضة: بداية التزوير التاريخي:

- ‌ظهور أول أثر أدبي مطبوع عن التفكر في العصر الألفي السعيد:

- ‌يوحنا وابن عازر كارترايت وإعادة اليهود إلى إنجلترا:

- ‌مناسح بن إسرائيل و (أمل إسرائيل):

- ‌الصهيونية منذ عصر الاستنارة (القرن الثامن عشر) إلى ظهور المسألتين اليهودية والشرقية:

- ‌بوناپارت وتلاقي المسألتين اليهودية والشرقية:

- ‌إنجلترا تتلقف الراية:

- ‌جذور المسألة اليهودية:

- ‌ونعود إلى إنجلترا

- ‌لورد پالمرستون الثالث:

- ‌كانت الأهداف الثلاثة على النحو التالي:

- ‌حلقة الوصل بين الصهيونيتين (اليهودية وغير اليهودية): بنيامين زئيف:

- ‌هرتزل: ترجمة:

- ‌الموقف اليهودي الأرثوذكسي تجاه (البدعة) الصهيونية:

- ‌المرحلة البلفورية:

- ‌الصهيونية والنازية، وفاق أم شقاق

- ‌أمريكا تتلقف الراية:

- ‌الصهيونية في أمريكا: نبذة تاريخية:

- ‌ثلاثة مؤشرات (1948 - 1967

- ‌نظرة إلى داخل المجتمع الإسرائيلي:

- ‌قضية تامارين:

- ‌الموقف حيال يشوع والجيش الإسرائيلي

- ‌الموقف حيال القتل الجماعي

- ‌زواج مصالح…ولكن

- ‌العلاقة (الأمريكية-الإسرائيلية) أشبه بالزواج الكاثوليكي:

- ‌اللوبي الإسرائيلي وتأثيره في قرارات الولايات المتحدة:

- ‌الباب الثاني حصان فارسي

- ‌الفصل الأول: تشيع أم رفض؟ وقفة تاريخية تأصيلية

- ‌أيُكسَر الباب أم يُفتَح

- ‌حقيقة موقف كعب الأحبار من مقتل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه

- ‌جذور البلاء:

- ‌القذيفة الأولى:

- ‌بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌وهذه المسائل الأربعة هي:

- ‌ أولًا: تدوين التاريخ

- ‌ثانيًا: عدالة الصحابة:

- ‌تعريف الصحابي:

- ‌طبقات الصحابة:

- ‌عدالة الصحابة:

- ‌عقيدتنا في الصحابة:

- ‌حكم سب الصحابة:

- ‌ثالثًا: حقيقة الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌وقعة الجمل (36ه

- ‌معركة صِفِّين (37ه

- ‌قضية التحكيم (37 ه

- ‌رابعًا: موقف أهل السنة والجماعة من الفتنة:

- ‌عودة إلى البدء: استمالة السبئية لشيعة علي رضي الله عنه

- ‌ولكن من هم (الشيعة الأولى)

- ‌تبرؤ شيعي:

- ‌عام الجماعة (41ه

- ‌مناقب أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه

- ‌الشيعة بعد عام الجماعة:

- ‌وفاة أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه وخلافة يزيد:

- ‌ولماذا أوصى معاوية رضي الله عنه لابنه يزيد بالخلافة

- ‌موقف أهل السنة من يزيد بن معاوية:

- ‌رأي الإمام ابن تيمية في خروج الحسين رضي الله عنه

- ‌جيش التوابين:

- ‌أسباب فشل حركة التوابين:

- ‌في ثقيف كذاب ومبير:

- ‌انحراف عقدي:

- ‌مع الاثني عشرية:

- ‌وبداية: متى كانت بداية ظهورهم

- ‌الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه

- ‌الأصابع الخفية المؤسسة لعقيدة الشيعة الإمامية:

- ‌الفصل الثاني: عقيدة أهل المذهب الفقهي الخامس

- ‌«والأدلة على بطلان مذهب الرافضة لا تُحصى إلا بالمشقة، ألا فليدخلوا في الإسلام!» [الحذيفي]

- ‌عقيدة الإمامة:

- ‌أصل عقيدة الإمامة:

- ‌ولماذا اثنا عشر إمامًا

- ‌اعتقاد الرافضة في أئمتهم:

- ‌مغالطات واضحة:

- ‌المتتبع لسلسلة الأئمة يلاحظ الآتي:

- ‌حيرة

- ‌ولماذا اختفى

- ‌في السرداب:

- ‌كم مدة غيبته

- ‌وعرفت هذه بالغيبة الكبرى

- ‌الثورة الخمينية وولاية الفقيه:

- ‌أولًا: بيان رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ثانيًا: بيان مفتي جمهورية تونس الحبيب بلخوجة:

- ‌ثالثًا: فتوى علماء المغرب:

- ‌رابعًا: بيان رابطة العلماء في العراق:

- ‌خامسًا: فتوى الشيخ الألباني:

- ‌متى تكون التقية

- ‌التقية عند الرافضة:

- ‌واقرأ معي هذه النصوص:

- ‌عقيدة البداء:

- ‌من أقوال الرافضة في البداء:

- ‌عقيدة الرافضة في القرآن:

- ‌عقيدة الطينة:

- ‌واقرأ معي هذه النصوص:

- ‌عقيدة الرافضة في أهل السنة:

- ‌اعتقاد أهل السنة في آل البيت رضي الله عنهم

- ‌ثناء آل البيت على الصحابة رضي الله عنهم أجمعين:

- ‌وماذا عن باقي الأئمة آل البيت رحمهم الله

- ‌بل أنتم الناصبة

- ‌واقرأ معي هذه النصوص:

- ‌موافقة الرافضة اليهود في استباحة دم المخالف:

- ‌عقيدة الرجعة:

- ‌من الراجعون

- ‌وما مهام المهدي الراجع

- ‌إباحة الرافضة زواج المتعة:

- ‌من أدلة تحريم المتعة:

- ‌نظرية الخُمس:

- ‌الخمس عند الرافضة:

- ‌من أقوال علماء أهل السنَّة في الرافضة:

- ‌الفصل الثالث: شبهات وردودها

- ‌الشبهة الأولى: حديث الغدير:

- ‌الشبهة الثانية: حادثة فَدَك والإرث:

- ‌الشبهة الثالثة: آية المودة:

- ‌الشبهة الرابعة: آية التطهير:

- ‌الشبهة الخامسة: آية الولاية:

- ‌الشبهة السادسة: حديث المنزلة:

- ‌الشبهة السابعة: «علي مني وأنا من علي»:

- ‌الشبهة الثامنة: «يا رب أصحابي

- ‌الشبهة التاسعة: آية الفتح:

- ‌الشبهة العاشرة: في صلح الحديبية:

- ‌الشبهة الحادية عشرة: «إنكن صواحب يوسف»:

- ‌الشبهة الثانية عشرة: «هلم أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده»:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌صراع الأباطرة والبابوات:

الكنيسة، وإن ما تقوله الكنيسة - وعلى رأسها البابا - واجب الطاعة لأنه من أمر الله (1). وأصدر البابا نيكولا الأول Pope Nicholas I (820 - 867 م) بيانًا قال فيه:«إن ابن الله أنشأ الكنيسة بأن جعل الرسول بطرس أول رئيس لها. وإن أساقفة روما ورثوا سلطات بطرس في تسلسل مستمر متصل، ولذلك فإن البابا ممثل الله على ظهر الأرض يجب أن تكون له السيادة العليا والسلطان الأعظم على جميع المسيحيين، حكامًا كانوا أو محكومين» (2).

‌صراع الأباطرة والبابوات:

تقول إيليربي (3): «وازدادت الرغبة البابوية للسلطة بشكل مضطرد، وقد اعتقد البابوات في أنفسهم أنهم متفوقون على جميع المخلوقات الآخرين، ولم يدّع البابوات فقط بأن كل شخص هو خاضع للسلطة البابوية، بل إن البابا نفسه لا يحاسب من قبل أحد إلا الرب وحده. وفي عام 1302م [18 نوفمبر] أصدر البابا بونيفاس [الثامن] Pope Boniface VIII [1235 - 1303 م] مرسوم [الواحدة المقدسة/الكنيسة] Unam Sanctam الذي جاء فيه: "وبناء عليه إذا ما أذنبت سلطة أرضية، إنها سوف تحاكم من قبل القوة الروحية .. ولكن إذا ما أذنبت السلطة الروحية العليا، فإنها سوف تحاسب من

(1) محمد قطب: مذاهب فكرية معاصرة، ص (27 - 8). يقول الدكتور موريس بوكاي رحمه الله (1920 - 1998م):«أما فيما يتعلق بعشرات السنوات التي تلت رسالة المسيح، فيجب على القارئ معرفة أن الأحداث لم تقع مطلقًا كما قيلت، وأن وصول بطرس إلى روما لم يؤسس مطلقًا الكنيسة، بل على العكس، فبين اللحظة التي غادر فيها المسيح هذه الأرض، وحتى منتصف القرن الثاني - أي طيلة أكثر من قرن كانت هناك معركة بين اتجاهين: أي بين ما يمكن تسميته بـ (المسيحية الپولسية - نسبة إلى پولس)، وبين (اليهودية المسيحية)، ولم يحل الاتجاه الأول محل الثاني، ولم تنتصر الپولسية على اليهودية المسيحية إلا بشكل شديد التدرج» اهـ[موريس بوكاي: القرآن والتوراة والإنجيل والعلم: دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة، ص (58) بتصرف يسير. Maurice Bucaille: La Bible، le Coran el la science: Les Ecritures saintes examinées à la lumière des connaissances modernes].

(2)

انظر، ول ديورانت: قصة الحضارة (14/ 355).

(3)

هيلين إيليربي: الجانب المظلم في التاريخ المسيحي، ص (78 - 9).

ص: 258

قِبَل الرب، وليس من قبل أي إنسان .. ولذلك إننا نعلن ونصرح ونحدد ونتفوه: إنه بالإجمال من الضروري لخلاص كل مخلوق بشري أن يكون خاضعًا للحبر الروماني"» اهـ.

وكما كانت هيئة الدولة تمثل هرمًا قمته الإمپراطور وقاعدته الجنود، كانت الهيئة الكنسية تمثل هرمًا مقابلًا قمته البابا وقاعدته الرهبان. ونتيجة لمبدأ فصل الدين عن الدولة رعت الإمپراطورية الهرم الكنسي ولم تر فيه ما يعارض وجودها، فرَسَخ واستقر (1). وفي القرون الوسطى كانت هناك فترات من الصراع المتبادل بين السلطة الدينية والدنيوية، حيث يتمرد بعض الملوك والأمراء على سلطة البابا، ويشتد آخرون في حربهم للبابوات حتى إنهم ليعزلون البابا أو ينفونه أو يسجنونه! ولكن السلطة الغالبة كانت للكنيسة، تستمدها من سلطانها الروحي الطاغي على قلوب الناس، ومن جيوشها الكثيفة ومن أموالها التي تضارع ما يملكه الملوك وأمراء الإقطاع (2)، حتى يقول وِلّ ديورانت (3):«وبلغت هذه السياسة البابوية ذروتها حين وضع ليو الثالث Pope Leo III [ت. 816م] التاج على رأس شارلمان Charlemagne [742 - 814 م]، ولم يعد يعترف لشخص ما أنه إمپراطور على الغرب إلا إذا مسحه أحد البابوات» اهـ.

ولذلك نلاحظ أن كثيرًا من الأباطرة المتمردين على الكنيسة يفشلون دائمًا في مواجهتها ويرتدون صاغرين إلى الانضواء تحت ظلها، كما أن العالم الغربي المسيحي لم يستطع التخلص من قبضة الكنيسة إلا بعد الثورة الداخلية التي قادها المصلحون الكنسيون، والتي أدت إلى إضعاف الهيكل التنظيمي والسلطة المركزية وتشتيت ولاء الأفراد (4).

يروي التاريخ الكثير عن قصة النزاع بين الكنيسة وبين الأباطرة والملوك، ومن أشهر

(1) د. سفر الحوالي: العلمانية، ص (79).

(2)

محمد قطب: مذاهب فكرية معاصرة، ص (46).

(3)

ول ديورانت: قصة الحضارة (14/ 353).

(4)

د. سفر الحوالي: العلمانية، ص (124).

ص: 259