الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعن أبي الجاورد، عن أبي جعفر عليه السلام قال:«قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني واثنى عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا» (1). فهذا النص أفاد أن أئمتهم بدون علي اثنا عشر ومع علي يصبحون ثلاثة عشر. وهذا ينسف بنيان الاثنى عشرية، ولهذا يظهر أن شيخهم الطوسي في الغيبة تصرف في النص وغيَّر فيه فأورده بهذا اللفظ:«إني وأحد عشر من ولدي» (2).
- كذلك روى الكليني عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:«دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت اثني عشر آخرهم القائم عليه السلام، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي» (3). فانظر كيف اعتبروا أئمتهم اثنى عشر كلهم من أولاد فاطمة، فإذن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليس من أئمتهم لأنه زوج فاطمة لا ولدها، أو يكون مجموع أئمتهم ثلاثة عشر (4).
اعتقاد الرافضة في أئمتهم:
يقول الخميني في وصفهم (5): «إن للإمام مقامًا محمودًا، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل» .
ويقول الجزائري (6): «اعلم أنه لا خلاف بين أصحابنا رضي الله عنهم في أشرفية نبينا على سائر الأنبياء للأخبار المتواترة، وإنما الخلاف بينهم في أفضلية أمير المؤمنين علي والأئمة الطاهرين على الأنبياء ما
(1) الكليني: الأصول من الكافي (1/ 534).
(2)
أبو جعفر الطوسي: الغيبة، ص (139).
(3)
الكليني: الأصول من الكافي (1/ 532).
(4)
د. ناصر القفاري: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية (2/ 668).
(5)
الخميني: الحكومة الإسلامية، ص (52).
(6)
نعمة الله الجزائري: الأنوار النعمانية (1/ 20 - 1).
عدا جدهم، فذهب جماعة إلى أنهم أفضل من باقي الأنبياء ما خلا أولي العزم، فهم أفضل من الأئمة، وبعضهم إلى مساواتهم، وأكثر المتأخرين إلى أفضلية الأئمة على أولي العزم وغيرهم، وهو الصواب».
ويقول الكليني (1): «قال جعفر بن محمد عليه السلام في قوله تعالى {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (2): نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من عباده عملًا إلا بمعرفتنا» .
بل لقد عقد الكليني في الكافي بابًا في (أن الأرض كلها للإمام)، جاء فيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:«أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء» (3).
ويعتقد الرافضة أن أئمتهم يتنزل عليهم الوحي، كما روى الكليني عن أسباط بن سالم قال:«سأله - أي أبا عبد الله - رجل من أهل هيت (4) وأنا حاضر - عن قول الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا} (5) فقال: منذ أنزل الله عز وجل ذلك الروح على محمد صلى الله عليه وآله ما صعد إلى السماء وإنه لفينا» (6)، وعن أبي بصير قال:«سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}، قال: خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره ويسدده وهو مع الأئمة من بعده» (7).
أيضًا، يعتقدون أن أئمتهم يعلمون الغيب، حيث عقد شيخهم الكليني بابًا في الكافي في (أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم)(8)، وكذلك
(1) الكليني: الأصول من الكافي (1/ 144).
(2)
الأعراف: 280
(3)
الكليني: الأصول من الكافي (1/ 409).
(4)
بلد بالعراق.
(5)
الشورى: 52
(6)
الكليني: الأصول من الكافي (1/ 273).
(7)
السابق (1/ 273)، وفي هذا نقض لقول محمد الحسين آل كاشف الغطاء المذكور آنفًا: «
…
سوى أن الإمام لا يوحى إليه كالنبي، وإنما يتلقى الأحكام منه مع تسديد إلهي، فالنبي مبلغ عن الله والإمام مبلغ عن النبي» اهـ[آل كاشف الغطاء: أصل الشيعة وأصولها، ص (212)]، وكما يقال:«إن الكذب ليس له أرجل، والفضيحة لها أجنحة!!» .
(8)
الكليني: الأصول من الكافي (1/ 258).
عقد بابًا آخر في (أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان، وما يكون، وأنه لا يخفى عليهم شيء)، روى فيه:«عن الحارث بن المغيرة، وعدة من أصحابنا سمعوا أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون» (1). وروى المجلسي عن صفوان بن يحيى عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام أنه قال: «والله لقد أُعطينا علم الأولين والآخرين، فقال له رجل من أصحابه: جُعلت فداك أعندكم علم الغيب؟ فقال له: ويحك إني لأعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء» (2).
ويعتقدون كذلك أن جزءًا من النور الإلهي، قد حلَّ بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما يروي الكليني عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:«قال الله تبارك وتعالى: يا محمد، إني خلقتك وعليًا نورًا - يعني روحًا بلا بدن - قبل أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري، فلم تزل تهللني وتمجدني، ثم جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة فكانت تمجدني وتقدسني، وتهللني، ثم قسمتها ثنتين وقسمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة محمد واحد وعلي واحد والحسن والحسين ثنتان، ثم خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحًا بلا بدن، ثم مَسَحَنا - أي الأئمة - بيمينه فأفضى نوره فينا» (3). وقال أيضًا: «إن الله تعالى أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم، ولكنه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته، حيث يقول: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} (4) يعني الأئمة منا» (5).
ويعتقدون أن أعمال العباد تُعرَض على الأئمة في كل يومٍ وليلة، كما روى الكليني عن عبد الله بن أبان الزيات قال:«قلت للرضا عليه السلام: ادع الله لي ولأهل بيتي، فقال: أولست أفعل؟! والله، إن أعمالكم لتُعرَض علي في كل يومٍ وليلة» (6).
(1) السابق (1/ 261).
(2)
المجلسي: بحار الأنوار (26/ 27 - 8).
(3)
الكليني: الأصول من الكافي (1/ 440).
(4)
المائدة: 55
(5)
الكليني: الأصول من الكافي (1/ 146).
(6)
السابق (1/ 219).
ويعتقدون أن أئمتهم الاثني عشر هم الواسطة بين الله وبين خلقه، حيث قال المجلسي عن أئمتهم ما نصه:«فإنهم حُجُب الرب، والوسائط بينه وبين الخلق» (1)، كما بوَّب في كتابه بابًا في «أن الناس لا يهتدون إلا بهم، وأنهم الوسائل بين الخلق وبين الله، وأنه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم» (2).
ويعتقدون أن أئمتهم لهم حق التحريم والتحليل والتشريع، حيث روى الكليني والمجلسي عن محمد بن سنان عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أنه قال:«يا محمد، إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردًا بوحدانيته ثم خلق محمدًا وعليًا وفاطمة، فمكثوا ألف دهرٍ، ثم خلق جميع الأشياء، فأشهدهم خلقها، وأجرى طاعتهم عليها، وفوض أمورهم إليها، فهم يحلون ما يشاءون ويحرمون ما يشاءون ولن يشاءوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى» (3).
بل قد وضعوهم في مكانة تذكرك بوضع الباباوات والقسس في النظام الكنسي، يقول شيخهم محمد رضا المظفر (1322 - 1383هـ) ما نصه (4):«بل نعتقد أن أمرهم أمر الله تعالى، ونهيهم نهيه، وطاعتهم طاعته، ومعصيتهم معصيته، ووليهم وليه، وعدوهم عدوه. ولا يجوز الرد عليهم، والراد عليهم كالراد على الرسول، والراد على الرسول كالراد على الله تعالى» اهـ.
كما تُسنِد الشيعة الحوادث الكونية التي لا يتصرف فيها إلا الله تعالى إلى أئمتهم، فكل ما يجري في هذا الكون من رعد وبرق وغير ذلك، فأمره إلى أئمتهم، كما ذكر ذلك المجلسي عن سماعة بن مهران قال:«كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فأرعدت السماء وأبرقت، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فإنه من أمر صاحبكم، قلت: من صاحبنا؟ قال: أمير المؤمنين عليه السلام» (5).
(1) المجلسي: بحار الأنوار (23/ 97).
(2)
ج23 الباب6
(3)
الكليني: الأصول من الكافي (1/ 441)، والمجلسي: بحار الأنوار (25/ 340).
(4)
محمد رضا المظفر: عقائد الإمامية، ص (74)، فصل الإمامة، باب عقيدتنا في طاعة الأئمة.
(5)
المجلسي: بحار الأنوار (27/ 33).
ويعتقدون كذلك أن عليًا يركب السحاب، كما روى المجلسي أن عليًا أومأ إلى سحابتين، فأصبحت كل سحابة كأنها بساط موضوع، فركب على سحابة بمفرده، وركب بعض أصحابه على الأخرى، وقال فوقها:«أنا عين الله في أرضه، أنا لسان الله الناطق في خلقه، أنا نور الله الذي لا يُطفأ، أنا باب الله الذي يؤتى منه، وحجته على عباده» (1).
كما يعتقد الشيعة أن حمل الأئمة لا يكون في رحم البطن بل في الجانب، وأن ولادتهم تكون من أفخاذ الأمهات بعيدًا عن القذارة والنجاسة! كما روى المجلسي عن أبي محمد عليه السلام أنه قال:«إنا معاشر الأوصياء لسنا نُحمَل في البطون، وإنما نُحمَل في الجُنوب، ولا نخرج من الأرحام، وإنما نخرج من الفخذ الأيمن من أمهاتنا، لأننا نور الله لا تناله الدناسات» (2).
بل قد غلت الشيعة الإمامية في الحسين بن علي رضي الله عنهما، حيث يعتقدون أن قبر الحسين رضي الله عنه شفاء من كل داء، وذكر شيخهم المجلسي قرابة من ثلاث وثمانين رواية عن تربة الحسين وفضائلها وأحكامها وآدابها، ومنها قوله:«قال أبو عبد الله: حنكوا أولادكم بتربة الحسين فإنه أمان» (3). كما أفتى الخميني لأتباعه ومريديه بأن يأكلوا من تربة الحسين للاستشفاء بها، حيث إنه يرى لها فضيلة لا تلحق بها أية تربة حتى تربة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول ما نصه (4):«يحرم أكل الطين، وهو التراب المختلط بالماء حال بلته، وكذا المدر وهو الطين اليابس، ويلحق بهما التراب على الأحوط» ، ثم يقول:«يُستثنى من الطين طين قبر سيدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام للاستشفاء ولا يجوز أكله بغيره، ولا أكل ما زاد عن قدر الحمصة المتوسطة، ولا يلحق به طين غير قبره، حتى قبر النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، نعم لا بأس أن يمزج بماء أو شربة، ويستهلك فيه والتبرك والاستشفاء بذلك الماء وتلك الشربة» اهـ (5).
(1) السابق (27/ 33 - 4).
(2)
السابق (51/ 26).
(3)
السابق (101/ 115).
(4)
الخميني: تحرير الوسيلة (2/ 153)، كتاب الأطعمة والأشربة، باب القول في غير الحيوان، مسألة رقم: 7
(5)
السابق، مسألة رقم: 9
ويروي محمد بن محمد بن النعمان العكبري الملقب بالشيخ المفيد (336 - 413هـ)، عن محمد بن إسماعيل البصري عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:«طين قبر الحسين شفاء من كل داء، فإذا أكلته فقل بسم الله وبالله، اللهم اجعله رزقًا واسعًا، وعلمًا نافعًا، وشفاءً من كل داء، إنك على كل شيء قدير» (1).
كذلك يعتقد الشيعة أن زيارة مشاهد وقبور أئمتهم أعظم من الحج إلى بيت الله العتيق، فقال شيخهم الكليني مانصه (2):«إن زيارة قبر الحسين تعدل عشرين حجة، وأفضل من عشرين عمرة وحجة» .
بل يجوزون الاستغاثة بغير الله مطلقًا كقولهم «يا مهدي أدركني
…
!»، ويهجرون المساجد ويعمرون المشاهد، ويعبدون قبور الأئمة، فيذبحون عندها، وينذرون لها، ويحلفون بها، ويستغيثون بهم في طلب الحاجات وكشف الكربات، ويسجدون إلى قبورهم، ويستقبلونها في صلاتهم، «زاعمين أن ما جاور العظيم فهو عظيم، وأن إكرام الله لساكن القبر يتعدى إلى القبر نفسه، حتي يصح أن يكون وسيلة إلى الله» (3). يقول المجلسي (4): «إذا كان لك حاجة إلى الله عز وجل فاكتب رقعة على بركة الله، واطرحها على قبرٍ من قبور الأئمة إن شئت، أو فشدها واختمها، واعجن طينًا نظيفًا واجعلها فيه، واطرحها في نهرٍ جارٍ، أو بئرٍ عميقة، أو غديرَ ماء، فإنها تصل إلى السيد عليه السلام، وهو يتولى قضاء حاجتك بنفسه» .
ويقول المفيد في (المزار)، في باب (القول عند الوقوف عند الحدث) (5): «وذلك أن يشير زائر الحسين بيده اليمنى ويقول في دعاء طويل: وأتيتك زائرًا التمس ثبات القدم في الهجرة إليك وقد تيقنت أن الله جل ثناؤه بكم ينفس الهم
…
وبكم ينزل الغيث وبكم ينزل الرحمة وبكم يمسك الأرض أن تسيخ بأهلها وبكم يثبت الله جبالها على مراسيها،
(1) المفيد: المزار، ص (149)، باب ما يقول الرجل إذا أخذ من طين قبر الحسين عليه السلام.
(2)
الكليني: الفروع من الكافي (4/ 580).
(3)
ناصر الدين الألباني: التوسل، أنواعه وأحكامه، ص (10).
(4)
المجلسي: بحار الأنوار (91/ 29).
(5)
المفيد: المزار، ص (111)، باب القول عند الوقوف على الحدث.