الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي حوار لاحق مع الجريدة نفسها قال (1): «فلوا استمروا في ممارستهم [أي اختراق الدول السنية] ولم يتراجعوا عنها بوضوح، سأعلن التوقف عن مشاركتي في التقريب بين المذاهب، لأنه في هذه الحالة سيكون لا معنى له .. فأنا أرى أن التقريب الآن على المحك» اهـ.
…
دافعي لبحث مسألة التشيع:
حقيقة، فإن مما كان له أبلغ الأثر في دفعي لبحث (المسألة الشيعية) هو قول قرأته للدكتور محمد إسماعيل المقدم، حيث قال (2): «إن مقولة: إن الشيعة الإمامية مذهب فقهي خامس، أحد الشعارات الكاذبة المضلة التي تفتن الناس عن دينهم، وتسهل الطريق للغزو الرافضي الفكري، وهي أحد الأفكار (الملغَّمة) التي تهدف إلى نسف منهج النبوة، وتدمير ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، كي يُبنى على أنقاضها أساطير الرافضة وخرافاتهم، من وراء ستار التقريب الذي هو عين التخريب لعقائد المسلمين، فالتقريب في اصطلاحهم له معنى واحد لا ثاني له: ألا وهو: تقريب أهل السنة إلى عقيدة الشيعة، وإذابتهم فيهم، فهو وسيلة إلى (تصدير) دين الرافضة ليس إلا. وقائل هذه العبارة محل
(1) نشرته في عدد الأحد 12/ 10/2008م، ص (11).
(2)
في حوار مع مجلة (الهجرة) الإسلامية الأمريكية الصادرة في ولاية فلوريدا، وذلك عام 1414هـ/1993م، وذكره كذلك في تقديمه لكتاب (حقبة من التاريخ)، للدكتور عثمان الخميس، ص (8 - 10)، ونقلناه باختصار وتصرف يسير.
السؤال، والمروج لها إما أنه جاهل ساذج، وإما خائن مُضل .. وأما جهله:
- فبأصول دينه الذي ينتمي إليه إن كان منتسبًا إلى أهل السنة والجماعة.
- وجهله بدين الرافضة الذي يقوم على أصول تخالف دين الإسلام قطعًا.
- جهله بوقائع التاريخ التي تدين الرافضة بالغدر والخيانة العظمى لأمة المسلمين، كما حدث أن أدخل الوزير العلقمي الشيعي قاتله الله [1197 - 1258م] هولاكو [1217 - 1265م] وجنوده إلى بغداد في عهد الخليفة العباسي المستعصم [1213 - 1258م]- وما أشبه اليوم بالأمس (1) -، وقتلوا معه غدرًا وفي ساعة واحدة مائتي ألف شخصية من العلماء والوجهاء والقضاة، واستمرت المذابح فيها بضعًا وثلاثين يومًا، قتل فيهم حوالي ثمانمائة ألف مسلم ومسلمة، حتى صبغ نهر دجلة باللون الأحمر لكثرة من قتل من أهل السنة، ثم صبغ مرة أخرى باللون الأسود لكثرة ما ألقي فيه من الكتب والأسفار (2).
أيضًا، كما تسببوا في انحسار المد الإسلامي العثماني في أرجاء أوروپا،
(1) وما أروع قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وكذلك إذا صار اليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم فهم دائمًا يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم» اهـ. [ابن تيمية: منهاج السنة (3/ 378)].
(2)
ومن عجيب ما قرأته ما رواه شيخهم رضا الصدر (1339 - 1415هـ) في ترجمة إمامهم ابن المطهَّر الحُلِّي (648 - 726هـ)، حيث يقول ما نصه: «والده: هو الشيخ الإمام سديد الدين، يوسف بن المطهَّر. كان من كبار العلماء وأعاظم الأعلام، وكان فقيهًا محققًا مدرسًا عظيم الشأن، ينقل ولده العلَاّمة أقواله في كتبه. وحينما حاصر الشاه المغولي هولاكو خان مدينة بغداد، وطال الحصار وانتشر خبره في البلاد، وسمع أهل الحلّة بذلك، هرب أكثرهم إلى البطائح ولم يبق فيها إلا القليل. فكان الشيخ سديد الدين من الباقين. فأرسل الخان المغولي دستورًا، وطلب حضور كبراء البلد عنده، وخاف الجماعة من الذهاب إليه من جهة عدم معرفتهم بما ينتهي إليه الحال. فقال الشيخ سديد الدين لمبعوثي الملك المغولي وهما: تكلة، وعلاء الدين: إن جئت وحدي كفى؟ قالا: نعم .. فذهب معهما إلى لقاء الشاه، وكان ذلك قبل فتح (!) بغداد .. فسأله الشاه: كيف قدمت على الحضور عندي قبل أن تعلم مايؤول إليه الأمر؟ وكيف تأمن إذا صالحني صاحبكم ورجعت؟ فأجاب الشيخ: إنما قدمت على ذلك لما رويناه عن إمامنا علي بن أبي طالب في خطبته الزوراء، قال عليه السلام: "الزوراء، وما أدراك ما الزوراء! أرض ذات أثل، يشيَّد فيها البنيان، ويكثر فيها السكَّان، ويكون فيها مهازم وخزَّان، يتخذها ولد العباس موطنًا، ولزخرفهم مسكنًا، تكون لهم دار لهو ولعب، ويكون بها الجَور الجائر والخوف المخيف، والأئمة الفجرة والأمراء الفسقة والوزراء الخونة، تخدمهم أبناء فارس والروم لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه، ولا يتناهون عن منكر إذا أنكروه، يكتفي منهم الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، فعند ذلك الغم العميم والبكاء الطويل والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك. وهم قوم صغار الحَدق، وجوههم كالمجان المطرّقة، لباسهم الحديد، جُرد مُرد، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدأ ملكهم جهوري الصوت، قوي الصولة، عالي الهمة، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا تُرفَع عليه راية إلا نكسها، الويل لمن ناواه. فلا يزال كذلك حتى يظفر
…
"، ثم قال له الشيخ: وقد وجدنا تلك الصفات فيكم. رجوناك فقصدناك
…
، فأصدر الشاه مرسومًا باسم الشيخ، يطيّب فيه قلوب أهل الحلّة وأطرافها
…
، وبفضل هذا الشيخ الكبير وعبقريته كانت سلامة الحلّة والكوفة والمشهدين من سطوة المغول وفتكهم» اهـ. [انظر، ابن المطهر الحلي: نهج الحق وكشف الصدق، مقدمة رضا الصدر، ص (6 - 7)].
وطعنوا الخليفة العثماني في ظهره بزحفهم على عاصمة الخلافة بينما كان يتغلغل بجيوشه في أحشاء النمسا إلى أن دخل قلب فيينا، وكادت أوروپاتدخل في حظيرة الإسلام لولا اضطرار الجيش العثماني إلى الانسحاب والرجوع إلى الرافضة لدحرهم ودفعهم. أيضًا، كما تحالفوا مع ملك المجر ضد الدولة العثمانية، وكما سلَّموا أرض المسلمين في پاكستان الشرقية لقمة سائغة للهندوس حتى يقيموا عليها الدولة المسخ بنجلاديش.
- جهله بالواقع الأليم لأهل السنة المحاصرين المستضعفين في داخل الدولة الرافضية الإيرانية، وما يعانونه من تفرقة عنصرية واضطهاد وتشريد وتصفية جسدية، ويكفي أن طهران العاصمة لم يسمح فيها ببناء مسجد واحد لأهل السنة، على الرغم من وجود اثنتي عشرة كنيسة، وأربعة معابد يهودية، وعددًا من معابد المجوس عبدة النار (1).
أما إن كان قائل هذه العبارة يدري كل هذا وهو يتشدق بهذه الفرية، فالمصيبة أعظم، ولا يبقى إلا أنه غاشٌّ لأهل الإسلام إذ يتغاضى عن هذه الحقائق الصارخة، ويكذب على المسلمين حين يزعم أن الخلاف مع الرافضة كالخلاف بين الحنبلي والشافعي والمالكي والحنفي، فهذه المذاهب وإن اختلفت في الفروع الفقهية العملية، لكنها تقف جميعًا في مسائل العقيدة والتوحيد تحت مظلة واحدة، هي السنة والجماعة، وهذا المفتري يحاول
(1) ولدى سؤال المرجع الشيعي مصباح اليزدي صاحب النفوذ في النظام الإيراني عن سبب امتناع الحكومة عن السماح ببناء مسجد لأهل السنة في طهران أجاب قائلًا: «متى ما سمح لنا ببناء حسينية في مكة، عندئذ سوف يُسمح لهم ببناء مسجد في طهران!» [انظر، جريدة (المصري اليوم)، عدد الأربعاء 3/ 3/2010م، ص (14)].
دمجها مع الرافضة - وهم فرقة نارية - في الفرقة الناجية، ويجتهد في ستر عورات مذهبهم الشاذ، الذي يشذ عن الفرقة الناجية حتى في أصول الدين» اهـ.
ويقول في مقالة تالية (2): «بناء على هذا الانحراف الشديد الذي تعانيه المناهج الشيعية فإننا نستطيع أن نقطع باستحالة التقريب العقائدي والفقهي بينهم وبين المسلمين السنة؛ فالشيعة ليست مذهبًا من المذاهب كما يعتقد البعض، إنما هي انحراف عن الطريق المستقيم، وأي تقريب بين الطريق المستقيم وبين الانحراف ما هو إلا انحراف أيضًا ولكن بدرجة أقل، وهذا ليس مقبولًا البتة في الشريعة الإسلامية، وهل يعني التقريب أن نقبل بسب بعض الصحابة دون غيرهم؟ وهل يعني التقريب الإيمان ببعض الأئمة الاثني عشر دون غيرهم؟ وهل يعني التقريب الأخذ عن البخاري ومسلم وترك الترمذي وأبي داود؟ وهل يعني التقريب أن نحلَّ زواج المتعة في بعض الظروف؟ وهل يعني التقريب التغاضي عن اضطهاد بعض السنة في إيران والعراق ولبنان وسوريا، وعدم التغاضي عن اضطهاد الآخرين؟ إن الطريق - يا إخواني وأخواتي - مسدودٌ مسدود!!
(1) من مقالة له بعنوان: خطر الشيعة، نشرها موقع (قصة الإسلام) في 30/ 4/2009م. www.islamstory.com
(2)
وهي بعنوان: موقفنا من الشيعة، نشرها السابق في 7/ 5/2009م.
وأي محاولات للتقريب العقائدي والفقهي بين السنة والشيعة ما هي إلا محاولات لتبديل الدين وتحريفه، وهذا ما لا ينبغي أن نسعى إليه» اهـ.
وخلاصة القول: «أن المنهج السليم للتقريب هو: أن يقوم علماء السنة بجهد كبير لنشر اعتقادهم وبيان صحته وتميزه عن مذاهب أهل البدع، وكشف لمؤامرات الروافض وأكاذيبهم وما يستدلون به من كتب أهل السنة. وأن يصاحب ذلك كله بيان لانحرافات الروافض وكشف ضلالاتهم وأصولهم الفاسدة. وإذا كان أئمة السنة قد شاركوا في ذلك فإنه يجب مضاعفة الجهد وأن يكون جهدًا جماعيًا مخططًا له. أي أن المنهج الأصيل للتقريب هو بيان الحق وكشف الباطل، هو تقريب الشيعة إلى الحق والوقوف في وجه المد التبشيري الرافضي الذي ينشط اليوم بشكل غريب في العالم الإسلامي، وفي أوروپاوأمريكا. حتى يجتمع المسلمون على كلمة سواء، ويعتصموا بحبل الله جميعًا ولا يتفرقوا. وإذا كان لا يجدي مع الشيعة الاحتجاج عليهم بالقرآن والسنة والإجماع، وبيان
(1) محب الدين الخطيب: الخطوط العريضة، ص (43 - 4).
الحق بهذه الأصول لمخالفتهم لأهل السنة في ذلك فلا يعني ذلك أن نتوقف عن بيان مذهب أهل السنة وصحته، وبطلان مذهب الشيعة وضلاله في ضوء تلك الأصول. فذلك سيحد من انتشار عقيدة الروافض بين أهل السنة. أما مع الروافض فإنه من الضروري أن نسلك مع المنهج السالف أو قبله المنهج التالي. والذي أبينه فيما يلي. فأقول: إن التقريب لا بد وأن يكون على أساس الحق، وإذا كنا لا نستطيع أن نحتج عليهم بالكتاب والسنة. ونحسم الخلاف على ضوئها فلنبحث عما يكشف باطلهم من كتبهم نفسها. وهذا المنهج لم يسلكه علماؤنا المتقدمون الذين اهتموا بالرد على الروافض وتفنيد حججهم ودحض دعاواهم وما ندري هل السبب في ذلك أن علماءنا - يرحمهم الله تعالى - كانوا يحتقرونهم ويرونهم مصدر الكذب ومعين التزوير فأعرضوا عن النظر في كتبهم فضلًا عن البحث فيها عن أدلة تكشف كذبهم وباطلهم. أم أن السبب أن هناك بعض كتبهم الأساسية قد وضعت من المتأخرين ونسبت للمتقدمين أو زيد عليها في العصور المتأخرة (الدولة الصفوية [1501 - 1722م]).
أيًا كان السبب هذا أو ذاك أو جميعًا فإن كتب الروافض اليوم قد انتشرت ودان بقدسيتها وآمن بصحتها ملايين الشيعة فهم لا يؤمنون إلا بما جاء فيها ولا يحتجون إلا بها. ويردون بها السنة الصحيحة بل نصوص الكتاب الظاهرة بل منهم من يصدق أساطيرها التي تمس كتاب الله العظيم وتزعم الوحي للأئمة وعلم الغيب .. فليكن تصحيح وضع الشيعة من كتبهم وكشف ضلالهم من رواياتهم، ومنطلق التقريب الصحيح من مدوناتهم» اهـ (1).
(1) د. ناصر القفاري: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (2/ 280 - 3).