الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أفعال الكبار لحصول اللذة الدنيوية، ولعلمه بأن وبالها الأخروي إنما هو على غيره" (1).
وكانت هذه المقالة موضع إنكار من بعض عقلاء الشيعة المتقدمين كالمرتضى وابن إدريس (543 - 598هـ)، لأنها في نظرهم وإن تسللت أخبارها في كتب الشيعة إلا "أنها أخبار آحاد مخالفة للكتاب والسنة والإجماع فوجب ردها"(2).
لكن هذه الأخبار تكاثرت على مر الزمن حتى قال شيخهم نعمة الله الجزائري (3): "إن أصحابنا قد رووا هذه الأخبار بالأسانيد المتكثرة في الأصول وغيرها، فلم يبق مجال في إنكارها، والحكم عليها بأنها أخبار آحاد، بل صارت أخبارًا مستفيضة بل متواترة"، قال هذا في الرد على من أنكرها من شيوخهم السابقين» اهـ.
واقرأ معي هذه النصوص:
عقد الكليني في كتابه الكافي بابًا بعنوان: (طينة المؤمن والكافر)، روى فيه عن ربعي بن عبد الله عن (رجل) عن علي بن الحسين عليهما السلام قال:«إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين: قلوبهم وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة، وجعل خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك، وخلق الكفار من طينة سجين: قلوبهم وأبدانهم، فخلط بين الطينتين، فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن، ومن ههنا يصيب المؤمن السيئة ومن ههنا يصيب الكافر الحسنة، فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه، وقلوب الكافرين تحن إلى ماخلقوا منه» (4).
وعن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار، وقال: إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرًا طيب روحه وجسده فلا يسمع شيئًا من الخير إلا عرفه، ولا يسمع شيئًا من المنكر إلا أنكره، قال: وسمعته يقول: الطينات ثلاث: طينة الأنبياء، والمؤمن من تلك الطينة، إلا أن الأنبياء
(1) انظر، نعمة الله الجزائري: الأنوار النعمانية (1/ 295).
(2)
السابق (1/ 293).
(3)
السابق.
(4)
الكليني: الأصول من الكافي (2/ 2).
هم من صفوتها، هم الأصل ولهم فضلهم، والمؤمنون الفرع من طين لازب، كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم، وقال: طينة الناصب من حمأ مسنون (1)، وأما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ولله المشيئة فيهم» (2).
وعن صالح بن سهل قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك، من أي شئ خلق الله عز وجل طينة المؤمن؟ فقال: من طينة الأنبياء، فلم تنجس أبدًا» (3).
وعن عثمان بن يوسف قال: «أخبرني عبد الله بن كيسان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك أنا مولاك، عبد الله بن كيسان، قال: أما النسب فأعرفه وأما أنت، فلست أعرفك، قال: قلت له: إني ولدت بالجبل ونشأت في أرض فارس وإنني أخالط الناس في التجارات وغير ذلك، فأخالط الرجل، فأرى له حسن السمت وحسن الخلق وكثرة أمانة، ثم أفتشه فأتبينه عن عداوتكم، وأخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة (6) ثم أفتشه فأتبينه عن ولايتكم، فكيف يكون ذلك؟ فقال لي: أما
(1) قال الشارح: «الحمأ: الطين الأسود، والمسنون: المنتن» اهـ[الأصول من الكافي (2/ 3) الهامش].
(2)
السابق (2/ 3).
(3)
السابق.
(4)
المطففين: 18 - 21
(5)
المطففين: 7 - 10، الكليني: الأصول من الكافي (2/ 4).
(6)
قال الشارح: «الزعارة: سوء الخلق، لا يصرف منه فعل، ويقال للسييء الخلق: الزعرور، وفي بعض النسخ: (الدعارة) وهو الفساد والفسوق والخبث» اهـ. [الكليني: الأصول من الكافي (2/ 4) الهامش].