المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأصابع الخفية المؤسسة لعقيدة الشيعة الإمامية: - حصان طروادة الغارة الفكرية على الديار السنية

[عمرو كامل عمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة بقلم الدكتور محمد بن موسى الشريف

- ‌تعقيب

- ‌{مقدمة المؤلف}

- ‌الباب الأول حصان رومي

- ‌الفصل الأول: المسلك المختار لدعوة الحوار

- ‌الاتجاه الأول (وحدة الأديان):

- ‌الاتجاه الثاني (توحيد الأديان):

- ‌الاتجاه الثالث (التقريب بين الأديان):

- ‌الخصائص الفكرية التي يقوم عليها هذا الاتجاه والملاحظ عليها:

- ‌مفهوم التقريب لدى مجلس الكنائس العالمي:

- ‌الدولة الفاطمية الثانية:

- ‌تأييد آية الله التسخيري:

- ‌دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بين الماضي والحاضر:

- ‌تجارب فردية للتقريب حفظها لنا التاريخ:

- ‌1 - مصطفى السباعي:

- ‌2 - محمد رشيد رضا:

- ‌3 - علماء السعودية في عهد الملك فيصل:

- ‌4 - محمد الأمين الشنقيطي:

- ‌5 - يوسف القرضاوي:

- ‌دافعي لبحث مسألة التشيع:

- ‌الفصل الثاني: بين أوربانية الماضي والحاضر

- ‌فتح القسطنطينية وتبعاته:

- ‌اختلال موازين القوى الغربية بين ضفتي الأطلسي:

- ‌الارتباك الفكري يهدد القيادة الأمريكية للنظام العالمي الجديد:

- ‌العالم من الثنائية إلى الأحادية القطبية:

- ‌زوال (الخطر الأحمر) وظهور (الخطر الأخضر):

- ‌صمويل هنتجتون يتقدم:

- ‌نظرة على علاقة المجتمع الغربي المعاصر بالإسلام:

- ‌هل المجتمع الغربي علماني أم مسيحي

- ‌غزوة مانهاتن

- ‌عودة إلى ساحة التنظير السياسي:

- ‌أوربان الأمريكي يعلن حربًا صليبية جديدة:

- ‌حرب العراق:

- ‌فرصة ذهبية:

- ‌بلاكووتر والاتحاد الكاثوليكي الپروتستانتي:

- ‌تعديل في المسار:

- ‌حرب الأفكار: معركة القلوب والعقول:

- ‌شيريل بينارد و (الإسلام المدني الديمقراطي):

- ‌توماس فريدمان و (حرب الأفكار):

- ‌أندرو ترنبُل و (عملية المنافسة):

- ‌أنچل راباسا و (بناء شبكات إسلامية معتدلة):

- ‌الفصل الثالث: الصهيونية، رؤية مغايرة

- ‌{مدخل}

- ‌الاستمرار اليهودي من منظور إسلامي:

- ‌پروتوكولات حكماء صهيون:

- ‌{الصهيونية .. رؤية مغايرة}

- ‌اصطفاء مشروط لبني إسرائيل:

- ‌وعد أولاهما:

- ‌ورسولا إلى بني إسرائيل:

- ‌وعد الآخرة:

- ‌فائدة:

- ‌يهود الدياسپورا:

- ‌نظرة على المجتمعات اليهودية الأوروپية من الداخل:

- ‌العقيدة المشَّيحانية Messianism:

- ‌علاقة اليهود بالأغيار:

- ‌الجيتو اليهودي:

- ‌واقع العلاقة بين اليهود والنصارى في المجتمعات الأوروپية:

- ‌الصَدْع اللوثري:

- ‌ورهبانية ابتدعوها:

- ‌الكنيسة تجني أرباحًا كبيرة:

- ‌صراع الأباطرة والبابوات:

- ‌تسرب مظاهر الضعف والانحراف إلى المراكز الدينية:

- ‌مهزلة صكوك الغفران:

- ‌عصر الإصلاح الكنسي: جيرولامو سافونارولا:

- ‌مارتن لوثر: ترجمة:

- ‌مارتن لوثر واليهود:

- ‌أفكار لوثر أحدثت ثغرًا لا يزال يتسع حتى اليوم:

- ‌المجتمع النصراني الغربي في بداية عصر النهضة: بداية التزوير التاريخي:

- ‌ظهور أول أثر أدبي مطبوع عن التفكر في العصر الألفي السعيد:

- ‌يوحنا وابن عازر كارترايت وإعادة اليهود إلى إنجلترا:

- ‌مناسح بن إسرائيل و (أمل إسرائيل):

- ‌الصهيونية منذ عصر الاستنارة (القرن الثامن عشر) إلى ظهور المسألتين اليهودية والشرقية:

- ‌بوناپارت وتلاقي المسألتين اليهودية والشرقية:

- ‌إنجلترا تتلقف الراية:

- ‌جذور المسألة اليهودية:

- ‌ونعود إلى إنجلترا

- ‌لورد پالمرستون الثالث:

- ‌كانت الأهداف الثلاثة على النحو التالي:

- ‌حلقة الوصل بين الصهيونيتين (اليهودية وغير اليهودية): بنيامين زئيف:

- ‌هرتزل: ترجمة:

- ‌الموقف اليهودي الأرثوذكسي تجاه (البدعة) الصهيونية:

- ‌المرحلة البلفورية:

- ‌الصهيونية والنازية، وفاق أم شقاق

- ‌أمريكا تتلقف الراية:

- ‌الصهيونية في أمريكا: نبذة تاريخية:

- ‌ثلاثة مؤشرات (1948 - 1967

- ‌نظرة إلى داخل المجتمع الإسرائيلي:

- ‌قضية تامارين:

- ‌الموقف حيال يشوع والجيش الإسرائيلي

- ‌الموقف حيال القتل الجماعي

- ‌زواج مصالح…ولكن

- ‌العلاقة (الأمريكية-الإسرائيلية) أشبه بالزواج الكاثوليكي:

- ‌اللوبي الإسرائيلي وتأثيره في قرارات الولايات المتحدة:

- ‌الباب الثاني حصان فارسي

- ‌الفصل الأول: تشيع أم رفض؟ وقفة تاريخية تأصيلية

- ‌أيُكسَر الباب أم يُفتَح

- ‌حقيقة موقف كعب الأحبار من مقتل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه

- ‌جذور البلاء:

- ‌القذيفة الأولى:

- ‌بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌وهذه المسائل الأربعة هي:

- ‌ أولًا: تدوين التاريخ

- ‌ثانيًا: عدالة الصحابة:

- ‌تعريف الصحابي:

- ‌طبقات الصحابة:

- ‌عدالة الصحابة:

- ‌عقيدتنا في الصحابة:

- ‌حكم سب الصحابة:

- ‌ثالثًا: حقيقة الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌وقعة الجمل (36ه

- ‌معركة صِفِّين (37ه

- ‌قضية التحكيم (37 ه

- ‌رابعًا: موقف أهل السنة والجماعة من الفتنة:

- ‌عودة إلى البدء: استمالة السبئية لشيعة علي رضي الله عنه

- ‌ولكن من هم (الشيعة الأولى)

- ‌تبرؤ شيعي:

- ‌عام الجماعة (41ه

- ‌مناقب أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه

- ‌الشيعة بعد عام الجماعة:

- ‌وفاة أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه وخلافة يزيد:

- ‌ولماذا أوصى معاوية رضي الله عنه لابنه يزيد بالخلافة

- ‌موقف أهل السنة من يزيد بن معاوية:

- ‌رأي الإمام ابن تيمية في خروج الحسين رضي الله عنه

- ‌جيش التوابين:

- ‌أسباب فشل حركة التوابين:

- ‌في ثقيف كذاب ومبير:

- ‌انحراف عقدي:

- ‌مع الاثني عشرية:

- ‌وبداية: متى كانت بداية ظهورهم

- ‌الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه

- ‌الأصابع الخفية المؤسسة لعقيدة الشيعة الإمامية:

- ‌الفصل الثاني: عقيدة أهل المذهب الفقهي الخامس

- ‌«والأدلة على بطلان مذهب الرافضة لا تُحصى إلا بالمشقة، ألا فليدخلوا في الإسلام!» [الحذيفي]

- ‌عقيدة الإمامة:

- ‌أصل عقيدة الإمامة:

- ‌ولماذا اثنا عشر إمامًا

- ‌اعتقاد الرافضة في أئمتهم:

- ‌مغالطات واضحة:

- ‌المتتبع لسلسلة الأئمة يلاحظ الآتي:

- ‌حيرة

- ‌ولماذا اختفى

- ‌في السرداب:

- ‌كم مدة غيبته

- ‌وعرفت هذه بالغيبة الكبرى

- ‌الثورة الخمينية وولاية الفقيه:

- ‌أولًا: بيان رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ثانيًا: بيان مفتي جمهورية تونس الحبيب بلخوجة:

- ‌ثالثًا: فتوى علماء المغرب:

- ‌رابعًا: بيان رابطة العلماء في العراق:

- ‌خامسًا: فتوى الشيخ الألباني:

- ‌متى تكون التقية

- ‌التقية عند الرافضة:

- ‌واقرأ معي هذه النصوص:

- ‌عقيدة البداء:

- ‌من أقوال الرافضة في البداء:

- ‌عقيدة الرافضة في القرآن:

- ‌عقيدة الطينة:

- ‌واقرأ معي هذه النصوص:

- ‌عقيدة الرافضة في أهل السنة:

- ‌اعتقاد أهل السنة في آل البيت رضي الله عنهم

- ‌ثناء آل البيت على الصحابة رضي الله عنهم أجمعين:

- ‌وماذا عن باقي الأئمة آل البيت رحمهم الله

- ‌بل أنتم الناصبة

- ‌واقرأ معي هذه النصوص:

- ‌موافقة الرافضة اليهود في استباحة دم المخالف:

- ‌عقيدة الرجعة:

- ‌من الراجعون

- ‌وما مهام المهدي الراجع

- ‌إباحة الرافضة زواج المتعة:

- ‌من أدلة تحريم المتعة:

- ‌نظرية الخُمس:

- ‌الخمس عند الرافضة:

- ‌من أقوال علماء أهل السنَّة في الرافضة:

- ‌الفصل الثالث: شبهات وردودها

- ‌الشبهة الأولى: حديث الغدير:

- ‌الشبهة الثانية: حادثة فَدَك والإرث:

- ‌الشبهة الثالثة: آية المودة:

- ‌الشبهة الرابعة: آية التطهير:

- ‌الشبهة الخامسة: آية الولاية:

- ‌الشبهة السادسة: حديث المنزلة:

- ‌الشبهة السابعة: «علي مني وأنا من علي»:

- ‌الشبهة الثامنة: «يا رب أصحابي

- ‌الشبهة التاسعة: آية الفتح:

- ‌الشبهة العاشرة: في صلح الحديبية:

- ‌الشبهة الحادية عشرة: «إنكن صواحب يوسف»:

- ‌الشبهة الثانية عشرة: «هلم أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده»:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌الأصابع الخفية المؤسسة لعقيدة الشيعة الإمامية:

‌الأصابع الخفية المؤسسة لعقيدة الشيعة الإمامية:

ونحن هنا، والكلام يدور حول التسمية، يفرض علينا سؤال نفسه، والذي يتبين لنا بالإجابة عليه بعض الأصابع الخفية المؤسسة لعقيدة الشيعة الإمامية:

والسؤال هو: لماذا الإمام علي رضي الله عنه وآل بيته؟

ولقد أجاب المستشرق الهولندي ريَنْهارت دوزي Reinhart Dozy (1820 - 1883 م) عن هذا بقوله: «كانت الشيعة في حقيقتها فرقة فارسية، وفيها يظهر أجلى ما يظهر ذلك الفارق بين الجنس العربي، الذي يحب الحرية، وبين الجنس الفارسي الذي اعتاد الخضوع كالعبيد. لقد كان مبدأ انتخاب خليفة للنبي أمرًا غير معهود ولا مفهوم، لأنهم لم يعرفوا غير مبدأ الوراثة في الحكم، لهذا اعتقدوا أنه ما دام محمد [صلى الله عليه وسلم] لم يترك ولدًا يرثه، فإن عليًا هو الذي كان يجب أن يخلفه وأن الخلافة يجب أن تكون وراثية في آل علي. ومن هنا فإن جميع الخلفاء - ما عدا عليًا - كانوا في نظرهم مغتصبين للحكم لا تجب لهم طاعة. وقوَّى هذا الاعتقاد عندهم كراهيتهم للحكومة وللسيطرة العربية، فكانوا في الوقت نفسه يلقون بأنظارهم النهمة إلى ثروات سادتهم. وهم قد اعتادوا أيضًا أن يروا في ملوكهم أحفادًا منحدرين من أصلاب الآلهة الدنيا، فنقلوا هذا التوقير الوثني إلى علي وذريته. فالطاعة المطلقة للإمام الذي من نسل علي كانت في نظرهم الواجب الأعلى، حتى إذا ما أدى المرء هذا الواجب، استطاع بعد ذلك بغير لائمة ضمير أن يفسر سائر الواجبات والتكاليف تفسيرًا رمزيًا وأن يتجاوزها ويتعداها. لقد كان الإمام عندهم هو كل شيء، إنه الله قد صار بشرًا! فالخضوع الأعمى المقرون بانتهاك الحرمات ذلك هو الأساس في مذهبهم» (1).

وسوف يتضح هذا أكثر عند حديثنا عن اعتقاد الشيعة في أئمتهم.

يقول محمد سرور بن نايف (2): «الزعامة الدينية في بلاد فارس كانت تتمثل في قبيلة

(1) إحسان إلهي ظهير: الشيعة والتشيع، ص (172 - 3)، نقلًا عن: مقالات في تاريخ الإسلام، لدوزي.

(2)

محمد سرور بن نايف زين العابدين (عبد الله الغريب): وجاء دور المجوس، ص (22، 39، 61 - 2) بتصرف.

ص: 518

من القبائل، فالسيطرة الدينية قديمًا كانت لقبيلة (ميديا)، وفي عصر أتباع زرادشت [؟ ق. م] أصبحت السيطرة لقبيلة (المغان). ورجال القبيلة الدينية هم ظل الله في الأرض، وقد خلقوا لخدمة الآلهة، والحاكم يجب أن يكون من هذه القبيلة، وتتجسد فيه الذات الإلهية، وتتولى هذه العائلة شرف سدانة بيت النار. إن عبادة الله عن طريق القبيلة هو الذي دفع الفرس إلى التشيع لآل البيت، لا حبًا بآل البيت ولكن لأن هذا التصور يلائم عقيدة المجوس، ففي تشيعهم لآل البيت إحياء لعقائد زرادشت وماني [ت. 273م] ومزدك [ت. 529م]، وكل الذي فعلوه أنهم استبدلوا المغان بآل البيت، وقالوا للناس بأن آل بيت رسول الله هم ظل الله في الأرض، وأن أئمتهم معصومون، وتتجلى فيهم الحكمة الإلهية. لكن لا بد لنا من التفريق بين الفرس المجوس الذين كادوا للإسلام وتآمروا عليه، والفرس الذين دخلوا في دين الله، وحسن إسلامهم، وذادوا عن الإسلام بسيوفهم وعلمهم ومالهم، فكان على رأسهم الصحابي الجليل سلمان رضي الله عنه وغيره من أعلام السلف. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}، قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثًا وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء"» اهـ (1).

قلت: ولقد جاء في كتب الشيعة المعتبرة ما يدل على ذلك، منها:

- تكفيرهم للصحابة رضي الله عنهم إلا عدد قليل مختلف فيه، ومن بينهم سلمان الفارسي رضي الله عنه (2).

- اعتقادهم أن النار محرمة على كسرى ملك الفرس؛ حيث روى المجلسي عن عمار الساباطي قوله: «قدم أمير المؤمنين عليه السلام المدائن فنزل بإيوان كسرى، وكان معه دلف بن مجير

ثم نظر عليه السلام إلى جمجمة نخرة

ودعا بطشت فيه ماء، فقال للرجل: دع هذه الجمجمة في الطشت، ثم قال: أقسمت عليك يا جمجمة لتخبريني من أنا ومن أنت؟

(1) الحديث رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن: 4897

(2)

انظر، الكليني: الروضة من الكافي (8/ 245) رقم: 341، وسنذكر نص الرواية في حديثنا عن عقيدة الشيعة في أهل السنة.

ص: 519

فقالت الجمجمة بلسان فصيح: أما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين، وأما أنا فعبد الله، وابن أمة الله كسرى أنوشيروان، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كيف حالك؟ قال: يا أمير المؤمنين، إني كنت ملكًا عادلًا شفيقًا على الرعايا رحيمًا، لا أرضى بظلم، ولكن كنت على دين المجوس، وقد ولد محمد صلى الله عليه وآله في زمان ملكي، فسقط من شرفات قصري [ثلاث] وعشرون شرفة ليلة ولد، فهممت أن أومن به من كثرة ما سمعت من الزيادة من أنواع شرفه وفضله ومرتبته وعزه في السماوات والأرض ومن شرف أهل بيته، ولكني تغافلت عن ذلك وتشاغلت عنه في الملك، فيا لها من نعمة ومنزلة ذهبت مني حيث لم أومن، فأنا محروم من الجنة بعدم إيماني به، ولكني مع هذا الكفر خلصني الله تعالى من عذاب النار ببركة عدلي وإنصافي بين الرعية، وأنا في النار والنار محرَّمة عليَّ، فواحسرتاه لو آمنت، لكنت معك يا سيد أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله ويا أمير أمته» (1).

- ما رواه المجلسي أن «القائم [أي المهدي] يسير في العرب بما في الجفر الأحمر

فأمر أصبعه على خلقه فقال هكذا، يعني الذبح» (2)، وروى:«ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح» (3)، وروى أيضًا:«اتق العرب فإن لهم خبر سوء، أما إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد» (4). ولماذا يُعمِل المهدي سيفه في العرب؟ أليس الرسول صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين وذريته من العرب؟! أم إنها العصبية الفارسية تجاه العرب.

- اتخاذهم من يوم مقتل عمر رضي الله عنه عيدًا، ولقد رووا أحاديث في فضل ذلك اليوم، منها ما رواه المجلسي ونعمة الله الجزائري عن أبي الحسن العسكري أنه قال: «ولقد حدثني أبي عليه السلام أن حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم [أي الموافق ليوم مقتل عمر رضي الله عنه] على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله (5)،

قال حذيفة: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام

(1) المجلسي: بحار الأنوار (41/ 213 - 4) باختصار.

(2)

السابق (52/ 313).

(3)

السابق (52/ 349).

(4)

السابق (52/ 333).

(5)

فائدة: يقر الرافضة في كتبهم بأن ليس لهم أسانيد صحيحة متصلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيروي الكليني عن محمد بن الحسن قوله:«قلت لأبي جعفر الثاني: جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا، فقال: حدثوا بها فإنها حق» [الكليني: الأصول من الكافي (1/ 53)]، كما يقر بذلك الحر العاملي (1033 - 1104هـ) فيقول: «

والفائدة في ذكره [أي السند] مجرد التبرك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانية، ودفع تعيير العامة [أي أهل السنة] الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة، بل منقولة من أصول قدمائهم» [الحر العاملي: وسائل الشيعة (30/ 258)، وانظر الفائدة التاسعة (30/ 250 - 65)]. يقول الدكتور ناصر القفاري:«بدأ الشيعة في عصر ابن المطهر يحاولون وضع مقاييس لنقد الحديث عندهم وتقسيمه إلى صحيح وغيره. وفي ظني أن من أسباب هذا الاتجاه هو النقد الموجه لهم من ابن تيمية وغيره في هذا، ومما يشعر بهذا هو التوافق الزمني بين رد ابن تيمية [أي في منهاج السنة] ووضعهم لهذا الاصطلاح، وهذه مسألة مهمة لم أر من نبه عليها» [القفاري: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (1/ 279)] .. علمًا بأنه لم يكن معهودًا عند الصحابة وأوائل التابعين - أي في مجتمع ساد فيه الصدق والعدالة - علم الأسانيد والروايات، وإنما، وكما قال ابن سيرين، «لما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم» اهـ[انظر: تاريخ الطبري (8/ 353)، أحداث سنة 194].

ص: 520

وولديه يأكلون مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبتسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين: كُلا هنيئًا لكما بركة هذا اليوم وسعادته فإنه اليوم الذي يهلك الله فيه عدوه وعدو جدكما، وإنه اليوم الذي يقبل الله أعمال شيعتكما ومحبيكما واليوم الذي يصدق فيه قول الله جل جلاله {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} (1)، واليوم الذي نسف فيه فرعون أهل البيت وظالمهم وغاصبهم حقهم واليوم الذي يقدم الله إلى ما عملوا {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} (2). قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله، وفي أمتك وأصحابك من ينتهك هذه المحارم؟ قال: نعم يا حذيفة جِبْت من المنافقين يرتاس عليهم ويستعمل في أمتي الرؤيا [أي الرياء] ويحمل على عاتقه درّة الخزي ويصد الناس عن سبيل الله يحرف كتاب الله ويغير سنتي ويشتمل على إرث ولدي وينصب نفسه علمًا ويتطاول على إمامة من بعدي ويستخلب أموال الناس من غير حلها وينفقها في غير طاعة الله ويكذبني ويكذب أخي ووزيري ويحسد ابنتي عن حقها فتدعو الله عز وجل عليه فيستجيب دعاءها في مثل هذا اليوم.

(1) النمل: 52

(2)

الفرقان: 23

ص: 521

قال حذيفة رضي الله عنه: فقلت: يا رسول الله، فادع ربك ليهلكه في حياتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حذيفة لا أحب أن أجترئ على قضاء الله عز وجل لما قد سبق في علمه لكن سألت الله عز وجل أن يجعل لليوم الذي يهلكه فيه فضيلة على سائر الأيام ليكون ذلك سُنَّة يستن بها أحبائي وشيعة أهل بيتي [ومحبوهم]، فأوحى الله إليَّ جل من قائل: يا محمد، إنه قد سابق علمي أن تمسَّك وأهل بيتك مِحَن الدنيا وبلاؤها، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي من نصحت لهم وخانوك، ومحضت لهم وغشوك، وصافيتهم وكشحوك، وأرضيتهم وكذبوك وجنيتهم وأسلموك، فإني بحولي وقوتي وسلطاني لأفتحن على من يغصب بعدك عليًا وصيك حقًا ألف باب من النيران من أسفل الفيلوق، ولأصلينه وأصحابه قعرًا يشرف عليه إبليس آدم فيلعنه، ولأجعلن ذلك المنافق عبرة في القيامة كفراعنة الأنبياء وأعداء الدين في المحشر، ولأحشرنهم وأولياءهم وجميع الظلمة والمنافقين إلى جهنم زرقًا كالحين أذلة حيارى نادمين ولأضلنهم فيها أبد الآبدين. يا محمد، إن مرافقك ووصيك في منزلته يمسه البلوى من فرعونه وغاصبه الذي يجترئ ويبدل كلامي ويشرك بي ويصد الناس عن سبيلي وينصب نفسه عجلًا لأمتك ويكفر بي في عرشي، إني قد أمرت سبع سماواتي وشيعتك ومحبيك أن يعيِّدوا في اليوم الذي أهلكته فيه، وأمرتهم أن ينصبوا كرسي كرامتي بإزاء البيت المعمور، ويثنوا عليّ ويستغفروا لشيعتك ولمحبيك من ولد آدم. يا محمد، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق في ذلك اليوم ولا [يكتبوا] شيئًا من خطاياهم كرامة لك ولوصيك.

يا محمد إني قد جعلت ذلك اليوم يوم عيد لك ولأهل بيتك ولمن يتبعهم من المؤمنين وشيعتهم، وآليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لأحبون من يعيِّد في ذلك اليوم محتسبًا في ثواب الحافين، ولأشفعنه في ذوي رحمه، ولأزيدن في ماله إن وسع على نفسه وعياله، ولأعتقن من النار في كل حول مثل ذلك اليوم آلافًا من شيعتكم ومحبيكم ومواليكم، ولأجعلن سعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، وعملهم مقبولًا. قال حذيفة: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل بيت أم سلمة. ورجعت عنه وأنا غير شاك في أمر الثاني [أي عمر رضي الله عنه] حتى رأيت بعد وفاة رسول الله صلى الله

ص: 522

عليه وآله وأتيح الشر وعاود الكفر وارتد عن الدين وشمر للملك وحرَّف القرآن

» (1). كذلك فهم يطلقون لقب (بابا شجاع الدين) على الملعون أبي لؤلؤة المجوسي قاتل عمر رضي الله عنه (2)، وأقاموا له في مدينة كاشان الإيرانية في منطقة تسمى (باغي فين) مشهدًا فيه قبر وهمي يزار من قِبَل الإيرانيين، وتلقى فيه الأموال والتبرعات.

- من الشواهد كذلك جعلهم الإمامة بعد الحسين رضي الله عنه في ابنه علي الملقب بزين العابدين، وذلك لأن أمه - كما يذكر النوبختي - (3)«چهانشاه (4)، وهي ابنة يزدجرد بن شهريار بن كسرى أبرويز بن هرمز، وكان كسرى آخر ملوك الفرس» . وهم ما ادعوا ذلك إلا لرؤيتهم أن الدم الذي يجري في عروق علي بن الحسين وفي أولاده دم إيراني من سلالة الساسانيين المقدسين عندهم، فقالوا:«وكان يقال له [أي زين العابدين]عليه السلام: ابن الخيرتين، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: "إن لله من عباده خيرتين"، فخيرته من العرب قريش، ومن العجم فارس، وكانت أمه بنت كسرى» (5).

وسوف تتبين لنا بصورة أوضح معالم هذه الأصابع الخفية حينما نتناول بعض عقائد الشيعة الإمامية في الفصل التالي.

(1) المجلسي: بحار الأنوار (95/ 352 - 3) باب فضل اليوم التاسع من شهر ربيع الأول وأعماله، ونعمة الله الجزائري: الأنوار النعمانية (1/ 108 - 10).

(2)

يطلقون هذا اللقب على من قال فيه عمر رضي الله عنه: «الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام» . [رواه البخاري، كتاب فضائل الصحابة: 3700].

(3)

النوبختي: فرق الشيعة، ص (69).

(4)

قال المجلسي: «أمه خولة بنت يزدجرد ملك فارس، وهي التي سماها أمير المؤمنين عليه السلام شاه زنان، ويقال: بل كان اسمها برة بنت النوشجان، ويقال: كان اسمها شهربانو بنت يزدجرد» . [المجلسي: بحار الأنوار (46/ 8)].

(5)

المجلسي: بحار الأنوار (46/ 8).

ص: 523