الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الدُّعَاء بعدَ التشهّدِ الأخير:
382-
اعلم أنَّ الدعاء بعد التشهّد الأخير مشروعٌ بلا خلاف.
روينا في "صحيحي البخاري"[رقم: 835]، ومسلم [رقم: 402] ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمهم1 التشهّد، ثم قال في آخره:"ثُمَّ يتخير منَ الدُّعَاءِ".
وفي رواية البخاري: " [ثُمَّ ليخير من الدعاء] أعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدعو".
وفي روايات لمسلم: "ثم ليتخير [بعد] مِنَ المَسْأَلَةِ ما شاء [أو أَحَبَّ] ".
384-
واعلم أن هذا الدعاء مستحبٌّ ليس بواجب، ويستحبُّ تطويلُه، إلا أن يكون إماماً، وله أن يدعوَ بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، وله أن يدعوَ بالدعوات المأثورة، وله أن يدعو بدعوات يخترعها، والمأثورة أفضل. ثم المأثورة منها ما وردَ في هذا الموطن، ومنها ما وردَ في غيره، وأفضلُها هنا ما ورد هنا.
385-
وثبت في هذا الموضع أدعية كثيرة، منها ما رويناه في صحيح البخاري [رقم: 1377] ومسلم2 [رقم: 588] ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا فَرَغَ أحَدُكُمْ مِنَ التشهد الأخير ليعوذ بِاللَّهِ مِنْ أرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، ومن عذاب القبر، ومن فِتْنَةِ المَحيَا وَالمَماتِ، ومن شر المسيح الدجال"، ورواه مسلم من طرق كثيرة، وفي رواية منها:"إِذَا تَشَهَّدَ أحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِني أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحيَا وَالمَماتِ، ومن شَرِّ فِتْنَة المَسِيحِ الدجال".
1 في نسخة: "علمه".
2 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "نتائج الأفكار" 216/2: تنبيه: وقع في بعض نسخ "الأذكار": روينا في صحيحي البخاري ومسلم، وفي بعضها: في صحيح مسلم؛ والسبب في ذلك أن اللفظ الذي ذكره لمسلم وحده كاللفظ الثاني؛ وأما البخاري، فأخرج أصل الحديث، لكن ليس فيه التقييد بالتشهد ولا صيغة الأمر، فحيث جمع بينهما أرادا أصل الحديث، وحيث أفراد أراد اللفظ المخصوص. وقد ذكره في "شرح المهذب" [452/3] فقال: رواه البخاري ومسلم، واللفظ له. اهـ.
386-
وروينا في صحيحي البخاري [رقم: 832] ومسلم [رقم: 589] ، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة:"اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسيحِ الدَّجَّال، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ، اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ من المأثمِ والمَغْرَمِ".
387-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 771] ، عن علي رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهّد والتسليم: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ، وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ، وَما أعْلَنْتُ، وَمَا أسرفتُ، وَمَا أنْتَ أعلمُ بِهِ مِنِّي؛ أنْتَ المقدمُ، وأنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إِلهَ إِلَاّ أنْتَ".
388-
وروينا في صحيحي البخاري [رقم: 834] ومسلم [رقم: 2705] ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علّمني دُعاءً أدعوا به في صَلاتي، قال:"قُل: اللَّهُمَّ إنِّي ظلمتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ أنْتَ، فاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْني، إنَّكَ أنْتَ الغفور الرحيم". [سيرد برقم: 1982] .
هكذا ضبطناه: "ظُلْمًا كَثِيرًا" بالثاء المثلثة في معظم الروايات، وفي بعض روايات مسلم:"كَبِيراً" بالباء الموحدة، وكلاهما حسن، فينبغي أن يُجمع بينهما، فيُقال:"ظُلْماً كَثِيراً كَبِيراً".
389-
وقد احتجّ البخاري في "صحيحه"[رقم: 834] ، والبيهقيّ [154/2] ، وغيرهما من الأئمة؛ بهذا الحديث للدعاء في آخر الصلاة، وهو استدلال صحيح، فإن قوله:"في صلاتي" يعمّ جميعها، ومن مظانّ الدعاء في الصلاة هذا الموطن.