الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب أذكار الركوع
مدخل
…
بابُ أذكار الركوع:
293-
قد تظاهرت الأخبارُ الصحيحةُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يُكَبِّر للركوع، وهو سنّة، ولو تكره كان مكروهاً كراهة تنزيه، ولا تبطلُ صلاتُه، ولا يسجدُ للسهو، وكذلك جميع التكبيرات التي في الصلاة هذا حكمُها، إلا تكبيرة الإِحرام، فإنها ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها، وقد قدّمنا عدد تكبيرات الصلاة في أوّل أبواب الدخول في الصلاة. [رقم: 241 و242] .
294-
وعن الإِمام أحمد رواية: أن جميع هذه التكبيرات واجبة. وهل يستحبّ مدُّ هذا التكبير؟ فيه قولان للشافعي رحمه الله، أصحُّهما وهو الجديد: يستحبّ مدّه إلى أن يصل إلى حدّ الراكعين، فيشتغل بتسبيح الركوع، لئلا يخلو جزءٌ من صلاته عن ذكرٍ، بخلاف تكبيرة الإِحرام، فإن الصحيح استحباب ترك المدّ فيها؛ لأنه يحتاج إلى بسط النيّة عليها، فإذا مدّها شقّ عليه، وإذا اختصرها سهل عليه، وهكذا حكم باقي التكبيرات، وقد تقدم إيضاحُ هذا في باب تكبيرة الإحرام [رقم: 237 - 240] ؛ والله أعلم.
81-
فصل [في التسبيح في الركوع] :
295-
فإذا وصل إلى حدّ الراكعين اشتغل بأذكار الركوع، فيقول: سُبْحَانَ رَبيَ العَظِيمِ، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم.
296-
فقد ثبت في "صحيح مُسلم"[رقم: 772] من حديث حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ركوعه الطويل الذي كان قريباً من قراءة البقرة والنساء وآل عمران: "سُبْحانَ رَبيَ العَظِيمِ". ومعناه. كرّر سبحان ربي العظيم فيه، كما جاء مبيِّناً في "سنن أبي داود" [رقم: 871] وغيره.
297-
وجاء في كتب "السنن" [أبو داود، رقم: 886؛ الترمذي،
رقم: 261؛ ابن ماجه، رقم: 890] أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا قالَ أحَدُكُمْ: سُبْحانَ رَبيَ العَظِيمِ ثَلاثاً فَقَدْ تَمَّ ركوعه".
298-
وثبت في "الصحيحين"[البخاري، رقم: 794؛ ومسلم، رقم: 484] ، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولُ في ركوعهِ وسجودهِ:"سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي". يتأول القرآن. [راجع "رياض الصالحين" رقم: 114 حيث قال: معنى "يتأول القرآن" أي: يعمل ما أمر به في القرآن في قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} "سورة النصر: 3"؛ وسيرد برقم: 321] .
299-
وثبت في "صحيح مسلم"[رقم: 771] عن عليّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع يقول: "اللهمَّ لكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، ولَكَ أسلمت؛ خضع لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي ومُخِّي وَعَظْمِي وَعَصبِي".
300-
وجاء في كتب "السنن"[أبو داود، رقم: 760؛ الترمذي، رقم: 3421؛ النسائي، رقم: 1050] : "خَشَعَ سَمْعِي وَبَصَرِي ومُخِّي وَعَظْمِي، ومَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمي لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ".
301-
وثبت في "صحيح مسلم"[رقم: 487] ، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولُ في ركوعه وسجوده:"سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوحِ".
302-
قال أهل اللغة: سبوح قدوس، بضم أولهما، وبالفتح أيضاً، لغتان، أجودهما وأشهرهما وأكثرهما الضمُّ.
303-
وروينا عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: قمتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ، فقام، فقرأ سورة البقرة، لا يمرّ بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمرّ بآية عذابٍ إلا وقف وتعوّذ قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول
في ركوعه: "سُبْحانَ ذِي الجَبَرُوتِ وَالمَلَكوتِ، والكبرياء والعظمة" ثم قال في سجوده مثل ذلك. هذا حديث صحيح رواه أبو داود [رقم: 873]، والنسائي [رقم: 1049] في "سننهما"، والترمذي في كتاب "الشمائل" [رقم: 271] بأسانيد صحيحه1 [وراجع رقم: 324 التالي] .
304-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 479] ، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأمَّا الرُّكُوعُ، فَعَظِّمُوا فِيهِ الرب". [سيرد برقم: 328] .
305-
واعلم أن هذا الحديث الأخير هو مقصودُ الفصل، وهو تعظيم الربّ سبحانه وتعالى في الركوع بأيّ لفظ كان، ولكن الأفضل أن يجمعَ بين هذه الأذكار كلها إن تمكن من ذلك، بحيث لا يشقّ على غيره، ويقدم التسبيح منها، فإن أراد الاقتصارَ، فيستحبُّ التسبيح، وأدنى الكمال منه ثلاث تسبيحات، ولو اقتصر على مرّة كان فاعلاً لأصل التسبيح، ويُستحبّ إذا اقتصر على البعض أن يفعل في بعض الأوقات بعضها، وفي وقت آخر بعضاً آخر، وهكذا يفعل في الأوقات، حتى يكون فاعلاً لجميعها، وكذا ينبغي أن يفعل في أذكار جميع الأبواب.
306-
واعلم أن الذكرَ في الركوع سنّةٌ عندنا وعند جماهير العلماء،
1 قال الحافظ: فيه نظر من وجهين:
أحدهما: الحكم بالصحة؛ فإن عاصم بن حميد، أحد رواته، ليس من رجال الصحيحين، وهو صدوق مقل.
الثاني: أن الحديث ليس له في هذه الكتب الثلاثة طرقٌ إلا واحدة، ومدارُه عندهم على: معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن عاصم بن حُميد، عن عوف بن مالك. فليس له ثَمّ أسانيد صحيحة، بل ولا دونها. ومعاوية بن صالح؛ وإن كان من رجال مُسلم مختلف فيه، فغاية ما يوصف به أن يعد ما ينفرد به حسنًا، وتعدد الطرق إليه لا يستلزم مع تفرده تعدد الأسانيد للحديث. ["نتائج الأفكار" 75/2] .