الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل عدد تكبيرات الصلاة وحكمها
…
63-
فضل [عدد تكبيرات الصلاة وحكمها] :
241-
اعلم أن الصلاة التي هي ركعتان شُرِع فيها إحدى عشرة تكبيرة، والتي هي ثلاث ركعات سبع عشرة تكبيرة، والتي هي أربع ركعات اثنتان وعشرون تكبيرة؛ فإن في كل ركعة خمس تكبيرات: تكبيرة1 للركوع، وأربعاً للسجدتين والرفع منهما، وتكبيرة الإِحرام، وتكبيرة القيام من التشهد الأوّل.
242-
ثم اعلم أن جميع هذه التكبيرات سنّة، لو تركها عمداً أو سهوا لا تبطل صلاته، ولا تحرم عليه، ولا يسجد للسهو إلا تكبيرة الإِحرام، فإنها لا تنعقد الصلاة إلا بها بلا خلاف؛ والله أعلم.
1 ساقطة في الأصول.
بابُ ما يقوله 1 بعد تكبيرة الإِحرام:
243-
اعلم أنه قد جاءت فيه أحاديث كثيرة، يقتضي مجموعها أن يقول: "اللَّهُ أكبرُ كَبِيراً، والحمدُ لِلَّه كَثِيراً، وسبحان الله بُكْرَةً وَأصِيلاً؛ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً، وما أنا من المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ العالَمِينَ، لا شَرِيكَ لهُ، وَبِذَلِكَ أمرتُ وأنَا مِنَ المُسْلِمينَ؛ اللَّهُمَّ أنْتَ المَلكُ، لا إلهَ إِلَاّ أنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وأنا عَبْدُكَ، ظلمتُ نَفْسِي واعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعاً؛ فإنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ أنْتَ، وَاهْدِني لأحْسَنِ الأخْلاقِ لا يَهْدِي لأحْسَنها إلَاّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَها لا يصرف عني سَيِّئَها إِلَاّ أَنْتَ، لبيك
1 في نسخ: "ما يقول".
وَسَعْدَيْكَ، والخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أنا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبارَكْتَ وَتعالَيْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ".
244-
ويقول: "اللَّهُمَّ باعِد بَيْني وبَيْنَ خَطايايَ كما بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ؛ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطايايَ كما يُنَقّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ؛ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطايايَ بالثَّلْجِ والماء والبرد". [البخاري، رقم: 744؛ مسلم، رقم: 598] .
فكل هذا المذكور ثابت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [راجع مسلم، رقم: 601 و771] .
245-
وجاء في الباب أحاديث أُخرُ، منها: حديث عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: "سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعالى جَدُّكَ، وَلَا إلهَ غَيْرُكَ" رواه الترمذي [رقم: 243] وأبو داود [رقم: 776] وابن ماجه [رقم: 806] بأسانيد ضعيفة1، وضعفهُ أبو داود والترمذي والبيهقي وغيرهم2؛ ورواهُ أبو داود [رقم: 775] والترمذي [رقم:
1 قال الحافظ: لس له عند هؤلاء الثلاثة سوى إسنادين: أخرج أحدهُما أبو داود، والآخر عند الآخرين، وقد أخرجه الحاكم [235/1] في "المستدرك"، من الطريق الأول، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وقال العراقي في "مستخرجه" على "المستدرك": رجاله ثقات. وأخرجه من الطريق الثاني شاهدًا للأول.
وأخرجه أيضًا ابن خزيمة [رقم: 470] في "صحيحه"، وله طرق أخرى عن عائشة ضعيفة، ساقها البيهقي في "الخلافيات". ["نتائج الأفكار" 397/1 و399] .
2 قال الحافظ: لم يصرح أبو داود بضعفه، وإنما أشار إلى غرابته، فقال بعد تخريجه: هذا الحديث ليس بالمشهور، ولم يروه إلا طلق بن غنام، عن عبد السلام.
وأما الترمذي والبيهقي؛ فروياه من الطريق الثاني وضعفاه بحارثة بن محمد؛ وكذا الدارقطني، ولو وقعت له الطريق الأولى لكان على شرطه في الحسن.
قال: وأما قوله: وغيرهم. فقد يوهم الاتفاق على تضعيفه، وليس كذلك، بل هم مختلفون. ["نتائج الأفكار" 401/1] .
242] والنسائي [رقم: 899 و 900] وابن ماجه [رقم: 804] والبيهقي [34/2] من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وضعفوه1.
246-
قال البيهقي [34/2] : وروي الاستفتاح بـ"سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ
…
" عن ابن مسعود مرفوعاً، وعن أنسٍ مرفوعاً؛ وكلها ضعيفة2.
1 قال الحافظ: لم أر عن واحدٍ منهم التصريح بتضعيفه، وهو حديث حسن.
أما أبو داود، فأخرجه من طريق جعفر بن سليمان، عن علي بن علي، عن أبي المتوكل الباجي، عن أبي سعيد، وقال: يقولون: عن علي بن علي، عن الحسن (ملاسلاً) ، الوهم فيه من جعفر.
وأما الترمذي، فقال: حديثُ أبي سعيد أشهرُ شيءٍ في هذا الباب، وبه يقول أكثر أهل العلم، وقد تكلم بعضهم في سنده؛ كان يحيى بن سعيد يتكلم (في علي بن علي الرفاعي.
وأما النسائي فسكت عليه؛ فاقتضى أنه لا علة له عنده، وأما ابن ماجه فلم يتكلم) عليه أصلاً كعادته.
وأما البيهقي، فحاصل كلامه في "السنن الكبير"[34/2] وفي "الخلافيات"؛ أن حديث علي في "وجهت.." أرجح من هذا الحديث، لكون حديث علي مخرجًا في الصحيح، ولكن هذا وإن جاء من طرق متعددة، لكن لا يخلو سند منها من مقال، وإن أفاد مجموعها القوة. وهذا أيضًا حال كلام ابن خزيمة في "صحيحه" [رقم: 462 و463] ، وأشار إلى أن حديث أبي سعيد أرجح طرقه.
وقال العقيلي [617/2] بعد أن أخرجه من طرق حارثة، في ترجمته، في الضعفاء: هذا الحديثُ روي بأسانيد حسان غير هذا، وقد وثق علي بن علي يحيى بن معين وأحمد وأبو حاتم، وسائر رواته رواة الصحيح. ["نتائج الأفكار" 401/1 - 404] .
2 قال الحافظ: عبارة البيهقي بعد حديث ابن مسعود [34/2] : "رواه ليث، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، وليس بالقوي، وروي عن حميد، عن أنسٍ مرفوعًا"، ثم ساقهُ بسنده إليه. ولم أر الكلام الأخير في كلامه.
وقد أخرج الطبراني في "الدعاء" حديث ابن مسعود بسندين آخرين، وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن حُميد، ومن وجه ثالث عن أنس، وأخرجه في "المعجم الكبير" [22/رقم: 155] من حديث واثلة بن الأسقع، ومن حديث الحكم بن عُمير، ومن حديث عمرو بن العاص، وأخرجه البيهقي بسند جيد عن جابر بن عبد الله، ["نتائج الأفكار" 404/1 و405] وأخرجه الدارقطني [299/2] عن عمر موقوفًا ومرفوعًا، وصححه ابن الجوزي في "التحقيق".
247-
قال [36/2] : وأصحُّ ما روي فيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم رواه بإسناده عنه، أنه كَبَّر، ثم قال:"سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك"[راجع مسلم، رقم: 399] ؛ والله أعلم.
248-
وروينا في "سنن البيهقي"[33/2] ، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قالَ: "لا إِلهَ إِلَاّ أَنْتَ، سُبْحانَكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَعَمِلْتُ سُوءاً، فاغْفِرْ لي، إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ أَنْتَ، وَجَّهْتُ وَجْهيَ
…
" إلى آخِرِه. وهو حديث ضعيف، فإن الحارث1 الأعور متفق على ضعفه، وكان الشعبيّ يقول: الحارث كذّاب2؛ والله أعلم.
249-
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "الشر لَيْسَ إلَيْكَ"، فاعلم أن مذهبَ أهل الحق من المحدّثين والفقهاء والمتكلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين أن جميع الكائنات، خيرها وشرَّها، نفعَها وضَرّها، كلها
1 في النسخة: "قال: الحارث
…
".
2 قال الحافظ -بعد تخريجه بنسد لهُ- بلفظ: قال البيهقي: ذكره الشافعي عن هشيم بلا رواية، لكن قال: عن أبي الخليل، بدل الحارث؛ قال: فيحتمل أن يكون لأبي إسحاق فيه شيخان.
قال الحافظ: وعلى هذا الاحتمال يكون الحديث صحيحًا، ويقوي ذلك أن الرواية الصحيحة الماضية عن علي بطولها، تشتمل على ألفاظ هذا الطريق، وليس فيها إلا الاختصار وتأخير: "وجهت
…
".
قال: وأما قول المصنف: إن الحارث متفق على ضعفه، فهو متعقب، فقد وثّقه يحيى بن معين في سؤالات عثمان الدارمي [صفحة: 90] ، وفي تاريخ عباس الدوري [361/3] .
وأما ما نقلهُ عن الشعبي فقد أوضح أحمد بن صالح ذلك، إذ قال: الحارث صاحب علي ثقة، ما أحفظه، وما أحسن ما روى عن علي. قيل له: فما يقوله الشعبي فيه؟ قال: لم يكن يكذب في حديثه، وإنما كان يكذب في رأيه. ["الثقات" لابن شاهين، ص: 71 و72] .
وأبى الذهبي ذلك احتمالًا، والمرادُ بالرأي المذكور التشيع، وبسببه ضعفه الجمهور. ["نتائج الأفكار" 407/1 و408] .
من الله سبحانه وتعالى، وبإرادته وتقديره؛ وإذا ثبت هذا فلا بدّ من تأويل هذا الحديث، فذكر العلماءُ فيه أجوبة، أحدها: وهو أشهرها، قالهُ النصرُ بن شُمَيْلِ والأئمة بعدهُ، معناه: والشرّ لا يتقرّب به إليك؛ والثاني: لا يصعد إليك، إنما يصعد الكلمُ الطيب؛ والثالثُ: لا يضافُ إليك أدباً، فلا يقالُ: يا خالق الشر! وإن كان خالقه، كما لا يقالُ: يا خالق الخنازير! وإن كان خالقها؛ والرابع، ليس شرّاً بالنسبة إلى حكمتك، فإنك لا تخلقُ شيئاً عبثاً؛ والله أعلمُ.
65-
فصل [عن دعاء التوجه] :
250-
هذا ما ورد من الأذكار في دعاء التوجه، فيستحبّ الجمع بينها كلها لمن صلى منفرداً، وللإِمام إذا أذنَ لهُ المأمومون. فأما إذا لم يأذنوا له، فلا يطوِّل عليهم، بل يقتصر على بعض ذلك، وحَسُنَ اقتصارُه على: "وجّهت وجهي
…
" إلى قوله: ".. من المسلمين" وكذلك المنفرد الذي يُؤثر التخفيف.
251-
واعلم أن هذه الأذكار مستحبّة في الفريضة والنافلة، فلو تكره في الركعة الأولى عامداً أو ساهياً لم يفعله فيما بعدَها لفوات محله، ولو فعله كان مكروهاً، ولا تبطل صلاتهُ، ولو تركهُ عقيب التكبيرةِ حتى شرع في القراءة أو التعوّذ فقد فات محلهُ، فلا يأتي به، فلو أتى بهِ لم تبطُل صلاتهُ، ولو كان مسبوقاً أدرك الإِمام في إحدى الركعات أتى به، إلا أن يخاف من اشتغاله به فوات الفاتحة، فيشتغل بالفاتحة، فإنها آكدُ؛ لأنها واجبةٌ وهذا سنّة. ولو أدرك المسبوقُ الإِمامَ في غير القيام، وإما في الركوع، وإما في السجود، وإما في التشهد؛ أحرم معهُ، وأتى بالذكر الذي يأتي به الإِمام، ولا يأتي بدعاءِ الاستفتاحِ في الحالِ، ولا فيما بعدُ.
252-
واختلف أصحابنا في استحباب دعاءِ الاستفتاح في صلاة الجنازة، والأصحُّ أنه لا يستحبّ؛ لأنها مبنية على التخفيف.
253-
واعلم أن دعاء الاستفتاح سنةٌ ليس بواجب، ولو تركهُ لم يسجدْ للسهو، والسنّة فيه الإسرارُ، فلو جهر به كان مكروهاً، ولا تبطلُ صلاته. والله أعلم.