الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال العلماءُ: يعني بالمتنطعين: المبالغين في الأمور.
1887-
وَرَوَيْنَا في "كتاب الترمذي"[رقم: 2018] ، عن جابرٍ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ مِنْ أحَبِّكُمْ إِلَيَّ وأقْرَبِكُمْ مِنّي مَجْلِساً يَوْمَ القِيَامَةِ أحاسِنُكُمْ أخْلاقاً، وَإنَّ أبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وأبْعَدَكُمْ مِنِّي يَوْمَ القِيامَةِ؛ الثَّرْثارُونَ وَالمُتَشَدّقُونَ والمتفيهقون" قالوا: يا رسول الله! قد علمنا الثرثارون والمتشدّقون، فما المتفيهقون؟ قال:"المُتَكَبِّرُون". قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ.
قال: و"الثرثار" هو: الكثيرُ الكلام، والمتشدّقُ: مَن يتطاولُ على الناس في الكلام، ويبذو عليهم.
1888-
واعلم أنه لا يدخلُ في الذمّ تحسين ألفاظ الخطب والمواعظ إذا لم يكن فيها إفراطٌ وإغرابٌ؛ لأن المقصودَ منها تهييج القلوبِ إلى طاعةِ الله عز وجل، ولحسن اللفظ في هذا أثرٌ ظاهرٌ.
561-
فصل [كراهة الحديث بعد العشاء إلا بخير] :
1889-
ويُكره لمن صلى العشاء الآخرة أن يتحدَّثَ بالحديث المباح في غير هذا الوقت، وأعني بالمُباح الذي استوى فعلهُ وتركه.
فأما الحديثُ المحرمُ في غير هذا الوقت، أو المكروه، فهو في هذا الوقت أشدّ تحريماً وكراهة.
وأما الحديثُ في الخيرِ كمذاكرةِ العلمِ وحكايات الصالحين ومكارم الأخلاق، والحديثُ مع الضيف ومع طالب حاجةٍ ونحوِ ذلك، فلا كراهةَ فيه، بل هو مستحبُ؛ وقد تظاهرت الأحاديثُ الصحيحةُ به، وكذلك الحديثُ للغدرِ والأمور العارضة لا بأس به. وقد اشتهرت الأحاديثُ بكل ما
ذكرتهُ، [راجع "رياض الصالحين" الباب رقم: 334] وأنا أُشيرُ إلى بعضها مختصراً، وأرمزُ إلى كثيرٍ منها.
1890-
رَوَيْنَا في صحيحي البخاري [رقم: 568]، ومسلم [رقم: 647] ؛ عن أبي برزةَ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكرهُ النومَ قبل العِشاء والحديثَ بعدَها.
وأما الأحاديث بالترخيص في الكلام للأمور التي قَدَّمْتُها فكثيرةٌ.
1891-
فَمِن ذلك حديثُ ابن عمر في "الصحيحين"[البخاري، رقم: 564؛ مسلم، رقم: 2537] ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى العشاءَ في آخر حياتهِ، فلما سلَّم قال:"أرأيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فإنَّ على رأسِ مائةِ سنةٍ لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ على ظَهْرِ الأرْضِ اليَوْمَ أحدٌ".
1892-
ومنها حديثُ أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في "صحيحيهما"[البخاري، رقم: 567؛ مسلم، رقم: 641] ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتم بالصلاة حتى ابْهَارَّ الليلُ، ثم خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى بهم، فلما قضَى صلاتهُ، قال لمن حضرهُ:"على رِسْلِكُمْ أعلمُكُم، وأبْشِرُوا أنَّ مِنْ نعمةِ اللَّه عليكُم أنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أحَدٌ يُصلي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرَكُمْ"، أوْ قالَ:"ما صَلَّى أحَدٌ هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرَكُمْ".
1893-
ومنها حديثُ أنسٍ في "صحيح البخاري"[رقم: 572] ، ومسلم، [رقم: 640] ؛ أنهمُ انتظروا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فجاءَهم قريباً من شطر الليل، فصلَّى بهم -يعني: العشاء- قال: ثم خطبَنا، فقال:"ألا إنَّ النَّاس قَدْ صَلُّوْا ثُمَّ رَقَدُوا، وإنكم لم تَزَالُوا في صلاةٍ ما انْتَظَرْتُمُ الصَّلاةَ".
1894-
ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنهما، في مبيته في بيت خالته ميمونة، قولهُ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى العشاءَ، ثم دخلَ فحدّثَ أهلَه.