الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ تحريمِ النياحَةِ على الميِّتِ والدُّعَاءِ بدعوَى الجاهليّة:
763-
أجمعت الأمّةُ على تحريم النياحة، والدعاء بدعوى الجاهلية، والدعاء بالويل والثبور عند المصيبة.
764-
روينا في "صحيحي" البخاري [رقم: 1294] ومسلم [رقم: 103] ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ".
وفي رواية لمسلم: "أوْ دَعا""أوْ شَقَّ" بـ"أو".
765-
وروينا في "صحيحيهما"[البخاري، رقم: 1296؛ ومسلم رقم: 104] ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برىءَ من الصَّالقةِ، والحَالقةِ، والشاقة. ["رياض الصالحين"، رقم 1659] .
قلتُ: الصالقة: التي ترفع صوتها بالنياحة، والندب، والحالقة: التي تخلق شعرها عند المصيبة، والشَّاقةُ: التي تشقُّ ثيابَها عند المصيبة؛ وكل هذا حرامٌ باتفاق العلماء، وكذلك يحرم نشرُ الشعر، ولطم الخدود، وخمش الوجه، والدعاء بالويل. [راجع رقم: 1583 اللاحق] .
766-
وروينا في "صحيحيهما"[البخاري، رقم: 1306؛ ومسلم، رقم: 936] عن أُمّ عطيةَ [نسيبة] رضي الله عنها، قالت: أخذَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في البيعة ألا ننوح. [رياض الصالحين، رقم: 1661] .
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 67] ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثْنَتانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ في النَّسَبِ، وَالنِّياحَةُ على الميت". ["رياض الصالحين"، رقم: 1667؛ وسيرد برقم: 1761] .
768-
وروينا في "سنن أبي داود"[رقم: 3128] ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة.
769-
واعلم أن النياحة: رفع الصوت بالندب، والندب: تعديد النادبة بصوتها محاسن الميت، وقيل: هو البكاء عليه مع تعديد محاسنه.
قال أصحابنا: ويحرم رفع الصوت بإفراط في البكاء.
770-
وأما البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحةٍ فليس بحرام. فقد روينا في "صحيحي" البخاري [رقم: 1304]، ومسلم [رقم: 924] ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن عبادة، ومعه عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعودٍ، فبكى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القومُ بكاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكَوْا، فقال:"ألا تَسْمَعُونَ؟ إنَّ اللَّهَ لا يُعذب بِدَمْعِ العَيْنِ ولا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذّبُ بِهَذَا أَوْ يَرْحَمُ" وأشار إلى لسانه صلى الله عليه وسلم.
771-
وروينا في صحيحيهما [البخاري، رقم 1284؛ ومسلم، رقم: 923] ، عن أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفِعَ إليه ابنُ ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: "هَذِهِ رحمةٌ جَعَلَها اللَّهُ تَعالى في قُلوبِ عِبَادِهِ، وإنمَا يَرْحَمُ اللَّهُ تَعالى مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ".
قلتُ: "الرحماء" رُوي بالنصب والرفع، فالنصبُ على أنه مفعول يرحم، والرفعُ على أنه خبر "إنّ"، وتكون "ما" بمعنى "الذي".
772-
وروينا في "صحيح البخاري"[رقم: 1303] ، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه، وهو يجود بنفسه، فجعلتْ عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسولَ الله؟ فقال: "يا ابن عَوْفٍ! إِنَها رَحْمَةٌ" ثم أتبعها بأخرى، فقال:"إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَاّ ما يُرضي رَبَّنا، وَإنَّا بِفِرَاقِكَ يا إبراهيم لمحزونون"[وروى مسلم، رقم: 2315، بعضه] .