الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نشأته:
تعلم وحفظ القرآن ببلدته نوى، ثم قدم به والده إلى دمشق وكان عمره تسع عشرة سنة في سنة تسع وأربعين، فسكن المدرسة الرواحية الواقعة شرقي المسجد الأموي ولصيقته من جهة الشمال.
حج مع والده سنة إحدى وخمسين وست مائة.
كان مواجهًا للملوك والجبابرة بالإنكار، لا تأخذه في اللَّه لومة لائم، وكان إذا عجز عن المواجهة كتب الرسائل.
صفاته:
كان إمامًا في العلم والعبادة والزهد وصيام الدهر والورع وعدم إضاعة الوقت.
مؤلفاته:
وهي كثيرة، منها:"الأذكار"، "الأربعون الحديث النبوية"، "إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق"، "الأصول والضوابط"، "الإيجاز في مناسك الحج"، "الإيضاح في مناسك الحج"، "بستان العارفين"، "التبيان في آداب حملة القرآن"، ومختصره، "روضة الطالبين"، "رياض الصالحين"، "المجموع شرح المذهب"، "المقاصد الحسان"، "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج"، "منهاج الطالبين".
هذا الكتاب:
يعد كتاب: الأذكار من أشهر كتب الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- ويتنازع مع كتاب: رياض الصالحين، على هذه الشهرة، فكثرة طبعاته وانتشاره يجعله يأتي بعد رياض الصالحين؛ فقلّما يخلو بيت مسلم من نسخة من هذا الكتاب.
وهو من أهم الكتب وأكثرها انتشارًا التي جمعت أذكار اليوم والليلة، ولولا حجمه لكان انتشاره أكثر من صنوه رياض الصالحين.
وهو من أنفس الكتب الجامعة للأذكار بشكل عام مع ذكر الدليل والتحقيق فيها وذكر الأحكام التي لها صلة بها، إذا جمع ما يحتاج إليه في سائر الأحوال من أذكار ودعوات في اليوم والليلة وعلى مدار العام، بل في جميع العمر.
فهو عدة للمتعبدين والذاكرين، ودليل للمتصوفين بشكل خاص، ولعامة المسلمين بشكل عام.
فالعالم لا يُستغنى عن الرجوع إليه في موضوعه، والخطيب جل اعتماده عليه، والمثقف لا يفتر عن النظر إليه، والصوفي والذاكر لا يمل منه، بل يجد مطالعه والمراجع له فيه أحكامًا فقهية وفوائد علمية كثيرة.
ولا شك أن لصدق مؤلفه وإخلاصه أكبر الأثر وأعظم السبب في هذا الرواج والانتشار؛ حيث إن إخلاصه وصلاح نيته دعاه لبناء كتابه بشكل يفيد عامة المسلمين وخواصهم، فيجدون فيه تلبية لحاجاتهم ومنهلاً لتعلمهم وتثقفهم في دينهم.
ولما سبق قيل: "بع الدار واشترِ الأذكار".
وقال أحدهم: ليس يذكر من لم يقرأ الأذكار.
وقال الشيخ المحدِّث أبو المواهب نجم الدين محمد بن أحمد السكندري الغيطي "910 - 981 هـ، 1504 - 1573م" من الطويل:
تمسك بآثار النووي واعتصم
…
وسرح عيون الفكر في الروضة الغنا
ولازم حمى أذكاره ورياضه
…
تقر بمنهاج له رائق المعنى
بدأ الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- كتابه بمقدمة بيَّن فيها سبب تأليفه للكتاب وهدفه، فقال: أردت مساعدة أهل الخير بتسهيل طريقه، والإِشارة إليه، وإيضاح سلوكه، والدلالة عليه، ثم رسم مخطط كتابه: فقال: فأذكر في أوَّلِ الكتاب فصولاً مهمة يحتاجُ إليها صاحبُ هذا الكتاب وغيره من المعتنين.
ثم أردف مبينًا مصادره وموارده في الكتاب قائلاً: وأقتصر في هذا الكتاب على الأحاديث التي في الكتب المشهورة التي هي أصول الإِسلام، وهي خمسة: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي.
وقال: وقد أروي يسيراً من الكتب المشهورة وغيرها.
وقال: وأما الأجزاء والمسانيد، فلستُ أنقل منها شيئاً إلا في نادر من المواطن، ولا أذكرُ من الأصول المشهورة أيضاً من الضعيف إلا النادر مع بيان ضعفه، وإنما أذكر فيه الصحيح غالباً.
ومثل ذلك قال في رياض الصالحين: وألتزم فيه أن لا أذكر إلا حديثًا صحيحًا من الواضحات، مضافًا إلى الكتب الصحيحة المشهورات.
ومن المفيد بيان مقصود الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- من كلامه، وهو: أن منهج الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- ومراده من قوله السابق هو الاصطلاح القديم الذي يجعل المقبول من الحديث قسمًا واحدًا، وهو قسم الصحيح، وهو الحديث القوي الذي يشمل الحسن وما فوقه، والذي كان عليه علماء الحديث قبل أن يشهر الترمذي تبعًا لشيخه البخاري، تقسيم الحديث المقبول إلى صحيح وحسن، وهذا الذي حاول أن يذكره الشيخ ناصر الدين الألباني في مقدمته لـ: رياض الصالحين، وقال: وذلك استعمال جائز لا غبار عليه. ثم أضاف: وقد جريت عليه في كثير من مصنفاتي، مثل: صحيح الجامع الصغير وزيادته ورسالتي: صحيح الكلم الطيب، وصحيح أبي داود، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، وغيرها. اهـ.
وقبل الشيخ ناصر الدين الألباني قال ابن علاّن شارح "الأذكار": مراد النووي من الصحيحة المقبولة، فتشمل الحسن ولو لغيره، والضعيف المقبول في موطنه. اهـ.
ويقول الإمام النووي: لا أذكر في الباب من الأحاديث إلا ما كانت دلالته ظاهرة في المسألة.
وأستطيع أن أضيف على ما ذكر الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- أنه كان ينقل في كتابه عن كتب الفقه واللغة، وكتب شروح الحديث، مثل: الأحوذي شرح الترمذي، ومعالم السنن. على كل يمكن مراجعة القائمة المتضمنة مصادر الكتاب لمعرفة المزيد من الكتب التي اعتمد عليها الإِمام النووي، رحمه الله تعالى.
وبَيَّن الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- ما يريد من كتابه بكل وضوح: فلهذا أرجو أن يكون هذا الكتاب أصلاً معتمدًا.
وأعتقد، بل أجزم إن الله تعالى حقق للإمام النووي -رحمه الله تعالى- ما أراده.
وعلى عادة الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- بدأ كتابه بباب الإخلاص واستحضار النية الصالحة، وهذا واضح تمامًا في مؤلفات الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- ولعل بمراجعة ما نقله عن حديث:"إنَّما الأعْمالُ بالنِّيَّاتِ" في كتابه "بستان العارفين"1، نعرف سبب حرص الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- على البداءة دائمًا في مؤلفاته بالكلام على الإخلاص والنية؛ حيث يقول:
واستحب العلماء -رضي الله تعالى عنهم- أن تُسْتَفْتَحَ المصنفات بهذا الحديث، وممن بدأ به في أول كتابه الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله في أول حديثه في صحيحه، الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى.
وروينا عن الإِمام أبي سعيد عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله قال: لو صنفت كتابًا بدأت في أول كل باب منه بهذا الحديث.
وروينا عنه أيضًا، قال: مَنْ أَرَادَ أن يُصنِّفَ كتاباً فليبدأ بهذا الحديث.
وروينا عن الإِمام أبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطَّابي رحمه الله فيما قرأته في أول كتابه "الإعلاء"، في شرح صحيح البخاري، قال: كان المتقدمون من شيوخنا يستحبُّون تقديم حديث: "الأعمال بالنيّة" أمامَ كل شيء يُنشأ ويُبتدأ من أمور الدين، لعموم الحاجة إليه في جميع أنواعها.
1 راجع طبعتنا لـ"بستان العارفين" الصادرة عن الجفان والجابي للطباعة والنشر، ليماسول قبرص.
وبلغنا عن جماعات من السلف -رضي الله تعالى عنهم- أشياء كثيرة من نحو هذا من الاهتمام بهذا الحديث، والله أعلم. انتهى نقلاً عن "بستان العارفين".
وسمة الإخلاص والصدق في صلاح النية هي أبرز صفة في الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- حيث تتجلى هذه الصفة دائمًا في كل كتاباته ومؤلفاته.
ولنعود إلى الكلام عن بنية كتاب "الأذكار"، فأقول: ثم انتقل إلى تعريف القارئ بأن المقصود من خلال الإنسان عبادة الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وَإنَّ اللَّهَ تَعالى قال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] ثم بعد ثبوت ذلك يجدر بالإنسان العاقل أن يسلك الطريق الصواب لتحقيق المقصود، ولا شك أن الصواب في اتباع ما أنزل على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الكريم، وكذلك اتباع ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخبار صحيحة.
لقد أجاد الإِمام النَّوَوِي -رحمه الله تعالى- في تأليف كتابه، ونفع الله المسلمين به، فرحمه الله تعالى وجزاه خيرًا عليه.
فـ"الأذكار" كتاب مفيد، يجدر بكل مسلم أن يقرأه ويرجع إليه، فيكفي أنه مليء بتحقيقات وتعليقات الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- فتعليقات الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- لها نكهة خاصة، يشعر قارئها بالفائدة والحاجة إليها، بل يستطيع أن يتذوقها ويتلذذ بمذاقها، ويتمتع بها؛ فهي مليئة بالإخلاص والوضوح، رحمه الله تعالى.
أنهى الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- تأليف كتابه "رياض الصالحين"، يوم الاثنين رابع شهر رمضان سنة سبعين وست مائة كما ورد في نهاية الكتاب.
وفي بعض نسخ "رياض الصالحين"، ورد التاريخ أنه "رابع عشر رمضان"، فإذا علمنا أن شهر رمضان لا يفرد دون كلمة شهر كباقي الأشهر التي تبدأ بحرف الراء، يغلب على الظن أن كلمة "شهر"، قد تصحفت إلى "عشر"، كما ورد في بعض النسخ، وأن الأقرب إلى الصواب والذي يطمئن له القلب هو رابع شهر رمضان لا رابع عشر رمضان.
وأنهى الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- تأليف كتابه "الأذكار" في المحرم سنة سبع وستين وست مائة كما ورد في نهاية الكتاب، وفي نسخة مقروءة على المؤلف رآها الإمام الحافظ السخاوي سنة 665 هـ، والمهم هو أن كتاب "الأذكار" سابق في التأليف لكتاب "رياض الصالحين".
وسيجد القارئ من خلاله ما أثبته من زيادات على الأصل الذي طبعته والمحصورة ضمن معقوفتين [] ترابط الكتابين المتين، حيث إنهما نهلا من مصادر واحدة وبزمن متقارب ومتتالي، بل نجد أحيانًا اختصارًا لما ورد في الأذكار أو استدراكًا لما ورد فيه بزيادة تناسب موضوع رياض الصالحين، بل سيتلمس القارئ ترابط كتب النووي -رحمه الله تعالى- ببعضها.
ولا شك عندي أن النووي -رحمه الله تعالى- كان يعتمد جهوده التي بذلها في تأليف كتبه السابقة في بناء كتبه اللاحقة، ففي التي سبقت تأليف رياض الصالحين على سبيل المثال، فعل ذلك وبخاصة "الأذكار". فكل مدقق في طبعة رياض الصالحين التي أخرجتها وملاحظ لما أثبته فيها من إحالات إلى كتاب "الأذكار"، يكون الدليل بين يديه لصحة ما ذكرته، بل إننا نجد إحالات من الإِمام النووي -رحمه الله تعالى- إلى كتاب الأذكار حيث يكون أوضح المسألة بشكل أفضل، راجع مثلا تعليق الإمام النووي عقب الحديث رقم: 1590، أو ما ذكره في الباب رقم: 261 -بابُ بَيانِ ما يجوز من الكذب- من كتاب: رياض الصالحين.
وهناك فقرات طويلة كاملة وردت في كتابه "الأذكار"، نجدها كما هي في "رياض الصالحين"، مثال على ذلك ما وردَ في الكتابين عن التوبة.