الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديثُ حسن مر [برقم: 1237] . وهذا الذي ذكرته لفظ رواية أبي داود.
وأما رواية الترمذي [رقم: 2697]، ففيها: عن أسماء، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ في المسجد يوما وعصبةٌ من النساءِ قعودٌ، فألوَى بيده بالتسليم.
1270-
وروينا في "كتاب ابن السني"[رقم: 224] ، عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على نسوةٍ، فسلّم عليهنّ.
1271-
وروينا في "صحيح البخاري"[رقم: 6248] ، عن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنه، قال: كانتْ فينا امرأةٌ -وفي روايةٍ: كانتْ لنا عجوزٌ- تأخذُ من أصولِ السلقِ، فتطرحهُ في القدرِ، وتكركرُ حباتٍ من شعيرٍ، فإذا صلّينا الجمعةَ، انصرفنا نسلمُ عليها، فتقدمه إلينا.
قلتُ: "تكركر" معناهُ: تطحنُ.
1272-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 336] ، عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها، قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يومَ الفتح، وهو يغتسلُ، وفاطمةُ تسترهُ، فسلمتُ
…
وذكرت الحديث [وسيأتي برقم: 1320] .
354-
فصل [حكم بدء أهل الذمة بالسلام] :
1273-
وأما أهل الذمّة، فاختلف أصحابُنا فيهم، فقطع الأكثرون بأنه لا يجوز ابتداؤهم بالسلام. وقال آخرون: ليس هو بحرامٍ، بل هو مكروه، فإن سلَّمُوا هم على مسلمٍ قال في الردّ: وعليكم، ولا يزيدُ على هذا.
وحكى أقضى القضاة الماورديّ وجهاً لبعض أصحابنا، أنه يجوز ابتداؤهم بالسلام، لكنْ يقتصرُ المسلمُ على قوله: السلام عليك، ولا يذكرُه بلفظ الجمع.
وحكى الماوردي وجهاً أنه يقولُ في الردّ عليهم إذا ابتدؤوا: وعليكم السلامُ، ولكن لا يقولُ: ورحمةُ الله؛ وهذان الوجهان شاذان ومردودان.
1274-
روينا في "صحيح مسلم"[رقم: 2167] ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تبدؤوا اليَهُودَ وَلا النَّصَارَى بالسَّلامِ، فإذَا لقيتُمْ أحَدَهُمْ في طَريقٍ فاضْطَرُوهُ إلى أضْيَقِهِ".
1275-
وَرَوَيْنَا في "صحيح البخاري"[رقم: 6258]، ومسلم [رقم: 2163] ؛ عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا سلَّم عَلَيْكُمْ أهْلُ الكِتابِ، فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ".
1276-
وَرَوَيْنَا في "صحيح البخاري"[رقم: 6024] ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ اليَهُودُ، فإنَّمَا يقولُ أحدُهُم: السَّامُ 1 عَلَيْكَ، فَقُلْ: وَعَلَيْكَ".
وفي المسألةِ أحاديثُ كثيرةٌ بنحوِ ما ذكرنا؛ والله أعلم.
1277-
قال أبو سعدٍ المتولي: ولو سلَّم على رجلٍ ظنهُ مُسلمًا، فبانَ كافراً، يستحبُ أن يستردّ سلامهُ، فيقولُ لهُ: رُدّ عليّ سلامي؛ والغرض من ذلك أن يوحشه، ويظهرَ له أنه ليس بينهما ألفةٌ.
ورُوي أن ابن عُمر رضي الله عنهما سلَّم على رجلٍ، فقيل لهُ: إنه يهوديُ؛ فتبعهُ، وقال له: ردّ عليَّ سلامي.
قلتُ: وقد رَوَيْنَا في موطأ مالك رحمه الله [2/ 960] ، أن مالكاً سُئل عمّن سلَّم على اليهوديّ، أو النصراني؛ هل يستقيلهُ ذلك؟ فقال: لا؛ فهذا مذهبهُ. واختارهُ ابن العربي المالكي.
قال أبو سعدٍ: لو أراد تحية ذميّ فَعَلَهَا بغير السلامِ: بأن يقول: هداك اللهُ، أو أنعم الله صباحك.
1 ومعنى السَّام: الموت.
قلتُ: هذا الذي قالهُ أبو سعدٍ لا بأس به إذا احتاج إليه، فيقول: صُبِّحْتَ بالخير، أو بالسعادة، أو بالعافية، أو صبَّحَك الله بالسرور، أو بالسعادة والنعمة، أو بالمسرّة، أو ما أشبه ذلك. وأما إذا لم يحتج إليه فالاختيارُ ألا يقول شيئاً، فإن ذلك بسطُ له، وإيناسٌ، وإظهارُ صورةِ ودّ، ونحن مأمورون بالإِغلاظ عليهم، ومنهيّون عن ودّهم فلا تظهرهُ؛ واللهُ أعلم.
355-
فرع [في السلام على أخلاط من الناس] :
1278-
إذا مرّ واحدٌ على جماعةٍ فيهم مُسلمُونَ، أو مسلمٌ وكفارٌ، فالسنةُ أن يُسلمَ عليهم، ويقصدَ المسلمين، أو المسلم.
1279-
رَوَيْنَا في صحيحي البخاري [رقم: 6254]، ومسلم [رقم: 1798] ؛ عن أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على مجلسٍ فيه أخلاطٌ من المسلمينَ والمشركين عبدةِ الأوثانِ واليهود، فسلَّم عليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم.
356-
فرعُ [في حكم السلام على المشرك في الكتاب] :
1280-
إذا كتب كتاباً إلى مشركٍ وكتبَ فيه سلاماً أو نحوهُ؛ فينبغي أن يكتُبَ ما رَوَيْنَاهُ في صحيحي البخاري [رقم: 7]، ومسلم [رقم: 1773] ؛ في حديث أبي سفيان رضي الله عنه في قصة هرقل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب:"من مُحمدٍ عبد الله ورسولهِ، إلى هرقلَ عظيمِ الرومِ، سلامٌ على مَن اتبع الهدى".
357-
فرعٌ فيما يقولُ إذا عَادَ ذمِّيًّا:
1281-
اعلم أن أصحابنا اختلفوا في عيادة الذميّ، فاستحبَّها جماعة، ومنعها جماعةٌ؛ وذكر الشاشي الاختلاف، ثم قال: الصوابُ عندي أن يُقال:
عيادةُ الكافر في الجملة جائزة، والقربةُ فيها موقوفةٌ على نوعِ حرمةٍ تقترنُ بها من جوارٍ أو قرابةٍ.
1282-
قلتُ: هذا الذي ذكره الشاشيُّ حسنٌ، فقد رَوَيْنَا في صحيح البخاري [رقم: 1356] ، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان غلامٌ يهوديٌّ يخدُم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فمرضَ، فأتاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعودهُ، فقعدَ عند رأسه، فقال له:"أسْلِمْ"، فنظر إلى أبيه وهو عندهُ، فقال: أطعْ أبا القاسم؛ فأسلم، فخرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول:"الحمدُ لِلَّهِ الَّذي أنقذهُ مِنَ النَّارِ".
1283-
وَرَوَيْنَا في صحيحي البخاري [رقم: 3884]، ومسلم [رقم: 24] ؛ عن المسيِّب بن حزنٍ والدِ سعيدِ بن الْمُسَيِّبِ رضي الله عنه، قال: لما حضرتْ أبا طالبٍ الوفاةُ، جاءهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يا عَمّ! قُل لا إلهَ إِلَاّ اللَّهُ"، وذكر الحديث بطُوله.
1284-
قُلتُ: فينبغي لعائدِ الذميّ أن يرغبهُ في الإِسلام، ويبينَ لهُ محاسنهُ، ويحثهُ عليهِ، ويحرضهُ على معاجلته قبل أن يصيرَ إلى حالٍ لا ينفعهُ فيها توبتهُ، وإن دعا له دعا بالهداية ونحوها.