الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
276-
بابُ الدعاء لمن يُقاتل أو يعملُ على ما يُعينُ على القتال في وجهه، وذكر ما يُنشطهم ويحرِّضُهم على القتال:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [سورة الأنفال: 65] وقال تعالى: {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 84] .
1077-
وروينا في "صحيحي" البخاري [رقم: 4099]، ومسلم [رقم: 1805] ؛ عن
أنس رضي الله عنه، قال: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداةٍ باردةٍ، فلما رأى ما بهم من النَّصَب والجوع، قال:"اللَّهُمَّ إنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ، فاغْفِرْ للأنصار والمهاجرة".
277-
بابُ الدعاء والتضرّع والتكبير عند القتال واستنجاز الله تعالى ما وعد من نصر المؤمنين:
1078-
قال بعضُ العلماء: هذه الآية الكريمة أجمع شيء جاء في آداب القتال.
1079-
وروينا في "صحيحي" البخاري [رقم: 3953]، ومسلم [رقم: 1763] ؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في
قُبّته: "اللَّهُمَّ إني أنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ"، فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: حَسْبُكَ، يا رسول الله! فقد أَلْحَحْتَ على ربِّك؛ فخرج وهو يقول:{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 45، 46] .
وفي رواية: "كان ذلك يوم بدر" هذا لفظ رواية البخاري.
وأما لفظ مسلم، فقال: استقبل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مَدََّ يديه، فجعل يهتفُ بربه عز وجل يقول:"اللَّهُمَّ أنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي، اللهم آتني ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إنْ تَهْلِكْ هَذِهِ العِصابَةُ مِنْ أهْلِ الإِسْلامِ لا تُعْبَدْ فِي الأرْضِ"، فما زال يهتف بربه مادّاً يديه حتى سقطَ رداؤُه.
قلتُ: "يهتفُ" بفتح أوله وكسر ثالثه، ومعناهُ: يرفعُ صوتهُ بالدعاء.
1080-
وروينا في صحيحيهما البخاري، [رقم: 2818] ؛ ومسلم [رقم: 1742] ، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، انتظر حتى مالتِ الشمسُ، ثم قامَ في الناس، فقال:"أيُّها النَّاسُ! لا تَتَمَنَّوْا لقاء العدو، وَسَلُوا اللَّهَ العافِيَةَ، فإذَا لَقيتُموهُم فاصْبِرُوا، واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ" ثم قال: "اللَّهُمَّ! مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحابِ، وَهازِم الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ".
وفي رواية: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكتابِ، سَرِيعَ الحِسابِ، اهْزِمِ الأحْزَابَ؛ اللَّهُمَّ! اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ".
1081-
وروينا في صحيحيهما البخاري، [رقم: 371] ؛ ومسلم، [رقم:
1365] ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: صبَّحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خيبرَ، فلما رأوْه قالوا: مُحمدٌ والخميسُ؛ فلجؤوا إلى الحصن، فرفعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يديه فقال:"اللَّهُ أكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إنَّا إذَا نَزَلْنا بِساحَةِ قَوْمٍ فَساءَ صَباحُ المُنْذَرِينَ".
1082-
وروينا بالإِسناد الصحيح في "سنن أبي داود"[رقم: 2540] ، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثنتان لا تردان -أوْ قَلَّما تُرَدَّانِ: الدعاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَعِنْدَ البأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً"[تقدم برقم: 225] .
قُلتُ: في بعض النسخ المعتمدة يلحم بالحاء، وفي بعضها بالجيم، وكلاهما ظاهر.
1083-
وروينا في "سنن أبي داود"[رقم: 2632]، والترمذي [رقم: 3584] ، والنسائي في الكبرى كما في التحفة، [رقم: 1327] ؛ وفي عمل اليوم والليلة، [رقم: 604] ؛ عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: "اللَّهُمَّ أنْتَ عَضُدِي وَنَصيرِي، بِكَ أحُولُ، وَبِكَ أصُولُ، وَبِكَ أُقاتل". قال الترمذي: حديث حسن.
قلتُ: معنى "عَضُدِي": عوني.
قال الخطابي [3/ 96] : معنى "أحول": أحتالُ. قال: وفيه وجه آخر، وهو أن يكون معناه: المنع والدفع من قولك: حال بين الشيئين: إذا منع أحدهما من الآخر، فمعناهُ: لا أمنعُ ولا أدفعُ إلا بك.
1084-
وروينا بالإِسناد الصحيح في "سنن أبي داود"[رقم: 1537] ، والنسائي [في "الكبرى" كما في "التحفة"، رقم: 1928؛ و"عمل اليوم والليلة"، رقم: 601] ؛ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: "اللهم إنا نجعلك في نحورهم، وَنَعُوذُ
بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ". [مر برقم: 677، وسيرد برقم: 1151] .
1085-
وروينا في كتاب الترمذي [رقم: 3580] ، عن عمارة بن زَعْكَرَةَ رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ اللَّهَ تَعالى يقولُ: إنَّ عَبْدِي كُلَّ عَبْدِي، الَّذي يَذْكُرُنِي وَهُوَ ملاقٍ قرنهُ" يعني: عند القتال: قال الترمذي: ليس بإسناده بالقويّ.
قلتُ: "زَعْكَرة" بفتح الزاي والكاف وإسكان العين المهملة بينهما.
1086-
وروينا في "كتاب ابن السني"[رقم: 673] ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين1: "لا تَتَمَّنَّوْا لِقَاءَ العَدُوّ، فإنَّكُمْ لا تدرون ما تبتلون بِهِ مِنْهُمْ، فإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبُّنا وَرَبُّهُمْ، وَقُلُوبُنا وَقُلُوبُهُمْ بِيَدِكَ، وإنَّمَا يَغْلِبُهُمْ أنْتَ".
1087-
وروينا في الحديث الذي [قدمناه برقم: 680] عن كتاب ابن السني [رقم: 336] ، عن أنس2 رضي الله عنه، قال: كنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم غزوةٍ، فلقي العدو، فسمعته يقولُ:"يا مالِكَ يَوْمِ الدّينِ، إيَّاك أعبدُ، وإيَّاكَ أسْتَعِينُ"، فلقد رأيتُ الرجالَ تُصرع، تضربُها الملائكةُ من بين أيدها ومن خلفها.
1088-
وَرَوَى الإِمام الشافعي رحمه الله في "الأُم"[1/ 223] بإسناد مُرسل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث"[راجع رقم: 230، 957] .
قلت: ويستحبّ استحباباً متأكداً أن يقرأ ما تيسر له من القرآن، وأن
1 قال الحافظ: كذا وقع في النسخة يوم حُنين بالمهملة المضمومة والنون، وهو تصحيف قديم، وإنما هو خبير. ["الفتوحات الربانية" 5/ 63] .
2 قال الحافظ: فيه وهم، وذلك أنه من رواية أنس، عن أبي طلحة، عند ابن السني وغيره، فكأن ذكر أبي طلحة سقط من نسخة الشيخ. ["الفتوحات الربانية" 5/ 63] .