الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1420-
قال أبو حامد الغزالي في آخر كتاب الزكاةِ من الإِحياء [1/ 299] : إذا تصدق إنسانٌ بصدقةٍ، فينبغي للآخذِ منهُ أن ينظُر، فإن كان الدافعُ ممّن يُحِبّ الشكر عليها، ونشرها، فينبغي للآخذ أن يخفيَها؛ لأن قضاء حقه ألا ينصرهُ على الظلم، وطلبهُ الشكر ظلمٌ؛ وإن علم من حالهِ أنه لا يحبُ الشكر، ولا يقصدهُ، فينبغي أن يشكرهُ، ويظهر صدقتهُ.
1421-
وقال سفيان الثوري رحمه الله: مَن عرف نفسهُ لم يضرّه مدح الناس.
1422-
قال أبو حامدٍ الغزالي بعد أن ذكر ما سبق في أول الباب [1/ 299] : فدقائق هذه المعاني ينبغي أن يلحظها من يُراعي قلبهُ، فإن أعمالَ الجوارح مع إهمال هذه الدقائق ضحكةٌ للشيطان، لكثرةِ التعب وقلة النفع، ومثل هذا العلم هو الذي يقال: إن تعلم مسألةٍ منه أفضلُ مِنْ عبادة سنةٍ، إذا بهذا العلم تحيا عبادة العمر، وبالجهل به تموت عبادةُ العمرِ كله وتتعطلُ؛ وبالله التوفيق.
بابُ مدح الإِنسان نفسهُ وذكر محاسنهِ:
قال الله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 33] .
1423-
اعلم أن ذكرَ محاسن نفسه ضربانِ: مذمومٌ، ومحبوبٌ؛ فالمذمومُ أن يذكرهُ للافتخار، وإظهار الارتفاع، والتميّز على الأقرانِ وشبه ذلك؛ والمحبوبُ أن يكونَ فيه مصلحةٌ دينيةٌ، وذلك بأن يكون آمراً بمعروفٍ، أو ناهياً عن مُنكرٍ، أو ناصحاً، أو مشيراً بمصلحة، أو معلماً، أو مؤدباً، أو واعظاً، أو مذكِّراً، أو مُصلحاً بين اثنين، أو يدفعُ عن نفسهِ شرّاً، أو نحو ذلك، فيذكرُ محاسنهُ ناوياً بذلك أن يكون هذا أقربَ إلى قَبول
قوله، واعتمادِ ما يذكرهُ، أو أن هذا الكلام الذي أقولهُ، لا تجدونهُ عند غيري، فاحتفظوا به، أو نحو ذلك، وقد جاء في هذا المعنى، ما لا يحصى من النصوص: كقول النبيّ صلى الله عليه وسلم:
1424-
"أنا النَّبِي لا كَذِبْ"[البخاري، رقم: 4317] .
1425-
"أنا سَيِّدُ وَلَد آدَم، أنا أوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأرض"[الترمذي، رقم: 3615] .
1426-
"أنا أعلمُكم باللهِ وأتقاكم"[رواه البخاري نحوه برقم: 5063] .
1427-
"إني أبيتُ عنْدَ ربي"[رواه البخاري، رقم: 1966] وأشباهه كثيرةٌ.
1428-
وقال يُوسفُ صلى الله عليه وسلم: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55] .
1429-
وقال شعيبُ صلى الله عليه وسلم: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27] .
1430-
وقال عثمانُ رضي الله عنه، حينَ حُصرَ، ما رويناهُ في "صحيح البخاري" [رقم: 2778] ، أنهُ قال: ألستُم تعلمُونَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ جَهّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ"؟ فجهّزتهم. ألستم تعلمُون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ حَفَرَ بِئرَ رُومة فَلَهُ الجَنَّةُ"؟ فحفرتها. فصدقوهُ بما قال.
1431-
وروينا في صحيحيهما البخاري، [رقم: 3728؛ ومسلم، رقم: 2966] ، عن سعدِ ابن أبي وقاصٍ رضي الله عنه، أنهُ قال حين شكاهُ