الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في أدعية أعضاء الوضوء
…
36-
فضل [في أدعية أعضاء الوضوء] :
167-
وأما الدعاء على أعضاء الوضوء، فلم يجئ فيه شيء عن النبي، صلى الله عليه وسلم1، وقد قال الفقهاء: يُستحبّ فيه دعوات جاءتْ عن السلف،
1 قال الحافظ ابن حجر: كرر ذلك بنحوه في كثير من كتبه، فقال في "التنقيح": ليس فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال في "الروضة": لا أصل له، ولم يذكره الشافعي والجمهور.
وقال في "شرح المذهب"[501/1] : لا أصل له، ولا ذكره المتقدمون.
وقال في "المنهاج": وحذفت دعاء الأعضاء، إذ لا أصل له.
وقد تعقبه [عبد الرحيم بن الحسن الإسنوي صاحب "المهمات"، فقال: ليس كذلك، بل روي من طرق، منها عن أنس، رواه ابن حبان في "تاريخه"، في ترجمة عباد بن صهيب. وقد قال أبو داود ["سؤلات الآجري لأبي داود" صحفة: 229 و230] : إنه صدوق قَدَرِيّ.
وقال أحمد: ما كان بصاحب كَذِب.
وقال الحافظ: لو لم يقل [في "نتائج الأفكار"؛ 257/1: لم يرد] فيه إلا هذا لمشي الحال، ولكن بَقيّة ترجمته عند ابن حبان: كان يروي المناكير عن المشاهير حتى يشهد المبتدئ "في هذه الصناعة أنها موضوعة، وساق منها هذا الحديث". ["نتائج الأفكار" 257/1] .
اعترض قوله: لا أصل له؛ بأنه روي في تاريخ ابن حبان من حديث أنس، فلعله أراد لا أصل له صحيحًا.
وأما السبكي، فوافق النووي، وابن النقيب حكى كلام النووي في تصحيح "المهذب"، ولم يتعقبه بشيء. وقال الأذرعي في "المتوسط": لا ينبغي تركه، ولا يعتقد أنه سنة، فإن الظاهر أنه لم يثبت فيه شيء.
وقد جمع الحفاظ في عمل اليوم والليلة كتبًا مطولة؛ كالنسائي والطبراني والبيهقي وابن السني، وغيرهم؛ ولم يذكروا ذلك. والظاهر أن الشيخ أراد أن يصح فيها حديث كما قاله ابنُ الصلاح.
وأولى ما اعتمدُ عليه في ذلك قول النووي وابن حجر، فقد كان إمامي الحفاظ في عصرهما، والمرجع في الحديث إليهما، وليس في المعترضين المذكورين أحد في درجة الحفظ.
والحديث الذي رواه ابن حبان في "تاريخه" عن أنس من قسم الواهي الشديد الضعف الذي لا يعمل به في فضائل الأعمال؛ كما تقدم نقل الاتفاق على ذلك في أول الكتاب. وقد أخرجه ابن الجوزي في "الأحاديث الواهية"[339/1] وقال: اتَّهم به ابن حبان عباد بن صهيب، واتهم به الدارقطني الراوي عن عباد أحمد بن هاشم. =
وزادوا ونقصوا فيها، فالمتحصّل مما قالوه أنه يقول بعد التسمية: الحمد للَّهِ الذي جعل الماء طهوراً؛ ويقول عند المضمضة: اللهم اسقِني من حوْضِ نبيِّك محمد كأساً لا أظمأ بعدها أبداً؛ ويقول عند الاستنشاق: اللهمّ لا تحرِمني رائحة نعيمِك وجناتِك؛ ويقول عند غسل الوجه: اللهمّ بيِّض وجهي يوم تبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوه؛ ويقول عند غسل اليدين: اللهمّ أعطِني كتابي بيميني، اللهمّ لا تعطِني كتابي بشمالي؛ ويقول عند مسح الرأس: اللهمّ حرّم شعري وبشرِي على النار، وأظلني تحت ظل عرشِك يوم لا ظلّ إلا ظلُّك؛ ويقول عند مسح الأُذنين: اللهمّ اجعلني من الَّذينَ يستمعونَ القَوْلَ فيتَّبعون أحسنه؛ ويقول عند غسل الرجلين: اللهمّ ثبِّت قدمي على الصراط. والله أعلم1.
168-
وقد روي النسائي [رقم: 80]، وصاحبه ابن السني [رقم: 28] في كتابيهما "عمل اليوم والليلة" بإسناد صحيح، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوءٍ، فتوضأ، فسمعته يدعو
= وقد ألفت [القائل في السيوطي] جزءًا سميته "الإغضاء عن دعاء الأعضاء" بسطت فيه الكلام بسطًا شافيًا، وما أحسنَ صنع الإمام الرافعي، حيث قال: ورد بها الأثر عن السلف الصالحين. فعزاه إلى السلف؛ كما صنع النووي في "الأذكار" ولم يعزه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان الرافعي من كبار أئمة الحديث وحفاظه؛ وأخبرني من أثق به، أن الحافظ ابن حجر قال: الناس يظنون أن النووي أعلم بالحديث من الرافعي، وليس كذلك، بل الرافعي أفقه في الحديث من النووي، ومن طالع أماليه وتاريخه وشرح "المسند" له؛ تبين له ذلك. والأمر كما قال.
1 قال ابن حجر في "نتائج الأفكار" 262/1: "الذخائر" لِمُجَلِّي [بن جمع] عند المضمضة: اللَّهُمَّ أعِنِّي على تلاوة القرآن والذكر؛ وعند الاستنشاق: اللَّهُمَّ أجِرْنِي مِنَ روائح أهل النار؛ وعند غسل الوجه: اللهمّ بيِّض وجهي يوم تبيض وجوه أوليائك، وتسود وجوه أعدائك؛ وعند غسل اليد اليمنى: اللهم اجعلني من أصحاب اليمين؛ وعند اليسرى: اللهم لا تجعلني من أصحاب الشمال.
وفي "البحر" للروياني عند السواك: اللهم بيض به أسناني وشد به لثاتي، وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين. اهـ.