الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ النّهي عن صَمْتِ يَوْمٍ إلى الليل:
2057-
روينا في سنن أبي داود [رقم: 2873] بإسنادٍ حسنٍ؛ عن عليّ رضي الله عنه قالَ: حفظتُ عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُتمَ بَعْدَ احتلامٍ، وَلا صُماتَ يومٍ إلى اللَّيْلِ".
وروينا في معالم السنن [294/3] للإِمام أبي سليمان الخطَّابي رضي الله عنه، قال في تفسير هذا الحديثِ: كان أهل الجاهلية من نُسكهِم الصماتُ: وكانَ أحدُهُم يعتكِفُ اليومَ والليلةَ فيصمتُ ولا ينطقُ، فنُهُوا -يعني في الإِسلام- عن ذلك، وأُمرُوا بالذكرِ والحديثِ بالخيرِ.
2058-
وروينا في صحيح البخاري [رقم: 3834]، عن قيس ابن أبي حازم رحمه الله قال: دخل أبو بكرٍ الصديقُ رضي الله عنه على امرأةٍ من أحمسَ، يُقالُ لها: زينبُ، فرآها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلمُ؟! حجَّت مُصْمِتَةً، فقال لها: تكلمي! فإن هذا لا يحلُ، هذا مِنْ عَمَلِ الجاهِلِيَّةِ؛ فتكلَّمت.
598-
فصل في الأحاديث التي عليها مدارُ الإسلام:
2059-
فهذا آخرُ ما قصدته من هذا الكتاب، وقد رأيتُ أن أضمَّ إليه أحاديث تتمُّ محاسنُ الكتاب بها إن شاء الله تعالى، وهي الأحاديث التي عليها مدارُ الإسلام، وقد اختلفَ العلماءُ فيها اختلافًا كثيرًا منتشراً، وقد اجتمعَ مِن تداخل أقوالهم مع ما ضممتهُ إليه ثلاثون حديثاً1.
2060-
الحديث الأول: حديثُ عُمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيَّاتِ" البخاري [رقم: 1] ؛ مسلم [رقم: 1907] وقد سبق بيانهُ في أول هذا الكتاب [برقم: 10] . هو الحديث الأول في الأربعون النووية، وهو الحديث الأول لدى ابن الصلاح.
2061-
الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا ما لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ" رويناه في
1 ثم أوصلهم رحمه الله إلى اثنين وأربعين حديثًا، وهي التي اشتهرت بـ "الأربعون النووية"؛ وقد روى في كتابه "بستان العارفين" [صفحة: 36] ، عن أبي عمرو وعثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح رحمه الله، ما جمعهُ في هذا المجال، وقال عنه:"وقد اجتهد في جمعها وتبيانها"؛ ولمعرفة زيادة وتفصيل راجع مقدمة طبعتي لـ "الأربعين النووية"، وهي من مطبوعات الجفان والجابي للطباعة والنشر، ليماسول، قبرص. وكذلك "بستان العارفين".
صحيحي البخاري [رقم: 2697]، ومسلمٍ [رقم:1718. وهو الحديث الخامس في الأربعون النووية، وهو الحديث الثاني لدى ابن الصلاح.
2062-
الثالث: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إن الحَلالَ بَيِّنٌ، وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما أمورٌ مُشتبهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقى الشبهاتِ اسْتَبرأ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ، كالرَّاعي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشكُ أنْ يرتعَ فِيهِ، ألَا وإنَّ لكُل ملكٍ حِمىً، ألَا وَإنَّ حِمَى اللَّهِ تَعالى محارمهُ، ألَا وَإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صلحَ الجسدُ كلهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كلهُ، ألَا وَهِيَ القَلْبُ" رويناهُ في صحيحهما البخاري [رقم: 52] ؛ مسلم [رقم: 1599] . هو الحديث السادس في الأربعون النووية، وهو الحديث الثالث لدى ابن الصلاح.
2063-
الرابع: عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حدّثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادقُ المصدوق: "إنَّ أحَدَكُمْ يجمعُ خلقهُ في بطنِ أمهِ أَرْبَعِينَ يَوْمَاً نُطْفَةً 1، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يكونُ مُضْغَةً مثلَ ذلكَ، ثُمَّ يرسلُ الملكُ فَيَنْفُخُ فيه الرح، ويؤمرُ بأرْبَعِ كلماتٍ: بكتبِ رزقهِ وأجلهِ وعملهِ وَشَقِيٍّ أَوْ سعيدٌ؛ فوالذي لا إِلهَ غيرهُ، إنَّ أحدكُم ليعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ حتَّى ما يكونُ بينهُ وبينها إلَّا ذراعٌ، فيسبقُ عَلَيْهِ الكِتابُ فيعملُ بعملِ أهل النَّارِ فيدْخُلُها، وَإنَّ أحَدَكُمْ ليعملُ بعملِ أهلِ النارِ حتى ما يكونُ بينهُ وبينها إلا ذراعٌ، فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ فيدخُلُها" رويناهُ في صحيحيهما البخاري [رقم: 3208] ؛ مسلم [رقم: 2643] . هو الحديث الرابع في الأربعون النووية، وهو الحديث الرابع لدى ابن الصلاح.
1 في بعض النسخ بإسقاط نطفة.
2064-
الخامسُ: عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما قال: حَفِظتُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "دَعْ ما يَرِيبُكَ إلى ما لا يَرِيبُكَ" رويناهُ في الترمذي [رقم: 2520] والنسائي [رقم: 5711] قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. هو الحديث الحادي عشر في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الخامس لدى ابن الصلاح.
قوله: يَريبك بفتح الياء وضمّها، لُغتانِ، والفتحُ أشهرُ.
2065-
السادس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حُسنِ إسلامِ المرءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ" رويناهُ في كتاب الترمذي [رقم: 2317]، وابن ماجه [رقم: 3976] ؛ وهُو حسنٌ. هو الحديث الثاني عشر في "الأربعون النووية"، وهو السادس لدى ابن الصلاح؛ ومر [برقم: 1707 و1905] .
2066-
السابعُ: عن أنسٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا يؤمنُ أحَدُكُمْ حتَّى يُحب لأخِيهِ ما يُحبُ لِنَفْسِهِ" رويناهُ في صحيحيهما؛ البخاري [رقم: 13] ؛ مسلم [رقم: 45] . هو الحديث الثالث عشر في "الأربعون النووية"، وهو الحديث السابع لدى ابن الصلاح.
2067-
الثامن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى طَيِّبٌ لا يقبلُ إِلَاّ طَيِّباً، وَإنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقالَ تَعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] ، وَقالَ تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] . ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطيلُ السَّفَرَ أشْعث أغْبَرَ، يمدُ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ: يا رَبّ! يا رَبّ! ومطعمهُ حرامٌ، ومشربهُ حرامٌ، وملبسهُ حرامٌ، وغذِّي بالحرامِ، فأنَّى يُستجابُ لِذَلِكَ"؟ رويناه في صحيح مُسلمٍ [رقم: 1015] . هو الحديث العاشر في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الثامن لدى ابن الصلاح.
2068-
التاسعُ: حديثُ: "لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ" رويناهُ في الموطأ [745/2] مرسلاً، وفي سنن الدراقطني [227/4] وغيره مثل ابن ماجه، راجع [رقم: 3241] من طرقٍ متصلاً، وهو حسنٌ. هو الحديث الثاني والثلاثون في "الأربعون النووية"، وهو الحديث التاسع لدى ابن الصلاح.
2069-
العاشرُ: عن تميم الدراي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الدّين النَّصِيحَةُ"، قلنا: لمن؟ قال: "لِلَّهِ وَلِكِتابِهِ وَلِرسُولهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعامَّتِهِم" رويناهُ في صحيح مُسلم [رقم: 55] . هو الحديث السابع في "الأربعون النووية"، وهو الحديث العاشر لدى ابن الصلاح؛ ومرَّ [برقم: 1610 و1661] .
2070-
الحادي عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقولُ:"ما نَهَيْتُكُمْ عنهُ فاجتنبوهُ، وَما أمرتكم به فأتوا 1 مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ، فإنَّما أهْلَكَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كثرةُ مَسائِلِهِمْ واختلافُهم على أنْبِيائِهِمْ" رويناهُ في صحيحهما البخاري [رقم 7288] ؛ مسلم [رقم: 1337] . هو الحديث التاسع في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الحادي عشر لدى ابن الصلاح.
2071-
الثاني عشر: عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دُلَّني على عملٍ إذا عملتهُ أحبَّني الله وأحبَّني الناس؟ فقال: "ازْهَدْ في الدُّنْيا يُحبك اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيما عِنْدَ النَّاس يُحِبَّكَ النَّاسُ" حديثُ حسنٌ، رويناهُ في كتابِ ابن ماجه [رقم: 1402] . هو الحديث الحادي والثلاثون في "الأربعون النبوية"، وهو الحديث الثاني عشر لدى ابن الصلاح.
2072-
الثالث عشر: عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ
1 في نسخة: "فافعلوا".
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ دَمُ امرئٍ مسلمٍ يشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ، وأنِّي رَسولُ الله إِلَاّ بإحْدَى ثلاثٍ: الثيِّب الزَّانِي، وَالنَّفْسِ بالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ المُفَارِقِ للجَمَاعَةِ". رويناهُ في صحيحيهما؛ البخاري [رقم: 6878] ؛ مسلم [رقم: 1676] . هو الحديث الرابع عشر في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الثالث عشر لدى ابن الصلاح.
2073-
الرابع عشر: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أُمرتُ أنْ أُقاتل النَّاسَ حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلا الله، وأن محمدا رسولُ اللهِ، ويُقيمُوا الصلاةَ، ويُؤتُوا الزكاةَ؛ فإذَا فَعَلُوا ذلكَ عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُمْ وَأمْوَالَهمْ إِلَاّ بِحَقِّ الإِسْلَامِ، وحسابُهم على الله تعالى" رويناهُ في صحيحيهما؛ البخاري [رقم: 25] ؛ مسلم [رقم: 22] . وهو الحديث الثامن في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الرابع عشر لدى ابن الصلاح.
2074-
الخامس عشر: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلامُ على خَمْسٍ: شَهادَةِ أن لا إِلهَ إلا الله وأن محمدا رسولُ الله، وَإقامِ الصلاةِ، وَإيتاءِ الزكاةِ، وَالحَجِّ، وصومِ رَمَضَانَ" رويناهُ في صحيحيهما؛ البخاري [رقم: 8]، مسلم [رقم: 16] . هو الحديث الثالث في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الخامس عشر لدى ابن الصلاح.
2075-
السادس عشر: عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَوْ يُعطي النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعى رجالٌ أمْوَالَ قَوْمٍ وَدِمَاءَهُمْ، لَكِنِ البَيِّنَةُ على المُدَّعِي، وَاليَمِينُ على مَنْ أنْكَرَ". هو حسن بهذا اللفظ، وبعضهُ في الصحيحين؛ البخاري [رقم: 4552] ؛ ومسلمٍ [رقم: 1711] . هو الحديث الثالث والثلاثون في "الأربعون النووية"، وهو الحديث السادس لدى ابن الصلاح.
2076-
السابع عشر: عن وابصةَ بن معبدٍ رضي الله عنه، أنه أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"جِئْتَ تَسألُ عَنِ عَنِ البِرّ وَالإِثْمِ"؟ قال: نعم، فقال:"اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، البِرُّ: ما اطْمأنَّت إِلَيْهِ النَّفْس وَاطْمأنَّ إِلَيْهِ القلبُ؛ وَالإِثْمُ: ما حاكَ في النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ، وَإنْ أفْتاكَ النَّاسُ وَأفْتَوْكَ" حديثٌ حسنٌ رويناه في مسندَيْ [أحمد 228/4] و [الدرامي 246/2] وغيرهما.
وفي صحيح مسلم [رقم: 2553] ، عن النواس بن سمعان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"البرّ حسنُ الخلقِ، وَالإِثْمُ ما حاكَ في نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أنْ يطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ". وهو الحديث السابع والعشرون في "الأربعون النووية"، وهو الحديث السابع والعشرون لدى ابن الصلاح.
2077-
الثامن عشر: عن شدادِ بن أوسٍ رضي الله عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ اللَّهَ تَعالى كتبَ الإِحْسانَ على كُلَ شيءٍ، فإذَا قتلتُم فأحْسِنُوا القتلةَ، وَإِذَا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليُحدّ أحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وليرِح ذَبِيحَتَهُ" رويناه في مسلمٍ [رقم: 1955] . هو الحديث السابع عشر في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الثامن عشر لدى ابن الصلاح.
والقِتْلَة والذبحةُ بكسر أولهما.
2078-
التاسع عشر: عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ كان يُؤمنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أو ليصمت، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فليُكرم جارهُ، وَمَنْ كان يؤمن باله واليوم فليُكرم ضَيْفَهُ" رويناهُ في صحيحهما؛ البخاري [رقم: 6018] ؛ مسلم [رقم: 47] . هو الحديث الخامس عشر في "الأربعون النووية"، وهو الحديث التاسع عشر لدى ابن الصلاح؛ ومَرَّ [برقم: 1694 و2080] .
2079-
العشرون: عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، أن رجلاً قالَ
للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني! قال: "لا تَغْضَبْ" فردَّدَ مِراراً، قال:"لا تَغْضَبْ". رويناهُ في البخاري [رقم: 6116] ؛ رياض الصالحين [رقم: 48 و639] ؛ وهو الحديث السادس عشر في "الأربعون النووية"، وهو الحديث العشرون لدى ابن الصلاح.
2080-
الحادي والعشرون: عن أبي ثعلبةَ الخُشنيِّ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ اللَّهَ عز وجل فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوها، وحَدَّ حُدُوداً فَلا تَعْتَدُوها، وحرَّم أشْياءَ فَلا تَنْتَهِكُوها، وَسَكَتَ عَنْ أشْياءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيانٍ، فَلا تَبْحَثُوا عَنْها" رويناه في سنن الدراقطني [184/4] بإسناد حسنٍ. هو الحديث الثلاثون في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الحادي والعشرون لدى ابن الصلاح.
2081-
الثاني والعشرون: عن معاذٍ رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله! أخبرني بعمل يُدخلني الجنة ويباعدني منَ النَّارِ؟ قال: "لَقَدْ سألْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وإنهُ ليسيرٌ على مَنْ يَسَّرهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ: تعبدُ الله لا تشركُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البَيْتَ"، ثم قال:"ألا أدُّلُّكَ على أبوابِ الخَيْرِ: الصَّوْمُ جنةٌ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماءُ النارَ، وصلاةُ الرجلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ"، ثم تلا:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16 و17] ثم قال: "ألا أخبرك برأس الأمر كله وعمودهِ وذورةِ سنامه"؟ ، قلت: بلى يا رسول الله، قال:"رأس الأمرِ الإسلامُ، وعمودهُ الصلاةُ، وذروةُ سنامهِ الجهادُ"، ثم قال:"ألا أُخبرك بملاكِ ذلك كله"؟ قلتُ: بلى يا رسول الله! فأخد بلسانهِ، ثم قال:"كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا"، فقلتُ: يا نبيّ الله! وإنَّا لمؤاخَذُونَ بما نتكلم به؟ فقال:
"ثَكِلَتْكَ أُمك، وَهَلْ يكبُ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ -أوْ على مَناخِرهِم- إلَاّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ"؟ رويناه في الترمذي [رقم: 2616] وقال: حسن صحيحٌ. هو الحديث التاسع والعشرون في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الثالث والعشرون لدى ابن الصلاح.
وذروةُ السنام: أعلاهُ، وهي بكسر الذال وضمّها. وملاكُ الأمرِ بكسر الميم، أي: مقصودهُ.
2082-
الثالث والعشرون: عن أبي ذرّ ومعاذٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اتقِ اللَّهَ حَيْثُما كُنْتَ، وأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَة تَمْحُها، وخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ" رويناه في الترمذي [رقم: 1987]، وقال: حسنٌ، وفي بعض نُسخه المعتمدةِ: حسنٌ صحيحٌ. هو الحديث الثامن عشر في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الثاني والعشرون لدى ابن الصلاح.
2083-
الرابع والعشرون: عن العِرباضِ بن ساريةَ رضي الله عنه قال: وَعَظَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغةً وَجِلت منها القلوبُ، وذرفتْ منها العيون، فقلنا: يا رسولَ الله! كأنها موعظةُ مودِّع، فأوصنا؛ قال:"أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ والطاعةِ وَإنْ تأمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ ٌ حبشيٌ، فإنه مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً، فَعَليْكُم بسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ، تمسكوا بها وعضوا عَلَيْها بالنَّواجِذِ، وَإيَّاكُمْ وَمُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كل محدثةٍ بدعةٌ، وكلّ بدعةٍ ضلالةٌ" رويناه في سنن أبي داود [رقم: 4607]، والترمذي [رقم: 2676] ؛ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. هو الحديث الثامن والعشرون في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الرابع والعشرون لدى ابن الصلاح؛ ومرَّ [برقم: 784] .
2084-
الخامس والعشرون: عن أبي مسعودٍ البدريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مِمَّا أدْرَكَ الناسُ مِنْ كلامٍ النبوةِ الأُولى: إذَا لَمْ
تَسْتَحِ فاصْنَعْ مَا شِئْتَ" رويناه في البخاري [رقم: 3483] . وهو الحديث العشرون في "الأربعون النووية"، ولم يرد هذا الحديث لدى ابن الصلاح.
2085-
السادس والعشرون: عن جابر رضي الله عنه: أن رجلاً سألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيتَ إذا صليتُ المكتوبات، وصمتُ رمضانَ، وأحللتُ الحلالَ، وحرمتُ الحرامَ، ولم أزدْ على ذلك شيئاً، أدخلُ 1 الجنة؟ قال:"نَعَمْ" رويناهُ في مسلم [رقم: 15] . وهو الحديث الثاني والعشرون في "الأربعون النووية"، ولم يرد هذا الحديث لدى ابن الصلاح.
2086-
السابع والعشرون: عن سفيانَ بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسُول الله! قُل لي في الإِسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً غيرك، قال:"قُل آمَنْتُ باللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ" رويناهُ في مسلمٍ [رقم: 38] . هو الحديث الحادي والعشرون في "الأربعون النووية"، ولم يرد هذا لدى ابن الصلاح.
قال العلماءُ: هذا الحديثُ من جوامعِ كلمه صلى الله عليه وسلم، وهو مُطابقٌ لقولِ الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف: 13] .
قال جمهورُ العلماء رحمهم الله: معنى الآية والحديث: آمنوا والتزموا طاعةَ الله تعالى.
2087-
الثامن والعشرون: حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإِيمان والإِسلام والإِحسان والساعةِ، وهُوَ مشهورٌ في صحيح مسلم [رقم: 8] وغيره. هو الحديث الثاني في "الأربعون النووية"، وهو الحديث السادس والعشرون لدى ابن الصلاح.
1 في النسخة: "أأدخل".
2088-
التاسع والعشرون: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنتُ خلفَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال:"يا غُلامُ! إني أُعَلِّمُكَ كلماتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تجدهُ تُجاهك، إذَا سَألْتَ فاسألِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ، وَاعْلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ على أنْ يَنْفَعُوكَ بشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَاّ بشيءٍ قَدْ كتبهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا على أنْ يَضُرُوكَ بشيءٍ لَمْ يَضُرُوكَ إِلا بشيءٍ قد كتبهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفُ" رويناه في الترمذي [رقم: 2516] وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. هو الحديث التاسع عشر في "الأربعون النووية"، وهو الحديث الخامس والعشرون لدى ابن الصلاح.
وفي رواية غير الترمذي زيادةٌ: "احْفَظِ اللَّهَ تجدهُ أمامَكَ، تَعَرَّف إلى الله في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ أنَّ ما أخْطأكَ لَمْ يَكُنْ ليُصيبك، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ ليُخطئك"، وفي آخرهِ:"وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ مَعَ العُسْرِ يُسرا" هذا حديثٌ عظيم الموقع.
2089-
الثلاثون: وبه اختتامُها واختتامُ الكتابِ، فنذكرهُ بإسنادٍ مستظرفٍ، ونسأل الله الكريم خاتمة الخير:
أخبرنا شيخنا الحافظ أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسيّ ثم الدمشقي -رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا أبو طالب عبد الله، وأبو منصورٍ يونسُ، وأبو القاسم حُسينُ بنِ هبةِ اللهِ بنِ صصرى، وأبو يَعلى حمزةُ، وأبو الطاهر إسماعيلُ، قالوا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسين: هو ابن عساكر، قال: أخبرنا الشريفُ أبو القاسم عليّ بنُ إبراهيم بن العباس الحسيني خطيبُ دمشقَ، قالَ: أخبرنا أبو عبد الله محمدُ بنُ علي بن يحيى بن سلوان، قال: أخبرنا أبو القاسم الفضلُ بن جعفر، قال: أخبرنا أبو بكرٍ عبد الرحمن بن القاسم بن الفرجِ الهاشميّ، قال: أخبرنا أبو مسهرٍ، قال:
أخبرنا سعيدُ بن عبد العزيز، عن ربيعةَ بن يزيدَ، عن أبي إدريسَ الخولاني، عن أبي ذرّ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريلُ صلى الله عليه وسلم، عن اللَّهُ تبارك وتعالى أنه قال:"يا عِبادي! إني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي، وجعلتهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً، لا تَظَّالَمُوا؛ يا عِبادي! إِنَّكُمُ الَّذينَ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وأنا الَّذي أغفرُ الذنوبَ وَلا أُبالي، فاسْتَغْفِرُوني أغْفِرْ لَكُمْ؛ يا عبادي! كُلُّكُمْ جائعٌ إلَاّ مَنْ أطعمتهُ، فاسْتَطْعِمُونِي أُطعمكم؛ يا عبادي! كُلُّكُمْ عارٍ إِلَاّ مَنْ كَسَوْتُهُ، فاسْتَكْسُونِي أكْسِكُمْ؛ يا عبادي! لو أن أوَّلَكُمْ وآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كانُوا على أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ واحدٍ مِنْكُمْ لَمْ يَنْقُصُ ذلكَ مِنْ مُلْكِي شيئا، يا عبادي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُِمْ كانُوا على أتْقَى قلب رجل واحدٍ مِنْكُمْ لَمْ يَزِدْ ذلكَ في مُلْكي شيئا؛ يا عبادي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صَعيدٍ واحدٍ، فَسألُونِي، فأعْطَيْتُ كُلَّ إنسانٍ مِنْهُمْ ما سألَ، لَمْ يَنْقُصُ ذلكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً إِلَاّ كما يَنْقُصُ البَحْرُ أنْ يُغْمَسَ المِخْيَطُ فِيه غَمْسةً وَاحدَةً؛ يا عِبادي! إنَّما هِيَ أعمالكُم أحْفَظُها عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فليحمدِ الله عز وجل، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إلا نفسه". هو الحديث الرابع والعشرون في "الأربعون النووية"، ولم يرد هذا الحديث لدى ابن الصلاح.
قال أبو مُسهرٍ: قال سعيدُ بن عبد العزيز: كان أبو إدريس إذا حدَّث بهذا الحديث جثَا على ركبتيه.
هذا حديث صحيحٌ، رويناهُ في صحيح مسلم [رقم: 2577] وغيره، ورجالُ إسناده مني إلى أبي ذرٌ رضي الله عنه كلُّهم دمشقيون، ودخل أبو ذرّ رضي الله عنه دمشق، فاجتمع في هذا الحديث جُمل من الفوائد:
منها: صحةُ إسنادهِ ومتنهِ، وعلوهُ وتسلسلهُ بالدمشقيين رضي الله عنهم وبارك فيهم.
ومنها: ما اشتمل عليه من البيان لقواعدَ عظيمةٍ في أُصولِ الدين وفروعهِ والآداب، ولطائف القلوب وغيرها، ولله الحمدُ.
روينا عن الإِمام أبي عبد الله أحمدَ ابن حنبل -رحمهُ الله تعالى ورضي عنهُ، قال: ليس لأهل الشام حديثٌ أشرفُ من هذا الحديث.